15 ابريل 2010 21:02
يطلع من قلبه نداء «الله أكبر» صوت كل مؤمن برسالة التوحيد والإيمان، لينزل السكينة على القلوب، فتسبح النفوس بحمد ربها.. وفضلاً عن كونه مكان عبادة فهو أحد أقدم المساجد الماثلة في الدولة.
إنه «مسجد البدية» المتميز بتاريخه العريق، يمتد على الطريق بين مدينة خورفكان ودبا الفجيرة، ويقع بالقرب من تل حجري صغير في قلب طبيعة أخاذة يتكئ إلى الجبال وينظر إلى البحر الممتد أمامه، ويشكل العلامة الروحية- الفارقة لقرية البدية.
يشمخ قبالة الطريق العام فتنشد إليه العيون حيث يتحد جماله الروحي الذي ينبع من كونه مسجد مع جمال وبساطة بنائه الموغل في التاريخ والأفئدة.
يقع المسجد في باحة مفتوحة، محاطة بسور مبني من الحجارة الصلدة والطين والتبن، وتحمل جدرانه بعض آثار لنقوش وزخارف طمست معالمها بفعل الزمن، وفيها فتحات يدخل منها الضوء وكوات لوضع المصابيح.
ويختلف المسجد عن المساجد الأخرى القديمة والحديثة في الدولة بشكله، فهو تقريبا له هيئة المربع ولا يتجاوز ارتفاعه المتر والنصف، وقد استخدمت في بنائه مواد محلية صرفة، إذ بني من حجارة البازلت والطين المحروق كمادة رابطة للبناء، ويتكون محرابه من فسحة بطول ياردتين وعرض ياردة واحدة، والمنبر مكون من سلم به ثلاث درجات.
كما يتميز بأربع قباب غير متساوية في الحجم وكل قبة مكونة من ثلاث قباب مركبة الواحدة فوق الأخرى، يحملها عمود وسطي رئيسي، فيما توجد أعمدة جانبية صغيرة أخرى. وتستند على قمة العمود الوسطي أسس البناء وقواعد سقفه التي تحمل القباب الأربع في نظام هندسي بديع.
يشير الأستاذ سعيد عبدالله السماحي- مدير هيئة الفجيرة للسياحة والآثار، إلى تاريخ المسجد، ويقول: «افتتح مسجد البدية صاحب السمو الشيخ حمد بن محمد الشرقي عضو المجلس الأعلى حاكم إمارة الفجيرة مطلع مارس 2003 بعد ترميمه استناداً إلى نتائج دراسة أجرتها إدارة التراث بالتعاون مع جامعة سيدني الاسترالية، خلال موسم التنقيب1997-1998، حيث تم أخذ عينات لمواد عضوية -فحم نباتي- من أساس جدران المسجد وأجريت عليها تحاليل كيميائية أظهرت أن المسجد تمّ بناؤه عام 1444م.
وابان ترميمه تمت إعادة تأهيله كموقع سياحي بالتعاون مع بلدية دبي- قسم المباني التاريخية.
وبذلك يجمع المسجد إلى جانب قيمته الدينية كأحد دور العبادة قيمة تاريخية تجذب إليه الناس من كل أنحاء العالم».
اليوم.. تقام في مسجد البدية الصلوات الخمس يومياً، وهناك إمام يؤم المصلين من أهالي المنطقة والمقيمين والزائرين. كما يشكّل شهر رمضان المبارك وقت الذروة من العام بالنسبة للصلاة فيه، فضلاً عن إقامة حلقات قراءات قرآنية، وندوات دينية وأنشطة روحية كتحفيظ القرآن الكريم.
كما يقوم كثير من الناس (من مختلف الأديان والمذاهب والجنسيات) بزيارة المسجد على مدار العام إذ يعدّ المسجد بشكله المتفرد وأصالته مركزاً للجذب السياحي وتتقاطر عليه -خارج مواقيت الصلاة- وفود ومجموعات السياح للتعرف إلى تاريخ أقدم مسجد في الإمارات.
المصدر: الفجيرة