بروكسل (أ ف ب)
دعا رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال أمس إلى قمة أوروبية تعقد عبر الفيديو في 23 أبريل الجاري، وتخصص لبحث الانتعاش الاقتصادي في الاتحاد الأوروبي وسط تفشي فيروس كورونا المستجد.
وقال ميشال في بيان: «حان الوقت لإرساء القواعد لانتعاش اقتصادي قوي»، غداة تحقيق ما وصفه بـ«اختراق كبير» إذ توصل وزراء المال الأوروبيون إلى خطة إنقاذ مالية لاقتصاداتهم المهددة بتبعات وباء «كوفيد- 19».
تمكن وزراء مالية دول الاتحاد الأوروبي مساء أمس الأول من التوصل إلى خطة إنقاذ مالية بأكثر من نصف تريليون يورو لاقتصاداتهم المهددة بوباء فيروس كورونا المستجد، بعد فشلهم في التوافق.
ويشكل هذا الحل الجديد مصدر ارتياح للأوروبيين بعد أسبوع من مماطلة أظهرت عمق الهوة يبن دول الجنوب والشمال، خصوصاً هولندا التي لا تبدي عادة ليونة في مثل هذا المحادثات.
ورحب وزير المالية الفرنسي برونو لومير بالاتفاق الذي وصفه بـ «الممتاز»، أما نظيره الألماني أولاف شولتز فقد حيّا «يوماً مهماً للتضامن الأوروبي».
اتفاق مبتكر
وأشادت رئيسة البنك الأوروبي المركزي كريستين لاجارد بـ«اتفاق مبتكر».
ولفت رئيس مجموعة اليورو التي تضم وزراء مالية منطقة اليورو ماريو سينتينو إلى «استجبنا لدعوات مواطنينا لصالح أوروبا تؤمن الحماية» عبر «مقترحات جريئة كانت تبدو قبل أسابيع فقط غير معقولة».
وبمواجهة التداعيات الاقتصادية للوباء، يتركز الرد الأوروبي على ثلاثة محاور أساسية: حتى 240 مليار يورو كقروض من آلية الاستقرار الأوروبية (أي صناديق الإنقاذ في منطقة اليورو)، وصندوق ضمان بقيمة 200 مليار يورو للشركات وحتى 100 مليار يورو دعماً للبطالة الجزئية.
وتم صرف النظر الخميس عن مناقشة قضية «كورونا بوند» أو سندات كورونا المثيرة للجدل، وهي عبارة عن خطة إقراض مشتركة تطالب بها الدول الجنوب خصوصاً فرنسا وإيطاليا وإسبانيا لدعم الاقتصاد على المدى الطويل حتى بعد الأزمة.
الحل الوحيد
يتضمن النص بالمقابل «صندوق إنعاش مستقبليا» سيجري تحديد «جوانبه القانونية والعملية» لا سيما «تمويله» في وقت لاحق.
ودافع لومير مساء أمس الأول عن تمويل «بنحو 500 مليار يورو» مخصص لـ«تكاليف المستقبل» و«محدود الوقت» لكن يسمح بإصدار دين مشترك لأن «هذا هو الحل الوحيد».
في الأثناء، ذكّر نظيراه الألماني والهولندي بمعارضتهما الشديدة لأي تقاسم للديون، رافضين في أن ينضم بلداهما إلى آلية مشتركة مع دول الجنوب ذات الديون الكبيرة والمتراخية في إدارتها بحسب هولندا وألمانيا.
وينتظر الآن أن يقرّ رؤساء دول وحكومات الاتحاد الأوروبي الذين فشلوا أيضاً في الاتفاق خلال قمة في 26 مارس، تلك المقترحات.
وتبدو الاستجابة الموحدة للأزمة ضرورية أكثر من أي وقت مضى للاقتصاد الأوروبي الذي يتجه في 2020 نحو ركود عميق.
ويعتبر صندوق النقد الدولي أن أزمة فيروس كورونا قد تؤدي على المستوى العالمي إلى «نتائج اقتصادية أسوأ من نتائج الكساد الكبير» في عام 1929.
وبعد مفاوضات عقيمة، تكثفت الاتصالات الثنائية لمحاولة تخفيف حدة موقف هولندا التي تعرض للانتقاد بالإجماع صباح الأربعاء لتصلب موقفها المانع للتوصل إلى اتفاق.
عادل ومنطقي
تنتقد الدول الأعضاء هولندا لعرقلتها تفعيل الآلية الأوروبية للاستقرار التي أنشئت عام 2012 خلال أزمة الديون، وهي ممولة من الدول الأعضاء وتشترط من أجل تقديم القروض للدول المعنية إصلاحات اقتصادية فيها.
ووضع هذا الشرط في فترة كانت فيها اليونان مجبرة على القيام بإصلاحات صعبة مقابل النقد، لكن تطبيقه قد يعد مهينا لإيطاليا وإسبانيا، الأكثر تضرراً من الوباء في أوروبا.
غير أن الاتفاق الأخير نص على أن القروض في هذه الحالة، والتي يمكن أن تساوي حتى 2% من الناتج المحلي الإجمالي للبلد المعني، يمكن أن تستخدم دون شرط مسبق لدفع تكاليف صحية ووقائية مرتبطة بفيروس كورونا المستجد.
واعتبر وزير المالية الهولندي فوبكه هوكسترا هذا الإصلاح «عادلاً ومنطقياً»، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن «دعماً اقتصادياً» عبر هذه الآلية لا يتعلق بتكاليف صحية سيبقى «خاضعاً لبعض الشروط».
ورحب من جهته وزير الاقتصاد الإيطالي روبيرتو جوالتييري «بوضع سندات اليورو باتت على الطاولة، في حين سحبت شروط الآلية الأوروبية للاستقرار. سنقدم أمام المجلس الأوروبي مقترحاً طموحاً».
ولم يكن هناك من خلافات تذكر بشأن المحورين الآخرين للرد الأوروبي بوجه الأزمة، ويمكن لصندوق ضمان من البنك الأوروبي للاستثمار أن يحرك حتى 200 مليار يورو لدعم الشركات، بينما ضمنت المفوضية الأوروبية مبلغاً أقصاه 100 مليار يورو لدعم الخطط الوطنية لإدارة البطالة الجزئية.