اتخذت وزارة الصناعة اجراءات عديدة لإحداث استقرار في الاسواق بعد الأزمة التي شهدتها نتيجة الارتفاع المتواصل لأسعار السكر، وتمثلت في تغيير سياسة البيع من الشركات واستيراد كميات من السكر الابيض والسكر الخام ·· وقد أجرت صحيفة 'الرأي العام' حواراً مع د· جلال يوسف الدقير وزير الصناعة حول هذه التطورات، بدأه بالحديث عن أسباب الزيادات الحالية في أسعار السكر، وما إذا كانت الأزمة مفتعلة أم أنها طبيعية وقال:
؟ ؟ عندما خططنا لانشاء سكر النيل الأبيض اجرينا دراسة لتوقعات الاستهلاك المحلي· وفي العام 2001م وقتها كنا نستهلك حوالى 450 ألف طن في العام وتوقعنا ان يصل الاستهلاك العام 2008م إلى مليون طن·· وفعلاً كان الاستهلاك في الاعوام بعد 2001م بنفس وتيرة التوقعات وهي زيادة بنحو 10% لمعدل الاستهلاك السنوي·· العام الحالي شهدنا ظاهرة غريبة جداً حيث زاد الاستهلاك فوق المعدلات الطبيعية أي ما يقارب 50% عن العام 2001م، وهذا مرده الى تحسن قدرة المواطن الشرائية، وقد رصدنا ذلك من خلال صناعات الاغذية المرتبطة بالسكر والقفزة الكبيرة التي حدثت في انتاج المشروبات الغازية والعصائر التي كان في السابق سوقها محصوراً في الخرطوم وعواصم الولايات الكبيرة، والآن امتدت الى كل القرى والمقاهي الريفية·· فهذه زادت بنسبة 100% مما شكل ضغطاً كبيراً جداً على استهلاك السكر·· ايضاً المواطن السوداني بطبعه محباً للمواد السكرية وبالتالي دوماً تزيد مقدرته على الشراء وبالفعل يظهر ذلك من تضاعف محلات الحلويات في الخرطوم وفي كل الولايات خلال العامين الآخيرين حتى العام 2003م كان الانتاج يوزع على العام ونضع تحسباً لرمضان والاعياد··
؟ لكن ألم يكن هناك تحسب لتلك العوامل التي ذكرتها في زيادة الاستهلاك·· النمو الحضري·· زيادة السكان··· رفع المقدرة الشرائية··؟
؟ ؟ كل ذلك كان في الحسبان، لكن بالطبع لم نكن نتوقع ان يرتفع الاستهلاك 50% في عام واحد·· وهذا معدل عال جداً للزيادة، ونحن نرحب بهذه المعدلات المتزايدة لما يحمله من تشجيع للمستثمرين وايضاً لاعتباره سوقاً ينشط الصناعات الغذائية المرتبطة بالسكر ويطمئن ان حالة المواطن في تحسن·· لكن المليون طن المتوقع استهلاكها في2008م ستستهلك في العام 2005م· اتفاقية نيفاشا وقعت في يناير وبدأ الاحساس بالاستحقاقات الحقيقية شهري فبراير ومارس بتدفق مختلف الرساميل، فوقف الحرب زاد من قدرة انفاق الدولة·· ففي ميزانية العام الحالي زاد الانفاق عن العام السابق بنسبة 40% إذن الظاهرة اسهمت فيها ايضا تباشير السلام والاستقرار السياسي الذي حدث والاقتصادي المتنامي·
؟ اذن كيف تستوعب هذه المستجدات حتى تتفادوا حدوث فجوة؟
؟ ؟ نحن كنا نوزع حصصاً متساوية في الشهر لكن شعرنا أن الطلب بدأ يرتفع عن العرض·· فاذا زدنا الحصص فهذا يعني ان هنالك شهوراً لن نتمكن فيها من طرح كميات من السكر، فاولاً اتخذنا مجمل اجراءات وبدأناها بوقف نظام الحصص وطرحنا 60 الف طن للاسواق ووسعنا مظلة التوزيع فبدلاً من استهداف تجار الجملة فقط في الولايات نزلنا بالبيع المباشر ليس على مستوى تجار التجزئية فقط بل حتى للبقالات في الاحياء·
لا يوجد احتكار
؟ وما تفسيركم لهجوم بعض التجار على سياسة البيع من الشركات التي يعتبرونها احتكارية؟
؟ ؟ هذا كلام غير صحيح والسكر الآن يوزع على مظلة واسعة جداً من الناس لدرجة البقالات·· وذلك حتى لا نجعل تاجر الجملة يضغط على تاجر التجزئية وبالتالي يضغط على البقالات ثم على المستهلك·· وقد اتخذنا هذه الاجراء رغم انه يشكل اعباء اضافية وكبيرة جداً على شركات انتاج السكر·· لكن حقيقة نحن الآن نوزع في الاسواق وفي البقالات·· ولا اعتقد أن هناك شيئاً يمكن عمله اكثر من ذلك في السياسات التسويقية·
؟ وكيف تتعاملون مع الوضع الحالي؟
؟ ؟ نحن اتخذنا عدة اجراءات اسعافية الى ان يطرح سكر النيل الابيض·· وهي استيراد نحو 400 الف طن سكر خام سنوياً يتم تكريرها في مصانعنا المحلية·· وبالتالي فان انتاج الموسم القادم سيكون حوالى مليون ومائتي الف طن وهو عبارة عن 800 الف طن انتاج المصانع المحلية زائداً 400 الف طن مكرر·· وهذه الكمية ستثبت سنوياً إلى حين انتاج سكر النيل الابيض والذي سيطرح بدايةً مائتي الف طن لترتفع الى 400 الف طن· ايضاً من الاجراءات التي اتخذناها الآن اننا استوردنا 125 الف طن سكر ابيض وبدأت تدخل الآن الى بورتسودان، بينها 50 الف طن سيتم ترحيلها فوراً الى الخرطوم لتطرح في الاسواق خلال 48 ساعة قادمة·· ونحن مطمئنون لموقف الامداد في السوق ومتأكدون اننا سنسبق اي تاجر له نية تخزين او احتكار والرسالة الاساسية التي تهمنا هنا هو المستهلك، لان السكر سلعة مهمة ويمكن ان تحدث بها مضاربة، ولذلك كانت توجيهات وزارة الصناعة الى شركات السكر ان تبيع مباشرة··· وبالفعل نزل سقف البيع الى 25 طناً·
؟ لكن الا تعتقد ان فتح باب البيع بهذا الشكل ليس من مهام شركات الانتاج·· فليس هناك مصانع في العالم تبيع مباشرة لتاجر التجزئية او البقالات الصغيرة؟
؟ ؟ هذا هو في الوضع الطبيعي·· لكن هذا الاجراء اتخذ لحل مشكلة·· فنحن منذ 3 سنوات نعمل بنظام معروف·· لكن وفقاً لهذا النظام فان الفرق بين سعر المصنع والبيع في السوق لايتجاوز خمسين ديناراً وهذا طبعاً لايشجع للشراء، لذلك كانت الحلقة محفوظة فتجار الجملة هم الذين يشترون السلعة معتمدين على نسبة التوزيع العالية بغض النظر عن ضعف سعر الربح للجوال·· الآن لان الطلب متزايد فالناس الذين لا يعرفون تجارة السكر رغبوا الآن فيها للربح·· لكن انا همي الأول ليس التاجر الذي يبحث عن الربح وانما المستهلك·· ولذلك ضغطنا على شركات السكر بالنزول بالكميات عند البيع لاكبر مظلة ممكنة حتى لو اصبحت المصانع اشبه بالكناتين حتى نتجاوز الفجوة بين العرض والطلب·· عندنا سلسلة من البواخر الداخلة الى بورتسودان تحمل سكراً خاماً ومقدرة مصانعنا المحلية تصل الى الفي طن في اليوم··
؟ اذن ما حدث من ارتفاع لم يكن ذا علاقة بالزيادة في السوق العالمي؟
؟ ؟ ابداً، نحن حرصنا ان نثبت اسعار السكر المحلي والا نتدخل بزيادة الاسعار بل تدخلنا لطرح كميات كبيرة من السكر لاستقرار الاسعار ولان تكلفة انتاجنا معقولة فلن نتبع اسعار السوق العالمي في اتجاهاتها·· فتوجهنا ان نحافظ على وضع الشركات وان يجد المواطن السلعة بنفس اسعارها·· ورغم التذبذب الموجود في الاسواق فالمصانع ظلت تطرح الكميات للسوق بنفس اسعارها المقررة في بداية الموسم بواقع 94 الف جنيه·
استيراد مؤقت
؟ هل ستستمرون في فتح باب استيراد السكر الابيض بعد وصول الـ 125 الف طن؟
؟ ؟ ليس لدينا اتجاه للاستمرار في استيراد سكر مطلقاً لان لدينا مصانع تمثل ثروة قومية يعمل بها عشرات الآلاف من البشر، لكن اذا كان بالامكان ان نستورد سكراً خاماً ليكرر في مصانعنا المحلية فهو يحقق قيمة مضافة بنسبة 30% وبالتالي نشغل عمالة·· اذن لا يوجد منطق ان نستورد سكراً مكرراً·