أسماء الحسيني (القاهرة، الخرطوم)
شهدت ولايات دارفور الثلاث في غرب السودان، نشاطاً حكومياً مكثفاً، أمس، في محاولة لمعالجة تداعيات أحداث العنف القبلية التي خلفت عشرات القتلى وأكثر من 240 مصاباً، وفقا لما أعلنته جمعية الهلال الأحمر السوداني التي أعلنت أمس أنها نقلت 48 جثة من ضحايا الاشتباكات.
وشهدت مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب بدارفور أمس لقاءات مهمة لكل من الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي)، نائب رئيس مجلس السيادة السوداني، ورئيس الوزراء السوداني الدكتور عبد الله حمدوك، والنائب العام تاج السر الحبر، وعضو مجلس السيادة حسن شيخ إدريس، وفي الوقت ذاته تحرك في الفاشر عاصمة شمال دارفور عضوا مجلس السيادة صديق تاور وعائشة موسى، ووزيرة التنمية الاجتماعية لينا الشيخ، كما كان موجوداً في نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور عضوا مجلس السيادة محمد الفكي ورجاء نيكولا ووزيرة الخارجية أسماء عبد الله.
وقد أثنى العديد من المواطنين والناشطين والسياسيين على هذه التحركات التي تأتي على مستوى رفيع، باعتبارها محاولة إيجابية للتعاطي مع الأزمات في ولاية السودان، وقالوا لـ«الاتحاد» إنها ترسل رسائل إيجابية لمواطني هذه الولايات، عبر الالتقاء بهم والاستماع لآرائهم، والاهتمام بمشاكلهم، ومحاولة حلها قبل أن تتفاقم.
ومن جانبه، أكد الفريق أول حميدتي أن الدولة جادة في تحقيق الأمن والاستقرار بولاية غرب دارفور. جاء ذلك خلال اجتماع عقد أمس مع قيادات الإدارة الأهلية وأعيان القبائل في قصر الضيافة في مدينة الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وذلك بحضور وفد اللجنة العليا لمعالجة أحداث الجنينة.
كما أكد حميدتي أن الجناة في أحداث الجنينة لن يفلتوا من العدالة، وأن الدولة ستستفيد هذه المرة من التجارب السابقة.
وقال حميدتي: إن موضوع الديات سيتوقف تماماً، لينال القاتل عقابه وفقاً للقانون، وحذر الذين يسعون لإشعال الفتنة من خلال التحريض عبر وسائل التواصل الاجتماعي من أجل الوصول للسلطة على أجساد وأرواح المواطنين، مؤكداً أن الدولة ستكون لهم بالمرصاد، وأن كل من تثبت إدانته سينال عقابه وفق القانون، ليكون عظة وعبرة للآخرين.
ونفى حميدتي أن تكون أحداث الجنينة بفعل خارجي، قائلاً: لن نجعل من الآخرين شماعة نعلق عليها الأخطاء، مشيراً إلى أن ما جرى تم بأيادٍ داخلية، ووعد باعتماد الشفافية خلال التحقيقات والمحاكمة في أحداث الجنينة.
من جانبه، قال رئيس الوزراء السوداني الدكتور عبد الله حمدوك عقب الاجتماع إنه تمت مناقشة سبل إيجاد الحلول التي تحقق الأمن والاستقرار، ووصف الرؤية التي قدمتها مكونات دارفور بالجيدة، باعتبارهم مكوناً رئيساً ومهماً في الولاية. وأضاف حمدوك: «وعدنا بالمساهمة في إيجاد حل يرضي الجميع في أقرب فرصة ممكنة»، وأشار إلى أن هذه المكونات ستلعب دور الوسيط بين الطرفين الضالعين في الأحداث.
وأعرب رئيس الوزراء السوداني عن اعتقاده بأن التعامل الجاد والسريع من الحكومة الاتحادية، إضافة إلى التعاون من قبل كل الأطراف، ساهم بصورة مباشرة في تهدئة الأوضاع، مؤكداً أن الحكومة ماضية بخطى ثابتة في إيجاد حل جذري ونهائي لمثل هذه الأحداث، وهو ما يساعد في العبور بالسودان إلى وضع أكثر أمناً واستقراراً.
ومن جانبه، قال السلطان سعد بحر الدين، سلطان عموم دار المساليت، إن الاجتماع كان ناجحاً، قدم فيه المساليت رؤيتهم لمتطلبات المرحلة على الصعيد الأمني والإنساني، مشيداً بالاستجابة الفورية والسريعة من الحكومة المركزية واتخاذها الإجراءات اللازمة لاحتواء الوضع.
وفي الوقت نفسه، عقد رئيس الوزراء السوداني اجتماعاً مع قوى الحرية والتغيير بولاية غرب دارفور بحضور وزير العدل السوداني نصر الدين عبد الباري، بحث فيه الأوضاع الأمنية بالولاية، والإجراءات الكفيلة بإعادة الحياة إلى طبيعتها. وحث حمدوك قوى الحرية والتغيير على الإسهام بفاعلية في ترسيخ الأمن والاستقرار بالولاية. ومن جانبها، تعهدت قيادات قوى الحرية والتغيير ببذل أقصى الجهود للحفاظ على أرواح المواطنين والممتلكات العامة والخاصة.
وفي الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، أكد عضو مجلس السيادة السوداني صديق تاور أن زيارة الوفد الحكومي للمدينة تأتي على خلفية أحداث مدينة الجنينة، للتعامل مع الأحداث، ومحاولة منع تكرارها في بقية الولايات. وأوضح تاور أن مجلس السيادة دفع بثلاثة وفود برفقة عدد من الوزراء لشمال وغرب وجنوب دارفور، للتواصل مع الشرائح الاجتماعية والسياسية، وتعزيز أواصر التواصل بين السلطات في المركز والولايات، لمتابعة قضايا وهموم المواطنين، مبيناً أن السودان يمر بمرحلة جديدة تحتاج إلى تضافر الجهود من أجل البناء.
ودعت عضو مجلس السيادة عائشة موسى إلى ضرورة تعزيز الأمن والاستقرار وبسط هيبة الدولة وسيادة القانون، وإعادة إعمار ما دمرته الحرب. ومن جهتها، أكدت وزيرة التنمية الاجتماعية دعمها للأنشطة والبرامج الاجتماعية بالولاية للحد من الفقر ودعم الإنتاج، وتحسين معاش الناس، داعية إلى أهمية ترشيد وتوظيف الموارد بصورة جيدة لخدمة المواطن.
وفي نيالا عاصمة جنوب دارفور، أكد عضو مجلس السيادة محمد الفكي سليمان حرص الحكومة الانتقالية على الاستقرار والسلام في السودان، لا سيما في منطقة دارفور، مؤكداً أن الحكومة قدمت في سبيل تحقيق السلام التزامات كبيرة، مشيراً إلى أن مفاوضات السلام التي تجري في جوبا بين الحكومة والحركات المسلحة تهدف إلى طي صفحة الحرب بصورة نهائية في السودان، وإعادة بناء اللحمة الوطنية، وإعطاء كل ذي حق حقه، ودعا المواطنين بجنوب دارفور لحماية الاستقرار والسلام، وألا يسمحوا بأي انفلات بين المكونات السكانية، تؤدي للمساس باستقرار المنطقة.
وفي هذه الأثناء، أشاد عضو مجلس السيادة الانتقالي والناطق الرسمي باسم وفد الحكومة المفاوض محمد حسن التعايشي بخطوة الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو تمديد وقف العدائيات في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق. وقال التعايشي: «إن إعلان الحركة الشعبية تمديد وقف العدائيات في هذا التوقيت يعتبر خطوة مهمة تظهر إرادة سياسية ورغبة قوية غير مسبوقة لتحقيق سلام شامل ومستدام يستحقه الشعب السوداني». ووصف التعايشي الخطوة بأنها بشارة كبيرة للشعب السوداني، مؤكداً التزام الحكومة السودانية القاطع بقرارها السابق بوقف إطلاق النار الشامل في كل مناطق السودان، وعزمها الأكيد على المضي قدماً في عملية السلام الجارية الآن بجوبا لتحقيق سلام ينهي المظالم التاريخية ويوقف العنف السياسي والقتل نهائياً، ويفتح الطريق أمام العدالة والمصالحات والتنمية المتوازنة وبناء الدولة التي تسع الجميع.
ترامب لحمدوك: أميركا شريك ثابت للسودان
تلقى رئيس مجلس الوزراء د. عبدالله حمدوك برقية تهنئة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب رئيس الولايات المتحدة الأميركية، وذلك بمناسبة الذكرى الرابعة والستين لعيد الاستقلال المجيد.
وقال ترامب في برقيته الموجهة لرئيس الوزراء والشعب السوداني، إنه نيابة عن الشعب الأميركي، وفي هذه اللحظة التاريخية غير المسبوقة التي يستعيد فيها الشعب السوداني حريته من جديد، تسنح فرصة نادرة لضمان تحقيق السلام والعدل والحرية لكل السودانيين وحماية حقوق الإنسان، ووضع الأساس للانتخابات المستقبلية والدستور الجديد.
وأكد الرئيس الأميركي أن الولايات المتحدة الأميركية شريك ثابت للسودان في سعيه لضمان مستقبل مزدهر وآمن وديمقراطي، معرباً عن تمنياته للحكومة الانتقالية والشعب السوداني عيد استقلال آمن وسنة مزدهرة.