الأحد 24 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

فتحي سرور: أنا ترزي قوانين على مقاس الشعب

17 يوليو 2005

القاهرة- 'الاتحاد': اذا كان من تحاوره رجل قانون أو فقيه قانون بالمعنى الادق فتلك مصيبة·· واذا كان رجل سياسة مع كونه فقيه قانون فالمصيبة أعظم·· لأن فقيه القانون يدري ورجل السياسة يداري·· والرجل الذي تجتمع فيه الصفتان مثل الدكتور فتحي سرور رئيس البرلمان يجيد الدراية والمداراة معا·· ومحاوره يحتار معه لأنه يحاور خلطة قانونية سياسية معقدة للغاية ولا يستطيع أن يأخذ منه إلا ما يريد هو إعطاءه·· وما يريد هو اعطاءه يعيد المحاور الى نقطة الصفر·· لأن الرجل يقول كل شيء ولا يقول شيئاً في نفس الوقت·
خمسة عشر عاما امضاها الدكتور سرور رئيساً للبرلمان محطماً بها كل الارقام القياسية فهو اكثر من شغل هذا المقعد منذ بدء الحياة البرلمانية المصرية عام 1866 في عهد الخديو اسماعيل·
وحوار الدكتور سرور مع صحيفة 'المصري اليوم' المستقلة ليست فيه اخبار ولا معلومات ذات بال·· لكن يمكن استنتاج هذه الاخبار والمعلومات بين السطور وتحت الحروف وقد يكون الاستنتاج خاطئاً لكن لا بأس بالاجتهاد حتى لو كان خاطئاً·
وأول الاخبار التي يمكن استنباطها من الحوار ان الدكتور سرور سحب او على وشك سحب بلاغه للنائب العام المستشار ماهر عبدالواحد ضد ابراهيم عيسى رئيس تحرير صحيفة 'صوت الامة' المستقلة واغلاق ملف هذا الموضوع وانهائه صلحاً·
ولم يقل الدكتور سرور ذلك صراحة لكنه قال انه لن يسمح بتلويث تاريخه عن طريق التسبب في حبس صحفي وانه متسامح وودود وموضوعي·· وقد يغضب لكن غضبه لن يأخذه بعيداً عن قيمه ومبادئه التي آمن بها وسجلها في مؤلفاته خاصة فيما يتعلق بالحقوق والحريات·
وقال الدكتور سرور إن من يتصدى للعمل العام والقيادة ويتبوأ موقعاً عاماً عليه ان يتوقع النقد ويتعامل معه بهدوء وبلا انفعال او انزعاج·
وقال ان مصر تعيش ما سماه مرحلة انفلات التحول·· وهو أمر ليس مزعجاً وليس دليلاً على ضعف النظام كما يشاع ولكنه دليل على توجهات النظام نحو مزيد من الديمقراطية والحرية·· ومراحل التحول في اي مكان وزمان تتسم في بداياتها بالخروج على النص والنسق القيمي والتطاول والسب والقذف وهذا كله سيزول مع الوقت لأنه ضد طبيعة وثقافة وثوابت شعب مصر·· وحتى يزول هذا الانفلات ينبغي احتماله واستيعابه والتعامل معه بهدوء وروية وهذا بالضبط ما يفعله النظام·
والخبر الاخر الذي يمكن استنتاجه من حديث الدكتور سرور ان الدورة المنتهية للبرلمان هي آخر دوراته كرئيس لهذا البرلمان·· بل ربما تكون آخر عهده بالحياة البرلمانية كلها·· فقد وجه اليه سؤالان في هذا الشأن حول نيته الترشيح في انتخابات البرلمان القادمة·· فقال انه لم يقرر شيئاً بعد·· وحين سئل: هل تنتظر ترشيح الحزب الوطني الحاكم قال: لم اقرر شيئاً حتى الان·
كشف حساب
وعندما تحدث الدكتور فتحي سرور عن رؤساء الحكومات الذين تعامل معهم خلال توليه رئاسة البرلمان·· كان ذكياً كعادته لأنه تحدث عن علاقة هؤلاء بالبرلمان لا علاقتهم به هو شخصياً·· فيما عدا الدكتور عاطف صدقي الذي قال انه كان صديقه الحميم منذ ان كان صدقي رئيساً لقسم المالية العامة بكلية الحقوق وكان الدكتور سرور رئيساً للقسم الجنائي بها·· ثم عمل الدكتور سرور وزيراً للتعليم في حكومة عاطف صدقي·· ثم رئيساً للبرلمان·
وقال إن صدقي كان ودوداً ومحبوباً من النواب ويلبي مطالبهم ودائم الحضور للجلسات والرد على الاستجوابات·· وربما كان حديث الدكتور سرور ودياً في هذا الجانب لأن الدكتور صدقي رحل عن الدنيا ولا سبيل إلا ذكر محاسنه كميت·
وتحفظ الدكتور سرور بشدة وانتقى كلماته بعناية عندما تحدث عن رئيس الوزراء الاسبق الدكتور كمال الجنزوري حيث قال انه كان مختلفاً عن الدكتور عاطف صدقي وله طبيعة خاصة واسلوب مغاير·· وهذا كلام مرسل يشبه تعريف الماء بأنه ماء·· فمن الطبيعي ان كل انسان مختلف عن الاخر وله اسلوب مغاير وطبيعة خاصة·· ولا أحد يفهم ان كان الدكتور سرور يمدح الدكتور الجنزوري أم يذمه لكنه قال ان الجنزوري كان يحضر الجلسات ويرد على الاستجوابات لكن درجة حب النواب للدكتور صدقي كانت اكبر·· مع ان الجنزوري كان ايضاً يلبي مطالبهم·
وعن الدكتور عاطف عبيد رئيس الوزراء السابق قال انه كان صبوراً وتحمل نقداً عنيفاً لكن الود بينه وبين النواب جعل الامور تسير بلا صدامات·
اما الدكتور احمد نظيف رئيس الوزراء الحالي فهو لم يحضر الى البرلمان سوى ثلاث مرات منذ توليه منصبه لذلك ليس من السهل الحكم عليه حالياً·
وحرص الدكتور سرور على ان يؤكد ان المهندس سامح فهمي وزير البترول هو افضل وزير في نظر البرلمان·· ولم يقل سبباً لتلك الافضلية·
وقدم الدكتور سرور كشف حساب لما حدث خلال الدورة البرلمانية المنتهية وقال ان النواب 'غلابة' وكان ينبغي ان يكونوا في دوائرهم منذ فترة من أجل الاستعداد للانتخابات القادمة لكن ازدحام البرلمان بالقوانين والتشريعات خاصة ما يتعلق بالاصلاح السياسي جعلهم يواصلون العمل ويبذلون جهداً خارقاً لإنجاز القوانين·
وحول اتهام البعض له وللبرلمان بأنهم ترزية قوانين حرص الدكتور سرور على استخدام خفة ظله المعتادة في هذه المواقف· وقال: نعم نحن ترزية قوانين ونفصلها على مقاس الزبون·· والزبون لدينا ليس الحكومة ولكنه الشعب فنحن ترزية قوانين على مقاس الشعب·
عزرائيل
وقال إن البرلمان يحرك الحكومة وليست الحكومة التي تحركه·· والبرلمان هو الذي ابتدع اسلوب الرقابة السابقة على القوانين بدلاً من الرقابة اللاحقة·· ورأي المحكمة الدستورية العليا بشأن شبهة عدم الدستورية في سبع مواد من قانون الانتخابات الرئاسية انتصار للبرلمان وليس ضربة موجهه له·· لأن المسألة ليست متعلقة باخطاء ولكن باختلاف وجهات النظر·
وقال الدكتور سرور ان ما يشاع عن اننا نسلق القوانين فيه كثير من الظلم والتجني لأن القوانين تجيئ وتذهب 'كعب داير' بين الحكومة والحزب الوطني ومجلس الشورى والبرلمان· وهناك مادة في قانون مباشرة الحقوق السياسية استغرقت مناقشتها ساعتين·· فأين السلق في كل هذا؟
وأضاف ان ازدحام جدول البرلمان بالقوانين جعل التشريع يطغى على الرقابة في هذه الدورة ومع ذلك ناقش البرلمان واحدا وعشرين استجواباً وهو اعلى رقم للاستجوابات منذ صدور الدستور الدائم عام ·1971
وقال إن البرلمان جدد في دورته المنتهية واحداً وستين نائباً منهم ثلاثون بالوفاه والباقي بإسقاط أو إبطال العضوية·· وبذلك بلغت نسبة من تم تجديدهم 12,5 في المئة من مجموع النواب وكان عزرائيل نشيطاً للغاية في هذه الدورة·
وأكد أن أفضل استجواب برلماني من حيث العرض كان استجواب النائب الناصري كمال أحمد حول البورصة·· لكنه لا يذكر أفضل رد حكومي على أي استجواب·
وقال ان مسألة الوزراء الذين لهم قوة ونفوذ في البرلمان يمنعان استجوابهم ومساءلتهم مسألة وهمية فالاستجوابات المقدمة لوزير الاسكان الدكتور محمد ابراهيم سليمان رأى اصحابها عدم مناقشتها وطلبوا بأنفسهم تأخيرها·· وأما الدكتور يوسف والي وزير الزراعة السابق وما أثير حول المبيدات المسرطنة فإن الأمر وصل الى المحكمة التي ابلغت النيابة ضد والي لكن النيابة رأت عدم التحقيق معه وهذه سلطتها·
وعندما وصل الدكتور سرور الى قضية الدكتور ممدوح حمزة المتهم في لندن بالتدبير لاغتيال بعض كبار المسؤولين في مصر ومنهم الدكتور سرور وكمال الشاذلي وزير شؤون البرلمان والدكتور محمد ابراهيم سليمان وزير الاسكان والدكتور زكريا عزمي رئيس ديوان رئيس الجمهورية قال الدكتور سرور كلاماً قاطعاً في هذا الشأن وأوضح ان شهادته التي ادلى بها كفيلة بتبرئة ممدوح حمزة·· فقد ارسلت اليه محامية حمزة عدة اسئلة واجاب عنها بما يؤكد براءة موكلها·
وقال الدكتور سرور في اجاباته انه لا يظن ان ممدوح حمزة دبر محاولة لاغتياله·· بل هو متأكد من ذلك لان ممدوح حمزة صديقه منذ زمن طويل·
الإخوان وطنيون
وقال ان ممدوح حمزة عمل مستشاراً للبرلمان لمدة عام ورفض ان يتقاضى اي مكافآت نظير عمله·· وعاد الدكتور سرور ليقول: لا أصدق ان حمزة كان يريد ان يقتلني·
والمفاجأة الأخرى التي لا تقل أهمية عن شهادة الدكتور سرور لصالح ممدوح حمزة هي شهادته لصالح نواب الإخوان المسلمين بالبرلمان حيث قال إن مناقشاتهم داخل البرلمان كانت دائماً ممتعة ولم يحدث صدام معهم في أي جلسة ولم يكونوا مزعجين وكان اداؤهم وطنياً وملتزماً للغاية·
وانتقد الدكتور سرور ضمناً ما اتفق عليه رؤساء الاحزاب في مؤتمر الحوار الوطني بشأن تعليق العمل بقانون الطواريء خلال الانتخابات·· وقال إنه لا يوجد ما يسمى تعليق قانون الطواريء أو ايقاف العمل به في فترة معينة·· ولا توجد مرحلة وسطى بين وجود القانون وعدم وجوده·· فالصحيح ان يقال اصدار قانون الطواريء أو الغاء هذا القانون·· والعبرة دائماً بالتطبيق لا بالنصوص ولا أحد يشعر بقانون الطواريء فهو موجود كنصوص لكن التطبيق غير قائم الا في حالات الارهاب والمخدرات·
ونفى الدكتور سرور بشدة ما يتردد عن سوء العلاقة بينه وبين كل من كمال الشاذلي وزير شؤون البرلمان والدكتور زكريا عزمي نائب الزيتون في البرلمان ورئيس ديوان رئيس الجمهورية·· وأكد انه لا توجد اي مناوشات بين الثلاثة وأن العلاقات بينهم متينة للغاية على عكس ما يتصور البعض·
وقال إن من روج لاسماء معينة مرشحة لرئاسة البرلمان في الدورة القادمة عليه ان يقدم معلومات موثقة·· وترديد مثل هذه الاقاويل شأن من رددها وانه ليس معنياً بها أو بالرد عليها وكل ما يعنيه انه ادى واجبه في كل مواقعه التي شغلها وانه لم يصل الى أي موقع الا بالانتخاب·
المصدر: 0
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©