أبوظبي (الاتحاد)
كشفت أحدث عمليات التنقيب في جزيرة مروح، التي نفذها خبراء الآثار في دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، عن المزيد من المعلومات عن أقدم قرية معروفة استوطنها الإنسان في إمارة أبوظبي قبل حوالي 8000 عام.
وأظهرت الحفريات الأخيرة، التي أجريت على مدى خمسة أسابيع خلال شهري فبراير ومارس 2019، أدلة جديدة تلقي الضوء على الممارسات المعمارية والفنية والتقنية المتقدمة، التي استخدمها سكان أبوظبي الأوائل في فترات تاريخية مبكرة جداً ترجع إلى العصر الحجري الحديث.
تبعد جزيرة مروح حوالي 100 كلم غرب مدينة أبوظبي وحوالي 25 كلم عن شمال غرب ميناء المرفأ. ويستقر موقع الحفريات أعلى هضبة من الحجر الجيري الصخري في الجزء الجنوبي الغربي من الجزيرة. ويتكون الموقع، الذي تم اكتشافه للمرة الأولى عام 1992 أثناء مسح أثري للجزيرة، من سبع تلال على الأقل يبدو أنها بقايا انهيار هياكل صخرية من العصر الحجري الحديث.
وركزت الحفريات الأثرية السابقة على أحد أصغر التلال في الموقع، وأسفرت عن العثور على مبنى حجري من ثلاث غرف يتميز بحالته الجيدة وجودة بنائه، علاوة على عدد من اللقى المهمة الأخرى، منها جرة خزفية مستوردة يمكن مشاهدتها حالياً في متحف اللوفر أبوظبي، بالإضافة إلى نصال أسهم من الصوان وأزرار من محار اللؤلؤ معروضة حالياً في «قصر الحصن». وشملت الاكتشافات الأخرى العديد من شظايا الأواني الفخارية، والخرز المصنوع من الحجر والمحار، والأصداف البحرية، وعظام الأسماك، وعظام ثدييات مثل الغزال وبقر البحر، وعظام الدلافين.
واتسع نطاق الحفريات منذ عام 2017، مع التركيز على أكبر تل في الموقع، مما كشف عن الكثير من المباني الحجرية. وأظهر موسم التنقيب، الذي انتهى مؤخراً، أهمية هذا التل، حيث تم العثور على مجموعة استثنائية من القطع الأثرية حول المبنى الحجري، بما في ذلك عدد كبير من نصال الأسهم الحجرية، فضلاً عن شظايا أوان فخارية مزخرفة وغير مزخرفة. وتتميز شظايا الإناء المزخرف بطلاء كثيف جميل، وتعتبر أقدم قطعة فنية زخرفية معروفة في دولة الإمارات.
وأظهرت اختبارات تحديد العمر الكربوني لعينات فحم مأخوذة من طبقات مختلفة من التربة أن الموقع تم استيطانه منذ فترات مبكرة جداً، قبل ما بين 8000 إلى 6500 عام.
وزار معالي محمد خليفة المبارك، رئيس دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي، جزيرة مروح مؤخراً لمتابعة التقدم في الحفريات وأعمال التنقيب عن الآثار في الجزيرة.
وقال المبارك: «تساهم أعمال التنقيب المستمرة في جزيرة مروح في الكشف عن معلومات أثرية مذهلة تخبرنا الكثير عن تاريخ أبوظبي والمنطقة وأسلوب حياة أجدادنا الأوائل. وتواصل دائرة الثقافة والسياحة جهودها لحماية واستدامة المواقع الأثرية التي تُجسد أصالة تراثنا الثقافي وتساعدنا على فهم ماضينا، وتمنحنا فرصة تقديم صورة أكثر وضوحاً ودقة عن حضارة أبوظبي العريقة للأجيال الحالية والمقبلة. وتوفر جزيرة مروح المزيد من الأدلة الجديدة على ثراء ماضينا، الذي يضرب بجذوره في أعماق التاريخ».