21 يونيو 2009 01:14
«إذا لم تقم بتحويل هذه الرسالة قبل مضي عشر دقائق من فتحها فسيلاحقك الحظ العاثر» أو «إذا أرسلت هذه الرسالة إلى عشرة من أصدقائك ستنال ما تحلم به في حياتك بعد يومين أو شهرين»، كل هذه الجمل ترد في رسائل إلكترونية يرسلها إليك أصدقاؤك المسجلين في لائحة مراسلاتك.
وقد راج منذ فترة استخدام صور لأطفال يرق لها القلب، مع تعليقات بأنَّ إعادة إرسال الرسالة إلى 10 أو 20 من الأصدقاء سوف يساهم بثلاثة سنتات لكل عنوان ترسل إليه، من أجل توفير المال اللازم لإنقاذ حياة الطفل (ة) الذي يحتاج إلى عملية مستعجلة. قد تصدق الأمر ويرق قلبك فتقول لنفسك، ما الضرر من إرسال هذه الرسالة، يكفي أن أختار عدداً من العناوين البريدية وأحولها. ولكن هل فعلاً أنت تساعد بهذه الطريقة هذا الطفل وتنقذ حياته؟ ولماذا يروّج لهذا النوع من الرسائل الإلكترونية وما مدى صحتها؟ وهل كل هذه الأخبار ملفقة لمجرد إلهائنا وإضاعة بعض الوقت علينا؟
خرافات إلكترونية
رسائل الحظ، وقد كانت قبل شيوع استخدام الأنترنت تصل إلى أيادي الناس مكتوبة على الورق، وقد شاع الرقم 13 معها، بحيث كان عليك أن تنسخها 13 نسخة بخط اليد وتوزعها على الأصحاب الذين عليهم فعل الأمر نفسه وهكذا دواليك، كي تحقق أحلامك، ومنها رسائل تحوي آيات قرآنية. بعض الرسائل المشابهة كان تحمل تهديداً وترهيباً من مثل: «سيلاحقك الحظ السيئ» أو حتى «ستفقد أحد الذين تحبهم»... فحتى الذي لا يصدق هذه الأكاذيب يشعر بالخوف داخلياً من إمكانية أن يتحقق ما كتب إذا لم يستجب للأمر. وتؤكد الدكتورة في علم النفس دولي حبّال، إنَّ من يتجاوب مع هذه الرسائل مصدقاً ما فيها من تهديد أو ترغيب بالحظ الجيد، لديه أساساً «شخصية قابلة للإيحاء، حتى أنَّ هؤلاء ينتظرون أن يتحقق لديهم الحظ الجيد، أو ما تمنونه وإن طال انتظارهم». وتضيف: «هؤلاء الأشخاص لديهم استعداد بيولوجي للقلق والإصابة بالخوف، ومن يصدق هذه الأمور هم ممّن لديهم شخصية قلقة وقابلة للإيحاء في الوقت عينه». وترى أن ثمة مصادفات نادرة تحصل مع هذه الشخصيات تجعلها تصدّق أكثر، مع أنَّ نسبة تصادف تحقق ذلك لا تتجاوز الواحد في المئة، وهي مجرد مصادفة، برأيها، فيميل هؤلاء إلى تصديق كل شيء بناء على مصادفة المرة في المئة متناسين التسع وتسعين مرة التي لم يتحقق فيها شيء مما يقال لهم. وتصنّف الدكتورة حبال هذه الأمور من ضمن الخرافات والتي تتنوّع من رسائل إلكترونية أو ورقية تحتوي على تهديد وترغيب بالحظ الجيد إلى خرافات أخرى من مثل فتح المظلة داخل المنزل، أو مغادرة المنزل وباب خزانة الملابس مفتوح، أو عدم الدقّ على الخشب وما إلى هنالك من خرافات لا أساس لها. وتقول بأن المشكلة تكمن في أن هذه الشخصيات القلقة والقابلة للإيحاء لا تتجرأ على خوض تجربة معاكسة هذه الخرافات، وهذا ينبع من خوف أصحابها الأساسي، فلا يواجهونها ليتأكدوا من عدم صحّتها.
مخالفة دينية
يقول الشيخ طالب الشحي، رئيس قسم الوعظ في الشؤون الإسلامية والأوقاف، رداً على سؤال حول هذه الرسائل، وخصوصاً تلك التي تتطرق إلى أمور دينية، أنه «لا يصحّ أبداً ومن كل النواحي إلزام الآخرين بما لم يأمر به الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وما لم يرد في القرآن الكريم والسنة الشريفة». ويعتبر الشيخ الشحي أن «إلزام الطرف الآخر مخالف للعقيدة. ومن جانب آخر، هو تجنّي على الآخرين واعتداء عليهم». وعن التهديد المبطن في الرسائل الذي ينذر بالحظ العاثر في حال عدم تحويل الرسالة إلى آخرين، يقول: «من يرسل هذه الرسائل يخالف أمر الله عزّ وجلّ».
مضيعة للوقت
تقول عبير قبيسي، اختصاصية في التوثيق، تتابع دراستها العليا في مجال إدارة المعلومات في فرنسا: «تعرّفت من خلال دراستي على ما يسمى «الجانك مايل»، وبدأت تتكشف لي حقيقة ما يسمى بالـ «السبام»، وقد أسهب الأستاذ في شرح هذه المادة! أتلقى في علبة الجانك ما يعادل الثمانين رسالة إلكترونية تقريباَ من نوع ال»سبام»! وفي علبة البريد الوارد أتلقى من الأصدقاء يومياً ما معدله 3 مايلات «سبام». وتوضح عبير أنواع رسائل ال»سبام» التي تتلقاها، من مثل»مريض بحاجة إلى مساعدة، نصائح صحية، إيمايلات روحية ودينية، وكل ما يتعلق بتحقيق الأمنيات...إلخ». وتعترف أنَّها في البداية كانت تتفاعل مع هذا النوع من الرسائل الإلكترونية، فترسلها إلى الآخرين، إلى أن «اكتشفت الحقيقة، فأصبحت أرسل رسائل إلكترونية أحذر فيها من مخاطر هذه الرسائل، وأنصح بعدم التجاوب في إرسالها، ولكن معظم الناس لا يصدقون ما أقول، فأدع الأمور كما هي، والآن لا أحوّل هذه الرسائل الإلكترونية إلى أحد وأكتفي بمحوها من البريد الوارد». أمَّا سوسن أبوظهر فتقول أنها لا تؤمن بهذه الرسائل «الخرافية»، ومن النادر جداً أن تقوم بتحويلها للآخرين، ولكنها تتلقى عدداً هائلاً منها وبشكل دوري، وتكون الرسائل في الأساس محوّلة من قبل أصدقاء. وتقول: «اندهشت مرة حين تلقيت رسالة فحواها مساعدة طفلة مريضة عبر تحويل الرسالة إلى أكبر عدد ممكن من الناس، وكنت قد تلقيتها قبل عام، في حين أن ما ورد فيها يقول بالاستعجال لتحقيق المبلغ المطلوب لإجراء عملية جراحية للطفلة خلال شهر. واكتشفت أنه لتحويل هذه الرسائل بعد قراءتها لا بد من وقت نضيّعه عليها من دون أن ندري، لذا لم أعد أحول إلا الرسائل المهمة التي فيها معلومات مفيدة وتلك المرحة جداً والتي تجعل نهارنا أجمل حين نقرأها».
المصدر: أبوظبي