'الاتحاد' - خاص:
ما الذي حدث حين التقى جلال الدين الرومي وشمس الدين التبريزي؟
لحظة غامضة مع رجل غامض كان يتدثر برداء أسود خشن، تأثيره كان مذهلاً على جلال الدين حتى أنه لم يعد يسمح له بقراءة ما كان يقرأه، وكان يمنع عنه الناس حتى تكاثر الأعداء ليختفي فجأة في ظروف غامضة·
نحن أمام كتاب صدر عن مكتبة الشروق الدولية في مصر، قصائد مختارة من ديوان 'شمس تبريز' لجلال الدين الرومي نقلها من الفارسية وقدم لها الدكتور محمد السعيد جمال الدين·
قصائد في العشق الإلهي (42000 بيت) وضعها جلال الدين تخليداً لذكرى صاحبه، ودون أن يعرف أحد مَن هو الشيخ ومَن هو المريد· لابد أن يكون هناك لغز ما ولكن فات الأوان لحلّه·
'أورينت برس' تعرض للكتاب، كما أنها تقدم بعض القصائد التي ترجمها الدكتور جمال الدين الأستاذ في جامعة عين شمس·
ليس رومياً، بل إنه من آسيا الصغرى التي كانت تُعرف آنذاك ببلاد الروم· إنه 'مولانا' محمد بن بهاء الدين محمد ولد بن حسين البلخي الذي عُرف بـ جلال الدين الرومي·
وُلد في السادس من ربيع الأول عام 604هـ/1207م في مدينة بلخ التي كانت تُعتبر في ذلك العصر واحدة من أهم مدن إقليم خراسان، حيث عاش منذ أن كان صبياً يافعاً وظل فيها إلى أن وافته المنية وهو في الثامنة والستين، أي أنه لم يؤثر 'المنفى' مثل أبيه الذي كان أحد كبار علماء عصره، إذ ابتعد عن السلطان محمد خوارزمشاه وتوجه إلى بغداد التي لم يمكث فيها سوى بضعة أيام انطلق بعدها لأداء فريضة الحج، قبل أن ييمم شطر دمشق، وهناك تلقى دعوة من سلطان السلاجقة في بلاد الروم علاء الدين كَيْسقُباد للاقامة في قونية عاصمة ملكه، فلبّى بهاء الدين دعوته وأقام في هذه المدينة التي تقع في القطاع الجنوبي من الأناضول على حافة سلسلة جبال طوروس، وترتبط بمجموعة من الطرق تصلها بالشام والعراق·
وكان جلال الدين في الرابعة والعشرين من عمره حين توفى أبوه، فأسند إليه السلطان منصب الأب في تدريس العلوم الشرعية، ولم يكد يمضي عام أو أقل حتى وفد إلى قونية برهان الدين الترمذي، فأفاد منه الشاب فائدة كبيرة، وجذبه الترمذي إلى الاندماج في الحياة الروحية وسلوك الطريق الصوفي، وزاد على ذلك أن أمره بالارتحال إلى حلب ليحضر دروس علمائها الكبار، ثم أن جلال الدين انتقل بعد ذلك إلى دمشق التي أقام فيها أربع سنوات بعدما أمضى ثلاث سنوات في قونية·
شخصية غامضة
عاد إلى قونية ومعه العديد من الاجازات التي منحها له العلماء في التفسير والحديث والفقه وأصول الدين واللغة والأدب وأصول العقائد والفلسفة وعلم الكلام· وبدا كأنه استكمل عدّته في أغلب العلوم العقلية والنقلية، ووصل في الفقه، بخاصة، إلى مرتبة الاجتهاد والأهلية للفتوى، ولهذا وردت ترجمته في كتب طبقات الحنفية بين الفقهاء والمفتين·
وتذكر بعض الروايات أن عدد الطلاب الذين كانوا يجتمعون لحضور دروسه بانتظام زاد على الأربعمائة، واشتهر ذكره· ويقول شمس الدين أحمد الأفلاكي في كتابه (مناقب العارفين) ان 'الخاص والعام أحبّه، واشتغل بالوعظ'، وعُرف آنذاك أنه واحد من كبار أئمة المسلمين وعماد للشريعة الإسلامية·
التحول الكبير، أو الولادة الجديدة كما يسمونها، بدأت في اللحظة التي التقى فيها جلال الدين الرومي بشمس الدين التبريزي الذي وصفه رينولد آلين نيكلسون في مقدمة ترجمته الإنجليزية لمختارات من ديوانه، على النحو التالي: 'شخصية غامضة تتدثر بلباس أسود خشن، تضيء لحظة قصيرة على مسرح الحياة ثم تختفي فجأة وفي سرعة فائقة'·
ثم يصفه نيكلسون نفسه في ملحقات ترجمته الإنجليزية لكتاب (المثنوي) لجلال الدين الرومي بأنه 'كان إلى حد ما أمّياً، لكنه تميّز بحرارة روحية شديدة، ومصدره الفكرة التي استولت عليه فجعلته يتيخل أنه مبعوث العناية الإلهية'·
ولكن كيف يكون التبريزي أمّياً، وهو صاحب كتاب (مقالات) الذي يظهر كم كان متبحّراً في العلوم الدينية، فضلاً عن درايته الواسعة بآراء المتكلمين والفلاسفة، ما جعله يوجه إليهم في كتابه الكثير من الانتقادات التي يضاف إليها تحليل لعقائد الفرق المختلفة، وأبيات لشعراء من العرب والفرس، ونظرة نقدية للعلوم الرائحة في عصره، وعناية بالأحداث التاريخية ودلالتها·
أنا الشيخ
أصل غامض وإن ذكر الأفلاكي أن شمس الدين هو (محمد بن علي بن ملك داد)، ويشير في كتابه إلى أنه كان أحد مريدي أبي بكر سلّه باف: 'كان لي شيخ اسمه أبوبكر بمدينة تبريز، كان يصنع السلال، وقد تحصل لي منه الكثير من الافاضات، ولكن كان بأعماقي شيء لم يكن شيخي يراه، ولم أحد قد رآه من قبل، ذلك الشيء قد رآه مولانا (يعني جلال الدين)'· ويضيف قائلاً وهو يخاطب هذا الأخير: 'وما فعلته لأجلك لم أفعله لشيخي، وفارقته قهراً، وكان يقول: أنا الشيخ'·
ويمكننا أن ندرك من هذه العبارة أن شمس الدين ترك شيخه مغضباً· وكان هذا دأبه على كل من رآه من شيوخ عصره الذين لم يستطع أحد منهم أن يستولي على لبّه أو يخضعه لتعاليمه، وهو حين يتحدث عن أي منهم يُعد نفسه أعلى منه مقاماً وأرسخ قدماً· اللهم إلا جلال الدين·
كان مرجعه دوماً النبع الصافي: 'كل امرئ يتحدث عن شيخه· لقد أعطانا الرسول (ص) الخرقة في الرؤيا، وما هي بتلك الخرقة التي ترثُّ وتبلى بعد يومين ويستنجي بها الناس في الخلاء، بل هي خرقة الصحبة، الصحبة التي لا يحتويها الفهم، الصحبة التي تصنع ما تصنع الأمس واليوم وغداً'·
شمس الدين كان مثل جلال الدين كارهاً للفلسفة، وقد كتب: 'يقول الفيلسوف الغر العقول عشرة وأنها تضم كل الممكنات··· وإلا فمن ينطق بكلام سقراط وبقراط واخوان الصفا واليونان في حضرة محمد (ص) وآل محمد، وأبناء روح محمد وقلبه لا أبناء الماء والطين'، ليضيف ان 'الفيلسوف يصبح منكراً، أي أن كل ما لا يعرفه عقله لا يكون له وجود' معلناً سخطه على عمر الخيام لأنه ممن قالوا ان الحشر روحاني فحسب·
لا يبلغ أن يكون غباراً
غضبه ينصب أيضاً على الفخر الرازي لأنه أدخل الفلسفة الاغريقية عالم الإسلام، وكان شديد الكَلَفة بالفلسفة· يقول: 'ولو كان من الجائز إدراك هذه المعاني بالتعلم والبحث، لكان من الواجب وضع تراب العالم على الرأس·· يقال ان الفخر الرازي كتب ألف ورقة في تفسير القرآن، بل يقال إنها خمسون ومائة ألف ورقة، والفخر الرازي لا يبلغ أن يكون غباراً في طريق أبي يزيد (ابن طيفور البسطامي الذي اشتهر كزاهد في النصف الأول من القرن الثالث الهجري)، وما هو إلا كمثل حلقة على الباب، ليس على ذلك الباب الخاص، بل حلقة من حلقات الباب الخارجي'·
يوم اللقاء بين جلال الدين الرومي وشمس الدين التبريزي يوم السبت السادس والعشرين من جمادى الآخرى سنة 642هـ - 1244م، كان يوماً عظيماً بالنسبة لجلال الدين· لم يفترقا إلا حين اضطر شمس الدين للارتحال مغضباً إلى حلب بعدما لقي العنت من رفاق جلال الدين ومريديه·
الأرض قشة
البعض تحدث عن قدرات خارقة لدى شمس الدين الذي وصفه جلال الدين بالقول: 'شيخ الدين وبحر معاني رب العالمين، الأرض والسماء تبدو أمامه وكأنها قشة، لو أظهر جماله دون حجاب لما بقي شيء في مكانه، ولا ينبغي أن نفلت ذيل ثوبه من أيدينا إن أردنا إدراك الحقيقة· لو طلع لشمس لانعدمت الظلال· إن النجوم وإن كانت بلا عدد فإن قوتها على التجلّي أمام الشمس منفردة منعدمة'·
بعد ستة أشهر من اللقاء بين الرجلين، ترك جلال الدين ما كان اعتاده في حياته السابقة، ولم تبدر منه بادرة تدل على العودة إلى التدريس والفتوى، بل إنه صار من أهل المحبة الإلهية والجذب، وترك كرسي الدرس ولقاء الطلبة·
ويروى عن كراخاتون زوجة جلال الدين، أنه كان قبل مقدم التبريزي، يظل الليالي منذ بدايتها حتى طلوع الفجر قائماً تحت مصباح صنع بطول قامة الرجل يقرأ كتاب (المعارف) لأبيه، وكان يحلو له أن يقرأ ديوان أبي الطيب المتنبي ودواوين شعراء الفرس، والصوفية منهم بخاصة، مثل: سنائي الغزنوي و فريد الدين العطا·
أي سلطة لشمس الدين على جلال الدين الذي ابتعد عن كل ما يهوى، ودون أن يسمح له الأول بقراءة ما كان يقرأة، حتى انه لم يسمح له بلقاء أحد، وكان يجلس عند مدخل المدرسة التي كان يلقي فيها جلال الدين دروسه، ويقول لمن يرغب في رؤيته: 'بأي شيء جئت له به حتى آخذه منك وأقدمه له؟ وذات يوم غضب منه رجل يطلب مقابلة جلال الدين واذ طرح عليه السؤال نفسه سأله: وما الذي جئت به أنت؟ فقال: جئت بنفسي وجعلت رأسي فداء له·
لكن الواضح أن شمس الدين الذي أحدث جواً من العداء ضده 'وهكذا صاروا جميعاً متعطشين لدمه فكانوا إذا رأوه أمسكوا سيوفهم، وكانوا يسبونه سباً فاحشاً، ويرمونه بالسحر والدجل ويتربصون به قائلين: متى يغادر شمس قونية'·
خلاصة الأرواح
غاب شمس عن قونية، وبسفر شمس لم يعد جلال الدين إلى ما كان عليه، إذ راح يتسقط أخباره حتى عرف انه في الشام فبعث إليه بأربع رسائل - أو بأربع قصائد - مع ابنه سلطان ولد الذي استطاع اقناع شمس بالعودة· وهذا ما حدث فغادر الركب الشام متجها إلى قونية، فلما اقتربوا منها طلب سلطان ولد من أحد المرافقين الاسراع لكي يزف البشرى لجلال الدين فخلع عمامته وجبته على البشير، وخف الناس على اختلاف طبقاتهم يتقدمهم جلال الدين لاستقبال شمس الذي عاد ليواجه حملة جديدة من العداء، فراح يشكو إلى سلطان ولد' ألا ترى ما فعلوه، أيريدون ابعادي عن مولانا ثم يجلسون بعد ذلك فرحين سعداء؟ وسوف أرحل هذه المرة فلا يعرف أحد أين أكون، سوف تمر سنوات لن يجد فيها احد لي اثرا سأختفي وتمر أوقات وأزمان حتى يقال إن أحد الأعداء قتله 'وظل يكرر هذه الأقوال حتى اختفى فجأة ذات يوم، وتعددت الروايات حول اختفائه وقيل فعلا انه قتل'·
غريبة تلك العلاقة ومثيرة للذهول، ذات مرة جاء رجل إلى جلال الدين وأخبره أنه رأى شمس الدين فخلع عليه عباءته ورداءه وعمامته، فقيل له إن الرجل يكذب، فلماذا خلعت عليه ذلك كله؟ أجاب: اعطيته هذا القدر مقابل كذبه، ولو صدق لكنت قد اعطيته روحي·
من الشيخ·· من المريد
من منهما كان الشيخ ومن منهما كان المريد؟
يعتبر الدكتور محمد السعيد جمال الدين أن الإجابة انما ترتبط بالمبدأ الأصل الذي وقف جلال الدين الرومي جهده على بيانه وإعلانه، وهو العشق الذي يجتمع فيه الشيخ والمريد سواء بسواء ويصبحان رجلاً واحداً بعدما سلكا طريقا واحداً، واتجها سويا نحو غاية واحدة، فيصبح الشيخ مريداً والمريد شيخاً، أو يصبحان شخصاً واحداً بعدما توحدت فيهما الإرادة والغاية·
ماذا عن ديوان (شمس تبريز) والمقصود بذلك مجموعة الأشعار التي نظمها جلال الدين الرومي تخليدا لذكرى صاحبه وهو يشتمل على اثنين وأربعين ألف بيت من الشعر ضمتها ثلاثة آلاف وخمسمائة ووحدتان ما بين غزليات وقصائد ومقطعات وترجيعات واضيفت إلى الديوان في طبعته الأخيرة مجموعة الرباعيات التي تبلغ 1995 رباعية·
هذا يعني أن كل ما نظمه جلال الدين من ضروب الشعر غير ضرب المثنوي كالغزل والقصيدة والرباعي وغيرها، قد ضمها الديوان الذي أطلق عليه في طبعته الأخيرة اسم (كليات ديوان شمس تبريزي) وجاء في 1570 صفحة من القطع الكبير·
الغزل مختلف عن الشعر
وقد أدرجت القصائد والمقطعات التي نظمها الشاعر بالفارسية، وكذلك التي نظمها بالعربية، ضمن الغزليات وشكلت القسم الأعظم من الوحدات التي بلغت 33065 وحدة، وبلغ عدد ما نظمه الشاعر في ضرب الغزل وحده ثلاثة آلاف ومائتين وتسعا وعشرين غزلية· وبنية الغزل في الأدب الفارسي مستقلة عن ضروب الشعر، يختلف عن القصيدة التي تشبهه في شكلها وموضوعها القصيدة العربية الغزل هو عبارة عن منظومة قصيرة قائمة بذاتها تتكون من خمسة أبيات إلى خمسة عشر بيتاً، وقد تزيد على ذلك في بعض الأحيان وينتهي الغزل عادة بأن يذكر الشاعر لقبه الشعري، أو ما يسمى في الفارسية بـ 'التخلص'·
موضوع الغزل هو العشق والحب الذي يسمو بروح الإنسان ويحرك أشواقه للحبيب ومن أجل ذلك تتسم الألفاظ بالعذوبة والرقة والبعد عن الألفاظ النابية والعبارات الداهية، ويبنى الغزل على الأوزان الشعرية التي تحلو موسيقاها للاسماع وتألفها القلوب والطباع·
ويتحدث المؤلف عن موضوع الديوان، مشيرا إلى أنه عاش في القرن السابع الهجري في وقت كانت الثقافة الإسلامية قد أخذت تتجه اتجاهًا عقلياً محضا تحت تأثير الفلسفة الإغريقية وتبتعد عن الروح كمصدر للهداية الانسانية، بينما أخذ التصوف من ناحية أخرى، يدعو الناس إلى الاستسلام والخنوع وإلى ترك الدنيا والعزلة عن الناس·
في هذا المناخ، راح جلال الدين يدعو الناس من جديد إلى العشق وإلى طرح الفلسفة جانبا، وإلى الاندماج في حياة عقلية وجدانية كاملة، وكشف عن الأخطاء الفلسفية والكلامية وبين أن المعارف العقلية ليست كاملة بل لا بد لها من العشق، وإلا أصبحت عرضة للفتنة والوقوف في منتصف الطريق والاكتفاء بالعالم عن خالقه وبالعقل عن الوحي، إنما لا بد للمعرفة والعلم من الإيمان الذي حددت النبوة سبيله وأوضحت معالمه·
المزاج السيئ·· موت زؤام
من أجل ذلك كان هدفه أن يخرج الحياة الإنسانية مما أصابها من جمود الوجدان وموت القلب وفقدان الحس الروحي وتدهور القوى المعنوية بسبب الاستغراق في المادة والابتعاد عن مباهج الحياة الروحية، وكان يدرك ان هذا الهدف لن يتحقق، كما يقول جلال الدين في المثنوي إلا بتبديل المزاج 'يشترط تبديل المزاج، وأعلم أن المزاج السيىء موت زؤام'· لكن هذا التبديل لا يتم إلا على أيدي أطباء ربانيين ورجال الحق الذين اختصهم الحق تعالى بخصائص يبدلون بها السيئة حسنة والمرارة حلاوة، والجدب نماء واخضرارا·
الدكتور جمال الدين قدم بعد المقدمة ترجمة لمائة وغزلية من ديوان (شمس تبريز) وهو يقول أنه نقلها إلى العربية اعتماداً على المجموعة التي اختارها من ديوان الدكتور محمد رضا شفيعي كدكني، الأستاذ الجامعي والشاعر الإيراني البارز ونشرها في طهران لأول مرة العام ·1963
واشترط كدكني في الغزليات التي اختارها ان تتميز من حيث الترابط العاطفي والمجال الشعوري بمزيد من التألق والابهار، وأن تتبلور فيها وحدة الموسيقى والنغمات، وأن تحظى من ناحية اللغة والألفاظ الشعرية بمزيد من التناسق وأن تكون معبرة عن الخصائص التي يتميز بها جلال الدين الرومي في ما يتصل بالتجديد في الشكل والقالب، وأن تتميز فيها طرق التصوير والإبداع والروعة، فما كان من غزليات الديوان قد استوفى بعض هذه الشروط جعلها ضمن مختاراته·
اورينت برس