12 ابريل 2010 00:21
البعض يخلط بينها وبين تبدل القناعات
الخيانة درجات.. أبشعها خذلان الوطن
فريق الاتحاد الإلكتروني
الخيانة مصطلح فضفاض، يستخدمه البشر على مستويات عدة، بدءاً بالأشخاص وليس انتهاء بالأفكار لتوجيه تهمة ضد الآخر؛ دون اعتبار أن من حق البشر تغيير قناعاتهم وآرائهم حول أي شيء.
هل مررت بتجربة جعلتك تستخدم هذه التهمة ضد أحد؟ وهل وجه أحدهم لك هذه التهمة بينما الأمر لم يتعدَّ تغيير قناعات وأفكار.
هذه الأسئلة تم طرحها للنقاش على زوار (منتدانا) في موقع جريدة “الاتحاد” ولاقت إقبالا كـثيرا، فقد شـــاهدها (8771) متصفحاً؛ وتلقت نماذج من المشاركات والتعقيبات تميزت بالطرح العميق، ومحاولة تفسير الظاهرة من الناحية النفسية والاجتماعية وهو ما يوحي بالمستوى الفكري المتقدم والنخبوية لفئة القراء الذين تفاعلوا مع الموضوع.
الخيانة = خذلان
لم يجد المتصفح “علي أحمد آل زوع” داعيا لطرح هذا الموضوع، بقوله إن كلمة (الخيانة) تكفي عن التعليق، وهي تحمل المعنى في نفس الكلمة. فيما كان للمتصفحة “العذوب” تفسير أكثر وأبعد من الكلمة بقولها: الخيانة = الخذلان.
وتقول “لا شيء يتحطم سوى الخائن، صورته تنكسر، كتمثال من الرمل ينهار؛ الخيانة هي خذلانك من طرف شخص وثقت به، شخص منحته الثقة على إنجاز شيء ما، وهي ليست مقتصرة على العلاقة بين رجل وامرأة، فبروتس طعن صديقه الرجل أيضا.
مضيفة: “الخيانة خذلان حب، خذلان طموح، خذلان وفاء، خذلان وطن، وكلها خيانة”.
الثابت والمتغير
المتصفح الذي قدم نفسه باسم “فارس”، أكد على أن عدم تنمية القدرات في فهم الحياة هو السبب الرئيسي وراء استخدام البعض منا بشكل متكرر لهذه الكلمة، وهو ما يؤدي إلى حكمنا المسبق على الآخرين وتقييد حريتهم، وحسب رأيه أن من حق أي إنسان أن يغير مواقفه أو قناعاته إذا كانت مبنية على خطأ، وأن ما كان يعتبر في الزمن السابق خيانة، قد يكون اليوم أمراً عادياً.
مضيفا “.. بصراحه هذه الأيام حينما تشاهد الفضائيات لا تجد لهذه الكلمة معنى، فاليوم “البطل” يصبح خائنا وغدا العكس”، وأكد على ضرورة مراعاة التغير في الأفكار والقناعات. وحسب تعبيره “ليس هناك ثوابت بالحياة سوى الدين والوطن والعائلة، وما بعد ذلك أمور تقديرية .بمعنى أن الحياة هي الحياة المهم أن نسعى فيها ونحقق الهدف منها”.
تجربة خاصة
المتصفح “إبراهيم المرزوقي” يروي تجربته الخاصة في التعرض للخيانة بالقول: “أنا أحد الأشخاص الذين تعرضوا للخيانة.. وقد تمثل ذلك في أنني شاركت رفيقا لفترة معينة .. وكنا نرسم أحد الأحلام ونخطط لها، ودفعنا الأموال واجتهدنا وقدمنا التضحيات.. وفجأة ينأى هذا الشخص لوحده لإنجاز هذا الحلم .. ويتعالى علي ويبتعد ويبدأ باتخاذ القرارات منفرداً.
وأرجع المرزوقي أسباب الخيانة إلى عوامل بيئية، مثل المحيط الذي ينشأ فيه الشخص، والأفكار التي تسيطر عليه، وطريقة التربية التي أخذها في البيت والمدرسة، والأشخاص الذين يحومون حوله ويتأثر بهم، فكل هذه العوامل تدفعه للوقوع في الخيانة أو الابتعاد منها حسب البئية، إذا كانت (صحية) أو إذا كانت (تعج بالأمراض النفسية) التي تدفع للوقوع في الخيانة، وأكثر هذه الأمراض النفسية التي تؤدي للوقوع في فعل (الخيانة والغدر) هي: الأنانية المفرطة وحب النفس، والتعالي على الآخرين، وعدم الثقة بالآخرين.
خلل مجتمعي
من جانبه أرجع “محمد ضياء” الظاهرة إلى التحديات التي تعصف بمجتمعاتنا العربية، سواءً كانت هذه التحديات خارجية أو داخلية، مما أثر على الأخلاق الحميدة مثل: الترابط والتآخي، وصلة الأرحام؛ فأفراد المجتمع بجميع شرائحه العمرية أصبحت لا تؤمن ولا تهتم بضرورة الحفاظ على المورثات الأخلاقية التي أرساها ديننا الحنيف والعادات العربية العريقة، وهو ما مهد لأمراض مجتمعية خطيرة مثل الخيانة .
ويقترح ضياء طرح هذه القضايا للحوار والنقاش بصوت عالٍ ومسموع حتى تدلي فيه شرائح مجتمعية عديدة بأفكارها وبالحلول التي لديها للقضاء على تحديات العصر التي نعيشها، والتي أدت حسب رأيه إلى “تفريغ قلوب البشر من المشاعر الحميدة والأحاسيس النبيلة جرياً وراء العولمة والتقدم التقني الذي لم نأخذ منه وحتى يومنا غير قشوره” .
فيما تساءلت “بنت دبي” عن فعل أحد الأزواج بالحديث عبر “الماسنجر” مثلا، بدون علم زوجته يعتبر خيانة؟
فعل لا يتجزأ
ويرى القارئ “ماجد” أن الخيانة مفهوم واحد غير قابل للتجزئة ينجم عن انعدام الوعي والأنانية وعدم القدرة على الصمود في وجه الضغوط أو الإغراءات، وأبشع أصناف الخيانة هي” خيانة الوطن، فالوطن المتمثل في تاريخ الأجداد ومستقبل الأجيال لا مبرر لخيانته بسبب الضغط أو الإغراء الذي هو أمر عابر، أما الخيانة فيترتب عليها أحياناً مصير وطن وليس مصير شخص أو فئة، والإنسان المثقف الواعي الصادق الانتماء تشكل الخيانة عنده بشاعة لا يمكن تصورها.
الخيانة الزوجية
القارئ “عشتار الجزائري” يؤكد على نوع واحد من الظاهرة هو “الخيانة الزوجية” بصفتها فعلا إجراميا قبيحا، لأن الطرف المغدور به مثل الذي يهوي من جبل شاهق إلى الوادي السحيق، فبسقوطه تسقط كل الآمال، والثقة بالشريك، وتظل الضحية “مسكونة بالألم والحيرة وانعدام الثقة” ما يجعلها أسيرة الألم والدموع .
وتمنى “الجزائري” من جميع الخونة أن يعودوا عن الفعل القبيح معتذرين نادمين لإصلاح الصدع الكبير الذي خلفته خياناتهم الهوجاء مستعينين بالشجاعة والحكمة والحلم، ليعلموا أن الوفاء نور، والخيانة ظلام، وشتان بين النور والظلام. وترى “أم حسن” أن نقص الإيمان وضعف الشخصية وفقدان الثقة بالنفس هي الدافع وراء الخيانة الزوجية وليس عدم الثقة بالآخر، معتبرة أنها من “أبشع الصفات والتصرفات التي يمكن للإنسان أن يتصف بها، وهي كوصمة أبدية في حياة الطرفين الخائن والمغدور به، والشخص الخائن يعرف تمام المعرفة ماهية نتيجة خيانته ومع ذلك يستمر فيها لا مباليا بأحاسيس الطرف الآخر” .
الفعل البغيض
من ناحية أخرى يؤكد “وحيد حمودة” أن التمسك بالدين هو عصمتنا من الخيانة باعتبارها فعلاً بغيضاً تأباه النفس السوية، ويأباه الضمير سواء من الذكر أو الانثى، معرفا الخيانة بأنها “كل فعل يقوم به الإنسان في السر متخفيا عن أعين الناس ولو كان سليما لفعله أمام الناس”. ولفت إلى أن “إعطاء العهد” هو المحدد لامكانية اطلاق تهمة الخيانة على الشخص، فلو أعطى لشخص آخر عهداً بالوفاء، ثم خالف هذا العهد، هنا يعد ناقض العهد خائنا. والتجارب حولنا كثيرة في هذا الشأن.
المتصفح “عبد الصمد” يرى أن الخيانة تحدث خللا اجتماعيا في المحيط الذي تحدث فيه، والخائن مريض نفساني لذا يتوجب معالجته لأن قيام شخص بفعل لا يمت الى الانسانية بصلة دليل على مرض نفسي أو حالة من حالات الانحدار في الفساد، نتائجها خراب البيوت، وانتشار الجريمة.