أحمد مراد (القاهرة)
حالة من «الصمت الانتخابي» تشهدها العديد من بلدان العالم التي أوقفت إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والبلدية، في خطوة احترازية للحد من تفشي فيروس كورونا المستجد «كوفيد- 19». وأوضح خبراء، في تصريحات لـ«الاتحاد»، أن تعذر إجراء هذه الانتخابات قد يعزز الاتجاه نحو الاقتراع الإلكتروني ليكون بديلاً للاقتراع التقليدي عبر صناديق الانتخابات، لا سيما في أميركا وأوروبا، واعتبروا أن تأجيل الانتخابات الرئاسية في أميركا احتمال قائم مع انتشار الفيروس بمعدلات كبيرة في جميع الولايات الأميركية، مؤكدين أن تأجيل هذه الانتخابات سوف يكون سابقة هي الأولى من نوعها في التاريخ الأميركي.
أميركا
دفع تفشي فيروس «كوفيد- 19» ولايات أميركية عدة، مثل لويزيانا وأوهايو وجورجيا ونيويورك، إلى إرجاء الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي إلى شهر يونيو المقبل، كما جرى أيضاً تأجيل الانتخابات البلدية في ولاية لويزيانا إلى 25 يوليو.
أما فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في نوفمبر 2020، فتختلف توقعات المراقبين والمحللين بشأنها بين من يتوقع تأجيلها وبين من يستبعد التأجيل نظراً لصعوبات قانونية ودستورية تحول دون التأجيل.
وكان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، أكد في 17 مارس الماضي، أنه قد يتم تأجيل الانتخابات الرئاسية في حال استمرت أزمة فيروس كورونا المستجد، وقال في مؤتمر صحفي مشترك مع الفريق المكلف بالعمل على مواجهة الفيروس في الولايات المتحدة: «الانتخابات حدث فريد، وقد نضطر إلى تأجيلها في حال استمرت الأزمة».
بريطانيا
في 13 مارس، قرر بوريس جونسون، رئيس الوزراء البريطاني، تأجيل الانتخابات المحلية التي كانت مقررة في السابع من مايو المقبل لمدة عام، وكان من المقرر أن يتنافس في الانتخابات المحلية البريطانية نحو 118 مجلساً بريطانياً، إلى جانب ثمانية من رؤساء البلديات المنتخبين مباشرة و40 مفوض شرطة وجريمة.
ولم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تأجيل الانتخابات المحلية في بريطانيا بسبب تفشي الأوبئة، حيث سبق أن تم تأجيلها في عام 2001 بسبب تفشي وباء الحمى القلاعية في البلاد، وهو أول تأجيل للانتخابات المحلية البريطانية منذ الحرب العالمية الثانية.
فرنسا
أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في السادس عشر من مارس المنصرم، عن تأجيل الجولة الثانية من الانتخابات البلدية التي كان من المقرر أن تُجرى في 22 مارس المنصرم إلى 21 يونيو المقبل، وقد شهدت الجولة الأولى التي أجريت في منتصف مارس حضوراً منخفضاً بسبب تفشي فيروس «كوفيد- 19» في البلاد.
إيطاليا
في ظل تفشي فيروس «كوفيد- 19» في إيطاليا بصورة كبيرة جعلتها تأتي في المراكز الأولى من حيث أعداد الوفيات، تشير العديد من التقارير الإعلامية والسياسية إلى احتمال تأجيل موعد انتخابات إقليمية كان من المقرر أن تُجرى خلال أشهر فصل الربيع، وإلى الآن لم يتم الإعلان عن التأجيل بشكل رسمي.
إسبانيا
في خطوة احترازية للحد من تفشي فيروس كورونا المستجد في إسبانيا، أعلنت سلطات إقليم الباسك شمال إسبانيا تأجيل الانتخابات المحلية التي كان من المزمع عقدها، أمس، الخامس من أبريل الجاري، وذلك إلى أجل غير مسمى، الأمر الذي اتفقت عليه جميع الأحزاب السياسية في الإقليم بإجماع الآراء.
صربيا
أعلنت مفوضية الانتخابات في صربيا في السابع عشر من مارس المنصرم، تأجيل الانتخابات البرلمانية والإقليمية والمحلية التي كان من المقرر إجراؤها في 26 أبريل الجاري، إلى أن يتم إلغاء حالة الطوارئ في البلاد بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد.. وأكد فلاديمير ديميتريفيتش، رئيس مفوضية الانتخابات الصربية، أن الاستعدادات للانتخابات ستُستأنف بعد إلغاء حالة الطوارئ، وسيتم تحديد كل المواعيد النهائية المتعلقة بالعملية الانتخابية لاحقا.
بولندا
في بولندا، دعت مرشحة المعارضة للرئاسة، مالجورزاتا كيداوا- بلونسكا، إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية المقرر إجراء جولتها الأولى في 10 مايو المقبل، وإجراء الجولة الثانية في 24 مايو إذا لم يحقق أي مرشح النسبة المطلوبة للفوز بالرئاسة في الجولة الأولى.
ويرفض حزب القانون والعدالة الحاكم في بولندا الذي يتقدم مرشحه الرئيس الحالي، أندريه دودا، في جميع استطلاعات الرأي، أي محاولة لتأجيل الانتخابات، ونقلت وكالة الأنباء البولندية عن نائب رئيس الوزراء، ياروسلاف جوين، قوله: «علينا أن نفعل كل شيء للتأكد من أن الانتخابات يمكن أن تُجرى يوم 10 مايو».
وأكد الرئيس البولندي، أندريه دودا، أنه لن يعقد تجمعات جماهيرية في إطار حملته الانتخابية، وذلك لمحاولة وقف انتشار فيروس كورونا المستجد.
تشيلي
في تشيلي، قرر البرلمان تأجيل الاستفتاء على الدستور الجديد لمدة 6 أشهر، معلناً إجراء الاستفتاء في 25 أكتوبر المقبل بدلاً من موعده الذي كان مقرراً في 26 أبريل الجاري.
ومن المقرر أن يصوت الناخبون في الاستفتاء على ما إذا كانوا يريدون دستوراً جديداً أم لا، ومن يجب أن يصوغ الدستور الجديد، وإذا كانت هناك مسودة لنص جديد، فسيتم طرحه للتصويت مرة أخرى في استفتاء آخر، وتعد صياغة دستور جديد أحد المطالب الأساسية للمتظاهرين الذين خرجوا إلى الشوارع ضد الحكومة في تشيلي منذ أكتوبر الماضي.
بوليفيا
أجلت المحكمة الانتخابية العليا في بوليفيا الانتخابات الرئاسية إلى أجل غير مسمى، وقد كان مقرراً إجراؤها في 3 مايو المقبل، داعية جميع الأحزاب السياسية إلى حوار واسع وتعددي لتحديد موعد جديد للانتخابات الرئاسية.
وكان من المقرر أن ينتخب البوليفيون في الثالث من مايو المقبل رئيساً جديداً خلفاً للرئيس إيفو موراليس الذي استقال وانتقل للإقامة في الأرجنتين، بعد اتهامات وجهت له بالتزوير في الانتخابات الأخيرة التي أجريت في 20 أكتوبر الماضي.
سوريا
قرر الرئيس السوري، بشار الأسد، في 14 مارس تأجيل انتخابات أعضاء مجلس الشعب للدور التشريعي الثالث حتى 20 مايو المقبل، وذلك في خطوة احترازية لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد، وقد كان من المقرر أن تجرى الانتخابات البرلمانية في سوريا يوم 13 أبريل الجاري.
إيران
في إيران، أعلن مجلس صيانة الدستور تأجيل الجولة الثانية من انتخابات الدورة الحادية عشرة لمجلس الشورى إلى 11 سبتمبر المقبل، بعد أن كانت مقررة في 17 أبريل الجاري، وذلك على خلفية تفشي فيروس كورونا في مختلف المحافظات الإيرانية.
الاقتراع الإلكتروني
أوضح الدكتور عمرو هاشم ربيع، الخبير في الشؤون البرلمانية والانتخابية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن تعذر إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية والبلدية في العديد من بلدان العالم بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد قد يعزز الاتجاه نحو الاقتراع الإلكتروني ليكون بديلاً للاقتراع التقليدي عبر صناديق الانتخابات.
وأكد ربيع لـ«الاتحاد» أن أميركا والدول الأوروبية هي الأكثر قدرة على الاتجاه نحو الاقتراع الإلكتروني، بينما الأمر سوف يكون في منتهى الصعوبة بالنسبة للدول النامية والفقيرة التي ترتفع فيها نسب الأمية الأبجدية، فضلاً عن الأمية الإلكترونية، إضافة إلى ميل بعض حكومات هذه الدول إلى تعطيل الحراك الديمقراطي عبر التباطؤ في إجراء الانتخابات. وأشار الخبير في الشؤون الانتخابية إلى أنه يميل إلى أن تأجيل الانتخابات في العديد من بلدان العالم قد لا يزيد على الشهريين المقبلين، متوقعاً أن تُجرى جميع الانتخابات المؤجلة في الفترة بين شهري يوليو وسبتمبر القادمين، لا سيما في حال نجاح هذه الدول في محاصرة الفيروس والحد من انتشاره.
مصــيـر الانتخــــابـــات الأمـــيركيــــــة
حول مصير الانتخابات الرئاسية الأميركية التي تمثل الانتخابات الأهم على مستوى العالم، توقعت الخبيرة في الشؤون الأميركية، الدكتورة نهى بكر، أستاذة العلوم السياسية بالجامعة الأميركية بالقاهرة، أن يتم تأجيل هذه الانتخابات في حالة فشل الإدارة الأميركية في محاصرة فيروس «كوفيد- 19» وانتشاره بمعدلات كبيرة في جميع الولايات الأميركية.
وأكدت الدكتورة نهى لـ «الاتحاد» صعوبة إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر المقبل في ظل تصاعد أزمة فيروس كورونا المستجد وتفشيه بصورة مرعبة في جميع الولايات الأميركية، الأمر الذي يجبر الجميع في أميركا للرضوخ لفكرة تأجيل الانتخابات الرئاسية إلى موعد آخر لاحق.
وأوضحت الخبيرة في الشؤون الأميركية أنه في حالة تأجيل الانتخابات الرئاسية الأميركية، فسوف تكون سابقة هي الأولى من نوعها في التاريخ الأميركي، حيث لم يسبق أن تم تأجيل هذه الانتخابات لأي سبب سواء كان وباءً أو كارثة طبيعية أو حتى حرباً وأعمالاً إرهابية.
ولا يمنح الدستور الأميركي، الرئيس صلاحية تأجيل أو إلغاء الانتخابات، ولا يعطيه حق البقاء في منصبه بعد نهاية فترته الرئاسية ما لم تتم إعادة انتخابه.
وينص الدستور الأميركي على أنه في حال تعذر إجراء الانتخابات الرئاسية، فإن الرئيس يغادر البيت الأبيض مع نائبه، ويتم تطبيق ما يسمى بـ«القواعد الدستورية للخلافة»، وبحسب هذه القواعد، فإن الذي يخلف الرئيس هو رئيس مجلس النواب، وفي حال تعذر ذلك، يكون خليفة الرئيس نائب رئيس مجلس الشيوخ، وفي حال تعذر ذلك، يكون خليفة الرئيس وزير الخارجية.
وبحسب الدستور الأميركي، تقام الانتخابات الرئاسية يوم الثلاثاء، الذي يعقب أول يوم اثنين من شهر نوفمبر كل أربع سنوات، وبإمكان الكونجرس تأجيل الانتخابات لعدة أسابيع، شريطة أن لا يتيح ذلك للرئيس البقاء في منصبه أكثر من فترته الرئاسية.
وأشارت الدكتورة نهى إلى أنه في حالة الإصرار على إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية في موعدها خلال نوفمبر المقبل، فإنها سوف تُجرى إلكترونياً، وسوف يكون التصويت عن بُعد عبر استخدام الوسائل التكنولوجية الحديثة، علماً بأن ولاية كاليفورنيا كانت قد أصدرت تشريعاً قانونياً يسمح بالتصويت عن بُعد عبر الوسائل التكنولوجية.