السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

خلود المعلا ربما هنا!!

خلود المعلا ربما هنا!!
6 مايو 2008 01:56
لم أقرأ شعراً يكاد يلتصق بصاحبه حد التوحد قدر قراءتي لشعر خلود المعلا، ملأت سطورها بهواجسها، كشاعرة ومواطنة وإنسانة وأنثى، وسجلت يومياتها بأقلام عزلتها وغربتها، وسط حالات متنافرة منسجمة، فهي مستقرة وراحلة وغريبة وأليفة ونافرة، مقدمة محجمة، تبحث عن بلادها ''التي لا تعطيني سوى نقطة في هامشها''، و''هذه البلاد لا تأبه بي''، وعن حبيب لا يأتي مع طرق الريح على الأبواب، لكنها تولي وجهها نحو لندن ''تمنحينني بوحاً فضفاضاً، تفتحين بواباتك، فأولي وجهي نحوك كلما أصابني الوقت، في شوارعك أقرأ سيرتي···''· ثم ترتد إلى سنيها ''السنون تتأملني، بلطف تتحسس فعلها فيَّ، تصر على إصابتي بالذبول··''· وبين هذا وذاك تلجأ إلى قراءة الكف ''أنظر إلى خطوط يدي لأزداد ضراوة، فأجد الوقت ما زال مبكراً، لإخفاء فعل القدر··''· خلود المعلا دائمة البحث عن عزلتها، حيث تتجلى المفردات المتآلفة المتنافرة ''متى أنام ملء وحدتي''، تنطلق منها لتلج عوالم أخرى أكثر توتراً واسترخاء· ''ربما هنا''، اسم ديوانها الجديد الذي استقينا منه المقتطفات المقوسة، و''هاء الغائب'' اسم ديوانها السابق، ولو جمعنا العنوانين معاً سنحصل على جملة (هاء الغائب ربما هنا)، إنه اندماج في اللايقين، فإضافة إلى الغياب، يبقى احتمال التواجد، وكأن خلود تتحرك بثقة في دائرة الشك، وهي علامة على عدم الاطمئنان لشيء، وعدم الركون إلى حقيقة، رغم بحثها عنها في جل ما تكتب، وأخالها ستغض طرفها عنها إذا وجدتها، وتكمل المسير بهواجس تمشي على رمال متحركة، لا تملك شيئاً سوى غربتها، هنالك (في لندن)، ''كثيرة هي الأشياء التي أقتنيها فيك''، والاقتناء تملك من نوع آخر، قد يكون أكثر قيمة· لا تأبه خلود المعلا بشكل أو تصنيف ما تكتب، تنساب كجدول لا يعترضه شيء، لا يصب ماؤه في مكان حسي ما، بإرادتها تجعله دائم الجريان، وبإرادتها تجمع كل الماء وتشرب ماء قصائدها· ''ربما هنا''، يجسد حرماناً حقيقياً لأشياء كثيرة، ترغب بها الشاعرة وترفضها، تحلم بها وتحبسها، تبوح بها وتسكت عنها، فلا يرطب تعبها سوى مطر أمها ''تعبي لا حد له، هذه البلاد لا تأبه بي، أمي تملك المطر، ولا فواصل بينهما، في حضنها أخرج من دائرة المحرومين''· ''ربما هنا''، معزوفات على أوتار حالات لا ترتجي تأليف مقطوعة موسيقية، لتبقى حالات تستلذ بإطارها ومحتوياته، حيث الشموخ والانكسار والانطواء والغربة والألفة والانفتاح والهبوط والانطلاق، مفردات تتردد، فلا تكون سوى تناثر حروفها في المساء، تلملمها فيستوي الشعر·
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©