10 ابريل 2010 21:04
لم يترك الطالب المخترع خالد الشمري عالم الاختراعات وهمومه، غير أنه أحب أن يشارك في مسابقة «التاجر الصغير» التي نظمت الأسبوع الماضي في مول دبي، فقد كان لنا لقاء سابق معه حين اخترع وسيلة أثبتت نجاعتها في ربط الدائرة الكهربائية في السيارة بحزام الأمان بشكل يحول من دون إدارة محرك السيارة إذا لم يكن حزام الأمان محكماً. وكان ما دفعه إلى هذا الاختراع حادث سير قوي جرى مع شقيقه. خالد يتابع المرحلة الثالثة من اختراعه هذا إنما ببطء، فهو بعد أن كرمته شرطة أبوظبي لاختراعه المميز، لا يزال يبحث عن دعم يمكّنه من التقدم بسرعة في المرحلة النهائية ليتطلع إلى أفكار جديدة في عالم الابتكار.
لا ينكر ابن التاسعة عشرة من العمر عدم تكيّفه مع النظام المدرسي، لكن ثمة ما يقوم به وينجح بشكل يشعره بأن هناك قيمة للعطاء وقيمة للاختراعات، وخصوصاً تلك التي تنطلق من التفكير بأساليب تحسن وتسهل حياتنا.
من هذا المنطلق، تقدم خالد للمشاركة في مسابقة «التاجر الصغير. ومن بين 1500 طلب، اختارت لجنة تحكيم 750 منهم ونظم معرض للتجار الصغار في «دبي مول» من 31 مارس إلى 3 أبريل.
«التاجر الصغير» مسابقة سنوية تقام للمرة السادسة هذا العام برعاية سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، من تنظيم برنامج حمدان بن محمد بن راشد لدعم مشاريع الشباب التابع لمؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، إحدى مؤسسات «دائرة التنمية الاقتصادية» في دبي. وتتيح المسابقة للمقبولين بعرض منتجاتهم أو المنتجات التي استقدموها للمتاجرة بها في مرحلة ثانية تسبق اختيار الأفضل بينهم.
ويبدو أن خالد واثق جداً من النتائج التي لم تصدر بعد، والسبب أنه اختار منتجات مميزة بحث عنها كثيراً عبر الإنترنت وطلبها لثقته بأهميتها. ويقول «صحيح أنها منتجات ليست من اختراعي، ولكنها هي الأخيرة اختراعات مفيدة لأنها كلّها منتجات صديقة للبيئة مصادق عليها من جهات معنية عالمياً، استقدمتها من كوريا بعد أن قرأت تفاصيل عنها، ولدي شعور قوي مبني على النتائج التي حقّقتها في المعرض أنني سأتمكن من الفوز في المسابقة».
ويضيف «ليست مشاركتي مشروعاً أعمل لإنجازه كما هو الحال حين أغرق في التجارب لاستكمال المرحلة الثالثة والنهائية من حزام الأمان في السيارة، ولكنه معرض بيع وشراء يحفز روح التنافس بين الشباب ويبدأ بتجار صغار يحلمون بأن يصبحوا كباراً في هذا المجال».
يؤكد خالد أن مشاركته في المعرض مميزة، بسبب المنتجات التي اختارها، ويقول «ثمة الكثير من المنتجات المتشابهة التي عرضها المشاركون، أما المنتجات لدي فكانت بالفعل مميزة بشهادة القيمين على المعرض ورواده، كما أن التعامل مع منتجاتي مختلفة عن المنتجات الأخرى، إذ أنها ليست اكسسواراً يعجب الزائر فيشتريه إنما منتجات تساهم بشكل فعال في المحافظة على عائلته كلها وفي المحافظة على البيئة».
يرفع خالد الشمري بخاخ مياه الدوش في يده ويشرح عنه، فهو ليس ببخاخ عادي إذ يتحمل وزن 550 كيلوجراماً وبالتالي من الصعب أن يتشقق إذا ما وقع فلا يسرب المياه لدى إقفال الصنبور، وقد صنع من السيراميك البركاني، وهو عبارة عن طين بركاني تم تسخينه وتبريده مرات عدة على درجة 4500 سيلسوس، فأصبح كما الحجر وعمله القضاء على البكتيريا والجراثيم والكلور والأملاح التي تؤثر سلباً على جلد الجسم. وبالإضافة إلى ذلك فإن المياه التي تخرج منه صالحة للشرب بشهادة من جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية.
ويشير إلى أن هذا المنتج لوحده يوفر نحو 65 في المئة من استهلاك المياه، كما أن رواسبه بالوسع تمريرها عبر فتحات مصنوعة من الفضة لا تصدأ.
وخالد لم يعرض هذا المنتج أو سواه، من دون تجريبه، ويقول «اشتريت البضاعة في وقت سابق قبل عرضها وجربت كل نوع منها، حتى الكريمات التي تقشر الجلد الميت والمصنعة من مواد طبيعية صديقة للبيئة. لم أترك منتجاً إلا وجرّبته، فكان من السهل عليّ شرح كل منها عن خبرة واطلاع واسع. وحقل تجاربي عمّم على كل سكان المنزل».
ويشير إلى أن أسعار هذه المنتجات قد تبدو باهظة للوهلة الأولى ولكن دوامها يسمح باعتبارها بخسة الثمن، لأنها بالإضافة إلى كونها صديقة للبيئة فهي لا تحتاج إلى تغيير من فترة إلى أخرى.
تغوص مع هذه المنتجات في عالم جديد، حيث يصبح استخدام الصابون والمنظفات الكيميائية موضوعاً منتهياً مع المنديل السحري وكرة الغسيل السحرية، اللذين يوضعان في الغسالة مع الثياب فتنظف من دون استخدام صابون وكيميائيات ومن دون خوف من خشونة الثياب، فالكرة وإن كانت باسمها تضم كلمة السحر، إنما لا علاقة للسحر والشعوذة فيها، لأنها ببساطة هي مصنوعة أيضاً من السيراميك البركاني وبالوسع استخدامها للأبد، فبعد ألف مرة من الاستخدام توضع في الشمس لساعتين فقط فتشحن بالطاقة من جديد ليعاد استعمالها إلى ما لا نهاية، كما أن المنديل السحري مصنوع أيضاً من المواد الطبيعية، وليفة غسيل الأواني وليفة الجسم... أشياء كثيرة إذا ما فكّر المرء بها يكتشف كم يهدر في العادة من مواد كيميائية تصب في البحار وفي الأرض وتؤثر سلبياً على البيئة. وكل هذه المنتجات جرّبها خالد في المنزل فحصل على ثياب نظيفة من دون روائح كيميائية، كما أنها ناعمة ولا تفسد الأقمشة.
وهل يعتبر خالد نفسه تاجراً؟ يقول «ربما بوسعي الاعتبار أنني تاجر صغير، وقد نجحت في بيع منتجاتي وفي إقناع الناس بفائدتها».
ويضيف «أنا مهتم بهذه المنتجات لأنها بالفعل صديقة للبيئة، وأتمنى أن أضيف إلى عالم الاختراع الذي لا أحب الابتعاد عنه عالم إدارة الأعمال التجارية بمنتجات مميزة ومفيدة».
عندما سألته لماذا يخفي دائماً سنّه الحقيقي ويتحاشى الإجابة بصراحة عنه، وجدته يقول بصراحة مطلقة «سأوافق على البوح بعمري كي لا أكذب.. ولكنني لطالما تجنبت الإجابة عن هذا السؤال لأن الكثيرين قد يقللون من أهمية اختراعاتي وتجارتي الحديثة إذا ما عرفوا أنني لم أتجاوز التاسعة عشر من عمري».
ويقول «عدم تلاؤمي مع النظام المدرسي لم يمنعني من المتابعة وإن رسبت مرة بالعلامات أعيد المحاولة، لأنني آمل هذا العام أن أنهي المرحلة الثانوية وإن متأخراً لأنني أحلم بأن أسافر إلى الخارج وأتابع تعليمي العالي في المجال الذي أحبه كي أعود إلى بلدي وأفيده».
ويشير إلى أنه يحب الاستغراق فيما يقوم به ويحبه، فكما كان يحاول ويجرب من أجل اختراعه لحزام الأمان لربطه بدائرة محرك السيارة من دون أن يشعر بمرور الوقت، كذلك فعل مع معرض «التاجر الصغير»، ويقول «لقد فكرت أنا و11 من زملائي أن نتقدم معاً للمعرض بشكل أتاح لنا أن نحصل على جناح كبير عرضنا فيه جميعنا للمنتجات التي اختارها كل منا، فنجحنا في الخطوة الأولى المتمثلة باتحادنا من أجل قوتنا، كما أننا جميعاً التزمنا بدوامات المعرض، إذ أننا كنا نعمل يومياً من الساعة التاسعة صباحاً وحتى منتصف الليل، لنعود ونقوم بحسابات اليوم بدقة، ولم نكن ننام بشكل جيد بسبب ذلك، ولكنني لم أهتم لأنني ،كنت بالفعل، متحمّس لفكرتي في التجارة».
يحلم خالد أن تفتح الأبواب أمامه، لأنه لا يريد الابتعاد عن عالم الاختراعات، وهل هي مقفلة؟ يقول بصراحة «من الصعب علي أن أتمكن من أخذ موعد مع وزير معني .
وقد حاولت مراراً وجلّ ما أريده هو شرح وتفسير ما أقوم به كي أحصل على الدعم الذي أحتاجه للاستمرار والعطاء والإفادة. وأعتقد عبر الاتحاد، سأتمكن من تقديم طلبي للموظفين بعدم إهمال ما أقدمه وما أود عرضه، لأنني متأكد أن أصحاب الشأن سيتحمسون بدورهم لما يقوم به الشباب في وطننا ولطالما قدموا كل الدعم والتشجيع لنسير قدماً إن شاء الله».
المصدر: دبي