عبير زيتون (دبي)
يقول آينشتاين: «إذا كنتم تريدون أطفالكم أن يكونوا أذكياء فاقرؤوا لهم قصصاً خيالية، وإذا كنتم تريدون أن يكونوا أكثر ذكاءً فاقرؤوا لهم مزيداً من القصص الخيالية»، فالطفولة دون كتب ليست طفولة، من دونها أنت تنفصل عن مكان سحري، حيث يمكنك العثور فيه على أغنى فرح.
من هذا البناء المعرفي، يجيب الكاتب الكويتي حسين المطوع، الفائز بجائزة الشيخ زايد للكتاب في دورتها الـ 13- فرع أدب الطفل والناشئة، عن سؤال «الاتحاد»، عن المغزى من القراءة للطفل، والحكمة منها في تغذية خيال السؤال لدى براعم الطفولة.
القراءة أسلوب حياة
ويقول المطوع: «الهدف الأساسي والآني من قراءة الكتب للطفل بناء المخيلة، المخيلة بمثابة العمود الفقري للعقل، إذا نضجت نضجت معها بقية الوظائف الذهنية، ومن خلال تعويد الطفل على القراءة، نحن نمهد له الدرب ليخوض هذه التجربة المعرفية حين يكبر لتصبح القراءة أسلوب حياة له».
ويرى صاحب قصة «أحلم أن أكون خلاط إسمنت»، في عملية الخيال والتخيل، حالة أصيلة لدى الطفل، وهي مرتبطة ارتباطاً جوهرياً بفعل التساؤل الذي يمارسه طوال يومه منذ تمكنه من النطق.
ويضيف: «الجزئية الأهم هي أن نعرف كيف نتعامل مع تساؤلات الطفل وكيف نوجهها لتوسيع نظرته للعالم، ولدينا القصص والحكايات، لكن يجب علينا عدم الإفراط في أهمية القراءة إلى درجة إلغاء جوانب أخرى لا تقل أهمية في حياة الطفل، مثل الألعاب، خصوصاً إذا أخذت اللعبة طابع اللغز والمغامرة، فباستخدام المخيلة يواجه الطفل العقبات التي يلاقيها في اللعبة، ويحاول تجاوزها.
حكايات ومفارقات
حول سبب اختيار عنوان قصته تحت مسمى «لماذا أحلم أن أكون خلاط إسمنت» الصادرة عن «دار الحدائق» وليس طبيباً أو مهندساً كما هو مألوف في الأحلام العربية، يقول الفائز بجائزة زايد للكتاب- فرع أدب الطفل والناشئة: «اعتمدت قصة «أحلم أن أكون خلاط إسمنت» على أنسنة الآلة، وجعل الشاحنات البنائية شخصياتها، بحيث تدور الأحداث حول الشاحنة الطفل (هَدام) الذي يرفض أن يسير على خطى أسرته بعملهم في الهدم، فيصبح حلمه في الحياة أن يتحول إلى خلاط إسمنت. وبين الرغبة والواقع تتولد حكايات ومفارقات وتحولات، سعياً لتحقيق حلمه. فهل ينجح؟ هذا ما تعالجه القصة». أما بخصوص الهدف من القصة، فيقول المطوع: «هذا السؤال متروك للقارئ. فليس من وظيفة الكاتب أن يكشف عن المعنى الذي أراد إيصاله من خلال النص، لأن في ذلك مصادرة لحق القارئ في الفهم واستخراج المعاني الخاصة به».
وعن مكانة الكتاب في حياته، وهو كاتب قصة، ومصور فوتوغرافي كويتي من مواليد (1989)، وحاصل على بكالوريوس أدب ونقد إلى جانب دراسته الفلسفة ونال عدة جوائز، يؤكد المطوع بالقول: «أحب القراءة، وأشعر بالرضى مع ساعات القراءة، فالكتاب بالنسبة لي أداة معرفة، ولا شيء أقل من ذلك. ولهذا دائماً ما أدعو إلى القراءة المنهجية، فهي القراءة التي من خلالها يتشكل وعي القارئ، ويظل فكره في نمو وتطور مستمرين، وهي مختلفة عن القراءة بقصد الحصول على المعلومة المباشرة من السطح».
ويتابع: «لا أحب أن أدعو نفسي (قارئاً»، فهي ليست هوية، ولا وظيفة، ولا ممارسة مميزة يُصنف المرء من خلالها، فأنا لا أرى القراءة هواية ولا ممارسة للترفيه أزجي فيها وقتي للمتعة، بالنسبة لي تتحقق المتعة القصوى في القراءة لحظة الانكشاف، اللحظة التي تنفرج فيها إشكالية فكرية أو أتوصل فيها إلى رؤية مختلفة».
القراءة معرفة
وعن الكتاب الذي أثر في حياته، يقول مؤلف قصة «تراب»: «أنا أقرأ مذ كنت في السادسة من عمري، في المرحلتين الابتدائية والمتوسطة قرأت ما يسمى بـ (روائع الأدب العالمي) مثل رواية (جزيرة الكنز) و(حول العالم في ثمانين يوماً) و(رجال وفئران) وغيرها، كما قرأت عشرات الأعداد من سلسلة (المغامرون الخمسة) المصرية، قرأت مجلات (ماجد) و(أحمد) و(ميكي) و(العربي الصغير). كبرت وبدأت بقراءة الكتب الدينية وكتب السيرة والتاريخ، في المرحلة الثانوية امتلكت دواوين أهم شعراء العرب من العصور الجاهلية والأموية والعباسية. في مرحلة الجامعة توجه تركيزي إلى قراءة كتب الفلسفة والنقد بجانب الروايات، ولا أزال حتى الآن على هذا الدرب، وفي السنتين الأخيرتين زاد اهتمامي بقصص الأطفال، خصوصاً بعدما كبرت ابنتي، وصارت في عمر القراءة، فقرأت الكثير من قصص الأطفال العربية والأجنبية، لكن دائماً ما أؤكد هذه النقطة، وهي أن القراءة ليست بالكم، ولا فائدة من تراكم كميات القراءة ما لم تكن مصحوبة بأدوات يتعامل من خلالها القارئ مع النص ويفكك مفاهيمه ويستخرج معانيه».