14 يونيو 2009 02:56
لم تكن مجرد مصادفة أن يختار نائب الرئيس السابق ديك تشيني «معهد أميركان إنتربرايز» الشهر الماضي منبراً يوجه منه دفاعه العلني عن سياسات إدارة بوش الخاصة بالأمن القومي، في جميع جوانبها وقراراتها وممارساتها. فقد كان للمعهد المذكور تأثير كبير في ظل إدارة بوش، وساهم في إطلاق الكثير من مبادرات الأمن القومي، بما فيها مبادرة استراتيجية زيادة عدد القوات التي طبقت في العراق خلال العامين الأخيرين من سنوات الحرب. غير أن هذا الدور ربما يتراجع الآن في عهد إدارة أوباما، ليحل محله مركز New American Security الذي يتوقع له أن يكون المؤسسة البحثية الرائدة في مجال الشؤون العسكرية والدفاعية والأمنية. وقد أنشئ هذا المركز في عام 2007، إلا أنه تمكن من الدفع ببعض عناصره إلى مناصب قيادية في الإدارة الجديدة. فقد عين رئيسه السابق «مايكل فلورني» وكيلا للسياسات الدفاعية في وزارة الدفاع. ومن بين كبار الشخصيات العاملة فيه: جون نيجال -الذي ساعد في إعداد مسودة مرشد مكافحة التمرد الخاصة بالجيش، وكذلك ديفيد كلكولين -المستشار السابق للجنرال ديفيد بترايوس. يذكر أن هذا المركز أكمل إعداد تقرير يتألف من 31 صفحة حول كل من أفغانستان وباكستان، قصد منها أن تكون عوناً لفريق أوباما في كيفية تحقيق هدفه الخاص بتفكيك وهزيمة تنظيم «القاعدة»، وطرده من ملاذاته الآمنة في كلتا الدولتين.
ففي هذا التقرير الذي حمل عنوان «أولويات الأمن القومي: العام المقبل في باكستان وأفغانستان» يقول المشاركون في إعداد التقرير: أندرو إكسوم، وناتانيل فك، وأحمد حميون، وكلكولين، إن واشنطن تخسر سلفاً حربها الدائرة في أفغانستان وباكستان. وبدلا من الجهود الجارية الآن، حدد المؤلفون أربع أولويات من شأنها عكس الاتجاه السلبي الحالي للحرب، حسب رأيهم. ففي أفغانستان ينبغي على الولايات المتحدة الأميركية إنجاز مهمتين رئيسيتين: حماية المدنيين من الهجمات التي يتعرضون لها، بما فيها الخسائر الناجمة عن الضربات الجوية الأميركية، وشن حملة على الفساد، من أجل استعادة كسب ثقة المواطنين في حكومتهم. أما في باكستان، فهناك أولويتان لابد من القيام بهما: الحد من الضربات الجوية الأميركية، لكونها تخلق حالة من «ذهنية الحصار» بين المدنيين -على حد وصف المؤلفين- أولا. وثانياً: تحويل المساعدات المالية والعسكرية الموجهة إلى الجيش وأجهزة المخابرات الباكستانية إلى قوات الشرطة. وقد لوحظ مؤخراً توجيه العديد من الانتقادات لمركز New American Security بسبب ما قيل عن إفراطه في تسليط جهوده على مبدأ مقاومة التمرد، وكأنه الجانب الوحيد الجدير بالاهتمام بين مجمل سياسات الأمن القومي. غير أن تلك الانتقادات لم تقلل من أهميته وتنامي تأثير المركز على مجال سياسات الأمن القومي. وبالأمس كان الجنرال ديفيد بترايوس، متحدثاً رئيسياً في مناسبة الإعلان الرسمي عن تقرير «أولويات الأمن القومي» المذكورة أعلاه. ولهذا الاختيار علاقة بما للجنرال بترايوس -بصفته رئيساً للقيادة المركزية المشتركة للجيش- من سلطات وصلاحيات فريدة في اتخاذ القرارات الخاصة بميادين المواجهات الدائرة في أفغانستان وباكستان.
كارلوس لوزادا
محلل سياسي أميركي ينشر بترتيب خاص مع خدمة «لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست»