يميل الأحداث، الذين يعانون من مشاكل نفسية واجتماعية، إلى استخدام العنف في حياتهم، بحسب ما يتفق متخصصون حذروا من تزايد أعداد المشاجرات التي يستخدم فيها السلاح الأبيض، على الرغم من التأكيد على أن مشكلة الاعتداء باستخدام الأسلحة البيضاء ما تزال محدودة العدد والتأثير. بيْد أن مراقبين يعتبرون هذه المشاجرات التي تنشب بين فينة وأخرى «جرس إنذار» للتحذير من آفة العنف التي تتفشى شيئاً فشيئاً في المدن الكبيرة المختلطة. ويلقي هؤلاء المتخصصون باللائمة على الأسرة في المقام الأول، ثم ينتقدون دور المدرسة والشارع ووسائل الإعلام في تفاقم هكذا ممارسات، سواء بعدم التنبيه إلى خطورتها أو بالترويج لها.
تؤرق قضايا المشاجرات والاعتداء بالسلاح الأبيض مضاجع مسؤولي أمن وتربويين وأولياء أمور، رغم تشديدهم على أنها ما تزال في طور المشكلة ولم تتحول بعد إلى ظاهرة، محذرين من تجاهل جذورها التي تبدأ بالأسرة ولا تنتهي عند المدرسة والشارع ووسائل الإعلام.
وبحسب مسؤولين شرطيين، فإن قضايا الاعتداء بالسلاح الأبيض سجلت «انخفاضاً ملحوظاً» خلال العام الماضي 2012، لكن هؤلاء المسؤولين لم يحددوا نسبة الانخفاض تلك أو أعداد القضايا المحولة إلى المحاكم، إلا أنهم عزوا «الانخفاض» إلى البرامج الأمنية والتوعوية التي تنفذها مديرات الشرطة والجهات المعنية على مدار السنة.
وكانت مختلف الجهات الشرطية بالتعاون مع مؤسسات إعلامية ومناطق تعليمية باشرت قبل عامين بتنفيذ حملات توعية بأخطار السلاح الأبيض وضرورة مراقبته، إلا أن «رأس المشكلة»، بحسب مراقبين، يتمثل في عدم وجود تعريف محدد للسلاح الأبيض، ثم في عدم وجود قانون يجرم حمله أو ينظم عملية دخول وتداول الأسلحة البيضاء.
ودأب مسؤولون وتربويون على التأكيد أن معالجة مشكلة المشاجرات بالأسلحة البيضاء تتطلب جهوداً من جهة رقابية على بيع هذه الأسلحة، وجهة تنفيذية تنفذ حملات ضبطها، وجهة تشريعية تصدر قوانين تمنع استخدام وانتشار وبيع الأسلحة البيضاء، فضلاً عن الدور التوعوي لأولياء الأمور والمدارس ووسائل الإعلام.
وكانت وزارة الداخلية أعلنت في مايو 2011 أنها تعد مسودة مشروع قانون ينظم عملية دخول وتداول الأسلحة البيضاء في الدولة، وذلك بمشاركة وزارات الاقتصاد والعدل والبيئة والمياه، إضافة إلى الهيئة الاتحادية للجمارك ودائرة القضاء في أبوظبي، والقيادات والإدارات العامة للشرطة بالدولة كافة، وعدد من المعنيين.
تتركز في المدن
وقال العميد خليل ابراهيم المنصوري مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية بشرطة دبي في حديث لـ «الاتحاد» إن «الانخفاض الذي تم تسجيله خلال العام 2012 يدفع للقول إن هذا النوع من الجرائم يكاد يختفي».
وأوضح العميد المنصوري أن إدارته سجلت 43 بلاغاً لجرائم السلاح الأبيض خلال السنوات الثلاث الماضية في دبي، حيث سجل عام 2009 حوالي 5 بلاغات، فيما سجل عام 2010 حوالي 26 بلاغاً، و17 بلاغاً في عام 2011، وبلغ عدد المتهمين في قضايا السلاح الأبيض 168 متهماً من مختلف الأعمار.
وتشي الإحصائيات المذكورة بتركز انتشار المشاجرات التي يستخدم فيها السلاح الأبيض في مدن كبرى ذات كثافة سكانية عالية واختلاط كبير، وهو ما أكده العميد محمد أحمد بن غانم القائد العام لشرطة الفجيرة الذي قال إن المشاجرات الشبابية وغيرها لا تشكل ظاهرة في إمارة الفجيرة، مشيراً إلى أن عددها ربما لّما يتجاوز أصابع اليد الواحدة خلال خمس سنوات.
وأوضح القائد العام لشرطة الفجيرة أن المشاجرات بين الشباب بالأسلحة البيضاء ممثلة بالسيوف أو السكاكين التي تتعامل مع شرطة الإمارة لا تزيد عن حادث واحد في العام أو العامين، عازياً ذلك إلى طبيعة المجتمع المتماسك في الفجيرة بحكم وجود قبائل يعرف بعضها بعضاً، وعدم وجود كثافة سكانية متنوعة مثل الإمارات الأخرى.
ويلعب وجهاء القبائل في المناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة دوراً في احتواء أي خلافات قد تتطور إلى مشاجرات، حيث بيّن مسعود جاسم العبدولي، وهو مواطن من مسافي، أن منطقته شهدت مشاجرات في وقت سابق، نتج عنها إصابات خفيفة ومتوسطة، قبل أن يتم احتواؤها من وجهاء المنطقة وكبارها.
وتؤكد ذلك سجلات محكمتي جنايات واستئناف الفجيرة التي تظهر الحكم في قضيتي مشاجرة خلال عامي 2011 - 2012 راح ضحيتهما شاب مواطن وآخر يمني الجنسية، في حين كانت المشاجرات الأخرى محدودة للغاية.
وأكد الدكتور محمد عبد الله بن سعيد مدير منطقة الفجيرة الطبية محدودية الحالات المصابة نتيجة شجار بالأسلحة البيضاء التي تستقبلها أقسام الطوارئ سواء في مستشفى الفجيرة أو دبا أو مسافي وغيرها.
سلوك غير عقلاني
واعتبر مدير الإدارة العامة للتحريات والمباحث الجنائية بشرطة دبي أن الاستخدام غير المشروع للسلاح الأبيض يعد سلوكاً غير عقلاني غالباً ما يلجأ إليه الأشخاص غير المتوافقين شخصياً واجتماعياً ونفسياً مع محيطهم الخارجي، بحيث يكون رد فعلهم قوياً وعنيفاً تجاه أي موقف، لا سيما في وجود سلاح أبيض في حوزة مثل هؤلاء الأشخاص.
وعزا العميد المنصوري جنوح بعض الشباب لاستخدام السلاح الأبيض، والتعرّض إلى زملائهم، إلى إدمان الألعاب الإلكترونية، ومشاهدة الأفلام الأجنبية التي يشجّع كثير منها على استخدام العنف، واللجوء إلى السلوك غير السوي في علاقاتهم مع الآخرين.
وذكر أن شرطة دبي عمدت منذ سنوات إلى تكثيف الدوريات الأمنية في المناطق السكنية ومراقبة التجمعات الشبابية غير المألوفة وضبط من تكون بحوزتهم أسلحة بيضاء في مسعى منها للتصدي لهذه الفئات قبل ارتكابها أي فعل إجرامي.
وحذر من خطورة استخدام الأسلحة البيضاء في محاولات استعراض القوة أمام الآخرين، خصوصاً في مواقع تجمع الشباب في المراكز التجارية، والأحياء السكنية، مؤكداً أن تحريات دبي لن تتهاون مع كل من تسول له نفسه الاعتداء على سلامة الآخرين.
ولفت إلى أن وجود مثل هذه الأسلحة في حوزة الجاني قد يؤخذ كدليل على وجود النية الإجرامية وبالتالي تشدد العقوبة بحقه، مطالباً المواطنين والمقيمين بإبلاغ الشرطة عند ملاحظة سلوك من هذا النوع.
وانتقد العميد المنصوري سلوك بعض الشباب الذين يعتقدون أنّهم باستخدامهم السلاح الأبيض يفرضون هيمنتهم على أقرانهم ويسيطرون عليهم، ولا يدركون المخاطر السلبية المؤلمة جداً الناتجة عن مثل هذه التصرفات.
ولفت إلى تعليمات كان معالي الفريق ضاحي خلفان تميم القائد العام لشرطة دبي أصدرها في وقت سابق ونصت على ضرورة توقيف كل من يحمل أسلحة بيضاء من الشباب والمراهقين.
وقال إن شرطة دبي شكلت فريقاً خاصاً من ضباط وأفراد التحريات لضبط الشبان الذين يحملون أسلحة بيضاء، والمتسكعين في الشوارع، مطالباً الأهالي وأولياء الأمور بمنع أبنائهم من حمل هذه الأسلحة، حتى لا تكون نقمة عليهم وعلى مستقبلهم، وضرورة مراقبتهم، وسؤالهم عن وجهتهم، خصوصاً إذا كان ذلك في أوقات متأخرة من الليل، حفاظاً عليهم من الانحرافات السلوكية وارتكاب جرائم يعاقب عليها القانون.
برامج توعوية
وأكد العميد المنصوري أن الشرطة لم تكتف بالدور الأمني فقط بل بحثت في مسببات العنف والعمل على الحد من انتشاره عبر الوسائل التوعوية ومد جسور التواصل مع الأسرة والمجتمع من خلال البرامج الأمنية والتوعوية المختلفة.
وقال إن الحملات التي تنفذها شرطة دبي في هذا الشأن تهدف إلى توعية طلبة المدارس والشباب بخطورة استخدام السلاح الأبيض، وتوعية أولياء الأمور بمراقبة أبنائهم ومعرفة أصدقائهم، وتوعية أفراد المجتمع، خصوصاً الشباب، بالعقوبات والمسائل القانونية المترتبة على حمل السلاح الأبيض، والعمل بكل الوسائل للتقليل من جرائمه.
وتتواصل مديرات شرطة في الدولة مع أهالي الشباب من ذوي الأسبقيات، خصوصاً ما يتعلق بالمشاجرات، بهدف توعيتهم وأهمية إبلاغهم عما يريب في سلوك أبنائهم، انطلاقاً من مبدأ درء الجريمة والحؤول دون وقوعها، بحسب ما أكد العميد محمد أحمد بن غانم الكعبي القائد العام لشرطة الفجيرة.
من جانبه، قال المقدم محمد سعيد الفشتي رئيس قسم العلاقات العامة بتحريات دبي إن شرطة دبي تهدف من وراء حملاتها المجتمعية في هذا المجال إلى توعية طلبة المدارس والشباب بخطورة استخدام السلاح الأبيض، وتوعية أولياء الأمور بمراقبة أبنائهم ومعرفة أصدقائهم، وتوعية أفراد المجتمع، وخاصة الشباب، بالعقوبات والمسائل القانونية المترتبة على حمل السلاح الأبيض، والعمل بكل الوسائل للتقليل من جرائمه.
وقال إن الشرطة مستمرة بتنظيم حملات من هذا النوع، لافتاً إلى أن حملة «خطورة استخدام السلاح الأبيض بين طلبة المدارس» التي كانت الشرطة أطلقتها في وقت سابق بالتعاون مع إدارة التوعية الأمنية في الإدارة العامة لخدمة المجتمع، تضمنت مسحاً شاملاً لكل البيوت المهجورة التي يلجأ الشباب إليها أحياناً لكتابة بعض العبارات التي تحمل من العنف اللفظي والتي غالباً ما يستخدمها الشباب وكراً لهم.
ودعا الفشتي الآباء والأسر إلى التعاون مع شرطة دبي في مكافحة ظواهر العنف بين الأحداث من خلال مراقبة سلوكياتهم والتدخل لتقويمها في حالة وقوع خلافات عارضة مع أقرانهم.
وطالب الآباء بالتعاون مع الشرطة لمواجهة هذه الإشكالية من خلال إبلاغها بالمشكلة في بدايتها، مؤكداً أنه تم تسيير حملات في المناطق السكنية لضبط المراهقين الذين يحوزون أسلحة بيضاء، ومنعهم من ارتكاب أي تجاوزات تهدد سلامتهم وحياة الآخرين.
الأسرة هي الأساس
وتحرص شرطة دبي على التعاون مع المؤسسات المجتمعية انطلاقاً من الأسرة للتصدي لاستخدام السلاح الأبيض خاصة من الأحداث وأصحاب السوابق.
وشدد العميد المنصوري على أهمية دور الأسرة والمدرسة والمؤسسات الاجتماعية الأخرى في تقويم الفرد وخاصة الأحداث وحمايتهم من التصرفات الشاذة وحملهم على نبذ العنف، كما شدد على دور الأسرة بصفتها المؤسسة التربوية الأولى في تنشئة الأجيال ليكونوا أفراداً صالحين.
وأضاف المنصوري أن نشوب العنف بين الشباب والطلبة، يعود لغياب الحوار الإيجابي الأسري بين الآباء والأبناء، ما يولّد لدى بعضهم شعوراً بالحقد والكراهية لكل من يحيط بهم، ويدفعهم إلى التنفيس بطرق سلبية عن هذه المشاعر ضد الآخرين.
ولفت إلى أن من الأسباب الأخرى عدم التزام البعض من الشباب والطلبة بالقوانين واللوائح المعمول بها في الدولة، ومحاولات استعراض قوتهم أمام زملائهم وأصدقائهم في مواقع تجمّع الشباب بصورة منافية للسلوك السويّ، ما يسبب نشوب مشادات كلامية، تتصاعد تدريجياً حتى تتحول إلى شجارات، تنتهي بصاحبها إما إلى الموت أو الإصابة أو دخول السجن.
لا تشكل ظاهرة
واتفق مواطنون ومسؤولون على أن المشاجرات بالأسلحة البيضاء لا تعد ظاهرة في دولة الإمارات، إلا أنهم طالبوا بضرورة التنبيه إلى خطورتها ومعالجتها من جذورها قبيل استفحالها.
وذكر عبيد خلفان أحمد من دبا الفجيرة حدوث مشاجرات شبابية في منطقته لكن ليست بكثرة وتكون خلفياتها دائما شخصية بين الشباب ومشكلات عاطفية.
واستذكر المشاجرة الأولى والأخيرة التي شهدها في حياته، قائلاً إنها نشبت قبل 5 سنوات، وكانت بالسيوف بين 10 شباب ونتج عنها إصابات متفاوتة.
وطالب سعيد حمد الريامي من الفجيرة بوجود توعية تشارك فيها مؤسسات عدة منها الشرطة ثم المؤسسات التربوية والإعلام لإقناع الشباب بعدم سلوك هذا المسلك المؤذي والذي يلحق أضرارا بالغة بالمجتمع والشباب أنفسهم.
وأقر الدكتور محمد مراد عبدالله مدير مركز دعم اتخاذ القرار بشرطة دبي أن جرائم حمل واستخدام الشباب للسلاح الأبيض ليست متفشية، إلا أنه حذر من استمرار غض الطرف عنها.
وشدد الدكتور محمد مراد على أن جرائم السلاح الأبيض بشكل عام لا تشكل ظاهرة، ولا تخرج في مجملها عن قضايا بسيطة ومتفرقة، إلا أن الخطورة تكمن في النتائج التي تترتب على استخدام هذه الأسلحة من الإضرار بأمن وأمان الآخرين وترويعهم، فضلاً عن سهولة الحصول على الأسلحة البيضاء من قبل فئة الشباب تحديداً، الذين يسارعون إلى اقتنائها لاستخدامها بشكل غير مشروع، سواء لأخذ حقهم من الآخرين بالقوة، أو لتخويفهم، وتهديدهم، وإرهابهم.
وقال إن هذه الشريحة من الشباب تنتمي إلى أسر لا تبالي بالقيم، ولا تحترم الآخرين، وتغلب عليهم الرعونة، والاستهتار، والبلطجة.
ولفت إلى أن معظم الشباب الذين يرتكبون جرائم باستخدام السلاح الأبيض هم من العاطلين من العمل، وممن تربوا في أسر مفككة، ولم يحصلوا على قدر كاف من التعليم.
وعزا أسباب لجوء الشباب إلى المشاجرات باستخدام الأسلحة البيضاء إلى تخلي بعض الأسر عن مسؤوليتها الرئيسية في تربية الأبناء، وإهمال متابعتهم ومراقبتهم، وتقويم سلوكيات بعضهم المعوجة، خاصة في فترة المراهقة الحرجة.
عنف الأحداث
ودعا الدكتور محمد مراد إلى ضرورة توجيه الأسرة لتنشئة الأبناء بشكل سليم، لا سيما أن غالبية انحرافات الشباب تعود إلى التفكك الأسري، لافتاً إلى أن دراسات وأبحاث عدة أظهرت أن عنف الأحداث يعود بالدرجة الأولى إلى الأسرة بالدرجة الأولى والمدرسة ورفاق السوء ومشاهد العنف في الفضائيات، مشدداً أن التربية ركن أساسي للسلوكيات، سواء للأطفال أو الأحداث أو الشباب.
وقال: لا بد أن نوجه الأسر إلى أهمية تنشئة الأبناء بشكل سليم، لأن التفكك الأسري يعد عاملاً رئيساً في جنوح الأحداث، إلى جانب ذلك لابد من منع ألعاب الأطفال العنيفة التي تباع بسهولة في الأسواق، والتي تنمي الحس العدائي فيهم.
واستدرك: «على الأسر أن يكون دورها دينياً وتربوياً، وأن توجه الأبناء منذ الصغر إلى المسموح به من الممنوع، وتنبههم إلى العقاب القانوني الذي ينتظر المخالف منهم، منبهاً إلى أن علامات الإنذار المبكر الدالة على إمكانية استخدام الشباب للأسلحة البيضاء تظهر من خلال الرغبة الجامحة وغير الطبيعية في تملك الأسلحة والألعاب النارية منذ الصغر، وكذلك اتباع الطرق العنيفة في اللهو واللعب والتعدي على الحيوانات وإيذائها، والانهزامية والإحساس باليأس، والخروج المستمر مع الأقران والسهر حتى أوقات متأخرة خارج المنزل».
ورأى ضرورة تحميل أولياء أمور الشباب مستخدمي السلاح الأبيض مسؤولية قانونية في الجرائم التي يرتكبها أبناؤهم، لأنهم سمحوا لهم بحمل مثل هذه الأسلحة وارتكاب الجريمة، مشدداً على أن الأحداث يحتاجون إلى رعاية مركزة من قبل الأهل، خصوصاً الأطفال دون سن العاشرة، الذين لا يجوز السماح لهم بالخروج من دون رقابة أو التجول ليلاً، لأن ذلك يعرضهم لخطورة كبيرة.
ولفت إلى أهمية إعداد دراسات وبحوث تبحث في خصائص مستخدمي السلاح الأبيض والأسباب الذاتية والمجتمعية التي دفعت الأحداث لاستخدامه والتعرف إلى نوعية الجرائم التي يقوم الأحداث بها.
الرقابة في المدارس
كما لفت إلى أهمية تشديد الرقابة على المدارس لمنع الطلاب من حمل أي نوع من السلاح الأبيض، حتى لو كان ذلك على سبيل اللعب والعبث، مشيراً إلى أن ذلك سيكون له دور في مكافحة هذا النوع من الجريمة. ورأى مدير مركز دعم اتخاذ القرار أن إدراج الأسلحة البيضاء وتغليظ العقوبات على مستخدميها، بصرف النظر عن صغر أعمارهم، في القانون الإماراتي، سيسهمان بشكل كبير في ردع مرتكبي تلك الجرائم. واعتبر أن تجريم حيازة السلاح الأبيض في الدولة، ووضع الضوابط على استيراده وتصديره، سيشكلان كذلك أساساً قوياً لمعالجة هذه المشكلة والحد منها، مشيراً إلى ضرورة منع بيع تلك الأسلحة من سيوف وما شابهها من دون ضوابط.
وأردف لابد من معاقبة الجهات التي يقوم أصحابها بإدخال هذه الأدوات إلى الدولة، التي لا تدخل ضمن الاستخدامات المنزلية، أو المتعارف على استخدامها في أمور غير إجرامية، حيث إن السلاح الأبيض لا يعني السكاكين فحسب، بعدما اختلفت أوزانه وأحجامه وأشكاله، وتنوعت مصادر الخطورة منه، كما يجب تنبيه، وتحذير وإغلاق المحال، أو الأماكن التي توجد بها مثل هذه الأدوات الخطرة، والتي تبيعها لمن يريد من دون قيد أو شرط.
قانوني: لا تعريف محدد للسلاح الأبيض
أكد حسن جمعة الرئيسي المحامي والمستشار القانوني، عدم وجود تعريف محدد للسلاح الأبيض في القانون رقم (3) لسنة 2009 ، في شأن الأسلحة والذخائر والمتفجرات، عازياً ذلك إلى صعوبة حصر السلاح الأبيض، وأيضاً لعدم التمكن من حظره في معظم الأحيان أو الحد من استهلاكه.
وبين المحامي الرئيسي أن القانون المشار إليه عرف في مادته الأولى السلاح المقصود بهذا القانون بأنه يشمل السلاح الناري والهوائي والصوتي والضوئي وسلاح الصيد والسلاح الأثري والكهربائي. وأشار إلى أن السلاح الأبيض يكون في معظم الأحيان عبارة عن معدات استهلاكية يومية كالسكاكين والسواطير وبعض القطع المعدنية والخشبية، أو الخناجر والسيوف التي كانت من آلات الحرب والدفاع عن النفس في الماضي، إلا أنها تحولت اليوم إلى معدات تراثية، ويتم تبادلها كهدايا في المناسبات وتباع في المحال التراثية ويتباهى بحملها المواطنون في الاستعراضات الشعبية. وتابع: بعض البلديات تحظر بيع بعض المعدات المعدنية المعدة للضرب ولكن مع الأسف نشاهدها لدى بعض الأفراد الخارجين عن القانون أثناء ارتكابهم جرائم اعتداء مباشرة على جسم الآخرين.
ورداً على سؤال حول أنواع قضايا السلاح الأبيض، أكد الرئيسي أنه لا يوجد نوع معين لهذه القضايا حيث لا يمكن حصرها على أعمار معينة، وإن كان يغلب عليها في الآونة الأخيرة استخدام بعض السيوف وما شابه من قبل أشخاص تتراوح اعمارهم بين 14 و30 سنة، ومعظمها تكون ناتجة عن شجارات بسيطة وتقليداً لبعض الأفلام. وأوضح أن معظم هذه القضايا لا تكون الأسباب المباشرة لها هي الاعتداء على جسم الآخرين، ولكن تكون لأسباب أخرى كالخلاف على مسائل مالية أو عائلية، والمشرع الإماراتي شدد في العقوبة في حالة الاعتداء على جسم الإنسان بحيث تصل أحكامها في بعض الأحيان إلى سنوات طوال وفي حالة القتل تصل العقوبة إلى الإعدام. وحول مقدار الردع في الأحكام القضائية التي تصدر بحق مرتكبي هذه الجرائم، أكد الرئيسي أن تقدير الردع من عدمه بالنسبة لمرتكب الجريمة بواسطة السلاح الأبيض يخضع لنفسية المتهم فالبعض يرتدع والآخر يكمل اعتداءه حتى على زملائه في السجن، داعياً إلى متابعة مرتكبي هذا النوع من الجرائم وتأهيلهم نفسياً حتى أثناء محكوميتهم، لأن تأهيل مثل هؤلاء سيحافظ على سلامة الآخرين والمجتمع. واستذكر الرئيسي الذي عمل في الشرطة قبيل انضمامه إلى سلك المحاماة حادثة اعتداء بالسلاح الأبيض بدأت بشجار بسيط بين طفلين في أحد المراكز التجارية، تطور بين والدتي الطفلين، حتى بادرت إحداهما باستدعاء زوجها من عمله، والذهاب إلى منزل الطفل الآخر وضرب أبيه بقطعة حديدية تسببت في قتله، لتفقد العائلتان معيليهما، أحدهما في القبر والآخر في السجن. ودعا الجمهور إلى التوجه إلى الجهات المعنية وعدم المبادرة إلى استخدام العنف اللفظي أو الجسدي لاسترجاع حقوقه، لا سيما أن معظم جرائم السلاح الأبيض لا ترتكب لأسباب مباشرة، إنما لأسباب غير مباشرة سبقتها خلافات جانبية تتطورت.
القانون رقم (3) لسنة 2009
شدد قانون العقوبات الجزائية المقررة لجرائم القتل والإيذاء التي ترتكب بوساطة الأسلحة البيضاء، والتي تراوح ما بين الحبس لمدة تصل إلى ثلاث سنوات والغرامة لجريمة الإيذاء أو الاعتداء على سلامة جسم الغير، والسجن لمدة قد تصل إلى سبع سنوات لجريمة الاعتداء المفضي إلى عاهة مستديمة لدى المجني عليه، بقطع عضو أو بتر جزء منه أو تعطيل وظيفة إحدى الحواس لديه، في حين تصل عقوبة الاعتداء المفضي إلى الموت حتى لو لم تتجه نية الجاني إلى القتل، إلى السجن لمدة قد تصل إلى 10 سنوات، على أن تشدد العقوبة في حال القتل العمدي لتصل إلى السجن المؤبد، أو المؤقت الذي قد يصل إلى 15 سنة.
استخدام السلاح الأبيض سلوك غير عقلاني والأسرة تتحمل المسؤولية
سعيد هلال (أم القيوين) - أكد الرائد سالم علي حليس رئيس قسم التحريات والمباحث الجنائية بالقيادة العامة لشرطة أم القيوين أن استخدام السلاح الأبيض يعتبر سلوكاً غير عقلاني وغالباً ما يلجأ إليه شباب مراهقون غير متوافقين شخصياً واجتماعياً، حيث يكون ردة فعلهم عنيفة تجاه أي موقف مهما كان نوعه، خصوصاً في حال حيازتهم السلاح.
وقال الرائد حليس إن مسؤولية هذا العنف تقع قبل كل شيء على بعض الأسر الغافلة عن مراقبة أبنائها، وتهاونت في السماح لهم بحيازة واستخدام الأسلحة البيضاء، لافتاً إلى أنه لا ينبغي السكوت عن مثل هذه التصرفات الطائشة، بل ينبغي الوقوف ضدها بكل صرامة وشدة.
وأشار إلى أن دور الأسرة والمدرسة والمؤسسات الاجتماعية الأخرى لها أهمية كبيرة في تقييم الفرد وخاصة الأحداث، وحمايتهم من السلوكيات الشاذة وحملهم على نبذ العنف، مشيراً إلى أنه لا بد أن نشدد على دور الأسرة بصفتها المؤسسة التربوية الأولى في تنشئة الأجيال، ليكونوا أفراداً صالحين.
وأضاف أن تقرير الإحصاء الجنائي التي تصدره الشرطة في كل إمارات الدولة يشير إلى أن جريمة استخدام السلاح الأبيض في انحسار، وذلك بفضل يقظة العيون الساهرة والدعم غير المحدود الذي تتلقاه الأجهزة الشرطية، مما جعل الإمارات من أكثر الدول أمناً واستقراراً.
وأكد الرائد سالم حليس، أن استدامة الأمن والاستقرار تتطلب تفعيل مفهوم ونشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية والشراكة الاستراتيجية بين الشرطة والمجتمع، من أجل الحفاظ على أمن وسلامة الجميع.
وأوضح أن الاستخدام غير المسؤول للسلاح الأبيض قد يتحول من سلوك فردي إلى سلوك جماعي تتبارى فيه مجموعة من الأفراد إذا لم تتخذ الجهات المختصة الإجراءات والتدابير اللازمة والضرورية لمجابهتها، موضحاً أن الحد من انتشار استخدام السلاح وسط بعض المراهقين يتطلب معالجة المشكلة قبل نشوب المشاجرة.
وقال إنه بتوجيهات ومتابعة قائد عام شرطة أم القيوين، استطاعت الشرطة احتواء الجريمة والتصدي للسلوكيات غير الحضارية والحد من انتشار ظاهرة المشاجرة باستخدام الأسلحة البيضاء، لافتاً إلى أن سرعة ضبط الجناة في مختلف القضايا الإجرامية أسهمت في الحد من ظهور مثل هذه الجرائم.
ودعا الرائد سالم حليس، فئة الشباب بعدم الانجراف خلف السلوكيات الخاطئة التي قد تودي بحياة أشخاص آخرين، وتسبب لهم عاهات وإصابات بالغة، نتيجة خلاف بسيط، مطالباً أولياء الأمور بتحمل مسؤولياتهم ومراقبة أبنائهم، مشدداً في الوقت ذاته على أن الأجهزة الأمنية في الدولة ستردع كل من تسول له نفسه الاعتداء على سلامة الآخرين.
وكانت مشاجرة نشبت في الفترة الماضية بين مجموعة من الشباب المواطنين، استخدموا فيها السيوف والآلات الحادة، وذلك أثناء وجودهم داخـــل حلبة ســباق السيارات في أم القيوين، وأسفرت عن إصابة 4 منهم بإصابات تراوحت بين متوسطة وبالغة.
خمس دور رعاية اجتماعية للجنسين على مستوى الدولة
الأسرة والفراغ والإعلام ورفقاء السوء وراء جنوح الأحداث
بدرية الكسار (أبوظبي) - حددت وزارة الشؤون الاجتماعية عدداً من العوامل التي تكمن وراء جنوح الأحداث الذين تتراوح أعمارهم بين 7 و18 سنة، كان من بينها الدور الأسري ووقت الفراغ ووسائل الإعلام ورفقاء السوء.
وأوضح حسين الشيخ الوكيل المساعد لشؤون الرعاية الاجتماعية بوزارة الشؤون الاجتماعية أن الدور الأسري يأتي على رأس قائمة المؤثرين في سلوك الحدث، حيث إن للتنشئة دوراً في تشكيل شخصية الطفل منذ ميلاده، وتحديد مساره سواء كان سوياً أم منحرفاً، لافتاً إلى دور التفكك الأسري في انحراف الأبناء وجنوحهم.
كما بين أن وقت الفراغ يعد عاملاً مهماً لجنوح الأحداث، خصوصاً أثناء الإجازات الصيفية، داعياً إلى توظيف هذا الوقت فيما يفيد عبر توفير الأنشطة التي تملأ وقت فراغ الشباب.
ولفت إلى الدور المهم للإعلام الواسع عبر عرض مواد مثيرة للعنف أو التعري ما يدفع المراهق إلى الرغبة بالمحاكاة أو تنشيط خياله في تحليل هذه المواقف وشعوره بدور محتمل له في تطويرها وإيجاد مكان له ضمن أحداثها، مشدداً إلى دور مخالطة رفاق السوء في انحراف الأحداث والقيم التي يحاول بثها هؤلاء الرفاق عبر ربط الجرأة والشهامة بمجاراتهم، وما أن تجد الشاب دخل هذا المعترك فإذا به يغلب عليه ما يسميه علماء الاجتماع بالعقل الجمعي الذي يغلب فيه توجهات مجموعة رفقاء السوء على القيم والمبادئ العامة التي استقاها من الأسرة والمجتمع فتتضارب لديه القيم وتتعارض المبادئ فيرتكب أفعالاً منافية للسلوك المجتمعي العام. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل».
وأكد الوكيل المساعد لشؤون الرعاية الاجتماعية بوزارة الشؤون الاجتماعية أن شريحة الشباب تحتل أهمية كبيرة في حياة الشعوب والأمم، ذلك أنها المرحلة الأزهى والأقوى في مراحل العمر في حياة الإنسان، كما أنها فترة التألق والظهور في مسرح الحياة.
وبين الشيخ أن الوزارة افتتحت خمس دور رعاية اجتماعية للفتيان والفتيات على مستوى الدولة، وبلغ عدد النزلاء فيها 501 نزيل حسب إحصائية 2011 للتقارير الخارجية مع النزلاء المسجلين في التدابير الاحترازية التي تعني أن يكون الحدث صدر بحقه عقوبة لمدة أسبوع من باب التنبيه فقط وفي حال تكرار الحدث يدخل ضمن برامج دار التربية الاجتماعية.
وأشار الشيخ إلى أوجه الرعاية المقدمة لنزلاء دور التربية الاجتماعية والبرامج والأنشطة التي تقوم عليها منها الرعاية الاجتماعية من خلال استقبال الأحداث وتأمين أماكن المعيشة المناسب لهم، ومن ثم إجراء البحث الاجتماعي الشامل له وللأسرة، بغية التعرف على الظروف المحيطة بالحدث، والدوافع المؤدية إلى انحرافه للتمكن من وضع الخطة العلاجية المناسبة له.
وتتضمن الخدمات التي تقدم للحدث الرعاية النفسية من خلال خضوعه لبرنامج تأهيل واختبارات نفسية، ثم الرعاية التعليمية، والرعاية الدينية عبر تقوية الوازع الديني لديهم، والرعاية المهنية والرعاية الصحية، والرعاية الرياضية.
كما توفر دور الرعاية للأحداث برامج وأنشطة متنوعة مثل برنامج الرحلات والمعسكرات وبرنامج الزيارات الأسرية للأحداث، إضافة إلى برنامج التوجيه باللعب، وصحتي عنوان حياتي وبالعلم نرتقي وبرنامج الإرشاد الأسري والتصوير الفوتوغرافي فضلاً عن برامج توجيهية عن العادات الصحية في النظافة وتناول الطعام والجلوس والنوم، ودورات في الإسعافات الأولية، وأضرار التدخين وطرق الإقلاع عنه، والأضرار الناجمة عن تعاطي المواد المخدرة والمذيبات الطيارة.
وأشار إلى أن إدارة الحماية الاجتماعية تطلق عدداً من المبادرات الاستراتيجية في مجال الأحداث أهمها مبادرة إعادة دمج الأحداث في المجتمع ويتم تنفيذها من خلال إعادة إدماج الأحداث في مقاعدهم الدراسية أو مساعدتهم في البحث عن فرص وظيفية، أو القيام بعقد دورات تدريبية لتأهيلهم في مجالات متعددة لدخولهم سوق العمل لضمان عدم عودتهم للانحراف.
استشاري نفسي: العنف لا يولد إلا عنفاً.. ومعظم مرتكبي المشاجرات ضحايا سابقون
أبوظبي (الاتحاد) - أكد الدكتور أحمد محمد الألمعي استشاري ورئيس قسم الطب النفسي للأطفال والمراهقين في مدينة الشيخ خليفة الطبية أن العنف مع الأطفال والمراهقين لا يولد إلا عنفاً، مشيراً إلى أن سجلات القسم تؤكد أن أغلبية الأطفال والمراهقين من مرتكبي العنف والمشاجرات هم ضحايا سابقون للعنف والاعتداءات بشتى أنواعها.
وأضاف الدكتور الألمعي، وهو أيضاً أستاذ مساعد في كلية الطب بجامعة ييل الأميركية، أن معظم مرتكبي العنف والمشاجرات يعانون أمراضا سلوكية ونفسية يسهل علاجها عند التدخل في المراحل الأولية.
ولفت في حديث لـ”الاتحاد” إلى أن استخدام الأسلحة البيضاء كالسكاكين والسيوف والخناجر نادر عند الأطفال الذين يلجأون عند المشاجرات والعنف إلى الضرب اليدوي أو استخدام ما تطاله أيديهم من حجارة أو عصي أو قرطاسية، في حين توجد حالات عنف يستخدم فيها السلاح الأبيض عند فئة المراهقين.
واعتبر الدكتور الألمعي أن أهم دوافع اللجوء إلى العنف هي التعرض للعنف، فالطفل أو المراهق المعنف يلجأ مستقبلاً إلى ارتكاب العنف.
وحدد رئيس قسم الطب النفسي للأطفال والمراهقين في “خليفة الطبية” أسباب تزايد استخدام العنف في بعض المدارس في فئتي الأطفال والمراهقين إلى قدوم الطفل أو المراهق من أسرة عنيفة، يستخدم أفرادها العقاب الجسدي بشكل دائم، إضافة إلى دور التفكك الأسري في تزايد السلوك العدواني عند الأطفال والمراهقين.
وتابع: أن وجود شخص داخل الأسرة من ذوي الأسبقيات الجرمية يعزز من توجه الطفل أو المراهق إلى العنف، باعتبار هذا الشخص، قد يكون أباً أو أخاً أكبر، يعد قدوة للطفل أو المراهق. كما أشار إلى ضعف الرقابة في بعض المدارس بالدولة ما يتسبب في تزايد حالات الاعتداء على الأطفال والمراهقين وإنتاج ضحايا قد يتحولون إلى ممارسين للعنف بحق آخرين.
وزاد أن كثيراً من ضحايا العنف والمشاجرات يلجأون إلى حمل أسلحة بيضاء بهدف حماية أنفسهم والدفاع عنها في حال تكرار الاعتداء عليهم، معتبراً أن لجوء الطفل أو المراهق إلى حماية نفسه “مؤشر على وجود مشكلة”، فحماية الطفل والمراهق واجب ملقى على عاتق الإدارة المدرسية داخل المدرسة، وعلى الجهات الأمنية والحكومية خارجها.
واستدرك بقوله إن حمل الطفل أو المراهق ضحية العنف سلاحاً لحماية نفسه، يدفعه إلى ارتكاب العنف والانتقال من طور الضحية إلى طور الجاني.
وأشار الدكتور الألمعي إلى دور التغيرات الاجتماعية المتسارعة في دولة الإمارات بشكل خاص ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام في تزايد العنف والمشاجرات، مبيناً أن الضغوط الاجتماعية الكبيرة وعدم الإحساس بالأمن يتسبب فيما يسمى بالتراجع السلوكي، وأحد أشكاله العودة إلى البدائية في التعامل واستدعاء ثقافة الماضي.
كما أشار إلى دور التركيبة السكانية المختلطة في منطقة الخليج في تزايد العنف، داعياً إلى تشديد إجراءات استقدام العمالة الوافدة عبر إجراء تحقيق حول الخلفية السلوكية والجنائية للعامل الوافد قبيل استقدامه.
ولفت إلى عدم وجود إحصائيات حول عدد مرتكبي العنف والمشاجرات ضمن المراجعين لقسم الطب النفسي للأطفال والمراهقين، مؤكداً أن هناك مشاريع مستقبلية لإجراء مثل هذه الإحصائيات.
وقال إن القسم، الذي يعد الوحيد من نوعه على مستوى الدولة، يعمل على المشاركة في وضع وتطبيق القوانين المتعلقة بحماية الأطفال والأحداث، مبيناً أن القسم يستقبل ضحايا العنف ومرتكبيه من الأطفال والمراهقين المحولين إليه من الجهات الحكومية المختلفة مثل المدارس وغيرهم، حيث يتولى علاجهم جميعاً.
ولفت إلى اضطلاع القسم في تنظيم برامج لتثقيف وتوعية العاملين في المدارس بأساسيات الصحة النفسية، عبر برنامج تم تنظيمه في ديسمبر 2012 وهناك استعدادات لتنظيم برنامج مماثل في القريب العاجل.
وأوضح أن هدف هذه البرامج هو التعرف على الأطفال الذين يعانون من مشاكل سلوكية لعلاجهم بالتدخل المبكر، معرباً عن أسفه لافتقار معظم المدارس والمؤسسات التعليمية للمعرفة الكافية بالصحة النفسية.
وكنتيجة لهذا الافتقار، توقع الدكتور الألمعي تفاقم مشكلة العنف في المدارس أو المشاجرات التي تحدث خلال أو بعد العودة من المدارس في ضوء تواصل الضغوط الاجتماعية وتزايدها فضلاً عن قلة التوعية.
وطالب بالتدخل المبكر في المدارس والمؤسسات التعليمية، مؤكداً أن القسم يضم خبرات وخدمات متقدمة على مستوى عالمي، ومستعد لتقديم هذه الخبرات للمدارس ومختلف الوزارات.