سامي عبدالرؤوف (دبي) - أطلق المجلس الأعلى للطاقة بدبي استراتيجية عامه للإمارة لضبط انبعاثات الغازات الدفيئة وغاز ثاني أكسيد الكربون بالتعاون مع مركز دبي لضبط الكربون.
وقال سعيد الطاير نائب رئيس المجلس الأعلى للطاقة العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي، إن الاستراتيجية تتضمن تقديم حزمة من الحوافز الاقتصادية، وفرض غرامات وعقوبات لتحقيق الحد المطلوب لخفض معدلات التلوث.
وأضاف أن الاستراتيجية تشمل إطلاق برنامج لتبادل وتجارة الكربون، وإعداد البنية التشريعية والعقوبات في حالة المخالفة والأسس العلمية للرقابة على كميات ثاني أكسيد الكربون، إضافة إلى توفير الدراسات اللازمة لقياس النسبة الحالية لانبعاث الكربون بالإمارة وتحديد نسب الخفض المراد تحقيقها.
ووقع المجلس الأعلى للطاقة بدبي ومركز دبي المتميز لضبط الكربون، أمس في مؤتمر صحفي عقد في مبنى هيئة كهرباء ومياه دبي، مذكرة تفاهم، لإعداد الاستراتيجية والبدء في المراحل التنفيذية اللازمة.
وتوقع الطاير الانتهاء من الملامح الأولى للاستراتيجية نهاية الشهر المقبل، مشيراً إلى أنها تحقق هدفين الأول التماشي مع استراتيجية دبي والدولة بشكل عام لخفض معدلات تلوث البيئة وانبعاثات الغازات الكربونية، والثاني دعم دور مركز ضبط الكربون الهادف إلى خلق رصيد من العام العام للكربون في الإمارة والتعامل معه بشكل تجاري عبر بيعه في شكل كوبونات إلى الدول الأوروبية الملزمة بروتوكول “كيوتو” للمناخ.
وأشار إلى أن المجلس أعد دراسة أولية عن حجم التلوث في الإمارة، ومعدل الانبعاثات الموجود على أرض الواقع، ونسب التخفيض المطلوب تطبيقها، مبنية على مسح ميداني؛ لذا ستعمل الاستراتيجية الجاري إعدادها على تأكيد معلومات هذه الدراسة وتوثيقها ليتم بناء عليها تحديد النسب المراد تخفيضها سنويا، والقطاعات المستهدفة في المقام الأول للتخفيض، وفي مراحل لاحقه منها، ستقر بعض الحوافز الاقتصادية للملتزمين بهذا الخفض.
وتعد هيئة الطيران المدني، وتوليد الكهرباء، وصناعة الألومنيوم، وشركة دبي للبترول، والمواصلات والطرق، والنقل البحري، والسفن أهم القطاعات والمؤسسات المستهدفة بتحقيق خفض في انبعاثاتها الكربونية في الاستراتيجية.
وأشار الطاير إلى أن “الهدف من وضع الاستراتيجية هو الحافظ على الموارد الطبيعية وحماية البيئة، ولذلك ستكون مرتبطة باستراتيجية دبي المتكاملة للطاقة 2030 التي تم إطلاقها العام الماضي”.
وكشف عن تكوين لجنة لإنشاء قاعدة بيانات تمثل فيها كل القطاعات المعنية، وأيضا عمل نظام عن طريق الانترنت يختص بمعرفة الكميات الموجودة من الكربون وتحديد طرق خفضها، متوقعا أن يتم الوقوف بشكل كامل على الوضع الحالي لإمارة دبي من حيث معدلات الغازات الدفيئة والكربونية نهاية العام الجاري.
ولفت الطاير إلى أن “هيئة الكهرباء في دبي بدأت فعليا في عمليات خفض الكربون عبر شراكة مع مركز الضبط وشركة (دوبال)، ومن خلالها أمكن خفض مليون و500 ألف طن من انبعاثات الكربون بشكل سنويا، وهو الأمر المراد تعميمه على بقية القطاعات المستهدفة في المراحل الأولى للاستراتيجية، ثم مؤسسات وقطاعات دبي بالكامل”.
ومن جهته، قال نجيب زعفراني، الأمين العام والرئيس التنفيذي للمجلس الأعلى للطاقة في دبي، إن التعاون مع مركز دبي لضبط الكربون يأتي في إطار دعم الإستراتيجية العامة للإمارة، والدولة بشكل عام لتقليل البصمة البيئية، واعتماد مفهوم الاقتصاد الأخضر، وتحقيق الاستفادة من هذا الخفض، في ظل عدم التزام الإمارة والدولة بشكل عام (قانونيا) بالخفض، عبر الاستخدام التجاري لنسب التخفيض”.
وأوضح، أن نجاح التعاون بين المجلس والمركز في وضع آلية حوافز محددة لضبط انبعاثات الكربون سيشكل إنجازا مهما في مجال التنمية المستدامة على المستوى الإقليمي، ويسهم في تمويل مشاريع البنية التحتية للطاقة النظيفة، وتعزيز النمو في إمارة دبي.
وأضاف زعفراني أن استراتيجية دبي لضبط الكربون تشكل أرضية صلبة، ومظلة عامة تقوم عليها منظومة السياسات التي تضمن الحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، كما أنها الصيغة التي سيتم من خلالها تقديم الحوافز إلى القطاعات الصناعية لحثها على الامتثال لأعلى معايير الاستدامة العالمية، هذا إلى جانب كونها تتيح الكثير من فرص النمو الجديدة لاقتصاد الإمارة.
وتهدف الاستراتيجية للإسهام في تحقيق “الاقتصاد الأخضر للتنمية المستدامة” وتحويل رؤية الإمارات 2021 إلى حقيقة ملموسة خلال السنوات الـ 9 المقبلة،الهادفة إلى جعل الإمارات أقل الدول في المنطقة المسببة لانبعاثات الكربون والغازات الدفيئة.
ومن جانبه، أوضح المهندس وليد سلمان، رئيس مجلس إدارة مركز دبي المتميز لضبط الكربون، أن المركز أعتمد في البداية الدراسة الأولية والمسح الميداني الذي أجراه المجلس الأعلى للطاقة في دبي، حول نسب الانبعاثات، وسيتم عبر وضع الإستراتيجية الجديدة التأكد من هذه النسب، ليوضع بناء عليها آليات ضبط الانبعاثات، ومعدل التخفيض المطلوبة، الحوافز التي من الممكن تزويد القطاعات المستهدفة بالخفض بها في حال الالتزام، إضافة إلى آلية التعامل التجاري في معدلات الخفض.
وأشار إلى أن المركز عبر عمله مع المركز الإنمائي للأمم المتحدة، بدء فعليا في نقاشات مع عدد من الجهات الأوروبية التي يمكن عبرها تسويق رصيد الخفض الممكن تحقيقه، ولاقي تجاوبا عليا من جهات عدة منها عدد من البنوك والشركات الأجنبية.
ولفت إلى أن “ إقرار استراتيجية واضحة لعمليات وآليات ضبط وخفض انبعاثات الكربون من دروه أن يصب ماليا في مصلحة إمارة دبي عبر توفير سيولة مالية من بيع كوبونات رصيد الخفض للدول الأوروبية واستخدام هذا العائد في مشاريع الطاقة المتجددة.
وأشار سلمان، إلى أنه “ وفقا للحسابات العالمية فإن سعر بيع الطن الواحد من تخفيض انبعاثات الكربون يقدر بـ 10 يورو، بحسب أسعار العامين 2009 و2010، وربما يكون أرتفع لأكثر من ذلك حاليا، خصوصا كلما أقترب موعد تقديم الدول الأوروبية لإقرارات التزامها ببنود بروتوكول (كيوتو) والتي حددت لهم تحقيق نسب خفض معينة لهذا النوع من الانبعاثات”.
وكان مركز دبي لضبط الكربون، الذي بدأ أعماله بداية العام الماضي، أعلن انه يستهدف تخفيض إنبعاثات الكربون، وهي 5 مليون طن سنويا.
واكد سلمان، ان المجلس الاعلى للطاقة بدبي، هو مظلة عامة لآليات هذا الخفض في إمارة دبي بشكل حكومي وقانوني، مستند إلى بنية تشريعية سيتم وضعها، الأمر الذي لا يمكن تحديد نسبة إلا بعد التأكد التام من إحصاءات معدلات الانبعاثات في الإمارة.
وأشار إلى أن المركز تم تأسيسه لتشجيع واستكمال التوجه الذي يقوده قطاع الأعمال للحد من انبعاثات الكربون ضمن منظومة الدولة الاقتصادية.
وقال “نحن حريصون على العمل مع الشركات والقطاع العام ومجتمع إمارة دبي عموماً على تحقيق المزيد من الكفاءة البيئية وتحسين أداء آليات الحد من انبعاثات الكربون”، لافتاً إلى أن وضع استراتيجية لضبط انبعاثات الكربون يشكل خطوة رئيسية في تحويل هذه الأهداف إلى إجراءات متكاملة تشكل قاعدة ثابتة لتنفيذ استراتيجية دبي المتكاملة للطاقة 2030.
وتابع سلمان: “إضافة للدراسة الأولية والمسح الابتدائي الذي قام به المجلس الأعلى للطاقة لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تم إعدادها خلال الربع الأخير من عام 2011، سوف يعمل مركز دبي المتميز لضبط الكربون على إعداد قائمة تفصيلية تشمل كافة انبعاثات الغازات الدفيئة في إمارة دبي، وذلك بما يتفق ومتطلبات اللجنة الدولية للتغيرات المناخية واتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التغيرات المناخية”.
وأضاف “سيعمل المركز على وضع منظومة للمراقبة وإعداد التقارير والتدقيق، وذلك لضمان التناغم والاتساق في عملية جمع بيانات أعضاء المجلس، بما يتضمن أبرز شركات الطاقة والتصنيع والمرافق العاملة في إمارة دبي”.
ونوه سلمان بدور المركز في وضع أهداف عملية لضبط انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون والغازات الدفيئة وتطوير آليات الاستفادة الاقتصادية المشابهة لمشروع الاتحاد الأوروبي لتجارة الانبعاثات وآلية التنمية النظيفة المنصوص عليها في بروتوكول “كيوتو” والبرامج الاخرى، وايضا دراسة افضل السبل لتجميع رأس المال الذي يتوفر من خلال هذه الآليات ضمن “صندوق الطاقة النظيفة” المرتبط بعملية ضبط انبعاثات الكربون والذي سيتم تخصيصه لتمويل مشاريع الطاقة الجديدة في دبي.