السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

"داليّة" محمد بن راشد نجم المجاراة بين المتسابقين في "أمير الشعراء"

"داليّة" محمد بن راشد نجم المجاراة بين المتسابقين في "أمير الشعراء"
28 مارس 2019 01:06

أبوظبي (الاتحاد)

الحلقة التاسعة – ما قبل الأخيرة - من برنامج «أمير الشعراء» الذي تنتجه لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي، تابعها المشاهدون على الهواء مباشرة عبر قناتي الإمارات وبينونة، وحضرها كل من الشيخ عبدالله بن محمد بن خالد آل نهيان، وعيسى سيف المزروعي نائب رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، وسلطان العميمي مدير «أكاديمية الشعر»، وأعضاء لجنة التحكيم المكونة من سعادة الدكتور علي بن تميم، والدكتور صلاح فضل، والدكتور عبدالملك مرتاض.
وأعلنت مقدمة البرنامج لجين عمران أن الشاعرة هبة الفقي من مصر ستكون من بين الشعراء الذين سيتنافسون على اللقب، وذلك إثر حصولها على 71 % ، بعد جمع درجات تصويت الجمهور مع درجات اللجنة.وبذلك تصل شاعرتان فقط إلى نهائيات المسابقة من أصل 11 شاعرة وصلن إلى مرحلة العشرين، كما يصل ولأول مرة في تاريخ «أمير الشعراء» شاعران من أصول ليست عربية، لكنهما نهلا من معين الثقافة العربية، وهما: المالي عبدالمنعم حسن، والسنغالي محمد الأمين جوب. وتم تخصيص 30 درجة لحلقة ليلة أمس بعد مجاراة الشعراء (داليّة) صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، و30 درجة للحلقة القادمة.
وكانت اللجنة قد طلبت من الشعراء مجاراة القصيدة الدّالية وزناً وقافية وموضوعاً، على ألا تقلّ أبيات كل واحد منهم عن ثمانية، ولا تزيد على عشرة. والمفاجأة التي شهدها الجمهور- بعد إلقاء الشعراء قصائد وأبيات المجاراة المطلوبة منهم- تقدم الشاعر السنغالي محمد الأمين جوب على زملائه الشعراء؛ إثر حصوله على أعلى درجات اللجنة والبالغة 27 درجة، تلاه في الترتيب الشاعر المالي عبدالمنعم حسن محمد، والشاعرة الإماراتية شيخة المطيري، إثر حصول كل واحد منهما على 26 درجة، وحل ثالثاً الشاعر السعودي سلطان سبهان الشمري بعد حصوله على 24 درجة، كما حصل الشاعر المصري مبارك سيد أحمد على 23 درجة، تلته مواطنته هبة الفقي التي حازت 20 درجة. وفي مستهلّ الحلقة، غنى الفنان البحريني أحمد الجميري قصيدة «مضناك جفاه مرقده».
وطلب سعادة الدكتورعلي بن تميم من كل شاعر كتابة قصيدة لا يقل عدد أبياتها عن ثمانية، ولا يزيد عن اثني عشر بيتاً للحلقة القادمة والأخيرة من البرنامج، وذلك على وزن وقافية بيتي أبي الطيب: وَما الخَيلُ إلاّ كالصّديقِ قَليلَةٌ/‏‏‏‏‏‏‏ وَإنْ كَثُرَتْ في عَينِ مَن لا يجرّبُ إِذا لم تُشَاهِدْ غَيْرَ حُسْنِ شِيَاتِها/‏‏‏‏‏‏‏ وأَعْضَائِها فالحُسْنُ عَنْكَ مُغَيَّبُ

مُوَشّى الشمري
الشاعر سلطان سبهان الشمري ألقى قصيدة بعنوان: «مُوَشّى لغريب ما» جاء فيها: قالَ (انتظرها) من سَناكَ ستُوقَدُ/‏‏‏‏‏‏‏ ستموتُ، لكنّ الضّياءَ سيخلُد/‏‏‏‏‏‏‏ فلممتُ (سَقْطَ الزّند)/‏‏‏‏‏‏‏ ثم سَكِرتُ مِنْ(ماءِ الملامِ) ولم تَفُتني (ثَهْمَدُ)
في البداية قال د.صلاح فضل: إن الشعر، وكما عبّر النقاد، رقص في القيود، وخاصة قيود الوزن والقافية.
وإن المجاراة أو المعارضة، إنما هي زيادة في هذه القيود، لأنها تلزم الشاعر بنوع خاص من الوزن، وبقافية محددة، وبتجربة شعرية خاصة أيضاً. ووجد د.فضل أن سلطان سبهان، ومن خلال القصيدة التي قدّمها؛ إنما هو راقص جيد. من جهته أوضح د.علي بن تميم أن اللجنة اختارت الجزء الذي ينظر فيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد إلى فنه، وكيف كانت علاقته بالشعر، مؤكداً أن القصيدة تستدعي كلمات من التراث لتضعها في سياقها الجديد، وتقرّبها من أرواح المتلقين، ولهذا فإن لتلك القصيدة مهمة وظيفية. ذلك أن القصيدة تمتزج بالجسد والأحاسيس، وتوحي لمن يقرأها بضرورة أن يكون متأنياً في قراءتها ومتأملاً ومدققاً، وهي التي تعلي من شأن التراث، ومع ذلك لا تستسلم له، إنما تعيد قراءته. ثم أشار د.عبدالملك مرتاض إلى أن سلطان ومن خلال القصيدة التي قدمها ليلة أمس؛ حاول أن يُغْرِّب في عنوانها، فجعل صفة الموشّى لموصوف غائب، وذلك تكثيفاً وإغراباً.

وشم شيخة
وألقت الشاعرة شيخة المطيري قصيدة بعنوان «أجمل الشعر أبعده» جاء فيها:وشمٌ يَلوحُ على يَديَّ وموعِدُ/‏‏‏‏‏‏‏ وقصيدةٌ تَدنو وأخرى تَبْعُدُ/‏‏‏‏‏‏‏ وخِيامُ مَنْ غَابوا تَشدُّ رِحَالَهُمُ/‏‏‏‏‏‏‏ وَأنا كَنَاقِفِ حَنظلٍ أتَنَهَّدُ بدأ د.علي بن تميم من عنوان القصيدة، والذي يسعى إلى قراءة المقولة الشهيرة عند العرب (الشعر أعذبه أكذبه)، فالشعر حينما يكون مناقضاً للحقيقة يزهو ويرتفع، وهذا ما تحاول الشاعرة تأكيده في فهم شعريتها. وأضاف بأن القصيدة تدخل في علاقات شعرية مع تجارب شعرية حزينة تشير إلى خولة التي تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد، ومرارة لحظة الرحيل في بيت امرئ القيس (كأنّي غَداةَ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَلّوا/‏‏‏‏‏‏‏‏ لدى سَمُراتِ الحَيّ ناقِفُ حنظلِ)، فسعت القصيدة إلى بناء لحظة طلليّة مفعمة بالرحيل والغياب من خلال مفردات شعرية رائعة، ومفردات تحاول أن تناظر مفردات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد في قصيدته، فكانت شديدة الحضور قبل الإسلام، وتمثلت في (الوشم، الخيام، الرمل الهودج، الريح).
فيما قال د. مرتاض: إن للشعرية صولات تصولها، وللبلاغة جولات تجولها، وللبيان تجليّات يتجلاها بينهما، وللقصيدة جمال وشمها به طرفة منذ القدم، فاتّسمت له أبياتها، ولا تزال طوراً تتعالى وطوراً تتهاوى، حتى لينقُف امرؤ القيس حنظلها، فتذرف دموعها. وها هي الشاعرة تمثل وتنشد من الشعر ما تنشد بلغة جمال ودفق خيال.
ثم أكد د.صلاح فضل بأن المطلوب من الشعراء في المجاراة أو المعارضة كتابة نص يمثل مرآةً للشاعر، بحيث يرى فيه ذاته وشعره. وعليه فقد وجد مرآة الشاعرة شيخة صافية بديعة وكأنها مرآة الغريبة.

لجنة التحكيم خلال الحلقة (من المصدر)

وتر عبد المنعم
وألقى الشاعر عبدالمنعم حسن محمد قصيدة بعنوان «وَتَرٌ كَوْنِيٌّ»، جاء فيها:
في البَدءِ.. لم تكنْ الغصونُ تُغرِّدُ/‏‏‏‏‏‏‏ والفَجْرُ في أفقِ العَمَاءِ مُمدَّدُ/‏‏‏‏‏‏‏ جاؤوا فمَا رَفَّ السحابُ،/‏‏‏‏‏‏‏ ولا رَنَا لِحدائِهم في الخافقَيْن الفَرقَدُ وقد قال د. مرتاض للشاعر: لو كنت أعرف رَئِيَّكَ – أي شيطانك - لكنت قد كتّفته وجئت به ليمثل في شاطئ الراحة فيبصره الحضور، ويروا كيف ينفث الشعر في مخيلة الشاعر فيجعله سحراً كُبَّارا.
أما د.صلاح فضل فتابع شرح المجاراة، ليؤكد أن الشاعر عندما يرى وجهه في النص الأول، وعلى المتلقي أن يتبين وجه الشاعر من خلال أسلوبه، حيث لكل شاعر أسلوب. شارحاً أن الشاعر ركزّ على وظائف الشعر في بيت بديع. فيما أوضح د.علي بن تميم أن عبدالمنعم أراد أن يتحدث في نصه عن نشأة الشعر، وهو ما طرحه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في قصيدته.
فمن أين يأتي الشعر ولمن ينسب؟ هل يـأتي من الشمس؟ هل ينسب إلى أنسي؟ وهل ينسب إلى ذكر أم إلى أنثى؟ وتلك هي الهوية التي حاول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم البحث عنها حينما أراد تحديد الهوية الشعرية، فقطع الحبل السري الرابط بين المؤلف والقصيدة حتى يمنعنا من التقليد.

نجما مبارك
وألقى الشاعر مبارك سيد أحمد قصيدة بعنوان «نَجمان من طين» جاء فيها:
نَهمِي مَجازاتٍ ولا نَتَبَدَّدُ/‏‏‏‏‏‏‏ ومصيرُنَا بِيدِ الرُّؤى يَتَحَدَّدُ/‏‏‏‏‏‏‏ مِنها عبَرتُ إلى المَدَى مُتَقمِّصاً مَعنًى/‏‏‏‏‏‏‏ أُحِسُّ بهِ وَلا يَتَجَسَّدُ قال د.صلاح فضل: إن الشاعر يتأمل ذاته وشعره بشيء من الرضا والقناعة وليس بكثير من الطموح.ويحسن منذ البداية، إذ يرى ثنائية المجاز والرؤية، حيث هما جناحا الشعر.
ورأى سعادة الدكتور علي بن تميم أن مبارك كان مشغولاً في قصيدته بمصائر الشعراء، فهم يرحلون بأجسادهم فقط.
والشعراء في نهاية المطاف هم مجازات تمطر ولا تزول، وهذا معنى أراد قوله الشاعر في قصيدته إلى جانب انشغاله بتشكّل القصيدة ومصائرها، وهي المصائر التي انشغل بها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، في قصيدته.
تلك المصائر التي يختلف حولها من يتلقاها، فيتخاصم هؤلاء حول المعنى، وكأنهم يريدون رفض المعنى مقابل التأكيد على الدلالة، والمعنى في الشعر برأي د.علي؛ يشبه رمي الكرة في الماء، مما يخلق دوائر لا يمكن تأويلها بمعنى أحادياً.
ومن وجهة نظر د.مرتاض فإن مبارك يقيم الإشكالية الفكرية في نصه على ثنائية الذات والآخر، وهذا جميل، ومع أن تلك الحوارية غائبة إلا أنها تُفهم وتُستخلص من خلال (عبَرتُ، فَغزَلتُهَا، وَسَقيتُهَا، وأذقتُهَا، وَسَكبتُ، وَوَهبتُ). وفي المقابل هناك آخر يخاطبه الشاعر وهذا جميل أيضاً.

مكابدات جوب
وألقى الشاعر محمد الأمين جوب قصيدة بعنوان «مُكابَداتٌ في مقام القصيدة» جاء فيها: ليلٌ عَلَى كتفِ النَّهارِ سَيَصْعدُ/‏‏‏‏‏‏‏ وَسَلالمٌ تهْمِي لِيَشْتعِلَ الغَدُ/‏‏‏‏‏‏‏ لَيْلٌ مَجَازِيُّ المَلاَمِحِ يَرْتَدِي/‏‏‏‏‏‏‏ عَطَشاً لأنّ الأَبْجَدِيَّةَ تُرْعِدُ
تحدث د.علي بن تميم عن شعرية جوب التي تشبه الوعل الأفريقي.ثم بدأ من عنوان النص (مكابدات في مقام القصيدة) الذي أشعره بأنه أمام منظور صوفي ينطلق من منظور المقام، وهو مرتبة من المراتب التي يصل إليها المريد في مدارج السالكين، وبهذا المعنى فإن القصيدة ترسم الأحوال التي يعيشها الشاعر، ولتجمع بينها وبين المقامات.من جهته قال د.مرتاض إن محمد الأمين جوب تربع على عرش الشعرية الرفيعة في تلك المسابقة الكبيرة، فأخذ بيد الشعرية التقليدية التي كثيراً ما تجنح لاستنساخ ما قاله الشعراء قديماً، وبصورٍ قلّ أن نعهدها فيها مثل: (لَيْلٌ مَجَازِيُّ المَلاَمِحِ/‏‏‏‏‏‏‏‏يَرْتَدِي عَطَشاً/‏‏‏‏‏‏‏‏لأنّ الأَبْجَدِيَّةَ تُرْعِدُ).
فيما شبّه د.صلاح فضل قصيدة جوب بأنها رقصة أفريقية عنيفة وملونة وجميلة، وأن جوب يرقص في شبر واحد، ويصعد على كتف النهار، ويرقص على السلالم، ويسكب عليه الفراهيدي خمر الإيقاع وعطره، فيسكرنا الشاعر برحيقه.ويضيق الزمان على الشاعر لكن لا يضيق عليه القول، ويبدع في مساحة صغيرة، ويحيي اللغات وشعريّتها مثلما كان المسيح يحيي الموتى.كما يجيد الشاعر تحريك أوضاع الكلام، مثلما تجيد الراقصة سياسة جسدها.

هبة وعينيه
وألقت الشاعرة هبة الفقي قصيدة بعنوان «إلى عينيك» جاء فيها:
«بَيْني وَبَيْنَكَ/‏‏‏‏‏‏‏‏ قُبْلة تَتَجَدَّدُ/‏‏‏‏‏‏‏‏ وَمَشاعِر شَتَّى/‏‏‏‏‏‏‏‏ وَنَبْض أَوْحَدُ» وقد وصف د.عبدالملك مرتاض هبة بأنها شاعرة كبيرة، وقصيدتها مفعمة بالقُبل التي لا تزال تتجدد ويتجدد معها الحب الإنساني العظيم لقيمة عظيمة تخاطبها، فهل هي الشعر أم الشاعر أم الإنسان المندس في الشعر أو الشاعر؟
وهبة الشعر كما وصفها د.صلاح فضل؛ لجأت في نصها إلى المراوغة. فعندما توجه خطابها للمذكر منذ العنوان (إلى عينيك) يتوهم القارئ أنها تخاطب رجلاً، فيعجب من جرأة الشاعرة في إهدائه القبلات، وعشقها له منذ الطفولة، إلى أن يفاجأ القارئ بعد عدة أبيات بأن الشاعرة تخاطب الشعر.
من جانبه وجد د.علي العنوان نمطياً.
وأضاف: ثمة بيتان شهيران وشديدا الحضور للمتنبي يقول فيهما (لعَيْنَيْكِ ما يَلقَى الفُؤادُ وَمَا لَقي/‏‏‏‏‏‏‏‏وللحُبّ ما لم يَبقَ منّي وما بَقي)، (وَما كنتُ ممّنْ يَدْخُلُ العِشْقُ قلبَه/‏‏‏‏‏‏‏‏ وَلكِنّ مَن يُبصِرْ جفونَكِ يَعشَقِ)، ويبدو أن الشاعرة لديها علاقة بمثل هذا، لكن العينين هنا هما القصيدة ذاتها.

الارتجال مع المتنبي
في حلقة أمس، خضع الشعراء الستة لامتحان آخر مع الارتجال أو المعارضة، لكن من خلال ارتجال ثلاثة أبيات من أبيات أبي الطيب المتنبي، وزناً وقافية. فاختار كل عضو من أعضاء اللجنة بيتاً، وطلب من الشعراء معارضته خلال دقيقة واحدة فقط. والأبيات التي اختيرت من شعر المتنبي جاءت تحية لروح المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي كان أحب المتنبي واستلهم منه الحكمة، وتذكّر أبياته المرتبطة بالخيل. وقال أعضاء لجنة التحكيم: «إن الارتجال الفوري يشير إلى سرعة البديهة، وخصوبة القريحة، وجمال العبارة، وجميع الشعراء أبدعوا وأجادوا عموماً، وهم يمثلون الشعرية العربية في أرقى مظاهرها».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©