كثيرة هي الأحلام التي راودت مخيلتنا في الطفولة، إلى أن طواها النسيان بمرور الأيام. قد يحلم الطفل بأن يكون رائد فضاء أو نجما شهيرا، ويعتبر أبواه أن هذه مجرد أوهام وخيالات لا معقولة، رغم أنها ليست كذلك. ففي عالم الواقع رواد فضاء ونجوم مشهورون بالفعل، أي أن هناك أناسا حققوا هذه الأشياء وليست مستحيلة كما نظن!
فما الذي يجعل بعض الأحلام يتحقق والبعض الآخر يتلاشى؟
هذا ما حاول علماء نفس الإجابة عليه.. ومن بين هذه الإجابات، ذلك التدريب الذهني البسيط..
وووب!
قامت الباحثة جابرييل أويتنجن (الأستاذة بكل من جامعتي نيويورك وهامبورج) بتصميم طريقة تزيد استعدادنا النفسي لتحقيق الأهداف، وأطلقت عليها اسما طريفا «Woop» وهو اختصار مكون من الحروف الأولى من مجموعة كلمات إنجليزية معناها (أمنية- نتيجة - عقبة- خطة).
ما معنى هذا؟
احضر ورقة وقلما -عزيزي القارئ- واكتب بالتفصيل ما يلي:
أمنية:
اذكر شيئا تتمناه وتريد أن يصبح واقعا، وفي الإمكان تحقيقه بالفعل. حاول أن تكون محدداً في وصف هذه الأمنية قدر الإمكان.
نتيجة:
ما هي النتائج الجميلة المترتبة على تحقيق هذه الأمنية؟ كيف سيكون حالك وقتها؟ بماذا ستشعر وكيف سينعكس تحقيقها على باقي جوانب حياتك؟ اكتب بالتفصيل الوضع المثالي الذي تتمناه حال تحقيقك لهذا الهدف.
عقبة:
ما الذي يمنعك من تحقيق هذه الأمنية؟ تخيل كل العقبات التي ستواجهك في طريقك نحو هذا الهدف.. تخيل المشاكل المتوقعة، والتهديدات والصعوبات التي تعيقك. اكتب قائمة واضحة فيها كل هذه العقبات.
خطة:
ما الذي ستفعله لتتغلب على هذه الصعوبات؟ ضع تصورا واضحا لكيفية التغلب على كل عقبة، عن طريق كتابة عبارات صريحة بصيغة (عندما يحدث كذا، سأفعل كذا) مستعينا بالقائمة التي كتبتها في الخطوة السابقة. اذكر كل عقبة، واكتب أمامها ما ستفعله كي تتخطاها أو تتجنبها.
كيف تعمل هذه الطريقة؟
في عدد من التجارب وجدوا أن الناس الذين يمارسون هذا التدريب قبل البدء في مهمة ما، يصبحون أكثر التزاما بإنجازها وأفضل في مقاومة رغباتهم اللحظية غير المرغوبة التي تبعدهم عن أداء مهمتهم.. فمثلا، تقول التجارب إنه يساعد الطلبة على الاستذكار وتحقيق نتائج أفضل.. وممارسة التدريبات الرياضية لعدد مرات أكثر، وتناول الفواكه والخضرات بمقدار أكبر.. بل إنه يساعد المصابين بداء السكر من النوع الثاني على الاهتمام بصحتهم بشكل أفضل، حسب دراسة نشرت في دورية سايكولوجي آند هيلث.
هذا التدريب الذهني البسيط، مهم لدرجة أن الباحثين خصصوا له تطبيق هاتف مجانيا يحمل نفس الاسم، لمساعدة الناس على ممارسته بسهولة في أي مكان. ويمكنك تحميله على هاتفك مجانا.
قد يبدو هذا الكلام مبالغا فيه بالنظر لبساطة التدريب.. فما التفسير؟ هذا التدريب الذهني يساعدك في نقل أمنيتك من خانة أحلام اليقظة إلى خانة الواقع، حيث الأهداف العملية، لا الأحلام. فالتفكير في كل من الإيجابيات والسلبيات يخلق قوة دفع تساعد في السعي نحو الهدف. التركيز في الإيجابيات يساعد في التعلق العاطفي بالأمنية.. والتركيز في العقبات يضع الأمور في نصابها بجعل الأمنية جزءا من نسيج الواقع الملموس غير الوردي بالضرورة.. والتفكير في طرق تخطي العقبات هو إجبار للعقل على وضع خطة عملية والتفكير في الحلول والبدائل وهو ما يسهل وضعها موضع التنفيذ.
خطة عمل
لو كانت أمنية الشخص هي الحصول على جسم مثالي مثلا.. هذا حلم يقظة لطيف قد يفكر فيه الإنسان قليلا ثم يمضي لحاله متحسرا دون أن يتغير شيء.. لكن لو فكر الإنسان أيضا في العقبات التي تمنعه من الوصول لهذا الهدف، والخطة الواضحة لتخطي هذه العقبات المتوقعة عندما تحدث، وقتها يصبح لدى الشخص خطة منطقية في وسعه البدء فيها.. لا مجرد صورة خيالية لا سبيل للوصول لها.. بهذا التدريب البسيط، أصبح العقل يفكر بمسائل عملية مفيدة مثل: ما هي أنواع الطعام الصحي الذي سأشتريه اليوم وأنا أتسوق، أو كيف سأدخل الرياضة كجزء من جدولي اليومي...إلخ وهو ما يجعل الهدف ملامسا لواقع الحياة بشكل أكبر.
ببساطة: تساعد هذه الطريقة في نقل أمنياتنا، من خانة الأحلام إلى خانة الأهداف..
ليست الأهداف إلا أمنيات قررنا وضعها موضع التنفيذ.