الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الثقافة المجتمعية في الإمارات رأس الحَربة في مكافحة «كورونا»

الثقافة المجتمعية في الإمارات رأس الحَربة في مكافحة «كورونا»
1 ابريل 2020 00:08

هزاع أبو الريش (أبوظبي)

الثقافة أسلوب حياة، ووعيٍ يسكن الفرد ليرتقي به نحو طموحات مليئة بالآمال والتطلعات المشرقة، لكن الثقافة لا تفعل في حالات الرخاء والهدوء فقط.. بل تحضر على نحو مهم في زمن الأزمات؛ وعندما يواجه المجتمع تحديات صعبة تظهر أهمية الثقافة التي ينبثق منها الوعي فيستنير الفرد، ويقوم بدوره في المجابهة، بعزيمةٍ فذة وشكيمةٍ لا تعرف المستحيل. ولعل التحدي الهائل الذي تواجهه البشرية بانتشار فيروس كورونا «كوفيد 19»، هو من المرات القلائل التي يبرز فيها الوعي عاملاً حاسماً، بل ورأس الحَربة في مكافحة الوباء فيما التضامن الاجتماعي والإنساني خط الدفاع الأول في دحر المرض.. وكما قيل: «في الأزمات تعرف المجتمعات بعضها، وفي المحن تتعرى الأفكار».

في الإمارات برزت قيمة هذا الوعي الفردي والمجتمعي المفعم بالوعي، وتجلى الازدهار الأخلاقي النبيل، حين جاءت التوجيهات من قبل القيادة الرشيدة بالتقيّد بالتعليمات والالتزام بها، في هذا التحقيق نقترب من ثقافة المجتمع لنرى عن كثب كيف تسهم في حماية المجتمع، ومدى الإيجابية والروح البناءة التي تخدم الصالح العام، وتعكس الانسجام والتلاحم والتناغم بين المجتمع الإماراتي وفكر قيادته الرشيدة.

مصلحة الوطن أولاً
يقول عبدالله ماجد آل علي، المدير التنفيذي لقطاع دار الكتب في دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي: «إننا في الإمارات، نستلهم في جميع أمورنا في حياتنا المجتمعية والثقافية وشؤوننا العامة قيم قادتنا الرشيدة، والتي تأتي في مقدمتها قيمة المصلحة العامة للوطن وشعبه المواطن والمقيم.
والمصلحة العامة هي بحد ذاتها ثقافة تعكس وعي الناس بالخير وأهمية ترسيخه في نفوسنا، وتعاملنا مع الآخر قريباً وغريباً. كما أننا نعمل وفق رؤية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الذي دعانا «إلى التحلي بالإيجابية وروح التفاؤل التي تعلمناها من والدنا زايد في مواجهة التحديات كافة».
وانطلاقاً من قول سموه كذلك «خلكم في البيت، ولا تشلون هم»، فإن دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي تحرص على أداء دورها في تعزيز روح الإيجابية في المجتمع، من خلال الثقافة التي تحضر بقوة في هذه الفترة، فالجميع الآن وهو جالس في بيته يبحث عما يملأ به وقته، وليس أفضل من الثقافة لتقوم بهذا الدور، سواء الثقافة بشكل عام، أو ثقافة الاكتشاف والاطلاع والقراءة عن وباء «كورونا»، ولن يطول بنا الوقت حتى نرى انعكاسات ذلك في كتابات مختلفة ترصد تجارب حياتية من الواقع الذي نعيشه، وتتحدث أيضاً عن الإنجازات والجهود الجبارة التي سطرتها قيادتنا الرشيدة للحد من انتشار هذا الفيروس، واحتواء هذه الأزمة، فضلاً عن الوقفة الإنسانية المشرفة للدولة من خلال مد يد العون والمساعدة لعدد من الدول الشقيقة والصديقة لتجاوز هذه المحنة، والتي كان لها صدى كبير في مختلف أرجاء العالم.

وعي ومسؤولية
يرى الشاعر عبدالله محمد السبب أن الوعي ثقافة الأسوياء، ومجتمع الإمارات بكافة أطيافه وعناصره البشرية مؤسس على الوعي وعلى حس المسؤولية المؤدية إلى تحقيق النتائج المرجوة من أفراد البيت الواحد، سواء البيت الصغير المؤطر بالأسرة الواحدة أو البيت الكبير المشترك بالقبيلة أو بـ (الفريج) أو البلدة أو بالبيت الأكبر الجامع للبيوت الصغيرة والكبيرة على السواء ليكون هذا البيت الوطن الكامل الشامل للأبناء والأسر والقبائل والقرى والمدن، مشيراً: هكذا نرى ثقافة وعي الإمارات التي لا تصدر تعليماتها وأوامرها إلا في الشؤون التي تصب في صالح الوطن والمواطن والمقيم والزائر، وفي المقابل، يتسابق الأفراد إلى السمع والطاعة برضا نفس وبطمأنينة تقودهم إلى الثقة بما يصدر من تعليمات عليا إنما يصب في صالحهم وصالح المجتمع ككل، بما يؤدي إلى إفشاء السلام والأمان وطيب المقام في البلاد وينعكس إيجاباً على العباد.
وتابع السبب: إن ثقافة المكان في مثل هذه الظروف الصعبة، تسهم في صياغة الحدث، والإنسان هو الخيار الأرجح في هذا الحدث، إما أن يفوز ويكسب الرهان، أو يخسر ويعود أدراجه بخفي حنين، ولكن ما نشاهده اليوم في المجتمع الإماراتي من رقي فكري، ووعي ثقافي مؤجج بالرؤى والرؤية الثاقبة المستلهمة من فكرة القيادة وطموحها الزاخر بالأمل، يضع المسؤولية على الجميع، لافتاً إلى أن القرارات الحكومية جنت ثمارها، وهناك ثقافة واعية تمارس من قبل كافة أفراد المجتمع الإماراتي، بشتى أطيافه صغاراً كانوا أم كباراً، نساءً ورجالاً مواطنين ووافدين، مسلمين وغير مسلمين، ففي ظل الأوضاع «الكورونية» الراهنة، فإن الثقافة واحدة، والفكر واحد.

رصانة
وأوضح الكاتب وهيب سعيد الكمالي، أنه في الأزمات تحصد العقول مبتغاها، وفي الأحداث الجسيمة تبين المواقف، وفي هذه الأزمة التي تشهدها المنطقة بشكل عام، والدولة بشكل خاص، أثبت المجتمع المحلي أنه قادر على التصدي لمثل هذا الوباء بثقافة رصينة، ووعيٍ حصين مليء بالتطلعات الصادقة، والآمال المشرقة المستنيرة، ولا شك في أن الانفتاح الفكري والوعي بأهمية التعليمات والتوجيهات المتعلقة بالفيروس وأمن المجتمع وأمانه أبرزا هذه الثقافة الإيجابية التي لمسناها بالتجربة الحيّة في ظل الأزمة، بينما دفعت شعوب أخرى لم تتقيّد بأبسط الأوامر والتعليمات ثمناً فادحاً، وهذا ما جعل الخسائر في بلدانهم لا تعد ولا تحصى. إن الثقافة المجتمعية النابعة من وعيٍ جازم وفكرٍ حازم، تمكّن المجتمع من تخطي المرحلة الراهنة من دون أي خسائر جسيمة، كونه قادراً على الانضباط والتأقلم مع الظروف والأوامر الموضوعة من الجهات المعنية. ويؤكد الكمالي أن ما نشاهده من التزام ووعي هو حصاد لثقافة زرعت منذ قيام الاتحاد، كانت هذه البذرة طوال الوقت تسقى بماء المكرمات وسجايا الأفئدة العذبة الصافية، وهذا ما تعكسه اليوم تلك الأوراق الوارفة التي تظلل أفكار المجتمع، وتجعله قادراً على التناغم مع القيادة، عازفاً معها سيفونية الوجود، وأيقونة الحياة.
وتابع الكمالي: الثقافة ليست محصورة على الكتاب والأدباء والمثقفين، بل الثقافة ضوء يسطع على جبين الحياة، ليقتبس منه الجميع، فالثقافة كينونة الإنسان وصيرورته الكامنة، والقوة التي يستطيع من خلالها التغلب على كل التحديات والظروف الحياتية الصعبة. من هنا نتلمس قيمة الثقافة، ومن المجتمع الإماراتي مواطنين أو مقيمين، نشعر بجمالية الكمال الفكري والاتزان العقلي والثقافة التي ترسم أمامنا خريطة طريق الإنسانية التي تبشر بالخير.

سيّدة التحضّر
وليد محمد المرزوقي يقول، إن مثل هذه الظواهر المجتمعية تؤثر إيجاباً في خدمة الناس، وتعزز من قوة الحكومات والقيادات التي تحمل على عاتقها المسؤولية الكبرى.
وحرص المجتمع على الالتزام بتوجيهات القيادة والجهات المعنية دليل على ثقافة عالية يتحلى بها المجتمع، وأكثر الأمم تحضراً وتطوراً وتقدماً لا يتحقق بكثرة عمرانها وصناعاتها بل بوعي وثقافة مجتمعها وتحضّره، فالثقافة دائماً هي سيّدة التحضر.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©