الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

العواصف الشمسية القادمة تهدد أنظمة الاتصالات

العواصف الشمسية القادمة تهدد أنظمة الاتصالات
26 فبراير 2011 20:30
يحذر المحللون من أن اعتماد البشرية أكثر من أي وقت مضى على التكنولوجيا والمعدات التقنية يجعلها أكثر تأثراً وتضرراً بهبوب عواصف شمسية من السابق. ويشير العالم جوو جورمان من مركز جودارد للملاحة الفضائية التابع لوكالة ناسا الأميركية إلى أنه “حتى إذا كان الأمر يتعلق حقاً بدورة شمسية فاترة، فإن ذلك لا يجعل من المستبعد وقوع حدث تُقرع له أجراس إنذارات الخطر”. العاصفة المغناطيسية الأرضية هي عاصفة جبارة حقيقية قادرة على إلحاق دمار شديد بكوكب الأرض من خلال تعطيل كافة أنظمة الاتصال وتوقيف حركة الأقمار الاصطناعية في الفضاء، وشل حركة رواد الفضاء والتسبب في خسائر فادحة تقدر بتريليونات الدولارات. حررت الشمس ليلة الرابع عشر من الشهر الجاري دفْقات طاقية قوية فاقت في قوتها ما حررته على مدى أكثر من أربع سنوات ماضية، مُتسببةً في تعطيل الاتصالات في الصين ومولدةً قلقاً متزايداً حول باقي أرجاء العالم. كيف لا وكان من الممكن أن يكون الأمر أسوأ بكثير مما حصل، كما يقول أحد الخبراء. وعلى الرغم من قوتها، كانت عاصفة ليلة الاثنين الشمسية عاصفةً بسيطةً وحديثة الولادة مقارنةً مع عواصف شمسية سابقة، وجاءت منذرةً بما يمكن أن تُلحقه الشمس من أضرار بالكوكب الأزرق في رمشة عين. فدورة الشمس تنشأ من جديد بعد كل 11 سنة، وبالتالي فإنه من المرجح هبوب عواصف شمسية جديدة في السنوات القليلة القادمة. وقد تنامى نشاط الشمس في الأشهر الأخيرة الماضية بعد الخمود الذي اتسمت به الدورة الماضية. ويقول الخبراء إن هذا لا يعني أننا أصبحنا قاب قوسين أو أدنى من هبوب العاصفة العظمى المدمرة، لكن لا يمكننا في الوقت ذاته الجزم بتحقق ذلك أو نفيه. توهجات وانبعاثات تهب العواصف الشمسية بأشكال مختلفة. ويمكن تعريف التوهجات الشمسية بكونها انفجارات شديدة من الأشعة ترسل موجات من الفوتونات تتجه نحو الأرض. وينقسم المقياس الذي يقيس قوة هذه التوهجات إلى ثلاث فئات عامة هي الفئة “سي” والفئة “إم” والفئة “إكس”. وتعتبر هذه الأخيرة أقوى التوهجات الشمسية. وقد صُنف توهج 14 فبراير ضمن الفئة “إكس.2.2”. أما العواصف الأخرى، والمعروفة بالانبعاثات الكتلية الإكليلية، فهي عبارة عن سحب كبيرة من البلازما والمجالات المغناطيسية التي ترتفع فوق سطح الشمس وتُرسل الكثير من الجزيئات في اتجاه الأرض. ويرجع حدوث التوهجات الشمسية والانبعاثات الكُتلية الإكليلية إلى الأصل نفسه، فكلاهما ينتجان عن اختلال المجال المغناطيسي للفضاء الخارجي للشمس. وكلا الحدثين يمكنهما التأثير على الحياة على سطح الأرض. فالتوهجات الكبرى على سبيل المثال من شأنها التشويش على الأقمار الاصطناعية وتعطيل عمل أنظمة التموضع العالمي وموجات البث الإذاعي ذات التوترات العالية، ويمكن لذلك أن يستغرق من بضع دقائق إلى بضع ساعات. ويتم استشعار تأثير مثل هذه الحوادث بشكل فوري تقريباً نظراً لأن الوقت الذي يتطلبه وصول الضوء من الشمس إلى الأرض لا يتجاوز ثماني دقائق. درع شمسي يقول بوب روتليدج، رئيس مكتب التوقعات بمركز الإدارة الوطنية للتوقعات البحرية والجوية الفضائية، “تبدو الشمس وكأنها مصدر ضجيج شديد وهائل. فهي قادرة على تعطيل أي شيء يعتمد تشغيله على رابط ما بين الأرض والأقمار الاصطناعية”. ومع ذلك، تبقى الانبعاثات الكتلية الإلكليلية هي مصدر الخطر الأعظم. لكن عندما تصل هذه الانبعاثات إلى الأرض، فإن تفاعلها مع المجال المغناطيسي الأرضي يُسبب عواصف مغناطيسية أرضية هوجاء ذات قدرة على إحداث دمار هائل يدوم تأثيره على البنية التحتية للاتصالات والكهرباء على الأرض لمدة طويلة. ويضيف روتليدج “يمكنها التسبب في مشكلات كثيرة على الأرض”. وفي السنة الماضية، أطلقت وكالة ناسا الفضائية مشروع الدرع الشمسي، وهو مشروع قائم على إنشاء نظام للإنذار المبكر يتنبأ بقرب وقوع التقلبات الجوية الفضائية الكبيرة. أضرار مدمرة تزامنت ليلة الرابع عشر من فبراير (ليلة عيد الحب) مع وقوع توهج شمسي كبير وهبوب انبعاثات كتلية إكليلية. وكان روتليدج قد صرح لدى وقوع هذا الحدث قائلاً “لا نتوقع أن يتسبب هذا في إحداث أي ضرر طويل الأمد على البنية التحتية للاتصالات”. وقد سبق أن ضرب كوكبَ الأرض عواصفُ شمسية أشد. فالعاصفة التي حدثت سنة 1859 كانت واحدةً من أقوى العواصف الشمسية وأعتاها، وقد كان تأثيرها يفوق بثلاثين مرة تأثير عاصفة ليلة عيد الحب الأخيرة. وكانت العاصفة الشمسية التي ضربت الأرض سنة 1859 قد تسببت في تعطيل خطوط التلجراف، وحدوث حرائق في شمال أميركا وأوربا، وظهور شفق قطبي بألوانه الخلابة وأنواره الساطعة في منظر في غاية الروعة والسحر على القطبين الشمالي والجنوبي. ولو افترضنا أن عاصفة 1859 ضربت الأرض في أيامنا هذه، فإن تأثيرها كان سيكون مدمراً على كثير من الأصعدة، وذلك باعتبار أن أنظمة الاتصال والربط الكهربائي في البنية التحتية أكثر تطوراً بكثير مما كانت عليه في القرن التاسع عشر. وأظهر تقرير حديث أصدرته الأكاديمية الوطنية الأميركية للعلوم أن وقوع عاصفة شمسية مثل تلك التي ضربت الأرض سنة 1859 كانت ستلحق بالعالم خسائر مبدئية تُقدر بتريليوني دولار، بالإضافة إلى شل حركة الاتصالات على الأرض وإحداث فوضى في أنحاء كثيرة من المعمور. ويشير هذا التقرير إلى أن ترميم وإصلاح الأضرار الناجمة عن عاصفة شمسية مماثلة كان سيتطلب 10 سنوات على الأقل. عاصفة 2013 تظل الشمس نشيطة لمدة 11 سنة لإكمال دورة نشاطها، ويبدو أن نشاطها يزداد أكثر. ويقول روتليدج إن العلماء يتوقعون بلوغ النشاط الشمسي ذروته سنة 2013 أو 2014، لكن لا أحد يستطيع الحسم بشأن ذلك في الوقت الحالي. ويضيف بعضهم أن تكرار هبوب عواصف شمسية جديدة وانبعاثات كتلية إكليلية هو أمر حتمي ولا مفر منه في السنوات القادمة. ويقول الباحثون إن الشمس ظلت شبه خامدة في دورتها المنصرمة وإنهم يتوقعون أن تكون الشمس في دورتها الجديدة أكثر نشاطاً، وربما قد يفوق نشاطها ما وصلت إليه في السابق بكثير. ولذلك فإن الباحثين والعلماء يراقبون تحركات الشمس ونشاطها عن كثب تحسباً لوقوع أي عواصف قد تضرب كوكب الأرض على المدى القريب. ومن جهته، يقول جورمان “كانت دورة نشاط الشمس السابقة خامدةً إلى حد ما، لكن هذا لا يعني أن الدورة الجديدة ستكون مثل سابقتها، بل قد تتخللها أحداث شمسية كبرى”. عن “كريستيان ساينس مونيتور” ترجمة: هشام أحناش
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©