شعبان بلال (القاهرة)
حذر خبراء وباحثون من التعرض للشائعات والأكاذيب والضغوط النفسية حول فيروس كورونا الجديد «كوفيد- 19»، مشددين على أن ذلك يتسبب في إضعاف المناعة وإفراز هرمونات تؤثر على الجهاز المناعي للأشخاص، وتزيد من فرص الإصابة بالأمراض والفيروسات.
وتنتشر العديد من الشائعات حول فيروس كورونا الجديد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما تسبب في إثارة الخوف والقلق لدى قطاعات كثيرة من الناس في مختلف الدول.
وقال الدكتور أشرف عقبة، رئيس قسم المناعة بكلية العلوم جامعة عين شمس في مصر، إن الضغوط النفسية تهدد استقرار أي شخص، أو وجوده المادي والمعنوي والشعوري، أو من يرتبط بهم من حوله، كأسرته وبلده، موضحاً أن هذه الضغوط لها تأثير ضار بإضعاف مناعة الأشخاص، وأنه في حالة الاستقرار تكون لدى الشخص القدرة على مقاومة الأمراض بشكل أفضل ومقاومة الالتهابات، وتقل فرص إصابته بالأورام.
وأوضح عقبة لـ«الاتحاد» خطر الضغوط النفسية الناجمة عن الشائعات والأكاذيب وما يتداوله بعض الأشخاص عن طريق وسائل ومواقع التواصل الاجتماعي، مما يزيد من الإحساس بالخوف وعدم الاستقرار، وهذا من الممكن أن يؤثر فعلاً على المناعة.
ولكن كيف تؤثر الشائعات على المناعة علمياً؟ يشير أستاذ المناعة إلى أنه عندما تحدث الضغوط النفسية تؤثر على إفراز بعض هرمونات الضغوط، مثل الأدرينالين وهرمون النمو والبرولاكتين والكورتيزون، موضحاً أنه عندما يتم إفراز هذه الهرمونات بزيادة على اللزوم، تؤثر على مراكز المخ المسيطرة على الجهاز العصبي اللإرادي وعلى سيطرة المخ على إفراز باقي الهرمونات.
وأكد من منظور علمي أن كرات الدم البيضاء لها مستقبلات حية تتحسس هذه الهرمونات وتتأثر بها، وبالتالي عند التعرض إلى شائعات أو أكاذيب أو أشياء مما يؤثر سلباً على استقرار الشخص ووجوده، من الممكن أن تؤثر على مناعته، موضحاً أنه في حالة التعرض لهذه الضغوط النفسية، ثبت علمياً أنه تحدث زيادة في كرات الدم البيضاء، ولكن هذه الزيادة غير مبررة، ورغم زيادة عدد كرات الدم البيضاء، يحدث فيها تقاعس عن قدرتها المعتادة على العمل بشكل جيد. ولفت إلى أنه يحدث انخفاض في قدرة الخلايا الأكولة أو القاتلة الطبيعية والتي تعتبر من الجهاز المناعي الفطري، على العمل بشكل ملحوظ عند التعرض للضغوط النفسية والشائعات والأكاذيب، موضحاً أيضاً أن الخلايا «تي» اللمفاوية تقل قدرتها هي أيضاً على إفراز الأجسام المضادة وتقل فترة عمل هذه الأجسام المضادة، وتختل العلاقة بين خلايا «تي» اللمفاوية المساعدة، مما يؤدي إلى زيادة فرص الإصابة بالحساسية وأمراض المناعة الذاتية، وتقل القدرة على مقاومة الفيروسات.
وأضاف الدكتور عقبة، أنه تحدث زيادة إفراز كيماويات السيتوكينات، وأهمها السيتوكين السادس، وهذا السيتوكين مسؤول عن مقاومة الجسم للإنسولين، مما يزيد من فرص الإصابة بمرض السكر وارتفاع ضغط الدم وكذلك جلطة القلب.
وقال إنه عند التعرض لهذه الشائعات والأكاذيب يبدأ المخ في تغيير بعض العادات التي يقوم بها الأشخاص، فيجعل بعضهم يميل إلى الإدمان والأرق وشرب الكحوليات واختلال المناعة.
وأوصى أستاذ المناعة بالابتعاد عن الشائعات والأكذيب وكل ما يردده الناس من معلومات خاطئة تثير القلق والاكتئاب والضغوط النفسية، موضحاً أنه يمكن أن يبدأ الأشخاص بتغيير بعض الأنماط الحياتية التي تساعدهم على التغلب على هذه الضغوط بالعبادة، والاسترخاء، وممارسة الرياضة، والترفيه، والتوازن بين متطلبات واحتياجات الشخص نفسه والآخرين.
وحث عقبة على تقسيم الوقت بشكل جيد، وتوزيع الأعباء على أفراد الأسرة والتعود على التسامح والتعاطف، وأن نحيط أنفسنا بالأصدقاء والمعارف الذين يشيعون جو البهجة والراحة من حولنا، وذلك للتغلب على ما يحدث نتيجة الضغوط النفسية، وإذا لزم الأمر فلا مانع من استشارة الأطباء أيضاً.
«الصحة العالمية»: تجنَّب الشائعات
وأوصت تقارير عديدة لمنظمة الصحة العالمية بضرورة تجنب الشائعات وأخذ المعلومات من مصادرها لضمان عدم الإصابة بالخوف والقلق، مع الالتزام بالإجراءات والتوصيات الاحترازية. وهو ما أكده الدكتور أيضاً فادي رمزى، أستاذ الإعلام الرقمي بالجامعة الأميركية، مشيراً إلى أن الشائعات تتسبب في الضغط النفسي، وقد يصل ذلك إلى درجة تضعف المناعة لدى الشخص.
وأضاف لـ«الاتحاد» أن منظمة الصحة العالمية نشرت نصائح عديدة حول تجنب التعرض لضغط زائد نتيجة تأثير الشائعات على الأشخاص العاديين، أو الأطباء الذين يتعاملون مع الفيروس، أو المتواجدين بالمستشفيات بصورة عامة. وكشف تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية في منتصف مارس حول فيروس كورونا الجديد، ضرورة تقليل مشاهدة أو قراءة أو الاستماع إلى الأخبار السلبية التي تجعلك تشعر بالقلق أو الخوف، موضحاً ضرورة أن تطلب المعلومات من مصادر موثوقة فقط، وتتخذ خطوات عملية لإعداد خططك وحماية نفسك وأحبائك، والبحث عن تحديثات المعلومات في أوقات محددة، خلال اليوم، مرة أو مرتين. وأوضحت المنظمة أنه يمكن أن يؤدي التدفق المفاجئ وشبه الثابت للتقارير الإخبارية حول تفشي المرض إلى الشعور بالقلق، مشددة على ضرورة الحصول على الحقائق لا الشائعات والمعلومات الخاطئة.
ومن جانبه، ربط أيضاً الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي في جامعة القاهرة، زيادة الشائعات بنقص المناعة لدى الأشخاص، موضحاً أن نشر أرقام خاطئة ومخيفة حول عدد حالات الوفاة والإصابات بالفيروس، يسبب الخوف وإفراز هرمونات تقلل المناعة. وأشار لـ«الاتحاد» إلى أن نقص المناعة يجعل أصحابه عرضة للمرض والفيروسات أكثر من غيرهم، مشدداً على ضرورة استقاء المعلومة من مصادرها الرسمية، وخاصة في ما يخص فيروس كورونا الجديد.