محمد عبدالسميع (الشارقة)
ضمن عروض أيام الشارقة المسرحية في دورتها التاسعة والعشرين، قدمت فرقة مسرح الفجيرة، أمس الأول، مسرحية «مزيد من الكلام»، على مسرح معهد الشارقة للفنون المسرحية.
المسرحية من تأليف صالح كرامة، وإخراج مبارك الماشي، قدمها 22 ممثلاً وممثلة منهم: حميد فارس، ريما نصر، خليفة ناصر، عبدالله الرشدي، لطيفة محمد، رغدة عبدالحليم، وغيرهم.
العرض حوار فلسفي عميق كتب بإيقاع صوفي بحت، أوضح أن المؤلف له فلسفة خاصة في توظيف اللغة والزمن المسرحيين، وأن المخرج له رؤية مسرحية كسرت المألوف.
يبدأ المشاهد في التعرف إلى ملامح العرض من خلال رجلين يدافعان عن المدينة من أطماع الدخلاء ومن هجرة الأبناء، ومن صعوبات الحياة المتمثلة في ندرة المطر، ومواجهة الرياح والعواصف وأخطار البحر.
وكل رجل منهما وراءه مجاميع، وكل مجموعة ينطق باسمها أحد الرجلين.
وبين دق طبول، وحركة المجاميع يتحول الممثلون في أدوارهم بين بشر تارة وحيوانات تارة، لتبدأ المسرحية بالكشف عن الشخصيات أو الحكايات الأساسية التي ترتكز عليها، فهناك فياض، وسندس، وأبو نوفل، وأم نوفل، وأم بدن، ولكل منهم دوره وقصته المعبرة عن تأويلات ومعانٍ منها الخوف، والفقدان، والغربة، والحرية، وكلها تتجمع في حوارية ومشاهد كانت في أحيان كثيرة غير مترابطة غير معبرة عن تتابع الفعل المسرحي، الأمر الذي يوحي للمتلقي بأن المخرج قطع أشياء من النص، ما جعل المشاهد يشعر أن النص مكتوب من خلال خطين مختلفين، خط الجد، وخط الصياد الذي يعيش مع زوجته، وأحياناً نجد الصياد يتقابل مع الجد، وهنا ضاع المضمون.
فياض الذي يحبس مجموعة من الحيوانات المفترسة، خوفاً على أهل المدينة منها، وهم من وجهة نظر النص يمثلون الغرباء أصحاب المطامع، وفي المقابل زوجته سندس الرافضة لتسلط فياض وأنانيته، وعدم تقبله للآخر، فيحتد الصراع بينهما، حتى تغادر سندس، وتترك فياض وحيداً بين تلك الحيوانات التي تجوع كل يوم أكثر، فيقرر فياض أن يتحول إلى قربان لها.
في المقابل هناك أبو نوفل وهو بحار مسن ينتظر ابنه (نوفل) الذي ذهب إلى الخارج للدراسة وتزوج فتاة أجنبية، وعندما عاد الابن من السفر وبرفقته زوجته وابنهما (بدن) يفرح الأب (أبو نوفل) بقدومهم، ولكن زوجة الابن (نوفل) تصر على الرحيل، وتترك المدينة لأهلها، فهي لا تستسيغهم، ولا تقبل أن تحيا في كنفهم.
كان المخرج موفقاً في استخدام أدواته، حيث الستائر وخيال الظل ِيتحكمان في مشاهد العرض، وذلك للتعبير بها عن الصحراء تارة والبحر والميناء تارة والخيام تارة أخرى وكانت هي كل الديكور.
ويؤخذ على العرض الإضاءة التي لم تكن مناسبة في معظم المشاهد، وكان فيها إفراط كبير طغى على تعبيرات الممثلين ومكياجهم، وأيضاً الأزياء كانت ضائعة جمعت بين التراثية والحديثة.
والحضور الطاغي للموسيقى، ففقدت وظيفتها الأساسية.
ورغم اندفاع وحماس الممثلين إلا أن أداءهم كان موفقاً مع النص الذي اعتمد على نقل حالة أشبه بالفانتازيا تحاكي معنى الغربة، وتربطها بعلاقة بين البر والبحر والحيوانات.
وقد أكد المخرج الإماراتي مبارك الماشي أن النص في هذا العرض قوي، حيث إنه في السابق كان يعمل على نصوص سهلة، لكن هذا النص يختلف لأنه نص فلسفي تعلم منه الكثير، مضيفاً أنه تشارك في هذا العمل مجموعة كبيرة من المسرحيين الشباب، وهذا شيء جميل ليتعلموا الإخراج وكتابة النص والديكور والإضاءة.
وأضاف الماشي أن المسرحية بالنسبة له تعتبر مغامرة شائقة، وجسّد من خلال العمل في هذا النص ثقافة جديدة قد يستطيع المجتمع أن يستفيد منها في المستقبل.