شادي صلاح الدين (لندن)
لا تزال الاستثمارات القطرية، خاصة المرتبطة برئيس الوزراء السابق حمد بن جاسم وأعوانه، تقف عائقاً أمام طموح البنوك الأوروبية في الاندماج، وخلق فرص جديدة في الأسواق المالية العالمية، وتحسين أدائها المتراجع. وفي دليل جديد على خطورة السماح للقطريين بامتلاك أسهم في البنوك الأوروبية الكبرى، خاصة بعد فضيحة رشاوى بنك «باركليز» البريطاني، ذكرت شبكة «بلومبرج» الأميركية أن مجموعة «دويتشه بنك» تواجه معارضة ومقاومة قطرية لخطط الاندماج مع «كوميرز بنك» الألماني.
وأوضحت الشبكة أن القطريين، خاصة حمد بن جاسم، يشعرون بقلق شديد من أن تؤدي الصفقة إلى إضعاف ممتلكاتهم إذا اضطر «دويتشه بنك» إلى بيع أسهمه من أجل المساعدة في تمويل الصفقة، حسبما قال 4 مسؤولين تنفيذيين طلبوا عدم الكشف عن أنفسهم، وأضافوا أن القطريين يسعون أيضاً للحصول على تنازلات أخرى قبل دعم أي صفقة، وهي نفس الاستراتيجية التي يتبعونها في معظم الصفقات الدولية.
واضطر «دويتشه بنك» إلى التفكير في الاندماج مع «كوميرز بنك» بوساطة حكومية إذا لم تفلح جهود إعادة هيكلة البنك، في تحسين الأداء في الربع الأول. وأوضحت «بلومبيرج» أن مثل هذه الصفقة قد تصبح الخيار الوحيد إذا لم يتحسن أداء البنك في الأشهر الأولى من العام. وأكدت أن أسهم «دويتشه بنك» تراجعت بنحو الثلثين منذ أن استثمرت قطر في البنك منذ حوالي خمس سنوات. وترغب قطر في استغلال الموقف من أجل الضغط نحو إبرام المزيد من الصفقات مع ألمانيا في صناعات أخرى كشرط لدعم الصفقة بين البنكين. ويمتلك القطريون أكثر من 6 في المائة من «دويتشه بنك» الذي رفض التعليق.
يأتي ذلك مع تزايد تسليط الضوء على تورط نظام الحمدين في قضايا فساد بعدد من البنوك الأوروبية في الخارج. وبلغت قيمة الأموال التي ضخها حمد بن جاسم في البنك الألماني نحو ملياري دولار. ومن المرجح أن تزيد التوترات الحالية في ما يتعلق بمفاوضات اندماج البنك الألماني الضغوط على بن جاسم الذي تسبب بأكبر فضيحة مالية تواجه بنك باركليز. ونقلت «بلومبرج» عن أحد المطلعين على المحادثات الجارية أن «كوميرز بنك» يمتلك الكثير من السندات الإيطالية، والتي قد تحتاج إلى إعادة تقييم، بينما مستقبل «دويتشه بنك» في الولايات المتحدة ومستقبل وحدته التجارية سيكونان من المسائل الصعبة أيضاً، التي سيتعين مناقشتها.
واستثمرت قطر في البنك الألماني عام 2014 حين تعرض لأزمة سيولة نتيجة الغرامات الضخمة التي تعرض لها في الولايات المتحدة والتي قدرت بمليارات الدولارات. وواجه البنك وقتها وضعاً يشبه كثيراً ما تعرض له بنك باركليز البريطاني عام 2008 خلال الأزمة المالية العالمية، حيث يخضع أربعة من مسؤوليه التنفيذيين حالياً للمحاكمة العلنية. ونجح حمد بن جاسم في التسلل إلى البنك الألماني في البداية عبر شركة «باراماونت» للخدمات القابضة حيث حصل على حصة بقيمة 1.75 مليار يورو. وتم تمويل الاستثمار بقرض هامشي قبل أن يرفع بعدها مشاركته في حصة بيع أسهم البنك إلى مليار دولار. وتساءل البعض عما إذا كان دمج البنكين سيؤدي في النهاية إلى كيان أقوى يقف في مواجهة الاستثمارات القطرية المتغلغلة داخله وينهيها. وأكدت «بلومبرج» أن الأسهم القطرية مملوكة من قبل أدوات استثمار يسيطر عليها أفراد من العائلة المالكة وسياسيون بارزون آخرون. وفي العام الماضي، قالت قطر إنها تتوقع استثمار 10 مليارات يورو في الاقتصاد الألماني خلال السنوات الخمس المقبلة.