الأحد 24 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أخبار الحوادث وجبة يومية غير سارة!

أخبار الحوادث وجبة يومية غير سارة!
4 ابريل 2010 20:52
للأسف هو خبر لا مفر منه، يصل في أي لحظة ليس على الخاطر والبال، قد يقبض صدرك، وقد يكسر خاطر قلبك، ويتحول من كابوس إلى حقيقة. أخبار الحوادث كثيراً ما نراها تملأ الصحف والمجلات وشاشات التلفزة، قد تعلن عن فقدان عزيز أو صديق أو والد أو قريب، تضع الشخص الذي له علاقة بالأمر في أوضاع متردية، وقد يكون تأثيره أبعد من ذلك، ناهيك عن ذلك إن مثل تلك الأخبار الدسمة قد تؤدي عند البعض إلى صدمة تؤذي صاحبها. شعرت بالدنيا تدور بها عند سماع خبر وفاة صديقتها. كان هذا أول ما قاله لسان سوسن أحمد، موظفة، تُحدثنا عن صدمة الخبر قائلة: «لم تكن تعاني من أي شيء، كنا معها نتحدث في كل شيء عن أمور حياتنا اليومية والزوجية وطموحاتنا المستقبلية في جو فكاهي يسوده الحب والمودة». تصمت سوسن قليلاً قبل أن تقول عن وفاة صديقتها في العمل: «لم أصدق خبر موتها فقد كنت معها في الليلة التي سبقت وفاتها. لكن من هول الخبر أُغمي علي في البيت وأنا أتلقى اتصالاً هاتفياً من إحدى الصديقات تبلغني النبأ، رحمها الله كانت صديقة مخلصة، وكاتمه أسرار». سوسن تعلق على تأثير مثل هذا الخبر الصاعق قائلة: «في كثير من الأحيان مثل هذه الأخبار والكوارث تسبب الصداع والغثيان، فكل يوم نسمع ونشاهد ونقرأ عن وفاة كذا وقتل كذا، وكلها لها تأثير قوي ومباشر على الشخص الذي له علاقة بالأمر». صدمة قاهرة ثمة تجربة أخرى أكثر ألماً عانى منها راشد الظاهري، يقول عن أسوأ خبر سمعه: «وفاة والدي هو الخبر الذي هز كياني باعتباري الابن الأكبر، ووالدي بالنسبة لي هو الأب والأخ والصديق، وكل سفراتي ورحلاتي معه». يصمت راشد مستذكراً، ثم يتابع الحديث حزيناً: «وصلني الخبر وأنا في المطار أثناء عودتي من العُمرة، فلم أصدقه، واعتقدت انه من باب المزاح، لكن اتصال والدتي أكد صدقية موت والدي، ولم أشعر بنفسي إلا وأنا ممدد على سرير أبيض في المستشفي، وممرضة تقول لي: «كانت الصدمة قوية عليك». يصمت مجدداً قبل أن يقول: «ما علمته بعد ذلك أثناء وجودي في المستشفى لمدة 24 ساعة أن هناك الكثير من الحالات تصاب بمثل هذه الأخبار السيئة التي تسبب صدمات مزعجة». وجبة يومية كذلك كان الخبر الذي تلقته منى حسن بوفاة أختها قوياً عليها، تروي التجربة بكل حزن وألم: «لم أصدق أن أختي ماتت نتيجة أزمة قلبية، فمنذ ساعة كنت معها، لقد كان الخبر أسوأ خبر تلقيته فهو قاتل ويقبض الصدر، ومن هول الصدمة تعرضت لحادث، ولكن لطفاً من الله خرجت سالمة ومعافاة». وفي سياق توصيف وقع مثل هذه الأخبار، تقول منى: «أجد هذه الأخبار مثل وجبة يومية، هي ترفع الضغط والسكر، والإنسان مهما هرب وابتعد عن سماع تلك الأخبار لا بد لها أن تصله أينما كان، صحيح إنها ثقيلة وتسبب الهم والغم لكن في النهاية لا مفر منها». وطأة تلقي الخبر نُقل لي خبر وفاة عمي بطريقة سيئة، هذا ما قالته هدى النعيمي، ربة بيت، عن الأخبار السيئة وكيف يتم نقلها وتلقيها، تتابع القول: «لم تتوان التي اتصلت بي من المستشفى عن صعقي بالخبر. «أنت هدى؟ عمك فارقت الحياة تعالي للمستشفى». كلمات سريعة كالرصاص اخترقت أذني ونزف منها قلبي، أكثر من نصف ساعة وأنا جالسه مكاني لم أبارحه، فرجلي لم تعد قادرة على النهوض، فخبر مثل هذا صدمني ووضعني تحت وطأة نقله لإخوتي وأقاربي. تصمت قليلاً قبل أن تعاود التحدث بكل هدوء: «فكرت كثيراً بما أصابني عندما سمعت الخبر بتلك الطريقة القاسية، لذلك حاولت التماسك لكي أستطيع نقل الخبر بشكل جيد حتى لا أؤذي من أحب، كما تأذيت أنا من تلقي خبر الوفاة بتلك الطريقة». خبر غير سار إنه من أصعب المواقف التي أواجهها.. هكذا بدأ سمير عبر الرؤوف، مدير مدرسة، كلامه عند سؤاله كيف ينقل خبراً سيئاً مثل الاستغناء عن خدمات أحد الموظفين، يتابع سمير حديثه: «من واقع منصبي أفضل دائماً أن أنقل الخبر بنفسي للشخص المقصود، فلدي خبرة كبيرة في هذه الأمور». يتكلم عن الموقف بشيء من التفصيل: «لا بد من التمهيد للمعني بالخبر السيئ قبل إعلامه به، فمثل تلك الصدمات للموظف قد تكون لها وقع خاص، حيث أسعى إلى وضعه في الحيثيات والأسباب التي أدت لاتخاذ القرار، وبذلك يتفهم الأمر، ويخف وقع الصدمة وهولها بالنسبة إليه خصوصا إذا كان الموظف كبيراً في السن أو يعاني من مشكلات مرضية، قد تؤدي صدمة كهذه إلى حدوث مضاعفات بالنسبة له، لذلك يجب توخي الحذر من المسؤولين عند نقلهم الأخبار السيئة لموظفيهم، وليتم ذلك بصورة متأنية وبطريقة مرنة وتدريجية». من جانبها ترى أمينة إبراهيم، منسقة البحوث والدراسات بوحدة الإعلام والتسويق والعلاقات العامة، في جمعية النهضة النسائية، إن الخبر السيئ يبرز في الساحة أكثر، تقول عن ذلك: «كثيراً ما ينتشر الخبر السيئ في الموبايلات والأخبار العاجلة في التلفزيون، ناهيك عن الجرائد والمجلات التي تمتلئ صفحاتها بمثل هذه الأخبار، وتسبب أحياناً كثيرة أزمة نفسية أو اضطرابات جسمية وصحية». تتابع أمينة قائلة: «لا شك في أن تلك الأخبار تسحق الإنسان لأنها تمس أحد المقربين للشخص المعني، سواء كانت والدته أو والده أو ابنه أو ابنته، من هنا نرى أن طرق نقل الخبر يجب أن تتم بشكل صحيح كي تأتي الصدمة النفسية الناتجة عنها مخففة قدر الإمكان، ولا يؤثر ذلك بشكل سلبي على الشخص المتلقي، أو على الأقل أن يأتي الأثر مخففاً». تأثير نفسي وعلى الرغم من تميّز الإنسان عن جميع الكائنات الحية بالعقل، إلا أنه يشترك معها في العاطفة، تفصيلاً يقول الدكتور جاسم محمد المرزوقي، استشاري أسري ونفسي: «الإنسان يستقبل ترددات الحياة بما فيها من تضادات من خلال مرورها عبر جهازين (العقل - العاطفة)، فإذا ما فقد هذان الجهازان عنصر التوازن، فإنه سيخل بمبدأ الاستقبال، وبالتالي سيؤثر على أعضائه الفسيولوجية والبيولوجية المستقبلة للإشارات، ومن ثم سينعكس هذا التأثر على سلوك الإنسان، فإما يميل إلى عقلانية مفرطة أو إلى عاطفة جياشة، وعلى الرغم من هذا فإن الاختلالات الناتجة عن هذه الترددات المؤثرة التي مهما حاول الإنسان السيطرة عليها عند استقباله لتحقيق التوازن بين العقل والعاطفة فإنه لن يستطيع وهذا أمر طبيعي». يتابع المرزوقي حديثه بالقول: «عندما يسمع الإنسان نبأ ما أيا كان طبيعته فإنه من المؤكد بأنه سيتأثر به، فما بالنا إذا كان الخبر سيئاً؟! بلا شك حينذاك الواقعة ستكون خارج نطاق قدرة الإنسان في السيطرة على عواطفه وانفعالاته، وهذا ليس بالضرورة أن يحدث مع البشر كافة لأن الاختلاف سنة كونية نتيجة الفروق الفردية، ولا يوجد من لا يتأثر بالبيئة من حوله، فالمعيار المحتكم له هو إبراز جانب الخلل ليس التأثير بل مستوى شدته». يضيف المرزوقي مؤكداً: «الإنسان كائن مفكر ومحلل ومفسر ومعلل، ومن هنا فإن المعطيات السابقة بحاجة إلى أن تعمل بطريقة سليمة كي يصل الإنسان إلى نتائج صحيحة، فعندما يستمع الإنسان لنبأ سيئ على سبيل المثال، عدم النجاح في المادة الدراسية أو الإخفاق فيها عن المعدل المتوقع، يكون وقعه على النفس كبيراً، فبمقدار التوقع أو عدم التوقع الناتج عن الحدث المنتظر أو المفاجئ فإن الإنسان سيتأثر، ويتبقى أن نعرف كيف يعمل ميكانزم الجهاز المستقبل والمشفر لترددات المعلومات الواردة إليه». ويتابع محدثنا قائلاً: «الإنسان يستقبل البيانات الأولية الواردة إليه وفق عملية تفكير عميقة غالباً ما تستند على معالجة تحليلية غير موضوعية، مما يؤثر على عاطفته تأثيراً بالغاً وهنا بالتحديد بمقدار انحراف التحليل عن المستوى الطبيعي له بمقدار شدة العاطفة، والتي بدورها ستزيد من استمرارية تحليل البيانات بطريقة غير موضوعية من ناحية وتأثيرها على سلوك الإنسان من ناحية أخرى. وبما أن الإنسان كائن تفاعلي يؤثر ويتأثر بالبيئة المحيطة فإن أثر هذا التأثير سينعكس بالسلب على الأعضاء البيولوجية له، فالقلب على سبيل المثال ستضطرب نبضاته والجهاز التنفسي للإنسان سيتأثر، فمستوى التأثير سيكون غير مستقر، هذا إلى جانب التغير الذي سيحدث في كيمياء جسم الإنسان بدءاً من المخ وانتهاءً بالغدد، وفي هذه الأثناء يلجأ البعض لاستدعاء ما يدعم عملية تحليل الأفكار غير الموضوعية من الذاكرة للمواقف والأحداث والأفكار، والصور الذهنية التي ستدعم بطبيعتها التحليل غير الموضوعي للنتائج التي سيصل إليها الإنسان».
المصدر: أبوظبي
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©