روى مقاتلو قوات سوريا الديموقراطية تفاصيل الساعات الأخيرة من المعركة ضد تنظيم داعش الإرهابي في قرية "الباغوز" قبل أيام.
واعتمد مقاتلو التنظيم في معركتهم الأخيرة على انتحاريين وقناصة وقاذفات صواريخ، لكن ذلك لم يحل من دون استسلامهم في النهاية.
ويقول المقاتل حميد عبد العال، لوكالة فرانس برس، أثناء وجوده على سطح مبنى، بينما يشير بيده إلى ساتر ترابي قريب من النهر "دخلنا خلال الليل وكنا قرب هذا الساتر، حصل الهجوم علينا صباحاً وبدأ القناصة باستهدافنا".
وأعلنت قوات سوريا الديموقراطية، وهي تحالف فصائل كردية وعربية تدعمها واشنطن، السبت القضاء التام على التنظيم المتشدد بعد تجريده من كافة المناطق التي كانت تحت سيطرته، من دون أن يعني ذلك انتهاء الخطر الذي يشكله.
جرت المعركة الأخيرة في بلدة "الباغوز" السورية الصغيرة النائية التي لم يكن أحد قد سمع باسمها قبل أشهر عدة.
وخاض الطرفان اشتباكات استمرت لنحو أربع ساعات وفق عبد العال، قبل أن "يقدم ثمانية انتحاريين على تفجير أنفسهم قرب النهر بينما استسلم المتبقون" من هذه المجموعة لقوات سوريا الديموقراطية.
ويشير عبد العال إلى ندوب في خاصرته اليسرى ناجمة عن طلق ناري أصيب به خلال المعارك في مدينة الرقة السورية (شمال)، التي شكلت المعقل الأبرز للتنظيم المتطرف قبل طرده منها في أكتوبر 2017. كما يدل على آثار إصابة في عنقه جراء انفجار لغم.
ومنذ سيطرته على أراض في سوريا والعراق في العام 2014، ظل تنظيم داعش الإرهابي يجبي الضرائب وأصدر عملته وفرض قوانينه المتشددة وطبّق عقوباته الوحشية. كما تبنّى في الفترة ذاتها تنفيذ اعتداءات دموية تسبب أحدها بمقتل 320 شخصاً في مدينة بغداد في يوليو 2016 وآخر بمقتل 130 شخصاً في باريس في نوفمبر 2015.
ومُني التنظيم خلال العامين الماضيين بخسائر متلاحقة على وقع هجمات شنتها أطراف عدة في سوريا والعراق بدعم رئيسي من التحالف الدولي بقيادة أميركية. وتحصن التنظيم في "الباغوز" داخل أنفاق وخنادق حفرها تحت الأرض وفي كهوف صخرية، بحسب قوات سوريا الديموقراطية.
ويقول عمر (31 عاماً)، الذي يقاتل التنظيم في ريف دير الزور منذ أكتوبر، أي بعد أسابيع من بدء الهجوم ضد الجيب الأخير "يهاجم التنظيم بشكل متقطع، ويخرج الانتحاريون والانغماسيون من أنفاق".
ويوضح المقاتل أن غالبية مقاتلي التنظيم الذين قاتلوا حتى النهاية هم "من الأجانب، من كازاخستان وفرنسا والعراق".
وشاهد فريق وكالة فرانس الأحد العشرات من الرجال يقفون في صف منتظم أمام جرف صخري في "الباغوز"، قبل صعودهم إلى شاحنات عدة توقفت في المكان. وقال جياكر أمد متحدث كردي لفرانس برس "إنهم مقاتلون دواعش خرجوا من الأنفاق وسلموا أنفسهم"، ولم يستبعد احتمال وجود المزيد "مختبئين داخل أنفاق".
ويشير عمر إلى أن مجموعات منهم "كانت تختبئ (في كهوف) تحت الجبال وفي الأنفاق".
يدرك هذا المقاتل، الذي تنقل على غرار العديد من رفاقه على الجبهات من الرقة ثم منبج (شمال) وصولاً إلى ريف دير الزور الشرقي، أن عناصر التنظيم المتشدد قاتلوا في أيامهم الأخيرة بعد استنزاف قدراتهم كافة.
ويشرح "حين كانوا في أوج قوتهم، كانت المعارك أشرس. كانوا يستخدمون المفخخات والسلاح الثقيل والطائرات المسيّرة ويفخخون البيوت".
وبدا المخيم، الذي يضم الكثير من الأنفاق والحفر وخيماً متداعية مصنوعة من ستائر أو بطانيات وقماش ملون، أشبه بحقل خردة مع انتشار هياكل سيارات وشاحنات صغيرة محترقة أو متوقفة ومتضررة جراء القصف وأوان منزلية وعبوات مياه وأسطوانات غاز في كل مكان.
ويروي المقاتل هشام هارون "حتى اللحظات الأخيرة، كانت لديهم صواريخ محمولة على الكتف، يطلقونها باتجاه سياراتنا من بعيد".
ويوضح "كانت لديهم قوة لكن ليس قوة داعش القديمة"، مستعيداً كيف أن التنظيم "حين بدأنا قتاله كانت لديه حنكة قتالية وتكتيكات عسكرية".
لكنهم باتوا "في النهاية كالفأر الذي يُحشر في زاوية الغرفة ولا يجد أمامه أي مهرب من القطة" المتربصة به.