شادي صلاح الدين (لندن)
سادت مخاوف في الشارع البريطاني من إمكانية أن يعيق مجلس اللوردات مشروع قانون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، بعد أن تخطى مرحلة مجلس العموم، من أن يصبح قانوناً نافذاً.
وصوت نواب مجلس العموم، مساء يوم الخميس الماضي، بأغلبية 300 صوت، مقابل 231 صوتاً، لصالح نقل مشروع بريكسيت لبوريس جونسون إلى مجلس اللوردات، في انتصار كبير لرئيس الوزراء. ولكن استطلاع لصالح صحيفة «ديلي اكسبريس» كشف عن قلق بين البريطانيين من أن أعضاء مجلس اللوردات قد يمنعون تحويل مشروع القانون إلى قانون، لأن الحكومة لا تملك الأغلبية في هذا المجلس. وفي ظل حكومة تيريزا ماي السابقة، منع للوردات مشاريع القوانين، مراراً وتكراراً، من التقدم إلى المرحلة النهائية.
وسأل الاستطلاع: «هل تخشى أن يمنع مجلس اللوردات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي؟» ومن بين 4610 أشخاص شملهم الاستطلاع، قال 59 بالمئة (2710 أشخاص) إنهم قلقون من أن اللوردات سيعرقلون مشروع قانون رئيس الوزراء البريطاني. وقال 41 بالمئة (1900 شخص): «لا، هذا لا يقلقني». وأعرب العديد من البريطانيين عن قلقهم من أن يؤدي ذلك إلى تأخير مشروع القانون لمدة عامين، رغم أن قانون البرلمان أزال من مجلس اللوردات سلطة الاعتراض على مشروع القانون.
وحثت رئاسة الوزراء مجلس اللوردات على دعم مشروع القانون ودعم ملايين الناخبين الذين صوتوا لصالح مغادرة المملكة المتحدة الاتحاد الأوروبي. وقال المتحدث الرسمي باسم بوريس جونسون: «لقد أوصلت البلاد رسالة واضحة جداً بأنها تريد حل قضية البريكست». وأضاف المتحدث أن التشريع الذي أقر في مجلس العموم يوم الخميس الماضي، سيكون «خطوة إيجابية مهمة» نحو هدف رئيس الوزراء «لإنهاء خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي».
كما حذر وزير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ستيفن باركلي، مجلس اللوردات من التراجع عن العمل الشاق للحكومة مع بلوغه مرحلته التالية. وتابع باركلي: «أتوقع تمحيصاً دقيقاً، كما نتوقع في أي مكان آخر (اللوردات)، لكن ليس لدي شك في أنهم سمعوا الرسالة المدوية من الشعب البريطاني في 12 ديسمبر». وبموجب اتفاقية سالزبوري، لا يهدف مجلس اللوردات إلى معارضة القراءة الثانية أو الثالثة لأي تشريع حكومي تم التعهد به في بيان الحكومة الانتخابي.
ومع توقع أن يبدأ مجلس اللوردات العمل على مشروع قانون الانسحاب لأسبوع المقبل، فإن الحكومة تريد من التشريع «أن يكمل إقراره عبر كلا المجلسين بسلاسة قدر الإمكان. لكن كبير المفاوضين في بروكسل، ميشيل بارنييه، حذر من أن وصول المملكة المتحدة إلى الأسواق في الاتحاد الأوروبي قد يكون محدوداً، ما لم توافق على شروط الدعم الحكومي. وقال بارنييه في مؤتمر في ستوكهولم: «إذا كانت المملكة المتحدة تريد وجود صلة مفتوحة معنا بشأن المنتجات - أي تعريفة صفرية، أو حصص صفرية - فعلينا أن نتوخى الحذر بشأن الإغراق الصفري في نفس الوقت». وتابع: «آمل أن تكون هذه النقطة مفهومة بشكل صحيح من قبل الجميع. سوف نطالب بالضرورة بشروط معينة بشأن سياسة المساعدات الحكومية في المملكة المتحدة». كما أصر على أن هدف بريطانيا للتوصل إلى اتفاق تجارة حرة كاملة بحلول نهاية العام «غير واقعي». وقال بارنييه: «لا يمكننا أن نتوقع الاتفاق على كل جانب من جوانب هذه الشراكة الجديدة»، مضيفاً: «نحن على استعداد لبذل قصارى جهدنا خلال 11 شهراً».
يأتي ذلك في الوقت الذي يواجه فيه جونسون اتهامات بمحاولة اختزال أعضاء البرلمان إلى «مراقبين سلبيين» خلال مفاوضاته مع الاتحاد الأوروبي بشأن إبرام صفقة تجارية. واشتكت لجنة من مجلس اللوردات من أن آلية إعطاء النواب وأعضاء مجلس اللوردات كلمة في الموافقة على الأهداف التفاوضية قد تم استبعادها من نسخة جونسون للصفقة. وقالت اللجنة إنه على الرغم من أن البرلمان الأوروبي سيكون قادراً على التدقيق في صفقة التجارة المستقبلية، فإن سياسيي البرلمان البريطاني لن يكون لهم دور كهذا.
وأشار تقرير من 94 صفحة أعدته لجنة اللوردات في الاتحاد الأوروبي، إلى أن النسخة السابقة من مشروع القانون «وفرت إطاراً» للبرلمان «للموافقة» على علاقة المملكة المتحدة المستقبلية مع بروكسل، والتي «تم حذفها» في النص المعاد كتابته. وقال رئيس اللجنة، اللورد كينول: «مشروع قانون الاتحاد الأوروبي المعدل (اتفاقية الانسحاب) لديه ترتيبات أضعف بشكل كبير للشفافية والرقابة الديمقراطية» وتابع: «سيتمكن أعضاء البرلمان الأوروبي من إجراء تدقيق تفصيلي وشفاف للمفاوضات المستقبلية بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، بينما سيتم تحويل البرلمانيين في وستمنستر إلى مراقبين سلبيين».