السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

"فوضى الخروج" في عيون الصحافة البريطانية

"فوضى الخروج" في عيون الصحافة البريطانية
24 مارس 2019 01:16

دينا محمود (لندن)

قبل أيام من الموعد المقرر لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تطبيقاً لنتائج الاستفتاء الذي شهدته في هذا الشأن منتصف عام 2016، لا يزال الغموض يكتنف كيفية إتمام هذه الخطوة، وهو ما يلقي بظلاله على تغطيات كبريات الصحف في المملكة المتحدة التي حفلت على مدار الشهور القليلة الماضية بتقارير ومقالات رأي متباينة التوجهات، بل ومتضاربة في بعض الأحيان كذلك.
صحيفة «الفايننشال تايمز» الرصينة أوجزت كل هذا الجدل والتخبط في عنوانها «فوضى البريكست» الذي اختارته لملفٍ تضمن مجموعةً من تغطياتها المتخصصة في ملف الخروج الذي يُفترض - حتى هذه اللحظة - أن يتم في التاسع والعشرين من هذا الشهر، وذلك بعد مرور عامين على تفعيل رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي المادة 50 من معاهدة لشبونة التي صيغت لتمكين أيٍ من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بالخروج منه.
وفي إحدى افتتاحياتها الأخيرة، دعت الصحيفة - المعروفة بقربها من دوائر المال والأعمال - أعضاء البرلمان إلى الأخذ بزمام المبادرة على صعيد إنهاء إجراءات «الطلاق» مع التكتل الأوروبي بعد زيجة استمرت عدة عقود، وذلك بعدما «لفظت خطة رئيسة الوزراء أنفاسها الأخيرة» في هذا الصدد.
واعتبرت الافتتاحية أن الأمر الآن بات منوطاً بمجلس العموم لـ «تجنب الفوضى السياسية، وإيجاد مساحةٍ يمكن فيها بحث الخيارات الأخرى المتاحة» لإتمام «البريكست» بشكلٍ مُنظم. فبحسب «الفايننشال تايمز»، أصبحت الاستراتيجية التي اتبعتها رئيسة الوزراء البريطانية حيال ملف الخروج طيلة العامين الماضيين «أطلالاً تذروها الرياح»، وهو ما يعني أن الأولوية الآن، لا بد أن تتمثل في «تجنب حدوث فوضى؛ سواء في البرلمان وهو ما قد يستغله المتطرفون من اليمين واليسار، أو في البلاد جراء الخروج من دون التوصل إلى اتفاق».
لكن هذه الدعوات لاضطلاع البرلمان بدورٍ أكبر لم تلق ترحيباً من كتابٍ ومحللين بريطانيين آخرين، بينهم ستيفن سوينفورد الذي أبرز في صحيفة «دَيلي تليجراف» مداولاتٍ تدور حالياً في أروقة الحكومة البريطانية، بشأن إمكانية تقديم طلبٍ للملكة إليزابيث الثانية، من أجل إسدال الستار مبكراً على دور الانعقاد البرلماني الحالي، بهدف الالتفاف على رفض رئيس مجلس العموم جون بيركو إجراء تصويتٍ ثالثٍ على خطتها للخروج، بعد ما مُنيت الخطة بالرفض مرتين متتاليتين.
ووصفت الصحيفة - ذات توجهات يمين الوسط والتي تُوصف بأنها مُقربة من حزب المحافظين الحاكم - تقديم الحكومة طلباً من هذا القبيل للملكة بأنه «خيارٌ نوويٌ» للتعامل مع موقف بيركو، الذي يستند إلى عرفٍ برلمانيٍ يعود إلى عام 1604، واتُبِع لأخر مرة عام 1920، أي منذ قرنٍ كاملٍ تقريباً. ويؤكد رئيس البرلمان البريطاني أن هذا العرف يقضي بالحيلولة دون إجراء تصويتٍ ثالثٍ على أي خطةٍ حكوميةٍ ما لم يتم إدخال «تغييراتٍ جوهرية» على نصها وليس تعديلاتٍ شكلية فحسب، وهو ما اعتبره خبراء قانونيون في لندن «إدخالاً للبلاد في خضم أزمةٍ دستورية».
من جهتها، ذهبت صحيفة «التايمز» - التي تقف في خندق يمين الوسط بدورها - إلى القول إن استراتيجية ماي كانت قد «خرجت عن مسارها من الأصل» وإن الوقت المتاح أمام إيجاد حل لمعضلة «البريكست» بات قصيراً، وأن «الرهانات الموضوعة على المحك (بالنسبة لبريطانيا) أكبر من أي وقتٍ مضى».
المحرر السياسي الرئيسي للصحيفة ذاتها أوليفر رايت، أولى اهتمامه للمشهد الضبابي الراهن في الأوساط النيابية البريطانية والانقسامات السائدة بين نواب حزب المحافظين الحاكم أنفسهم، حيال ملف الخروج في ظل التبدلات المستمرة في مواقفهم في هذا الشأن، وأشار إلى أن 75 من نواب الحزب في مجلس العموم صوّتوا ضد خطة ماي في البرلمان، ما شكّل تحالفاً غريب الأطوار بينهم وبين أعضاء المجلس عن المعارضة العمالية.
أما المحلل السياسي البريطاني المخضرم جورج باركر - الذي عمل محرراً سياسياً في العديد من الصحف المرموقة في المملكة المتحدة - فقد تساءل في مقالٍ تحليليٍ حول ما إذا كان لا يزال من الممكن أن تعود الأوضاع في البلاد إلى ما كانت عليه «بعد كل هذا الجنون المحيط بملف البريكست» أم لا.
وقارن باركر «الدراما» الجارية حالياً على الساحة السياسية البريطانية، بما جرى في الأيام الأخيرة من عهد المرأة الحديدية مارجريت تاتشر، عندما تمرد عليها حزبها لتُضطر لتقديم استقالتها عام 1990.
أما صحيفة «آي» - وهي النسخة النصفية من صحيفة «الإندبندنت» - فقد أبرزت انهماك الكثير من البريطانيين في تخزين السلع والمؤن، تحسباً لحدوث سيناريو «الخروج الخشن» من الاتحاد الأوروبي.
وقالت إن المتاجر البريطانية بدأت تطبيق خطط طوارئ، تتضمن تقليص مبيعاتها الإلكترونية من أجل الاحتفاظ بمخزون يكفي لمواكبة معدل المشتريات المرتفع من جانب المواطنين القلقين من سيناريو اليوم التالي للانفصال عن الاتحاد الأوروبي.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©