هناء الحمادي (دبي)
عندما كانت طفلة حلقت الشيخة موزة آل مكتوم بأحلامها في آفاق بعيدة، وحين كبرت حرصت على تحقيق طموحها في أن تصبح قائدة طائرة.. وعلى الرغم من سحر هذه المهنة، وعلو قدر أصحابها في المجتمع، إلا إنها شاقة ومحفوفة بالتحديات، وتحتاج إلى دراسة وتدريب والتزام، وهو ما تعهدت به الشيخة موزة، حفيدة المغفور له الشيخ مكتوم بن راشد آل مكتوم، حتى أصبحت سيدة قمرة القيادة.
ومنذ طفولتها كانت الشيخة موزة تأمل في الصعود إلى الأعلى، وكأي فتاة تحلق كانت ترسم حلمها بوضوح، لكنها لم ترسمه على الأرض، أحلامها كانت مرتبطة بالسماء، وكانت شغوفة بممارسة الأنشطة المليئة بالمغامرات منذ وقت مبكر. وبالتدريب على الأكروبات الهوائية بطائرة «أكسترا 300» أكدت رغبتها في تحقيق المزيد من الإنجازات، وبدعم من والديها التحقت بـ«أكاديمية أكسفورد للطيران»، وهي واحدة من أبرز كليات تعليم الطيران.
ومع تخرجها في الأكاديمية، انطلقت الشيخة موزة بطائرتها لتراقب بشغف صور الغيوم تمر أمامها، وأشعة الشمس تدخل قمرة القيادة في مشهد جذاب، وتشاهد تحتها مربعات خضراء وأخرى حمراء داكنة ومساحات فارغة، إلى جانب مناطق مكتظة بالسكان، ولوحات طبيعية خلابة لا يمكن مشاهدتها إلا من أعلى. ثم ترسخت مهارة الشيخة موزة أكثر حين حلقت في طائرة تابعة لشركة «طيران الإمارات»، لتنتقل بعد ذلك بأحلامها إلى الالتحاق بمركز الجناح الجوي في شرطة دبي برتبة طيار ملازم أول، مطلقة مرحلة جديدة من مسيرتها المهنية الغنية.
وحول شغف التحليق في السماء، تقول الشيخة موزة: «منذ كنت في الثانية عشرة من عمري وأحلام قيادة طائرة ومشاهدة جمال الأرض من أعلى تراودني». وتضيف: «اخترت هذا المجال أولاً لحبي له، وثانيًا لقلة العنصر النسائي في هذا المجال ولتشجيع فتياتنا لدخوله، وتعزيز الثقة في قدراتهن. ولاسيما أن القيادة الرشيدة تقدم كل الدعم للمرأة الإماراتية في كل المجالات، ما جعلني مقدمة بإصرار على دخول هذا القطاع الحيوي»، داعيةً كل امرأة إماراتية للسعي لتحقيق طموحاتها دون تردد، كونها تمتلك إرادة وقدرة على إثبات وجودها في أي مجال.
وحول ما تعلمته من عالم الطيران، تقول: «تعلمت الالتزام والانضباط والصبر على كل ما نواجهه من صعوبات في تعاملنا مع نوعيات مختلفة من المسافرين، وكيفية طرح الحلول المناسبة للجميع».
وتضيف: «الطيار شخص يتحدى نفسه، قبل تحديه مخاطر هذا المجال، ولا يلتزم بروتين محدد، وذلك بسبب التغير المستمر في التوقيت والوجهات والأشخاص الذين نعمل معهم، لذلك يجب أن يكون الطيار شخصاً مرناً».
وبالنسبة للمعوقات التي قد تعترض عمل المرأة في مجال الطيران، توضح: «ليست هناك معوقات بالمعنى الحرفي، إذا تّم التنسيق الجيد بين عملها وحياتها الخاصة، وحصلت على المساعدة من المقربين لها، كالأهل، لتذليل بعض الصعوبات».
وحول وضع المرأة في دولة الإمارات، تقول الشيخة موزة إنه منذ تأسيس دولة الإمارات والاهتمام بالمرأة وقضاياها وشؤونها في تزايد مستمر، ما انعكس في نتائج إيجابية عدة، فدستور الإمارات يكفل كل حقوق المرأة، خاصة في مجال التعليم ويعزز مبدأ المساواة بينها وبين الرجل في الجوانب كافة، ما انعكس على بروز دورها وتعدد إنجازاتها وبالفعل كانت الإماراتية عند ثقة الحكومة، وحققت الكثير من النجاحات في جميع المجالات وتفوقت، وأثبتت ذاتها من خلال تحديها لكل الصعاب التي تواجهها، ما أوصلها إلى الكثير من المناصب القيادية بجدارة.
وتضيف: «الدولة تتبنى استراتيجيات عدة لتذليل كل المعوقات في طريق المرأة، وتمكنّها من أداء دورها الفعّال في المجتمع، ولتكون عنصراً فاعلاً، وتتبوأ المناصب وتصبح نموذجاً مشرفاً في كل المحافل الإقليمية والدولية».
وتؤكد: «بفضل دعم القيادة الرشيدة، تتمتع المرأة الإماراتية بالحقوق الدستورية نفسها التي يتمتع بها الرجل». وتضيف: «التوازن بين الجنسين يعد أولوية وطنية تدعم رؤية الإمارات 2021 الرامية إلى تعزيز مشاركة المرأة على المستويين الاجتماعي والاقتصادي».
نداء لكل إماراتية
توجه الشيخة موزة آل مكتوم، نداء إلى كل الإماراتيات ، قائلةً: «أختي الإماراتية.. الدولة متمثلة بقيادتها الحكيمة فتحت لكِ كل الأبواب، وذللت كل الصعاب، ووفرت كل الإمكانات لتكوني في الصفوف الأولى وفي جميع المجالات، المجتمع ينتظر المزيد من العطاء والعمل، لرد الجميل لهذا الوطن الكريم، فلا تترددي».