23 فبراير 2011 19:40
انتكس سوق الكتاب العربي، مع مطلع العام 2011، بحدث إلغاء معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ43، والتي كان من المقرر انطلاقها في 29 يناير الماضي، بسبب المظاهرات التي شهدتها مصر. ويعد هذا المعرض من أكبر المعارض التي تشهدها الساحة العربية، سواء لناحية التسويق أو لجهة الفعاليات الثقافية المصاحبة.
لكن الكتاب، ظل على ثلاثة مواعيد سنوية هامة في الدار البيضاء والرياض وأبوظبي.
فقد انطلقت بالفعل فعاليات معرض الدار البيضاء الـ17، في أجواء غير مريحة بسبب قرار مثقفين مغاربة، عبر اتحاداتهم مقاطعة المعرض احتجاجاً على تصرفات وزارة الثقافة.
جاء في بيان وقعه مسؤولو اتحاد الكتاب وبيت الشعر والائتلاف المغربي للفنون والثقافة أن مقاطعتهم للمعرض جاءت بناءً على رفضهم لاستراتيجية وزير الثقافة المغربي بن سالم حميش، وذلك لعدة اعتبارات وهي غياب الاستراتيجية الثقافية مع الوزير التي تستهدف الحفاظ على المكتسبات الثقافية الوطنية القائمة على قيم التعدد والاختلاف والحوار والتسامح، والتي تؤمن بمبادئ التقدم والحداثة، وتجميد الخطة الوطنية لدعم سياسة القراءة والكتاب، وتخفيض الدعم المالي من 8 ملايين درهم إلى 5 ملايين و300 درهم سنوياً، وهو ما يهدد ـ حسب وجهة نظرهم ـ فاعلية الارتقاء بالكتاب المغربي ويهدد المجتمع المغربي، وإفراغ جائزة المغرب للكتاب من قيمتها الرمزية والاحتفالية وتهديد مصداقيتها لدى عموم الكتاب والمهتمين بها، والاستخفاف ببعض المكونات والحركات الثقافية الوطنية.
لكن، وعلى الرغم من هذه المقاطعة، فقد استطاع المعرض أن يجذب هذا العام 650 دار نشر من 45 دولة، مع مشاركة بارزة من السعودية على مستوى دور النشر والفعاليات.
لكن ما يميز المعرضان الآخران في الرياض وأبوظبي، فهو حرصهما على تقديم ثقافات الشرق والغرب إلى القارئ العربي، حيث تكون الثقافة الهندية ضيفة معرض الرياض، وتحل الثقافتان الفرنسية والكورية ضيفتين على معرض أبوظبي.
أما معرض الكتاب الدولي في الرياض والذي سينطلق في الأول من مارس المقبل، فهو يعد أكبر ملتقى ثقافي في السعودية فبالاضافة إلى حضور دور نشر عربية وعالمية من كل البلدان تصاحب المعرض فعاليات وأنشطة ثقافية متعددة بين المحاضرات والندوات والأمسيات الإبداعية، كما يحضره سنويا ما يقارب المليون زائر من المهتمين بالكتاب وشراء الكتب كما أنها فرصة للكتاب والمبدعين بالالتقاء بقرائهم عبر حفلات التوقيع أو في ردهات المعرض المختلفة التي تأتي على شكل ممرات ُسميت كل منها على اسم علم أدبي في السعودية أو في غيرها من البلدان العربية.
ويكرم المعرض هذا العام مجموعة من الأسماء الإبداعية كما هي عادته كل عام كالراحل الدكتور محمد عبده يماني، والشاعر غازي القصيبي، وأحمد المبارك، إلى جانب تكريم ستة من دور النشر السعودية. ولن يتم تكريم الشاعر السعودي الراحل محمد الثبيتي خلال حفل الافتتاح بل سيتم تكريمه خلال فعاليات ثقافية مقبلة لم تحدد بعد، كما تشارك في المعرض الأندية الأدبية السعودية بمساحة متميزة هذا العام وهي الأندية التي بدأت تتسابق في إثراء حركة النشر السعودية من خلال مطبوعاتها كل عام، بالإضافة إلى أركان خاصة بالإعلام السعودي والمؤسسات الثقافية المختلفة، مقابل دور النشر العريقة الشهيرة في العالم العربي أو حتى تلك العربية التي تنطلق من أوروبا كدار الساقي في لندن أو دور النشر العربية في ألمانيا. ومن المؤكد أن يكون عدد دور النشر المشاركة هو 950 دارا للنشر، وتمت هذا العام دعوة عدد من المثقفين والمبدعين السعوديين من مختلف المناطق ليحضروا في أجواء مليئة بالنقاشات والجلسات المليئة بالآراء المختلفة والجديدة حول المشهد الإبداعي.
ويكرم المعرض هذا العام ثمانية وعشرين محققا للتراث العربي.. ويتمثل التكريم في وضع أسمائهم على ممرات المعرض المختلفة وهم من السعودية: عبدالرحمن المعلمي، حمد الجاسر، أحمد عبدالغفور عطار، أحمد الضبيب، عبدالعزيز المانع، عبدالرحمن العثيمين، عبدالله عسيلان، عياد بن عيد الثبيتي، محمد العقيلي، عبدالعزيز الفيصل. من مصر: أحمد شاكر، محمود شاكر، عبدالسلام هارون، السيد أحمد صقر، محمد أبو الفضل إبراهيم، محمد علي النجار، عبدالستار فراج، محمد عضيمة. ومن العراق: محمد الأثري، بشار معروف، يحيى الجبوري. ومن سوريا: صلاح الدين المنجد، أحمد النفاخ، شعيب الأرناؤوط. ومن فلسطين إحسان عباس. ومن الأردن ناصر الدين الأسد. ومن تونس: حسن عبدالوهاب، محمد الحبيب بن الخوجة. ومن المغرب: محمد بن تاويت الطنجي، محمد بن شريفة. ومن السودان محمد علي الريح. ومن لبنان رمزي البعلبكي. ومن ليبيا الطاهر الزاوي.
وكما كانت عادة معرض الكتاب في الرياض السنوية من استضافة أحد البلدان ليكون ضيف شرف المعرض فقد تقرر أن تكون الهند هي ضيفة شرف المعرض هذا العام وستشهد مشاركتها عددا من المحاضرات والندوات الثقافية التي تحكي مدى الصلات الثقافية بين الهند والعالم العربي والإسلامي، بالإضافة إلى ملامح من الثقافة الهندية. تلك المحاضرات يقدمها المدعوون من الهند بالإضافة إلى آخرين من السعودية وتشمل عددا من الأوراق والبحوث التي تقدم خاصة بهذه المناسبة ومنها (الصلات الثقافية الهندية ـ السعودية) و(الصحافة والمطبوعات العربية في الهند) وندوتين الأولى (ملامح من الثقافة الهندية) و(الإسهام الهندي في الفنون والفكر والثقافة الإسلامية) بالاضافة إلى أمسيات وندوات ومحاضرات أخرى مثل (الهويات الثقافية) للدكتور عبدالله الغذامي ويديرها عبدالله الجاسر وأمل القثامي، فيما يقدم الشيخ أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري محاضرة بعنوان (قضايا في الفكر الإسلامي) بجانب ندوة مسارات الثقافة العلمية في المملكة العربية السعودية لكل من عبدالعزيز السويلم وخولة الكريع ويديرها عوض الجهني وفوزية أبا الخيل، تليها محاضرة للبروفيسور والحائز نوبل الدكتور أحمد زويل بالإضافة إلى أمسيات وقراءات شعرية.
أما معرض أبوظبي للكتاب، الذي تنطلق دورته الـ 21 في 15 مارس المقبل وتستمر إلى 20 منه، فيتم هذا العام بمشاركة فرنسية وكورية مميزة، حيث سيتيح المعرض الفرصة للقارئ والمثقف العربي لحضور عدد كبير من الفعاليات التي تعبر عن الثقافة الفرنسية، فيما سيتم إلقاء الضوء على الفرص الكثيرة المتاحة أمام الناشرين العالميين في السوق الكورية لتجارة الكتاب.
ونجح منظمو المعرض في استقطاب عدد من ألمع الشخصيات الثقافية التي سوف تستعرض، من خلال النقاش الفكري والنشاطات التعليمية والفعاليات العامة، ما تمثله الثقافة الفرنسية اليوم عبر صناعة النشر والفن والحياة.
وتشمل الفعاليات الرئيسية للمشاركة الفرنسية نقاشات تحت العناوين التالية: “ستروم.. انفعالات متحف”، و”قصر فرساي ـ قصر وكتاب”، و”اللوفر أبوظبي: رؤية للمستقبل”، ولقاء مع باتريك شاموازو الروائي وكاتب المسرحيات والمقالات الحائز عددا من الجوائز، ولقاء مع الرسام: نيكول لامبرت الفنانة والناشرة الفرنسية واسعة الشهرة، وتوقيع كتاب ومحادثة مع كينيزي مراد الصحفية الفرنسية، ومؤلفة الكتاب الأكثر مبيعا في العالم “من طرف الأميرة الميتة”، وتوقيع كتاب ومحادثة مع البروفيسور برايتن برايتنباخ الحاصل على الجنسية الفرنسية منذ 1982، وأفضل شاعر في الوقت الحاضر ممن يكتبون باللغة الأفريكانية “إحدى لغات جنوب أفريقيا”، وعرض تقديمي: “اختيار الرواية” وسيكون المتحدث فيه فنسنت ديلوكروا، الكاتب الفرنسي الشهير الذي فاز في 2008 بالجائزة الكبرى في الأدب من الأكاديمية الفرنسية عن عمله “ضريح أخيل”.