اعتدنا يومياً على ظاهرة التسول التي يكن أبطالها المتسولون 'المتسللون' بملابس خفية الى بيوتنا لطلب الصدقة وإغرائنا بالأكاذيب والأقاويل التي لا تنتهي أبداً- إلا من رحم ربي منهم - وقد أصبحت هذه الظاهرة أمراً معروفاً ومنتشراً في كل مكان، فهم لا يرتادون المنازل فقط، بل يتواجدون بطبيعة الحال في الشوارع ومراكز التسوق والمحلات وفي أماكن أخرى، 'يشحتون المال' من أمامنا، ليفعلوا بها العجب من ورائنا، ولطالما شكوناهم لهم وكشفناهم وأنبناهم' ولكن دون فائدة!
هذا واقع الحال مع المتسولين الكبار، والمنشحين والمنتشرين 'بالهبل' في مختلف البقاع، ولكن ما هو حالنا مع الأطفال المتسولين، الذين يتجولون ويشحتون في مختلف الطرق وحدهم بدون حسيب ولا رقيب! لكي أضعكم في الصورة وأوضحها لكم، دعوني أذكر لكم هذه الحادثة التي حدثت معي 'شخصياً' ولكم التعقيب وحرية التعليق عليها: كنت ذاهبة مع الأهل الى التسوق، وبينما كنا ننتظر في السيارة 'طلبيتنا' من أحد المطاعم دقت فتاة صغيرة عمرها 5 سنوات تقريباً تطلب المال منا، حالتها رثة ومنظرها تتقطع له الأبصار قبل القلوب ' بالتأكيد لأن الفيلم الهندي ما بينجح من دون هالطلة المميزة في الصورة الرثة، المهم فتحت لها نافذة السيارة، لأنها وبدون لف ودوران قد أثارت نفسي وأثارت شفقتي عليها، تعرفون ليش؟ لأن طفلة مثلها وفي صغر سنها وفي حالتها الرثة تمشي في الشوارع حتى الساعة التاسعة ليلاً وحدها! هذا الأمر الذي أغضبني و 'خلاني' أسألها: شو اسمج؟ أجابتني: اسمي (·····) فسألتها: وين ماما، وين بابا؟ فردت علي: كلهم في المنزل ينتظروني!
بالفعل شعرت بالغضب الشديد من هذا الإهمال واللامبالاة المتواجد في ضمائر عائلة هذه الفتاة 'الميت سريرياً' فالأم والأب والاخوان يجلسون في المنزل، ويرسلون ابنتهم الصغيرة كي تقوم هي 'بجمع المال لهم' وتوفير لقمة عيشهم، وعبر ماذا؟ عبر التقشف والتسول في الشوارع وبين السيارات وفي ردهات المراكز والمحلات!
والله العظيم إني مش عارفه أصيغ الموضوع ولا إني أرتبه بالصورة التي تلائمكم يا أعزائي القراء، كون الموقف يعبر بألف كلمة، وبالفعل لا أملك أي تعليق مناسب له، ولا أعرف من أؤنب في هذا السياق: أأؤنب الأم والأب المهملين اللذين باعا ابنتهما بثمن بخس ورخيص جداً من أجل دراهم قليلة؟ أم ألوم المجتمع والمسؤولين، الذين يجب أن يتحركوا للأمام من أجل القضاء على هذه الظاهرة والحد من انتشارها؟ أو ألوم وسائل الإعلام المقصرة في طرح مثل هذه القضايا ونشر التوعية بين أفراد المجتمع؟ لا أعرف بالضبط من المتهم، والذي يجب أن يوضع في قفص الاتهام؟ فكلنا مسؤولون وكلنا سنحاسب على تواجد مثل هذه الظواهر بين مجتمعاتنا، وفي الأخير يأتي الأهل ونأتي نحن ونلوم الجميع ونقول: لماذا تنتشر جرائم الاغتصاب للأطفال؟ ولماذا نسمع عن حوادث يومية يذهب ضحاياها أطفال الشوارع الصغار؟ أرد على أسر هؤلاء: 'يحدث كل هذا بسبب إهمالكم لأولادكم، وترك فلذات أكبادكم يعيثون في الأرض فساداً، ولا يجنون من كل هذا إلا الثمار السامة، التي قد لا تعيد أبناءكم الى الديار'!
مواقف متكررة تحدث يومياً، ولعلي أنا والكثير من القراء كنا خير شاهدين عليها، لذلك أرفع قلمي باسمي وباسم كل من لا يرضى على عرض مجتمع الفساد والتأخر الى الوراء لنقول في وجه المسؤولين والشرطة في كل مكان: تحركوا سريعاً للأمام، واكتشفوا عصابات التسول في البلاد، لأن الكثير منهم منتشحون، ويجب أن توضع استراتيجية دقيقة من أجل المضي قدماً الى الأمام ودفع عجلة النجاح في القضاء على التسول وعلى المتسولين في البلاد·
آمل أن يلقى مقالي هذا صدى قوياً يهز القراء الكرام ويهز مكاتب المسؤولين ليتحركوا ويبحثوا ويجدوا الحل لهذه الآفة·· لأننا وللأمانة قد مللنا من العيش في كنف المتسولين والشحاتين! وهم لها بإذن الله،
ريا المحمودي - رأس الخيمة