السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

«الأم» رمز العطاء عبر الحضارات والثقافات

«الأم» رمز العطاء عبر الحضارات والثقافات
21 مارس 2019 02:59

أحمد السعداوي (أبوظبي)

في العصر الباليوليتي، وهو الاسم الذي أطلق على ثقافة العصر الحجري القديم، والذي بدأ منذ 2300 سنة إلى 12000 سنة مضت، تربعت الأم على عرش الكون واحتلت مواقع القداسة، بحسب ما أخبرتنا آثار وتماثيل وجدت في عدة مواقع ارتبطت بهذا العصر، فكانت الأم منذ أزمنة بعيدة موضع حب ورغبة وخوف ورهبة في آن واحد، ولعبت دور المعلم في تاريخ الحضارة، وفق عديد من الأساطير القديمة، ففي أسطورة التكوين السومرية تمثلت الأم في «إنانا» رمز الطبيعة والخصب، وفي أسطورة التكوين البابلية نجد «ننخرساج» الأم الأرض، وعشتار التي تقابل «إنانا»، وفي الحضارة الكنعانية كانت الأم الكبرى هي «عناة»، ولدى الإغريق ظهرت شخصية الأم الكبرى في «أفروديت»، «جيا»، «رجيا»، «أرتيميس»، أما في الحضارة الرومانية تمثلت الأم الكبرى في «فينوس»، «ديانا»، «سيريس».

الثقافة الأمومية
بمتابعة الصيرورة التاريخية نجد أن إعلاء الثقافة الأمومية بقي راسخاً في الحضارات المختلفة، ومن أبرز الأدلة على ذلك ما شهده المجتمع المصري قرابة 4 آلاف عام من تاريخه الفرعوني، حيث كان الكرسي الملكي يتوارث عبر سلسلة النسب الأمومي لا الأبوي.
وانتقالاً إلى منطقة البحر المتوسط تجاه الغرب سنعرف أن جزيرة تكريت استقرت لقرون طويلة موطناً لثقافة أمومية بقيت أساساً للمجتمع منذ 1400 ق. م حتى أواسط الألف الثاني ق.م وهو ما نلمسه عبر الأعمال التشكيلية الواردة من الحضارة الكريتية التي اتخذت في غالبية أعمالها المرأة موضوعاً لها.
وفيما يتعلق بالقارة الأفريقية، فقد أثبت توارث كنية الأم في هذه البقعة من العالم، أن النظام الأمومي كان له الغلبة، وللمرأة الأفريقية دور محوري في هذه المجتمعات بوصفها مصدر الحياة الأسمى وحارسة البيت، كما أنها ضامنة ماضي العشيرة وضامن لمستقبلها بحيث كان النظام القائم على سلطة الأم هو النظام السياسي المطابق لهذه الرسالة التي تؤديها المرأة.
أما في الحضارة الصينية، ممثلة لمنطقة شرق القارة الآسيوية، فنجد أن فيلسوفها الأشهر كونفشيوس أولى الأم احتراماً عظيماً بالشكل الذي يعكس قيمة الأم في هذه البقعة الجغرافية التي تتسم بالثراء الإنساني والعمراني الضارب في عمق التاريخ.

منزلة استثنائية
وبالنظر إلى هذه الاطلالة التاريخية وصولاً إلى الأديان السماوية التي انتشرت في أرجاء الأرض نجد أن الديانات وضعت المرأة في منزلة استثنائية بالغة الأهمية وهو ما يمكن ملاحظته عبر مطالعة بعض آيات القرآن الكريم في الدين الإسلامي، وكل من الإنجيل والتوراة في الديانتين المسيحية واليهودية.
حيث شدد الدين الإسلامي على قيمة الأم وضرورة معاملتها بأرقى ما يكون وتقدير الجهد التي تبذله في سبيل إسعاد الأسرة وفلاح المجتمع وهو ما نجده في قوله تعالى «ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلى المصير» (سورة لقمان-الآية 14)
وفي المسيحية، نجد أنها كرمت الأم بصفة خاصة لأهمية دور الأم في حياة الإنسان، وليس أعظم مثالاً من قيمة دور الأم في المسيحية، من السيدة مريم عليها السلام، التي لم تخل معظم الكتب عن الأم في العالم من سيرة السيدة مريم، التي اعتبرت أعظم امرأة في الوجود بسبب كل صفاتها الحسنة، والتي عكست أروع معاني الأمومة والبذل والعطاء المرتبطة بالمرأة الصالحة في كل زمان ومكان.
وفي التوراة أيضاً، نجد أن اللوح الثاني به تكريم صريح للمرأة، حيث يمكن قراءة وصية «أكرم أباك وأمك لكي تطول أيامك على الأرض»، وهي تلخص العلاقة المُثلى للإنسان على هذه الأرض، بأن يكون باراً بوالديه حتى يحصل على البركة في حياته.

المجتمع الصالح
وفيما يتعلق بآراء أصحاب الفكر والفلاسفة من مختلف المدارس والتوجهات والثقافات، وأمثال الشعوب، فقد اتفق الجميع على مكانة الأم وإعلاء شأنها، وبأن ذلك يأتي في إطار تكوين الأسرة الصالحة وبالتالي المجتمع الصالح، وبأن لا حياة سوية للإنسان إلا بتقديره للأم وإقامة أعظم روابط البر معها، حيث نطالع نماذج من هذه الآراء القادمة من قصي العالم ودنيه.
وَاخْضَعْ لأُمِّكَ وأرضها فَعُقُوقُهَا إِحْدَى الكِبَرْ (الإمام الشافعي)
لم أطمئن قط، إلا وأنا في حجر أمي (سقراط)
ليس في العالم وسادة أنعم من حضن الأم (وليم شكسبير)
ليس يرقى الأبناء في أمّة ما لم تكن قد ترقّت الأمهات (جميل الزهاوي)
الأمومة: أنصع رمز لنجاح المرأة في دنيا البقاء والوجود (أمين سلامة)
أمي في قلبي، ولا يمكن أن أتحدث عن أمي، أنها من مقدساتي، فقد أكتب كلمة تغضبها ولا تعجبها (توفيق الحكيم)
استفدت من أمي حناناً ما زلت أذكره وأشعر بدفئه، فقد لعبت أمي دوراً معرفياً في حياتي (نجيب محفوظ)
إن الأم التي تهز المهد بيسارها، تهز العالم بيمينها (نابليون بونابرت)
العيش ماض فأكرم والديك به والأم أولى بإكرام وإحسان (أبو العلاء المعري)
أرق الألحان وأعذب الأنغام لا يعزفها إلا قلب الأم (بيتهوفن)
كل البيوت مظلمة، إلى أن تستيقظ الأم (جبران خليل جبران)
قلب الأم هوَّة عميقة ستجد المغفرة دائماً في قاعها (أونوريه دي بلزاك)
الأم هو الينبوع الذي تتفجر منه جميع عواطف الخير والإحسان في الأرض (مصطفى لطفي المنفلوطي)
قلب الأم يكون من الذهب تارة ومن الشمع تارة أخرى (ديزور)
يمكنك أن تنسيني كل شيء إلا ما تعلمته من أمي (الرئيس الأميركي نيكسون)
الأمومة أعظم هبة خص الله بها النساء (ماري هوبكنز)
لو كان العالم في كفة وأمي في كفة لاخترت أمي (جان جاك روسو)
إن المكان الوحيد الذي أستطيع أن أسند رأسي إليه وأنام فيه مرتاحاً مطمئناً هو حجْر أمي (فولتير)
إن لم تكن الأم فلا أمة إنما بالأمهات الأمم (خليل مطران)
إذا صغر العالم كله فالأم تبقى كبيرة (فكتور هوجو)
لا يوجد شيء في الدنيا أحلى من قلب أم تقية (مارتن لوثر)
أهون على الإنسان لو يفقد أباً غنياً من أن يفقد أماً فقيرة (مثل إيطالي)
هي أمي لا فرق عندي أكانت غنية أم فقيرة (مثل هندي)
يد الأم حلوة ولو ضربت (مثل ألماني)
الأم لا تقول هل تريد، بل تعطي (مثل إنجليزي)

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©