الخميس 19 سبتمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

محمود الرحبي يستحضر الطبيعة الجبلية العمانية وقسوتها ونبلها

محمود الرحبي يستحضر الطبيعة الجبلية العمانية وقسوتها ونبلها
20 فبراير 2011 22:41
(الشارقة) - صدرت حديثاً للقاص والروائي العماني محمود الرحبي روايته بعنوان “درب المسحورة” اضافة إلى عنوان فرعي “أوراق هاربة من سيرة فتاة عمانية” وجاءت الرواية في مئة وعشرين صفحة من القطع الصغير. وجاء هذا الإصدار ضمن مشروع مشترك للنشر بين دار الانتشار العربي في بيروت والنادي الثقافي في سلطنة عمان. والرواية مستقاة من قصيدة لشاعر مجهول وردت في كتاب “تحفة الأعيان في سيرة أهل عمان” لمؤلفه نور الدين السالمي وتروي حكاية قديمة وقعت في عهد “الإمام سيف بن سلطان الأول اليعربي” حيث تتم رواية الحكاية بطريقة مباشرة كما لو أنها واحدة من حكايا المجالس أو الحكايا الشعبية. لكن الروائي الرحبي، حائز المركز الأول لجائزة دبي الثقافية في حقل القصة القصيرة للعام 2009، لا يأخذ من تلك الحكاية سوى فكرتها العامة وخطها الرئيسي ليبدأ بعد ذلك بإشعالها دراميا ضمن أكثر من خط روائي تتشابك ثم تفترق لتعود فتتشابك وقد أبرزت شخصيات ناضجة من البدء، باستثناء شخصية الفتاة التي يتدرج نموها وفقا لمنطق سردي خاص. وتدور الرواية حول امرأة يصيبها السحرة بسحر خبيث فتموت وقبيل دفنها يدهن جسدها بالزئبق بناء على نصيحة أحد العرافين، وبعد دفنها يأتي كبير السحرة وينبش القبر ليستخرج الجثة لكن الزئبق يصيبه بسمّ عندما يلعق أصابعها، ثم بالمصادفة تعثر راعية على الفتاة فتخرجها من القبر وتتخذها ابنة لها. لتمضي فصول الحكاية إلى نهايتها عبر حبكة تجمع التعقيد إلى البساطة معا. إن ما يلفت الانتباه في “درب المسحورة” أنها تنتمي إلى ذلك النوع من الرواية التي قد يصح وصفها بأنها “تخيلية”، أي أنها لم تحدث حقيقة ولا يمكن أن تحدث لكنها ممكنة الحدوث في أية حال. ربما من هنا من الصعب القول بأن هذه الرواية تندرج في أدب الصحراء إنما هي رواية صافية بامتياز. أما الأمر الآخر اللافت للانتباه فهو مقدرة الروائي محمود الرحبي على تفعيل الخيال فيبني حكاية من العدم على أساس واقعي تماما، بمعنى أن الروائي قد استفاد من خبرات شخصية في معايشة أجواء القرية العمانية النائية وما يدور فيها من حكايا صغيرة إضافة إلى طبيعتها الجغرافية والطبوغرافية فيعيش القارئ مع الحدث في أجواء ومناخات غير معلقة في الهواء بل هي تكاد تكون مرئية عبر مخيلة القراءة وليست ملموسة فحسب، وذلك إلى جانب خبرات في الطبيعة الجبلية للصحراء العمانية وقسوتها بل ونبلها أيضا. وللربط بين هذا المزيج من الأمكنة بأزمنتها المتعددة يذهب محمود الرحبي باتجاه تعدد الأصوات، فتروي الشخصيات الأساسية حكاياها الخاصة بصوت لا تخلو منه نبرة الحزن والإحساس بالانكسار والألم أمام قسوة العالم ومشيئة القدر. وعبر هذه الأصوات نرى تفاصيل الأمكنة وجموح الرغبات وجنون الأمزجة، إلى حدّ يمكن القول معه إن الروائي محمود الرحبي يخوض في “درب المسحورة” مغامرة سردية بالفعل، غير أن ما يجعلها مقنعة هي المباغتة في الأحداث والتفاصيل البيئية وانعطافات السرد عبر أحداث وشخصيات مكتملة إلى حد أنها تدفع المرء إلى قراءتها منذ الإمساك بها وعدم تركها حتى الفراغ منها تماماً، فيخرج المرء مملوءا بأجواء السحر لما تركت فيه الرواية من أثر قد يصعب وصفه. يشار إلى انه قد صدر للروائي والقاص محمود الرحبي أربع مجموعات قصصية هي: “اللون البني” 1988، و”بركة النسيان” 2006، و”لماذا لا تمزح معي”2008، و”أرجوحة فوق زمنين” 2009. وله رواية بعنوان “خريطة الحالم” 2010.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©