تقوم هيئة البيئة – أبوظبي منذ عام 1999، بإجراء مسوحات منتظمة للسلاحف البحرية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتتوافر لدى “الهيئة” الآن معلومات أساسية حول وضع وتوزيع السلاحف البحرية ومواطنها، ويجري الآن تنفيذ خطة لإدارة حماية السلاحف البحرية في المنطقة، ومنذ عام 1998 تقوم “الهيئة” أيضاً بالاستخدام الناجح لنظام التتبع بالأقمار الاصطناعية، حيث تراقب عمليات هجرات السلاحف منقار الصقر والسلاحف الخضراء.
(أبوظبي) - بالنسبة لما يتعلق بوضع السلاحف في العالم، يتم حالياً إدراج جميع أنواع السلاحف البحرية، باستثناء السلحفاة الأسترالية مسطحة الظهر، باعتبارها أنواعاً مهددة أو معرضة للانقراض تحت القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لصون الطبيعة والموارد الطبيعية I CN.
وجميع الأنواع مضمنة في الملحق (1) من اتفاقية التجارة الدولية في الحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض، وهي أتفاقية “السايتس”، كما أن جميع الأنواع باستثناء السلحفاة الأسترالية، مدرجة في الملحق (1) والملحق (2) من اتفاقية المحافظة على الأنواع المهاجرة.
سلاحف «منقار الصقر»
يعمل اليوم آلاف من الباحثين والمتطوعين، ممن يعملون في مجال السلاحف البحرية بالهيئات والمنظمات الحكومية وغير الحكومية، على حماية السلاحف البحرية ومواطنها، ووفق القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لصون الطبيعة والموارد الطبيعية، فإن سلاحف “منقار الصقر” مدرجة تحت الأنواع المهددة بالانقراض من الدرجة الأولى، بينما السلاحف الخضراء مدرجةٌ تحت الأنواع المهددة بالانقراض.
وتساعد السلاحف البحرية في مختلف أنحاء العالم، في تحقيق التوازن بين الأنظمة البيئية، وتمثل جزءاً عريقاً ومميزاً في التنوع البيولوجي في العالم، وتعيش السلاحف البحرية لفترة طويلة وتتحرك لمسافات بعيدة أثناء فترة حياتها، التي تقضيها في البحر، ولكنها تعود إلى اليابسة لتتكاثر.
توفر السلاحف البحرية للإنسان الكثير من الفوائد الاقتصادية أيضاً، نظراً لأن محصول الصيد التجاري من الأسماك و”اللافقاريات” يعتمد على صحة وسلامة مجموعات السلاحف البحرية، ومن بين أنـواع السلاحف البحرية السبعة يســـود نوعان منها في مياه إمارة أبوظبي، وهما السلحفاة منقار الصقر والسلحفاة الخضراء، ويستخدم هذان النوعان مياه إمارة أبوظبي على نحو مكثف لأغراض التغذية، وتعشش السلاحف منقار الصقر على الشواطئ الرملية، التي تبرز فوقها النباتات، على عديد من الجزر.
السلاحف الخضراء
وتوجد السلاحف البحرية الخضراء في العادة، بالقرب من حصائر الأعشاب البحرية والشعاب المرجانية والخلجان، في البحار الاستوائية وشبه الاستوائية، وتتميز بتوزيع أوسع مقارنة بأي نوع آخر من أنواع السلاحف البحرية، التي يمكن العثور عليها حول أميركا الشمالية وأميركا الجنوبية وأفريقيا وآسيا وأوروبا والخليج العربي.
كما يمكن أن تواجد السلاحف منقار الصقر في المياه البعيدة في البر الرئيس والجزر والرفوف الصخرية، ولكن يمكن مشاهدتها في أكثر الحالات بالقرب من تشكيلات الشعاب المرجانية. ويمكن أن توجد أيضاً حول مناطق الشعاب الاستوائية في المحيطات الأطلسي والهادئ والهندي من اليابان إلى أستراليا والجزر البريطانية حتى جنوب البرازيل.
في أبوظبي تشاهد معظم السلاحف منقار الصقر والسلاحف الخضراء في المياه، بين جزر أبو الأبيض وبوطينة وتعد جزءاً من محمية مروح للمحيط الحيوي، وفي المياه المتاخمة لجزر الياسات ومهيمات، وتوفر هذه المناطق للسلاحف البحرية طبقات كثيفة من الأعشاب البحرية والطحالب البحرية ومواطن الشعاب المرجانية، وليس من الممكن التفريق بين صغارها من الذكور والإناث عن طريق النظر إلى شكلها الخارجي، ومع ذلك فإن لكل من الذكور والإناث البالغة سمات خاصة تتفرد بها، فالذكر لديه في العادة ذيل طويل وسميك يمتد إلى ما بعد الطرف الخلفي للدرقة، أما درعه فتكون عادة أكثر مرونة وانحناء مقارنة بالأنثى، وتميل درقته إلى الامتداد على نحو أكبر.
بالنسبة للأنثى، فإن ذيلها أقصر ولا يمتد إلى ما بعد الطرف الخلفي للدرقة، ودرعها أقسى وأقل انحناء في شكلها ودرقتها أقرب في شكلها إلى القبة، وتهاجر الذكور والإناث البالغة أثناء موسم التكاثر، لآلاف الأميال من مواطن التغذية إلى مواطن تعشيشها.
تعشيش السلاحف
من العجيب أن السلاحف البحرية رغم تكيفها التام على العيش في المياه البحرية، إلا أنها تعشش على اليابسة، ومن المحتمل أن السلاحف البحرية في دولة الإمارات العربية المتحدة كانت في السابق تعشش على ساحل البر الرئيس وعلى الجزر البعيدة عن الشاطئ أيضاً، ولكنها اليوم وبسبب أعمال التنمية لم يعد لديها خيار سوى التعشيش على الجزر البعيدة عن الشاطئ فقط.
في إمارة بوظبي انحصر تعشيش السلاحف البحرية في 17 جزيرة بحرية على أقل تقدير، ويبدأ التعشيش في منتصف شهر مارس ويمتد حتى منتصف يونيو، وتقيم السلاحف 200 عش خلال موسم التعشيش، والذي يمتد لفترة 90 يوماً كل سنة، وتقع معظم الأعشاش بالقرب من خط النباتات بالشاطئ الرملي. وتعتبر الإناث متشددة جداً في اختيارها لموقع أعشاشها، وكثيراً ما شوهدت تظهر على الشاطئ في ليالٍ عديدة دون انقطاع، قبل قيامها بتحديد واختيار موقع تتوافر فيه الرمال الناعمة، ويكون بعيداً عن المستوطنات البشرية، وتقوم السلاحف بإبعاد الرمال الرخوة بواسطة زعانفها اللحمية، وتشرع في الحفر باستخدام تلك الزعانف، مع إدارة جسمها لكي تصنع حفرة تستوعب جسدها تسمى “حفرة الجسد”.
مصدر تهديد
في أبوظبي ومنطقة الخليج، تدرس الأحوال التي تجعل تلك السلاحف معرضة للانقراض، وقد لوحظ تدهور مستمر في مواطن تغذيتها وأعشاشها، ومن بين العوامل التي تشكل تهديد الصيد الثانوي حين تقع وتتورط العديد من السلاحف البحرية في شباك الصيد وتغرق بعد ذلك، وبعضها يقوم أيضاً بطريق الخطأ بابتلاع صنارات الصيد.
أيضاً تشكل مشاريع التنمية الساحلية مصدر تهديد؛ لأن أنشطة التشييد وبناء المستوطنات وأعمال الحفر والردم وتسوية الأراضي، تعمل على تدمير الكثير من شواطئ التعشيش على نطاق العالم، وتؤثر ضربات القوارب القوية حين تصطدم بالسلاحف البحرية، التي تسبح في اتجاه السطح بغرض التزاوج، أو التنفس.
وتعد النفايات البحرية جزءاً من أكبر المخاطر، حيث تقوم السلاحف البحرية، بابتلاع النفايات البحرية مثل الأكياس البلاستيكية والقطع المصنوعة من اللدائن البلاستيكية الخفيفة التي ترمى بإهمال، مما يؤدي إلى إغلاق قنواتها الهضمية وموتها، وأيضاً تؤثر النفايات البحرية الملقاة على الشاطئ على أعشاش السلاحف.
درجات الحرارة والتلوث البحري
تتعرض طبقات الأعشاب البحرية والشعاب المرجانية، التي تستخدمها السلاحف إلى التلوث بسبب عمليات الإثراء الغذائي والكيمياويات والانسكابات النفطية، ولقد تم تسجيل وجود النحاس والحديد والزئبق في أنسجة السلاحف البحرية التي تجنح إلى الشاطئ، وعلاوةً على ذلك، أوضحت دراسات أجريت في أماكن أخرى، أن مرض الورم الحليمي الليفي، الذي يفتك بالعديد من السلاحف البحرية قد يكون مرتبطاً بالتلوث البحري. كما تؤثر الزيادة في درجة الحرارة العالمية على نسبة إناث السلاحف إلى الذكور، مما يجعل عدد أفراد مجموعاتها غير مستقر بدرجة أكبر، ويمكن أيضاً أن تؤثر الزيادة في درجة الحرارة على مواطن السلاحف البحرية، بسبب إمكانية ابيضاض الشعاب المرجانية، وتآكل الشواطئ أو اختفائها تحت مستوى البحر المرتفع