أسماء الحسيني (القاهرة، الخرطوم)
رحبت دول الترويكا باللقاء التاريخي الذي جمع رئيس الوزراء السوداني مع عبد العزيز الحلو رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان بمدينة كاودا بولاية جنوب كردفان، خلال زيارة حمدوك الذي يعد أول مسؤول يزورها منذ اندلاع الحرب بها عام 2011.
وقالت دول الترويكا التي تضم كلاً من النرويج والمملكة المتحدة والولايات المتحدة في بيان «إن هذه هي المرة الأولى منذ عام 2011 التي تمكن فيها مسؤولو الحكومة السودانية من السفر بسلام من الخرطوم مباشرة إلى الأراضي التي تسيطر عليها أكبر جماعة معارضة مسلحة في السودان».
واعتبر البيان زيارة وفد الحكومة السودانية لمناطق سيطرة الحركة الشعبية خطوة رئيسة لبناء الثقة في عملية السلام.
وأعربت دول الترويكا عن أملها في أن تمهد الخطوة الطريق أمام وصول آمن ودون عوائق للمساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق، وأن تؤدي إلى اختتام مفاوضات السلام بسرعة وبنجاح، بحلول الموعد النهائي في 14 فبراير الذي اتفقت عليه جميع الأطراف.
يأتي ذلك فيما قال رئيس الوزراء السوداني إن الزيارة التاريخية لمدينة كاودا ستفتح آفاقاً أكبر للسلام المستدام في السودان، وعقد حمدوك والوفد المرافق له اجتماعاً مشتركاً أمس مع لجنة أمن ولاية جنوب كردفان، وأوضح حمدوك أنه استمع لشرح حول مجمل الأوضاع الأمنية والتحديات التي تواجه الولاية.
وقال حمدوك: «إنه إذا تمكنت حكومة الفترة الانتقالية من تحقيق السلام فستكون أنهت 80% من مجمل التحديات، وأشار إلى أنهم يسيرون في الاتجاه الصحيح في هذا الصدد».
وكان حمدوك قد قال أثناء لقائه الحلو «أنا ممتن لأكون جزءاً من هذه اللحظة التاريخية المهمة، لحظة نعترف فيها جميعاً بدورنا الفردي والوطني من أجل تحقيق السلام والاستقرار في السودان».
وأضاف: «الاستماع إلى أهلنا في كاودا وتقديم حلول طال انتظارها من أجل إنهاء الصراع هو أمر أساسي لتحقيق السلام المستدام».
وفي المقابل قال الحلو «هناك فرصة تاريخية نادرة لاحت لناظرينا لتحقيق السلام، ونحن لدينا رغبة صادقة في تسوية سلمية تضع نهاية للحرب»، مؤكداً أن الزيارة تعكس رغبة الحكومة الانتقالية في تحقيق السلام، ومؤشر إيجابي على اهتمام حمدوك والفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة، بالمعاناة الإنسانية لسكان المناطق التابعة للحركات المسلحة.
ومن جانبها، قالت الحركة الشعبية لتحرير السودان في بيان أمس إن زيارة رئيس الوزراء لكاودا تعد اختراقاً مهماً في عملية السلام، وأضافت أن كاودا ظلت لأكثر من ربع قرت حلماً يراود النظام السابق المعزول، وهو بكامل قوته وعتاده، لكان ها هو رئيس الوزراء عبد الله حمدوك يدخلها برضا قياداتها وأهلها وسط الأغاني والأهازيج والفرح، في خطوة تؤكد أن أهل السودان هم الأقدر دوماً على حل خلافاتهم وإنْ عظمت.
وأوضحت الحركة أن زيارة حمدوك استطاعت تفعيل السلام عبر طي الملف الإنساني، وذلك بالعودة الكاملة لمنظمة الغذاء العالمي التابعة للأمم المتحدة، حتى تتمكن من تقديم الخدمات التي حرمت منها الجماهير في مناطق الحركة، كما أن وصول أول مسؤول حكومي رفيع لهذه المناطق مكنه من رؤية الحقائق بالعين المجردة، واعتبرت الحركة أن الكلمات المتبادلة بين حمدوك والحلو عبرت عن النوايا الطيبة.
وفي هذه الأثناء، تواصلت ردود الفعل السودانية على زيارة حمدوك لكاودا ونتائجها الإيجابية على عملية السلام ومجمل المشهد السوداني، وقالت مصادر سودانية لـ «الاتحاد» إن خطاب حمدوك كان مختصراً، لكنه خاطب عمق القضية، ووضع لبنة قوية في خريطة الطريق لسودان يسع الجميع، وأن خطاب الحلو كان قوياً، وأكد كل التحديات التي تواجه السودان، وأن الزيارة فتحت الممرات الآمنة لتوصيل الغذاء للمناطق التي كانت مقفلة في عهد النظام المعزول، وفتحت الطريق أمام مفاوضات السلام في جوبا، ولتحقيق وحدة السودان التي تسعي العديد من قوى الشر في العالم لتمزيقها.
وثمن الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل برئاسة محمد عثمان الميرغني زيارة حمدوك لكاودا، معتبراً أنها تصب في المصلحة الوطنية العليا، كما حيا الروح الوطنية العليا للحلو ورفاقه وإدراكهم العميق لأهمية إنجاز سلام مستدام في دولة المواطنة والحقوق المتساوية.
على صعيد آخر، أكد الدكتور صلاح مناع الناطق الرسمي باسم لجنة تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989(نظام الرئيس المعزول عمر البشير) استمرار اللجنة في عملها بهدف استعادة أموال الشعب السوداني، وقال: «إن مصادرة بعض وسائل الإعلام، ومن بينها صحيفتا السوداني والرأي العام وقناة الشروق، خطوة لاستعادة أموال الشعب، وإن اللجنة مع الحقوق الكاملة للعاملين بهذه المؤسسات»، وأضاف أنه من حق تلك المؤسسات استئناف القرارات، وحث المواطنين الإبلاغ عن أي عمل يضر الشعب السوداني.