أحمد مراد (القاهرة)
في عام 1878، صدرت في إنجلترا أول نشرة جوية عن الطقس في العالم، بعدها توالت محاولات العديد من الدول لإنشاء وتطوير مراكز للرصد والتنبؤ الجوي، واهتمت وسائل الإعلام المختلفة بتخصيص مساحات متفاوتة لتقديم نشرة الأحوال الجوية التي تذيع توقعات خبراء الأرصاد عن أحوال الطقس والمتغيرات المناخية، سواء لليوم التالي، أو لعدد أكبر من الأيام التالية، وهي التوقعات التي يتابعها ملايين البشر حول العالم، الأمر الذي يساعدهم على التخطيط لأعمالهم وأنشطتهم اليومية، أو الأسبوعية أو الشهرية.
تعود بدايات التفكير في تقديم نشرة للأحوال الجوية التي تحظى حالياً بنسب مشاهدة مرتفعة، سواءً صيفاً أو شتاءً، ما يجعلها فقرة أساسية في أي قناة أرضية أو فضائية، إلى ثلاثينيات القرن التاسع عشر، عندما غرقت 39 سفينة فرنسية في ميناء القرم متأثرة بعاصفة شديدة، وهي العاصفة التي رصدها مرصد باريس قبل وقوعها بيومين، وحينها قال الكثيرون: «لو تم تحذير السفن لما وقعت الكارثة»، ولكن لم تكن هناك وسائل سريعة لنقل بيانات الطقس وتداولها من مدينة إلى أخرى.
وفي عام 1837 اكتشف «صموئيل مورس» التلغراف الإلكتروني الذي ساعد على إيصال المعلومات بسرعة، وهنا تمكن مرصد باريس من نشر أول خرائط متطورة عن الطقس. كما تمكن علماء الأرصاد الجوية من إرسال ملاحظاتهم الخاصة بالجو سريعاً من مدينة إلى أخرى.
وفي عام 1856، أصبحت فرنسا أول دولة تؤسس خدمة جوية تعتمد على التقارير المرسلة عن طريق جهاز البرق أو التلغراف، وفي العام 1860، بدأت بريطانيا تقديم خدمة مماثلة، وتوالت بعدها عمليات التطوير والتحديث في منظومتي الأرصاد والنشرات الجوية.
وفي أربعينيات القرن العشرين، طور علماء أول حواسيب رقمية إلكترونية، وبدأوا في صياغة المعادلات التي تمكن الحواسيب من توقع حالة الجو، وقد أذيعت أول نشرة ناجحة للتوقعات الجوية أعدت بوساطة الحاسوب في العام 1950.
ومع تطور محطات الرصد الجوي في العالم، أصبحت هناك أجهزة حديثة تقيس درجة الحرارة، والضغط الجوي، والرطوبة، وسرعة واتجاه الرياح، إضافة إلى إطلاق أقمار صناعية لتصوير الغلاف الجوي والأرض، وأصبح بالإمكان التنبؤ بحالة الجو لمدة يوم إلى سبعة أيام، بدقة عالية.
وبالتوازي مع تطور علم الأرصاد الجوية، شهدت النشرة الجوية قفزات متطورة في الشكل والمضمون، وباتت من أهم فقرات نشرات الأخبار التي تذيعها المحطات التلفزيونية والإذاعية على مستوى العالم، ولم تعد تقتصر على تقديم بيان عن درجات الحرارة فقط، حيث باتت تتضمن معلومات وتقارير عن نسبة الضغط الجوي والرطوبة، والبعض الآخر من النشرات يهتم بتقديم شرح وافٍ لبعض المصطلحات المستعملة، كأن تعطي شرحاً مبسطاً لمعنى منخفض الضغط الجوي، فضلاً عن تمرير مؤشرات بيئية تعرف المشاهد بأحوال البيئة.
نشرات جوية أخرى تقدم مؤشرات بصرية ترمز لبعض ظواهر الطقس، مثل مؤشر يرمز إلى مواسم الغبار التي تسبب أعراض الحساسية المزمنة لدى بعض المشاهدين، وهناك مؤشر يرمز إلى مواسم الحرائق لتنبيه المشاهد، حتى يتجنب حدوث الكوارث، وهناك مؤشر يرمز إلى أشعة الشمس يوجه المشاهد بضرورة الاحتماء منها، حتى لا يتعرض للحروق مع تناول المياه ووضع مواد طبية لحماية البشرة.
تحضيرات
يتم التجهيز لفقرة النشرة الجوية قبلها بوقت كافٍ، وتكون هناك تفاهمات ومشاورات وآلية عمل بين قارئة النشرة ومعدها للوصول إلى صيغة سهلة وبسيطة يفهمها جميع المشاهدين على اختلاف مستوياتهم العلمية والثقافية، فضلاً عن الحرص على تقديم نصائح عامة للمشاهدين في الفترات التي تشهد تقلبات عنيفة في الطقس.
وتستخدم المعلومات التي تم جمعها بوساطة محطات الأرصاد الجوية لإعداد خرائط الطقس وتوقعاته، وتشكل هذه المعلومات الركن الرئيس في كل نشرة جوية التي تختلف من فضائية إلى أخرى، من حيث كم المعلومات والتفاصيل الخاصة بأحوال الطقس والتحذيرات والنصائح.
مذيعات بمواصفات خاصة
ترتبط النشرة الجوية في غالبية القنوات والفضائيات العربية والعالمية بالعنصر النسائي، حيث استحوذت المذيعات على النصيب الأكبر من تقديم النشرات الجوية عربياً وعالمياً، وباتت النشرة الجوية معروفة بالمذيعات الجميلات.
وشددت آية كافوري، قارئة النشرة الجوية بالتلفزيون المصري، على الأهمية البالغة التي تحظى بها فقرة النشرة الجوية التي يتابعها غالبية أفراد الأسرة، الأمر الذي يظهر بوضوح من خلال نسب المشاهدة المرتفعة للنشرة الجوية، سواءً صيفاً أو شتاءً، ما يجعلها فقرة أساسية في أي قناة أرضية أو فضائية.