19 فبراير 2012
تواصل أسعار الإيجارات بأبوظبي تراجعها التدريجي الذي بدأته عام 2009 مع توقعات بأن تنخفض بنحو 10% بنهاية الربع الأول مقارنة بمستويات نهاية العام الماضي، في ظل تزايد المعروض من الوحدات السكنية، وفق شركات تسويق وسماسرة عقاريين.
وقال عقاريون لـ "الاتحاد"، إن دخول وحدات سكنية جديدة إلى السوق خلال الفترة الماضية، لاسيما ببعض المناطق الجديدة مثل جزيرة الريم وشاطئ الراحة، أسهم في زيادة المعروض من الوحدات السكنية، وهو ما أدى إلى تراجع جديد في الإيجارات.
واعتبر خبراء في السوق أن انخفاض أسعار الإيجارات يعكس حركة تصحيحية من مستويات الذروة التي بلغتها الأسعار نهاية عام 2008، إذ استعاد السوق توازنه، وأصبح أكثر مرونة في العرض والطلب.
وقال أحمد الحمادي رئيس شركة الممزر العقارية، إن أسعار الإيجارات تراجعت بنحو 5 إلى 10% منذ بداية العام، موضحاً أن التراجع يظهر بصورة أكثر وضوحاً في المناطق الواقعة خارج أبوظبي، وفي مقدمتها مدينة محمد بن زايد، وخليفة "أ".
على أن المشاريع الجديدة لم تسلم من موجة التراجع، بحسب أحمد صالح البريكي رئيس مجلس إدارة شركة انفينتي العقارية، موضحاً أن متوسط إيجار الغرفة المؤلفة من غرفة وصالة في جزيرة الريم وشاطئ الراحة تراجع لنحو 85 إلى 95 ألف درهم سنوياً، مقابل نحو 110 آلاف درهم خلال النصف الثاني من العام الماضي.
وتوقع تقرير صادر عن شركة استيكو للعقارات نهاية العام الماضي أن تتعرض الإيجارات في أبوظبي لضغوط تدفعها للهبوط مرة أخرى خلال عام 2012، بعد تأجيل تسليم بعض المشاريع العقارية العام الماضي، ما أسهم في زيادة المعروض خلال الأشهر القليلة الماضية.
وذكر التقرير أن متوسط الإيجار السنوي لشقة مكونة من غرفة نوم واحدة في منطقة الكورنيش في الربع الأخير بلغ نحو 95 ألف درهم، و125 ألف درهم لشقة مكونة من غرفتي نوم.
ويبلغ متوسط إيجار شقق مكونة من غرفة، وغرفتي نوم في منطقة شاطئ الراحة 112 ألف درهم و152?5 ألف درهم على التوالي.
ويعول مستأجرون على مواصلة انخفاض أسعار الإيجارات، للانتقال إلى شقق أوسع، أو أقل سعراً من سكنهم الحالي.
وقال عبدالله خلفان النقبي رئيس مجلس إدارة شركة ويندكس للعقارات إن انخفاض أسعار الإيجارات يسهم في تحريك سوق العقارات، مع توفر خيارات أكبر للمستأجرين، معتبراً أنه “تصحيح” سعري بعد أن بلغت الأسعار قبل عام 2009 مستويات غير مسبوقة، تسببت في إضعاف الطلب.
وفيما ينظر مستأجرون إلى معايير السعر وتوفر المواقف وحداثة المسكن لاختيار الشقة، باتوا يعطون أهمية لموقع العقار، وقربه من المدارس والخدمات، لاسيما بعد أن انتقلت مقار عدة مدارس في أبوظبي إلى مدن خليفة "أ" و"ب".
وقال إسلام محمد عمران: كنت أفكر في الانتقال من مدينة خليفة "أ" إلى داخل أبوظبي، بعد الانخفاض النسبي في الأسعار داخل العاصمة، لكنني سأبقي في مدينة خليفة "أ" بعد أن سجلت ابني بإحدى المدارس الواقعة في مدينة خليفة "ب" لأبقى قريباً من المدرسة.
وأكد أشرف خليل عبدالمعز، مستأجر، أنه قرر الانتقال للسكن في مدينة محمد بن زايد بعد أن انتقل موقع مدرسة أطفاله من شارع المرور داخل أبوظبي إلى مدينة محمد بن زايد.
وقال عبدالمعز، إن مواقع مدارس أطفاله شجعه على اتخاذ القرار بالسكن خارج العاصمة، لاسيما في ظل توافر عوامل جذب أخرى مثل انخفاض السعر وتوفر مواقف السيارات، فضلاً عن اختياره سكناً جديداً.
وكان مجلس أبوظبي للتعليم أطلق قبل عدة سنوات مبادرة مدارس الفلل، حيث بدأت عملية إغلاق مدارس الفلل بموجب القانون الاتحادي رقم 28 لسنة 1999، والذي اشترط ضرورة التزام جميع المدارس الخاصة بالقواعد والقوانين الحكومية، ومنها استخدام مرافق ومباني مدرسية ملائمة وصالحة للعملية التعليمية.
واستمرت عملية إغلاق تلك المدارس ونقلها إلى أماكن جديدة منذ تلك المرحلة، مع التزام عدد من مشغلي تلك المدارس بطلبات نقل مدارسهم إلى أماكن أخرى تم تشييدها خصيصاً للاستخدام كمباني مدرسية.
وتم إخطار جميع المدارس من قبل بلدية أبوظبي ومجلس أبوظبي للتعليم بضرورة الانتقال من أماكنها ومقارها الحالية إلى مباني أخرى معدة خصيصاً للدراسة في موعد غايته بداية العام الدراسي 2013 - 2014، وستتلقى المدارس أوامر إغلاق حالما يصبح المجلس في وضع يسمح له بتحديد قدرات المدرسة للانتقال بالطلبة إلى أبنية تعليمية مناسبة.
خيارات المستأجرين
من جانبه، أشار عبدالله خلفان النقبي رئيس مجلس إدارة شركة ويندكس للعقارات إلى وجود عدة عوامل تحدد اختيار المستأجرين للسكن في أبوظبي، موضحاً أن الفترة الماضية شهدت اهتمام الكثيرين بتوافر مواقف السيارات في العاصمة، فضلاً عن تفضيل الوحدات السكنية الجديدة.
وبين أن المستأجرين يهتمون أيضاً بمواقع السكن القريبة من المدارس، لاسيما في مدن محمد بن زايد وخليفة "أ" وخليفة "ب".
ومع ذلك، قال النقبي إنه رغم وجود عوامل كثيرة تدفع بعض المستأجرين للتوجه خارج العاصمة، إلا أن الطلب على السكن داخل جزيرة أبوظبي لايزال الأكثر رواجاً.
وقدر النقبي تراجع الإيجارات في العاصمة بنحو 10% خلال أول شهرين من عام 2012، موضحاً أن نسبة التراجع في الإيجارات بلغت نحو 25% منذ منتصف العام الماضي حتى الآن.
وقال "على سبيل المثال تم تأجير فيلا من خلال الشركة بمدينة محمد بن زايد مؤخراً بسعر 150 ألف درهم سنوياً، مقابل 200 ألف درهم منتصف العام الماضي".
وانخفض متوسط سعر بيع الوحدات السكنية في أبوظبي بنسبة 17%، خلال العام الماضي، بحسب تقرير بيت الاستثمار العالمي "جلوبل".
وتوقع التقرير الصادر بداية الشهر الحالي، أن يشهد عام 2012 انخفاضاً بنسبة 15% في أسعار بيع الوحدات السكنية بأبوظبي، وانخفاضاً بنسبة 10% في قيمة الإيجارات نظراً لاستمرار دخول المعروض الجديد إلى السوق.
إلى ذلك، قال أحمد صالح البريكي إن الأسعار مرشحة للتراجع بنحو 10% خلال الربع الأول، موضحاً أن بعض المناطق شهدت بالفعل تراجعاً بذات النسبة تقريباً خلال الشهرين الماضيين. وأكد البريكي استفادة مدن خارج أبوظبي من احتضان بعض المدارس التي انتقلت من داخل الجزيرة، في ظل تفضيل بعض المستأجرين للسكن بجوار مدارس الأطفال.
وذكر أن متوسط أيجار الشقة المؤلفة من غرفتين وصالة في مدينة محمد بن زايد يقدر بنحو 60 ألف درهم، حيث تتميز الشقق بالمساحات الواسعة.
تراجع طفيف
من جانبه، توقع عتيبة بن سعيد العتيبة الرئيس السابق للجنة العقارات بغرفة تجارة وصناعة أبوظبي حدوث تراجع طفيف في أسعار الإيجارات بأبوظبي خلال الربع الأول من العام الحالي، بعد موجة التراجع الملحوظة خلال عام 2011.
وأكد العتيبة أن دخول وحدات سكنية جديدة في أبوظبي أسهم في تراجع الأسعار داخل العاصمة، ليتم استقطاب عدد كبير من المستأجرين الذين اضطروا للسكن خارج العاصمة خلال سنوات الطفرة العقارية.
وقال العتيبة، إنه رغم وجود عوامل تدفع بعض المستأجرين للتوجه خارج العاصمة مثل أزمة المواقف أو مواقع المدارس، إلا أن الطلب على السكن دخل العاصمة لايزال الأعلى لاسيما من المواطنين.
وأوضح أن بعض المقيمين لاسيما من الأوروبيين قد يفضلون السكن خارج أبوظبي، في ظل تعود الكثيرين منهم على الانتقال لمسافات طويلة لمقار عملهم في بلدانهم.
وتوقع تقرير صادر عن مؤسسة جون لانج لاسال العالمية خلال الشهر الحالي، طرح 18 ألف وحدة سكنية جديدة في أبوظبي خلال 2012، موضحاً أن عدد الوحدات التي دخلت السوق خلال العام الماضي بلغ 10 آلاف وحدة.
إلى ذلك، قال مسعود العور الرئيس التنفيذي لشركة تسويق للتسويق والتطوير العقاري، إن منحنى الإيجارات في أبوظبي خلال العام الحالي سيتحدد بناء على الظروف العالمية وليس أوضاع السوق الداخلي فقط، متوقعاً استقرار الأسعار بعد فترة من الهبوط التصحيحي.
وتوقع العور زيادة المعروض من الوحدات السكنية في السوق خلال الفترة المقبلة، في ظل توجه كثير من المطورين لسوق التأجير في ظل زيادة الطلب على الوحدات المعروضة للإيجار أكثر من تلك المعروضة للبيع، موضحاً أن مطورين اتجهوا مؤخراً لعرض وحدات التملك الحر للإيجار.
وسيضطر الملاك، بحسب العور، إلى تقديم مزيد من التنازلات للمستأجرين بعد فترة، لاسيما في ظل توقعات تزايد عدد الوحدات المعروضة، ما يعني احتدام المنافسة.
وأوضح العور أن دراسة حديثة للشركة أكدت أن سوق أبوظبي تشهد مزيداً من المعروض العقاري، موضحاً أن سوق أبوظبي شهدت زيادة مطردة في طرح الوحدات السكنية خلال عام 2010، مما أدى إلى انخفاض في معدلات الإيجار في المناطق الواقعة خارج المدينة مثل مدينة محمد بن زايد التي قدمت أكبر طرح للأبنيّة الجديدة.
وقال العور، إن دراسة الشركة توقعت استمرار ارتفاع المعروض ضمن مدينة أبوظبي خلال الربع الأول من العام الجاري، حيث سيتم طرح أكثر من 5 آلاف وحدة سكنية ومكتبيّة في جزيرة الريم، إضافة إلى إنجاز مشاريع مختلفة في منطقتي الروضة وشارع المطار.
وأضاف أن ملاك المباني في أبوظبي يقومون حالياً بتقديم مختلف التسهيلات في المباني الجديدة والقديمة على السواء، حيث يتضمن ذلك التنازل عن الزيادة السنوية للإيجار والمقدرة بـ 5% وقبول الدفعات الشهرية والفصلية والتشطيب والتجديد المجاني للوحدة السكنية والإعفاء من مدفوعات الماء والكهرباء، إضافة إلى فترة سماح من الإيجار تمتد لشهر أو اثنين.
المصدر: أبوظبي