بدرية الكسار (أبوظبي)
يبدأ اليوم الأحد تنفيذ فعاليات وبرامج المحور الثاني للحملة التوعوية الاجتماعية الأولى «أسرة متماسكة.. مجتمع متسامح.. وطن آمن» التي أطلقت مؤسسة التنمية الأسرية المرحلة الأولى لها يوم 3 مارس الجاري، وتستمر لغاية 15 مايو 2019، برعاية سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة، الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية «أم الإمارات».
ويستمر تنفيذ فعاليات وبرامج المحور الثاني تحت عنوان «أبناؤنا مسؤوليتنا» لغاية 4 أبريل القادم، وينفذ في مختلف المراكز التابعة للمؤسسة في الظفرة والعين وأبوظبي.
وقالت فاطمة عبدالله الحمادي، رئيس قسم تنمية مهارات وقدرات الشباب بمؤسسة التنمية الأسرية: تنطلق فعاليات المحور الثاني للحملة التوعوية الاجتماعية الأولى الهادفة لتحقيق نتائج محور التنمية الاجتماعية في إمارة أبوظبي 2030، والمتمثلة في (أسر متلاحمة وحاضنة، ومجتمع متلاحم مبني على التسامح واحترام الآخر)، ونشر ثقافة التسامح والحوار الحضاري والاتجاهات والسلوكيات التي تعزز التلاحم المجتمعي بين كافة أفراد المجتمع، من خلال دورات وورش متخصصة ومنها التربية بالانضباط الإيجابي.
وأوضحت أن هذا المحور يركز على أساليب التنشئة الفاعلة في إعداد طفل اجتماعي صالح وإكسابه الاتجاهات اللازمة للحياة، والانسجام مع المجتمع الذي يعيش فيه، وتم بناء هذه المادة وفق الممارسات العالمية والإقليمية والمحلية التي أثبتت فعاليتها بالأدلة والبراهين العلمية، ومدى توافقها مع طبيعة المجتمع الإماراتي، والتي تعد إطاراً متكاملاً قابلاً للتوظيف في إطار الوقاية الاستراتيجية لحماية النشء من الانسياق وراء دروب الجنوح والانحراف أو التورط في السلوكيات غير السوية.
وقالت: لابد من التركيز علي دور الأسرة في حماية النشء من الانحراف، حيث يقول تعالى (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافاً خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً) [النساء: 9] وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كلكم راع وكل راع مسؤول عن رعيته)، فالأسرة هي اللبنة الأولى في البناء الاجتماعي، وهي أول وأهم وأقوى الجماعات تأثيراً في التنشئة الاجتماعية للطفل، والتي تعمل على تشكيل سلوكه الاجتماعي وبناء شخصيته، فالأسرة هي التي تهذبه، وتجعل سلوكه مقبولاً اجتماعياً، وهي التي تغرس في نفسه القيم والاتجاهات التي يرتضيها المجتمع ويتقبلها.
البيئة الأسرية الإيجابية
وأشارت فاطمة الحمادي إلى أن البيئة الأسرية الإيجابية تعد العنصر الأهم في تنشئة أبناء يتمتعون بالصحة الاجتماعية النفسية والعقلية والبدنية، ويمتازون بالمرونة الكافية للتكيف مع محيطهم الاجتماعي، والسبب الرئيس في الحد من انخراط الأطفال والشباب اليافعين في الأنماط السلوكية غير السوية، بما في ذلك تعاطي العقاقير والكحول، والجنوح، خاصة في مرحلة المراهقة، كما يلعب جماعة الأقران واختيار المراهقين لأصدقائهم دوراً كبيراً في هذا الصدد.
وأوضحت أن المنهج الوقائي في تربية النشء يرتكز على ثلاث ركائز أساسية، هي البيت والمدرسة والمجتمع، والتي يمثل تكاملها النهج الوقائي الناجح في حماية النشء من الانحراف، كما تعد البيئة الأسرية الإيجابية هي خط الوقاية الأول القادر على تلبية احتياجات أفرادها وغرس البذور الصالحة في أفكارهم وسلوكهم في مرحلة عمرية مبكرة، وضمان توفير أفضل السبل والظروف من أجل تنشئة أبناء صالحين ومنتجين وقادرين على التفاعل مع المتغيرات العصرية بكفاءة وفاعلية.
الانضباط الإيجابي
وأشارت الحمادي إلى أهمية التربية بالانضباط الإيجابي التي تتضمنها ورش عمل المحور الثاني للحملة، موضحة أنه نهج وأسلوب لتربية الأطفال، وطريقة تفكير تستند على أربعة مبادئ للتربية السليمة، تتمحور في تحديد الأهداف بعيدة المدى، وتوفير الدفء العاطفي (تلبية الاحتياجات العاطفية) والبُنية المعرفية (نقل القيم والتوقعات الأسرية المنشود)، وفهم آلية تفكير ومشاعر الطفل وفقاً لمرحلته النمائية، والتوصل لآليات لحل المشاكل التي تواجه الأبناء وفقاً لخصائص مراحلهم النمائية.
ويمتاز الانضباط الإيجابي بأنه يطور وعلى المدى البعيد الانضباط الإيجابي الذاتي لدى الطفل، وبناء علاقة مبنية على الاحترام المتبادل بين الوالدين والأبناء، ويطور المهارات والكفاءات والثقة لدى الأطفال، ويمنحهم المرونة الكافية التي تتيح لهم التفاعل الإيجابي مع متغيرات العصر بكفاءة وفاعلية.
ويمكن للوالدين تحقيق أهدافهم بعيدة المدى، وهي الأهداف التي يريد الأهل تحقيقها عندما يصبح أطفالهم بالغين، وبمعنى آخر كيف يأمل الآباء أن يصبح أبناؤهم بعد بلوغهم سن الشباب، وما هي نوعية العلاقة التي يحلمون بها بينهم وبين أبنائهم.
وأضافت: يمكن للوالدين تحقيق أهدافهم قريبة المدى وأهدافهم بعيدة المدى في ذات الوقت حيث إن القاعدة الأساسية للانضباط الإيجابي هو النظر إلى تحدّيات المدى القريب كفرصة للعمل باتجاه تحقيق أهداف المدى البعيد، وفرصة لتعليم الأبناء مهارات الحياة الأساسية، مشيرة إلى أن الأهداف التربوية بعيدة المدى للوالدين، تعد حجر الأساس الذي يؤسس عليه الأهل مهاراتهم في الانضباط الإيجابي، والذي يتطلب بناء مهارات إشباع الحاجات.
وأشارت إلى أهمية تحقيق حاجة الطفل إلى الاحترام والاستقلالية من خلال احترام آراء الطفل وأفكاره ومقترحاته مهما صغر عمره، على أن يكون احتراماً نابعاً من القلب، فالطفل يستكشف بسهولة مشاعر الوالدين الحقيقية والتي تعكسها تعابير الوجه، ومنح الطفل وقتاً للتعبير عن نفسه وآرائه والاستماع له بإنصات وعدم استصغاره أو التقليل من شأنه أمام أقرانه أو أسرته، ومنح الأبناء بعض الحرية المسؤولة ضمن الرقابة، ومحاورتهم كل وفق عمره وإشراكهم في بعض القرارات الأسرية التي تهمهم، وفتح بعض المجال للطفل للاختيار مثل اختيار ملابسه، أو مكان الترفيه، والاعتذار للطفل في حالة ارتكاب خطأ في حقه.