سيد الحجار (أبوظبي)
في الوقت الذي تقوم فيه الجهات المسؤولة باتخاذ العديد من الإجراءات التحفيزية لدعم الاقتصاد، تزامناً مع الأوضاع الاقتصادية الراهنة بسبب انتشار فيروس كورونا «كوفيد-19»، تنطلق تساؤلات حول المسؤولية المجتمعية للشركات وقت الأزمات، ودور القطاع الخاص وكبار رجال الأعمال والتجار خلال هذه الظروف الاقتصادية الصعبة.
وبينما بادرت بعض الشركات الكبرى مؤخراً بإطلاق مبادرات مهمة لدعم الأعمال، أكد خبراء اقتصاديون ورجال أعمال أهمية قيام كافة الشركات بدورها المجتمعي، لاسيما خلال هذه الأوقات، موضحين أن الشركات الخاصة استفادت كثيراً من الدعم المتواصل للقطاع الخاص خلال السنوات الماضية، ومن ثم فإنه خلال الظروف الحالية يتوجب عليها القيام بدورها باعتبار ذلك بمثابة «رد الجميل» للوطن، لاسيما فيما يتعلق بتحقيق الاستقرار الاقتصادي، وعدم استغلال الأوضاع لزيادة الأسعار.
وقال هؤلاء لـ «الاتحاد»، إن مواجهة الظروف الحالية تتطلب تكاتف كافة الجهود لتجاوز الأزمة، سواء من الجهات الحكومية، أو الشركات الكبرى وشبه الحكومية، والشركات الخاصة، وأيضا الأفراد، موضحين أنه فيما يتعلق بالمسؤولية المجتمعية للشركات فإن الدور الأكبر يقع على الشركات الكبرى وشبه الحكومية، والتي تعتمد كثير من الشركات الصغيرة والمتوسطة في أعمالها عليها، كما أن هذه الشركات الصغيرة والتجار عليهم دور أيضا كل في مجاله، بداية من نشر التوعية، وصولاً إلى المساهمة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، وعدم استغلال الظروف الحالية لزيادة أسعار المنتجات.
وأوضحوا أن السنوات الأخيرة شهدت مساهمات فعالة للشركات للقيام بدورها المجتمعي، لاسيما مع إعلان عام 2017 باعتباره عاماً للخير، واعتماد 2018 «عام زايد»، وأيضاً عام 2019 باعتباره عاما للتسامح، فضلاً عن إطلاق مبادرة «صندوق الوطن»، والذي جمع 830 مليون درهم في أقل من 3 سنوات منذ تدشينه، بمساهمة 115 جهة وفرداً، مما يجعله أكبر صندوق عالمي من حيث عدد المساهمين فيه.
وأكدوا أن الأوضاع الراهنة تتطلب ضرورة إطلاق مبادرات جماعية وفعالة لتعزيز المسؤولية المجتمعية للشركات.
وأطلقت شركة الدار العقارية أمس الأول، سلسلةً من البرامج بقيمة 100 مليون درهم لتقديم الدعم للمقيمين والمستأجرين والعملاء والشركاء، في إطار دعمها المتواصل لجهود الحكومة ونهجها المستدام لتحقيق المصلحة للأطراف المعنية بأعمالها على المدى الطويل، فضلاً عن تأكيد التزامها بسداد 4 مليارات درهم للمقاولين والموردين خلال عام 2020.
فيما أطلقت «دبي القابضة»، وشركة «مِراس»، حزمة مساعدات اقتصادية، بهدف دعم شركائهما وعملائهما الحاليين، أفراداً وشركات، عبر محفظة شركاتهما بقيمة مليار درهم، وصُمّمت حزمة المساعدات الاقتصادية للحدّ والتخفيف من الآثار السلبية لأزمة تفشي فيروس كورونا المستجد، المعروف علمياً باسم «كوفيد 19»، على بعض الشركات العاملة والأفراد، ضمن محفظة مشاريع ومجمعات «دبي القابضة» و«مِراس».
وأكدت أن المبادرة تأتي انطلاقاً من التزام الشركة الراسخ بمسؤوليتها المجتمعية والاقتصادية، في دعم شركائها خلال الأزمات والظروف الاستثنائية، حيث تعمل على تصميم حزم مساعدات ودعم اقتصادية مفصلة للجهات المتأثرة بالأزمة في القطاعات التي تعمل بها.
وشكلت كل من «دبي القابضة» و«مراس» فرق عمل مختصة، تتمثل مهمتها في مراجعة المتطلبات المحددة للمتأثرين بتداعيات تفشي فيروس كورونا، ودراسة كل حالة على حدة لضمان توفير التحفيز والدعم الاقتصادي الكافي لهم.
دعم متواصل
وقال بدر فارس الهلالي، رئيس مجلس إدارة مجموعة الإمارات للصناعات والخدمات، إن الشركات استفادت كثيراً من الدعم المتواصل للقطاع الخاص منذ تأسيس دولة الإمارات، ومن ثم يتوجب على هذه الشركات القيام بدورها، خلال هذه الأوقات، باعتبار ذلك بمثابة «رد الجميل» للوطن.
وأوضح أن الظروف الحالية تشكل فرصة لرجال الأعمال والشركات، للقيام بدورها الاجتماعي، لاسيما أن الجهات الحكومية بتوجيهات القيادة الرشيدة لم تتأخر في القيام بدورها الداعم للاقتصاد وللشركات الخاصة من خلال إلغاء الرسوم والمخالفات.
وأضاف الهلالي السنوات الأخيرة شهدت مساهمات فعالة للشركات للقيام بدورها المجتمعي لاسيما مع إعلان عام 2017 باعتباره عاماً للخير، واعتماد 2018 «عام زايد»، وأيضاً عام 2019 باعتباره عاما للتسامح، فضلاً عن إطلاق مبادرة «صندوق الوطن»، موضحاً أن الظروف الحالية تتطلب المزيد من المساهمات المجتمعية للشركات.
وذكر الهلالي أن مجموعة الإمارات للصناعات والخدمات بادرت من خلال عملها بعدة قطاعات باتخاذ خطوات وإجراءات في إطار دورها المجتمعي، فمن خلال عمل المجموعة بقطاع العقارات، يتم تقديم المزيد من التسهيلات للمستأجرين، لاسيما بالوحدات التجارية، عبر تأجيل الأقساط المستحقة، وقبول الدفعات الميسرة، كما يتم إجراء حملات صيانة وتعقيم لبعض المواقع.
وأشار إلى أهمية عدم استغلال التجار والعاملين في مجال الصناعات الورقية، لزيادة الطلب على هذه المنتجات حاليا برفع الأسعار، بل يجب أن يتقبل الجميع تقليل هامش الأرباح، موضحاً أن المجموعة تعد أحد المساهمين الفاعلين بمبادرة «صندوق الوطن» وحملة «مدى» مع الهلال الأحمر.
واجب وطني
من جانبه، أوضح الدكتور علي العامري رئيس مجموعة شموخ أن المسؤولية المجتمعية للشركات تعد بمثابة واجب وطني، موضحاً أن مواجهة الظروف الحالية تتطلب تكاتف كافة الجهود لتجاوز الأزمة، سواء من الجهات الحكومية، أو الشركات الكبرى وشبه الحكومية، والشركات الخاصة، وأيضا الأفراد.
وأوضح أن الشركات الكبرى يجب أن تعمل حاليا على استمرار أعمالها والتزامها بسداد التزاماتها، كما أعلنت «الدار» مؤخراً عن التزامها بسداد 4 مليارات درهم للمقاولين والموردين خلال 2020، وتوفير تسهيلات فيما يتعلق بالإيجارات التجارية، موضحاً أن كثيراً من الشركات الصغيرة والمتوسطة، ترتبط أعمالها بهذه الشركات الكبرى، ومن هنا تأتي ضرورة تحمل الشركات شبه الحكومية لدورها خلال هذه الظروف.
وأضاف أن الشركات الصغيرة والمتوسطة أيضاً عليها دور كل في مجاله، سواء بنشر التوعية، أو أعمال التعقيم والنظافة، فضلاً عن المساهمة في تحقيق الاستقرار الاقتصادي، وعدم استغلال الظروف الحالية لزيادة أسعار المنتجات، فضلاً عن الالتزام بالجودة في الإنتاج وتحسين المواصفات، فضلاً عن عدم تجاهل الظروف الصعبة لبعض العمالة، لحين تجاوز تحديات الأزمة.
شريك أساسي
وقال نجيب الشامسي المستشار الاقتصادي لغرفة تجارة وصناعة أبوظبي إن القطاع الخاص شريك أساسي في التنمية؛ ولذلك يجب أن يكون لها دور إيجابي في أوقات الأزمات.
وأضاف أنه رغم قيام بعض الشركات الكبرى مؤخراً بالإعلان عن مبادرات تحفيز اقتصادي مثل «الدار العقارية» و«دبي القابضة»، إلا أن هناك حاجة للمزيد من الإجراءات من كافة الشركات بمختلف القطاعات، موضحاً أن كثيراً من رجال الأعمال بدول أخرى بادروا بالإعلان عن فتح مستشفياتهم أو فنادقهم للمتضررين من فيروس «كورونا»، فضلاً عن توجه آخرين لتقديم تبرعات ودعم مباشر للموازنة العامة في دولهم، وقيام تجار بتخفيض أسعار السلع الغذائية.
وقال الشامسي: حينما نتعاون معاً كحكومات وهيئات وشركات ومصارف ومؤسسات وجمعيات وأفراد نستطيع كبح آي تحديات.
وأوضح أنه في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد بادرت بعض المؤسسات الحكومية المحلية ببعض الخطوات التي من شأنها تعزيز الوضع الاقتصادي، فلماذا لا تبادر بقيمة المؤسسات التي تقوم بفرض رسوم مبالغ فيها، بإعفاء الشركات والمؤسسات الخاصة والمحال التجارية من الرسوم لمدة 6 أشهر دعماً لهذه المؤسسات المتأثرة بالأوضاع التي فرضتها أزمة كورونا؟.
وقال الشامسي، إن القطاع الخاص حقق نمواً ونجاحاً ملحوظاً في ظل الدعم الحكومي طوال هذه السنوات، ومن ثم جاء دوره للمساهمة في دعم الاقتصاد خلال هذه الفترة، موضحاً أن الحكومة والمجتمع لن ينسى دور الشركات ورجال الأعمال الذين يقومون بدورهم في الأوقات الصعبة.
وأكد أن القطاع الخاص سيكون المتضرر الأكبر في حالة استمرار هذه الأزمة، في حالة عدم التعاون الكامل مع الجهات الحكومية لتخطى العقبات الاقتصادية الحالية.
الذيابي: دعم الشركات لمواجهة ظروف السوق
أكد طلال الذيابي الرئيس التنفيذي لشركة الدار العقارية أهمية قيام كافة الشركات بدورها المجتمعي، لاسيما خلال هذه الظروف الاقتصادية، مشيراً إلى حرص «الدار» على دعم الإجراءات السريعة والحاسمة التي اتخذتها القيادة الرشيدة لدعم المجتمع والشركات في مواجهة الظروف غير المسبوقة في السوق.
وأوضح أن المبادرات الأخيرة التي أطلقها المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي وخطة الدعم الاقتصادي التي اعتمدها المصرف المركزي بقيمة 100 مليار درهم، تسهم في تعزيز مرونة الاقتصاد الوطني، مشيراً إلى أن البرامج التي أطلقتها «الدار» تسهم في دعم الاقتصاد، وتحقيق القيمة لكافة الأطراف المعنية.
وأطلقت شركة الدار العقارية أمس، سلسلةً من البرامج بقيمة 100 مليون درهم، تشمل تزويد المستأجرين في محفظة وحداتها السكنية، التي تضمّ أكثر من 5000 وحدة، بخطط دفع شهرية لدعم وتسهيل التزامات الإيجار حتى نهاية عام 2020.
وأكدت الشركة التزامها بسداد وتلبية التزامات «الدار» تجاه مقاوليها ومستشاريها ومورديها ضمن الجداول الزمنية المتّفق عليها لعام 2020، والبالغة قيمتها 4 مليارات درهم، فضلاً عن تأكيد التزامها تجاه المساهمين من خلال توصية الجمعية العمومية بتوزيع أرباح نقدية بقيمة 1.14 مليار درهم، مما يسهم في تعزيز الاقتصاد.
كما سيتم الإعفاء من جميع الرسوم الإدارية المستحقة للدار، بما في ذلك رسوم نقل الملكية ورسوم التأخر في السداد، خلال عام 2020، وتوظيف جميع الموارد المتاحة في «خدمة»، شركة إدارة المرافق المملوكة لها، لدعم جهود التعقيم وتقديم خصومات للعملاء على خدمات الصيانة والتعقيم في منازلهم ومكاتبهم طوال الفترة القادمة.