18 فبراير 2011 21:07
من المنتظر قريباً أن تعلن شركة نوكيا التي تسعى جاهدة إلى مراجعة استراتيجية هواتفها واستعادة ما فقدته في نشاطها الرئيسي، عن شراكة ترمي إلى استخدامها نظام تشغيل جديد لهواتفها.
وتجري نوكيا محادثات مع مايكروسوفت لضم نظام تشغيلها سمبيان مع نظام تشغيل مايكروسوفت المسمى ويندوز فون 7.
ويشير محللون إلى احتمال بلوغ نوكيا اتفاقاً مع جوجل صاحبة نظام تشغيل أندرويد واسع الانتشار. وقد تبرم نوكيا اتفاقية مع إحدى الشركتين أو كلتاهما.
وكان ستيفن إيلوب الذي انتقل من مايكروسوفت إلى نوكيا منذ أقل من خمسة أشهر قد أشار إلى أنه جاري إجراء تعديلات كبرى ونوَّه إلى احتمال أن تستخدم الشركة نظام تشغيل خارجي وهو ما جعل محللين يتوقعون أن يعلن إيلوب عن تحالف مع شركته السابقة ميكروسوفت أو مع جوجل.
وفي مذكرة داخلية دراماتيكية صدرت مؤخراً شبَّه أيلوب نوكيا برجل واقف على منصة زيت تحترق يقفز في مياه ثلجية للهروب من اللهب، وأضاف أن الشركة من خلال موقفها سكبت البنزين على منصتها المحترقة.
كما ذكر أيلوب إنه لابد لنوكيا أن تتخذ إجراءً من هذا القبيل لكي توقف تراجعاً جعل الشركة الفنلندية (نوكيا) تفقد كثيراً من قدرتها على المنافسة. وكتب أيلوب في المذكرة التي نشرت في وول ستريت جورنال: “إن نوكيا في موقف شديد الحرج. ولابد من جهد هائل لتحويل شركتنا”.
ويرجح أن يكون تعديل إدارة الشركة العليا تعديلاً جوهرياً ضمن استراتيجية إيلوب مع توقع أن يغادر عدد من أعضاء مجلس إدارة الشركة. وتعتبر خطط إيلوب سرية لدرجة أن تنفيذيي الشركة لن يعرفوا مصيرهم إلى أن يتم إبلاغهم قريباً. وفي ذات الوقت تسعى الشركة إلى جذب أصحاب المواهب في مجال البرمجيات وتسعى أيضاً إلى البحث عن رئيس جديد لقسم أميركا الشمالية ليحل محل مارك لويزون رئيس وحدة نوكيا في هذه القارة.
وتشير التغيرات الجريئة التي يجري حالياً إعدادها والتي سيشرحها إيلوب خلال أحد اجتماعات المستثمرين في لندن قريباً إلى إصرار نوكيا على العودة إلى استرجاع قوتها المعهودة ذلك لأن الهيمنة التي حققتها نوكيا على السوق طوال العشرين عاماً الماضية تتعثر على كافة الجبهات. فقد تبين أن آي فون (أبل) وهواتفها الذكية التي تعمل على نظام أندرويد (جوجل) تستحوذ على حصة كبرى في أسواق الهواتف الذكية المتميزة منها ومتوسطة التميز، وخصوصاً في أميركا الشمالية والتي تعتبر ميدان تنافس مهماً تكاد تكون نوكيا غائبة عنه.
شدة المنافسة
أما أعمال الشركة في مجال الهواتف المحمولة العادية التي تحقق إيرادات كبرى في الأسواق الناشئة المتعاظمة النمو فهي تتعرض لمنافسة شديدة من الهواتف المحمولة الآسيوية زهيدة الثمن الأمر الذي نجم عنه تراجع أرباح الشركة بنسبة 16% في الربع الرابع من سنتها المالية.
لم يتراجع وضع نوكيا إلا منذ انضمام إيلوب لها كرئيس تنفيذي في شهر سبتمبر الماضي. وعانت نوكيا من تأخر اطلاقها هواتف جديدة. وواجه هاتفها الذكي”إن 8” N8 الشهير الذي بدأ تصديره العام الماضي من أعطال معينة وأوقفت الشركة خدمة تحميله الموسيقى مجاناً التي كان الغرض منها منافسة أي تيون في عدة أسواق. وفي ربع السنة الرابع أزاحت جوجل نوكيا من عرش أكبر شركة تصنيع هواتف ذكية في العالم بحسب مؤسسة كتاليس لبحوث السوق.
وكتب إيلوب في مذكرته: “أول آي فون أُطلق في 2007 ولا نزال نفتقر إلى منتج يقترب منه. وظهر نظام أندرويد في الساحة منذ سنتين فقط واستطاعوا أن يزيحونا عن صدارة الهواتف الذكية من حيث العدد. هذا شيء لا يصدق!”.
وتعتزم خطط إيلوب إجراء تغييرات جذرية على إدارة نوكيا ترمي إلى وضع حد لثقافة الشركة التي يقول موظفوها أنها لا تزال شديدة التمسك بالفنلنديين. واليوم هُناك ستة مديرين فنلدنيين من أصل عشرة مديرين بالإدارة العليا وهو أمر يرجح أن يغيره إيلوب.
ولكي يقوم أيلوب بضخ الحيوية في سوق نوكيا يتعين عليه أن يعين تنفيذيين نابهين مبدعين يدركون معنى تغيير المألوف، بحسب خبراء.
ويردد البعض أنه سبق لنوكيا أن حاولت اجتذاب مدير أعمال جوجل نيكيش أرورا دون جدوى. غير أنه ربما يصعب على نوكيا اجتذاب خبراء من آبل وجوجل منافستيها الأميركيتين، بحسب جيف ليبولد أحد مديري شركة كوك أسوسيتس لبحوث التنفيذيين ذلك لأنها لا تتمتع بنفس المكانة في سيليكون فالي.
تطوير الشركة
ويقول ليبولد إنه من أجل تكوين فريق إدارة عليا جديد ينبغي على إيلوب أن يحرص على تطوير ثقافة الشركة على نحو يجعلها ثقافة عالمية بدلاً من كونها ثقافة منقسمة إلى فنلندية وغير فنلندية.
ويترقب مستثمرون أن يوضح إيلوب الطريقة التي يعتزم بها استعادة حصة كبيرة من السوق الأميركية، وخصوصاً في مجال الهواتف الذكية المتميزة التي تعد إحدى أهم تحديات نوكيا الملحة.
ولا تحتمل نوكيا أن تتأخر في سوق الهواتف المحمولة في الولايات المتحدة الكبرى والمربحة وهو ما يعزى إلى أنها تضم صفوة خبرات تطوير البرمجيات للأجهزة المحمولة. إذ تحتاج نوكيا لأولئك المطورين لابتكار تطبيقات لأجهزتها.
وبالمقارنة لا يعتبر نظام تشغيل سيمبيان (نوكيا) جاذباً في الولايات المتحدة. وهو لا يحظى باهتمام مطوري البرامج وشركات اتصالات المحمول نظراً لعدم انتشاره في السوق الأميركية وهو الأمر الذي يعيق جهود برامج نوكيا ذاتها مثل OVI STORE الذي ينافس مخزن تطبيقات أبل المسمى APP STORE. يذكر أن نوكيا ألغت مؤخراً اطلاق هاتفها الذكي إكس 7 في الولايات المتحدة والذي يعمل على نظام سيمبيان بعد عدم حصوله على تأييد كافٍ من شركات التشغيل.
وقال إيلوب في مذكرته إن سيمبيان يصعب تطويره ويسبب تأخيرات وثبت عدم قدرته على المنافسة في أسواق هامة مثل أميركا الشمالية.
ولا يوجد أمام نوكيا سوى خيارات محدودة في مساعيها لابتكار هاتف ذكي في مقدوره منافسة أبل أو جوجل. وفي وسع الشركة أن تظل على نهجها الحالي معتمدة على سيمبيان مع استمرارها في تطوير نظام تشغيلها الجديد بالاشتراك مع انتل المسمى ميجو MEEGO. غير أن التمسك بميجو الذي لم يثبت جدارته بعد أمر ينطوي على المخاطرة، بحسب محللين وخصوصاً في الولايات المتحدة التي أثبتت نظم تشغيل من أبل وجوجل وريسيرش ان موشن جدارتها بالفعل في السوق.
نظام تشغيل
وأمام نوكيا خيار آخر هو أن تأخذ نظام تشغيل آخر إما من جوجل أو ميكروسوفت وهو أمر سبق أن رفضته الشركة بشدة قبل وصول إيلوب.
وفي شهر سبتمبر الماضي قام أنسي فانجوكي أحد تنفيذيي نوكيا المخضرمين والذي رشّح من قبل لتولي رئيس تنفيذي الشركة بتوجيه انتقاد شديد للمصنعين الذين يستخدمون أندرويد. إذ زعم أن مصنعي الهواتف المستخدمين أندرويد مثل اتش تي سي وسامسونج الكترونيكس ربما يشهدون مبيعات كبرى حالياً ولكنهم سيلاقون صعوبة مستقبلاً في تمييز منتجاتهم. غير أن فانجوكي أعلن استقالته بعيد إعلان الشركة تعيين إيلوب رئيساً تنفيذياً.
وبالعكس أشار إيلوب إلى أن استخدام نظام تشغيل آخر يعتبر خياراً معقولاً نظراً لأن المنافسة بين الهواتف الذكية تتوقف إلى حد كبير على البرمجيات والخدمات التي تأتي معها. في ذلك قال إيلوب: “لابد لنا من إنشاء أو تعديل أو الانضمام إلى نظام تشغيل قادر على المنافسة وناجح”. أن نوكيا وميكروسوفت التي كان يعمل إيلوب فيها من قبل شريكان فعلا على نحو يمكن أن يمهد الطريق لتحالف أقوى. فمثلاً سبق لنوكيا أن رخصت بعض تطبيقات ويندوز مثل أوفيس في هواتفها الذكية.
وفي خطاب أرسل لكلا الشركتين في 2 فبراير حثّ عدنان أحمد المحلل في بيرينبرج بنك في هامبورج كلاً من نوكيا وميكروسوفت على إبرام اتفاقية. وفي الخطاب أطلق على ميجو “أكبر أضحوكة” في صناعة التكنولوجيا واحتج بأنه من الأفضل لنوكيا أن تستخدم ويندوز فون 7 في هواتفها الذكية لتتمكن من دخول السوق الأميركية. وفي مقدور نوكيا أثناء استخدامها لويندوز 7 أن تكسب وقتاً إلى أن تتمكن من تطوير شيء أفضل حسب رأي بعض الخبراء.
نقلاً عن - وول ستريت جورنال
ترجمة - عماد الدين زكي