6 يناير 2012
رغم سخونة الأحداث التي تشهدها مصر حالياً، فإن الذكرى السابعة والثلاثين لرحيل الموسيقار فريد الأطرش التي توافق 26 ديسمبر لم تمر مرور الكرام، حيث احتفت به الإذاعة من خلال بث عدد كبير من أغنياته التي لحنها وغناها بنفسه أو شدا بها مطربون آخرون، كما احتفت به دار الاوبرا من خلال حفلين قدمت فيهما أبرز أعماله بأصوات أعضاء فرقة الموسيقى العربية، ودعا الموسيقار حلمي بكر لتخصيص جائزة باسم فريد لدوره الكبير في إثراء الحياة الفنية والموسيقية.
(القاهرة) - يعد فريد قيمة فنية كبيرة وموهبة طاغية أثبتت كفاءتها في عصر شديد التميز تواجد فيه محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وحليم وآخرون، وصنف على أنه من أعظم العازفين على آلة العود في العالم وكان تأثيره على محبي هذه الآلة وعازفيها ومريديها كبيراً يبين أنه أقام لنفسه مدرسة فريدة من نوعها، كما تزداد بمرور الوقت قيمة أعماله التي قدمها على صعيد الغناء أو التلحين.
أغنيته الأولى
ولد فريد الذي ينتمي إلى آل الأطرش لإحدى العائلات العريقة في جبل الدروز في جنوب سوريا في 19 أكتوبر 1910، وكان ترتيبه الثالث بين أخوته العشرة، حيث تزوج والده فهد الأطرش ثلاث سيدات هن طرفة الأطرش وميسرة الأطرش والأميرة علياء المنذر والدة أنور وفريد وفؤاد ووداد وآمال التي اشتهرت لاحقاً باسم «أسمهان»، وحرم من رؤية والده بسبب كثرة تنقلاته مع والدته هرباً من الفرنسيين الذين كانوا ينوون اعتقاله وعائلته بسبب قتال والده ضد ظلمهم.
وعاش منذ عام 1923 في حجرتين صغيرتين بالقاهرة مع شقيقيه فؤاد وأسمهان ووالدته التي اضطرت إلى الغناء في روض الفرج، بعدما نفد المال الذي كان بحوزتها وانقطاع أخبار الوالد، وسرعان ما التحق بمعهد الموسيقى، وبعد عام من الدراسة التقى بفريد غصن والمطرب إبراهيم حمودة الذي طلب منه الانضمام إلى فرقته للعزف على العود، ثم تعرف إلى بديعة مصابني التي ألحقته بفرقتها مع مجموعة المغنين، ولكنه نجح في إقناعها بأن يغني بمفرده، بعد أن اعتُمد مطرباً في الإذاعة، وكانت أغنيته الأولى «يا ريتني طير لأطير حواليك».
31 فيلماً
وأعاد بشجاعة العود على خشبة المسرح في بداية كل حفلاته، وأظهر براعة نادرة وتقنية بديعة مع جرأة في الأداء وتنقلات سلسة بين المقامات الموسيقية سواء الشرقية أو الغربية، ولا تزال تقاسيمه الخاصة بأغنياته «أول همسة» و«الربيع» و«عش أنت» و«زمان يا حب» وغيرها مصدر إلهام لكل عازفي العود، كما تحتل المرتبة الأولى في نسب التحميل والاستماع على المواقع الإلكترونية الشهيرة ومن بينها «فيسبوك» و«يوتيوب».
وقدم فريد 31 فيلماً سينمائياً كان يختار قصصها بعناية، وخصوصاً التي تتماس ولو قليلاً مع قصة حياته، ولعب بطولتها جميعاً أمام غالبية النجمات الموجودات على الساحة وقتئذ ومنها «انتصار الشباب» مع أسمهان، و«أحلام الشباب» و«شهر العسل» مع مديحة يسري، و«جمال ودلال» مع ليلي فوزي، و«مقدرش» مع تحية كاريوكا، و«حبيب العمر» و«أحبك انت» و«عفريتة هانم» و«آخر كدبة» و«تعالى سلم» و«ما تقولش لحد» مع سامية جمال، و«عايزة أتجوز» مع نور الهدى، و«بلبل أفندي» و»لحن حبي» و«إزاي أنساك» مع صباح، و«رسالة غرام» و«عهد الهوى» و«ماليش غيرك» و«يوم بلا غد» مع مريم فخر الدين، و«لحن الخلود» و«الحب الكبير» و«حكاية العمر كله» مع فاتن حمامة، و«من أجل حبي» مع ماجدة، و«الخروج من الجنة» مع هند رستم، و«ودعت حبك» و«انت حبيبي» مع شادية وقدم معها في هذا الفيلم أشهر دويتوهات السينما المصرية «يا سلام على حبي وحبك»، و«رسالة من امرأة مجهولة» مع لبنى عبد العزيز، و«زمان يا حب» مع زبيدة ثروت، و«نغم في حياتي» مع ميرفت أمين، وعرض بعد وفاته وتحديداً في 25 أغسطس عام 1975.
غنوا من ألحانه
وفي الوقت الذي غنى فيه للعديد من الشعراء ومنهم أحمد رامي وأحمد شفيق كامل والأخطل الصغير وإسماعيل الحبروك وبديع خيري وبيرم التونسي وحسين السيد وصالح جودت وأبو السعود الإبياري وعبد العزيز سلام ومرسي جميل عزيز وفتحي قورة وكامل الشناوي، لحن للعديد من المطربين والمطربات ومنهم شقيقته أسمهان، وكان يؤكد في كل أوقاته أنها لو لم تمت ما لجأ لأي مطربة أخرى مهما كانت إمكانياتها، ولحن لأكثر من 50 مطرباً منهم وديع الصافي ونور الهدى وفهد بلان ونازك وشهرزاد ونجاة علي وشادية وفايزة أحمد وصباح ووردة ومها صبري ومحرم فؤاد وعادل مأمون وطروب ومحمد رشدي وعبد اللطيف التلباني، كما غنى من ألحانه إسماعيل ياسين وتحية كاريوكا وثريا حلمي وسامية جمال في عدد من الأفلام.
وغنى عشرات الأغنيات التي تنوعت بين الطربية والخفيفة والرومانسية والحزينة والوطنية ومنها «بتبكي يا عين» و«اتقل اتقل» و«أحبابنا يا عين» و«أنا وانت وبس» و«أنساك وأفتكرك تاني» و«زمان يا حب» و«احلف لك متصدقش» و«هلت ليالي» و«حبينا» و«اشتقت لك» و«الربيع» و«علشان مليش غيرك» و«ما قاللي وقلت له» و«وحياة عنيكي» و«قسمة مقسومة» و»تؤمر ع الراس وع العين» و«لكتب ع اوراق الشجر» و«الحياة حلوة» و«يا جميل» و«اشتقتلك» و«حبايبي يا غايبين» و«بقى عايز تنساني» و«ساعة بقرب الحبيب» و«بساط الريح» وغيرها.
«ملك العود»
وحصل فريد الأطرش، بجانب جنسيته السورية، على الجنسيات المصرية واللبنانية والسودانية، كما حصل على وسام الاستحقاق المصري من الدرجة الأولى في 15 مارس 1970، ومنحته فرنسا وسام «الخلود»، ونشرت أعماله في موسوعاتها العالمية، كما حصل على لقب «ملك العود» من تركيا عام 1964، ووسام الاستقلال من الدرجة الأولى من الأردن في 15 نوفمبر 1964 ووسام الأرز وقلادة الجمهورية اللبنانية عام 1974.
ثلاث قصص حب
رغم أن فريد الأطرش، لم يتزوج فقد عاش ثلاث قصص حب كانت حديث الوسط الفني، الأولى لسامية جمال، والثانية للراقصة الجزائرية ليلى، والثالثة لشادية، وكان يعتقد أن الفنان لم يخلق للزواج ولكنه يتزوج فنه لينجب ألحاناً وأغنيات وأفلاماً. وتوفي في 26 ديسمبر 1974 في مستشفي الحايك في بيروت، ودفن في مصر بجوار جثمان شقيقته وتوأم روحه أسمهان نزولاً على رغبته.