محمد نجيم (الرباط)
يرى الفنان والباحث في الجماليات المغربية والعربية محمد الزبيري، الفائز بجائزة الشارقة للبحث النقدي التشكيلي عن بحثه «الفن والمجتمع : أسئلة المشهد التشكيلي العربي»، أن البحث جاء لرصد مدى تفاعل منجزنا التشكيلي مع مجتمعه. واخترت أن أعالج الموضوع من زاوية تلك الأسئلة الأساسية الآنية التي يطرحها المجتمع على الفنان، والأسئلة التي يطرحها الفنان بدوره على مجتمعه.
وقال الزبيري لـ «الاتحاد»: الإمارات حققت تقدما ملحوظا ونماء ممتازا شمل كل الأصعدة، مما يجعله تقدما حقيقيا ومطمئنا؛ لأنه يشمل كل المجالات ولا يستثني أي قطاع، بشهادة الأرقام الرسمية للمؤسسات والمنظمات الدولية المختصة. وأثلج صدري ما وقفت عليه شخصيا مرة تلو الأخرى، من تقدم مبهر بالإمارات. ولعل السر وراء ذلك يكمن في ثلاث نقاط أساسية منها: توفر إرادة سياسية صادقة قوية ومخلصة، وتركيز المسؤولين في الإمارات أولا على عامل التنمية البشرية، فاستطاعوا الرقي بالعنصر البشري بعد أن تم إيلاؤه ما يستحق من عناية ورعاية، إيمان أهل الإمارات بأن مسألة الثقافة مقياس وشرط ودعامة أساسية للنجاح في أي مسعى تنموي. وبتضافر تلك العوامل كسبت الإمارات العربية رهان التقدم الشامل، فأصبحت دولة يعمها السلام والتسامح، وقبلة لكل ألوان الثقافة والفنون.
وعن قضية الهوية التشكيلية العربية، قال الزبيري: هذه قضية كانت وستبقى إلى أجل غير منظور مثار جدال ونقاش، ومدعاة حوار متضارب، بفعل عدة عوامل؛ كاختلافنا أولاً حول مفهوم الهوية، وما يترتب عن ذاك الخلاف من رؤى متناقضة، حسب تحديد وفهم كل طرف لمسألة الهوية التشكيلية التي يجب أن يجسدها منجزنا الفني، فضلا عن العامل الزمني الذي لا أشك أنه عمّق الخلاف بيننا حول مسألة الهوية التي عمَّر النقاش حولها أكثر من اللازم. في الوقت الذي كانت فيه عجلة المشهد التشكيلي العالمي تدور بسرعة لم يسمح لنا إيقاعها بأخذ الوقت الكافي للحسم في الموضوع. في نفس الآن حاولتْ بعض التجارب التشكيلية العربية يائسة تجاهل هذه الإشكالية، والقفز مباشرة إلى قاطرة التشكيل العالمي الراهن المسرعة؛ سعيا وراء بريق وهم اسمه العالمية؛ مما جعل بعض الفنانين والنقاد ينفضون أيديهم من الموضوع، بمبررات مختلفة، لكن قاسمها المشترك هو تغليف العجز عن مواصلة طريق الرواد، بغلالة زائفة، تظهر الاقتناع بالتخلص من هذا العبء (حِمْل الهوية)، وتبطن اللهث وراء صيحات فن ما بعد الحداثة وبعد ما بعد الحداثة. والظاهر أن المنتقدين لذاك الاتجاه التأصيلي لدى الرواد، ربما أصابهم اليأس، وأعياهم البحث والتطلع إلى أفق تشكيل عربي مقنع، واضح الهوية؛ وفضلوا إقناع أنفسهم بمقولة: (الإبداع لا لون ولا وطن له)؛ أو ليس بالضرورة أن يعكس عملي الفني ملامح هويتي وهموم مجتمعي..إلخ.