علي عبدالرحمن (القاهرة)
حجزت الأعمال الدرامية المأخودة من «فورمات أجنبية» مقعداً مميزاً لدى المشاهد العربي، وحققت نجاحاً جماهيرياً كبيراً. على الرغم من أن انتقادات أصحاب الصناعة طالت أسباب اللجوء إليها، وتناقضها أحياناً مع خصوصية المجتمع، وربما افتقارها لأي جديد تضيفه فنياً، ولا سيما أن أغلبها وصل إلى المشاهد العربي بصيغه الأصلية.
القدرة على التعريب
حول تنامي الظاهرة عربياً، يقول السيناريست المصري تامر حبيب لـ«الاتحاد» إن «الفورمات الأجنبي» اتجاه فني عالمي قديم، اتجه له صناع الدراما العربية مؤخراً، وهذه الأعمال تحتاج مهارة كتابية كبيرة، وخيالاً واسع الأفق من المؤلف، يجعله قادراً على «تعريب» العمل الدرامي، ليس فقط من ناحية اللغة، بل من حيث المضمون أيضاً، بما يناسب عادات وتقاليد المشاهد العربي.
ويضيف: «قدمت أعمالاً درامية عديدة مقتبسة، منها «جراند أوتيل» و«ليالي أوجيني» و«حلاوة الدنيا» وكلها أعمال حققت نجاحاً كبيراً»، مشيراً إلى أن مسلسل «جراند أوتيل» عرض منه 40 نسخة حول العالم، لما تتمتع به الفكرة الرئيسة للعمل من حبكة درامية تناسب أذواق المشاهدين حول العالم.
ويوضح أنه يعكف حالياً على كتابة مسلسل درامي بعنوان «لعبة النسيان» للفنانة دينا الشربيني وأحمد السعدني، والعمل مأخوذ من نص إيطالي تدور أحداثه في إطار اجتماعي، لافتاً إلى أنه سيعرض خلال السباق الرمضاني المقبل.
من جهتها، تقول الناقدة ماجدة خيرالله: إن بعض المنتجين يصرون على الاقتباس من النصوص الأجنبية بشكل مبالغ فيه، ويتم نقل تفاصيل الأحداث والمشاهد من دون أي تغيير، ما يؤدى إلى خروج العمل بمستوى أقل من النسخة الأجنبية، معتبرة ذلك «إفلاساً درامياً». وتقول: «مهما كانت جودة الأعمال الدرامية المقتبسة، تظل أقل من الأصلية، فهي تحاكي مجتمعاً غير مجتمعها».
فيما يرى الناقد الفني طارق الشناوي أن الاقتباس الفني في الأعمال الدرامية أو السينمائية أمر طبيعي ومتبع في مختلف أنحاء العالم، مشيراً إلى أنه أمر اقتصادي بحت. ويؤكد أن نجاح تلك الأعمال الدرامية مرتبط تحديداً بذوق المشاهد، ومدى تقبله لفكرة العمل، مضيفاً أن الحبكة الدرامية للعمل وتقديمها للمشاهد العربي بطريقة تناسب عاداته وتقاليده المجتمعية، تضمن نجاحها مثل مسلسل «طريقي» للفنانة شيرين عبد الوهاب.
وفي الإطار ذاته، يؤكد السيناريست المصري مدحت العدل أن انتشار الاقتباس الدرامي من الأعمال الأجنبية ظاهرة عالمية، إلا أنه يشدد على ضرورة أن يحتفظ الكاتب بالخط الرئيس للعمل، مع إضفاء روح درامية جديدة، من حيث الأفكار والشخصيات، لتناسب البيئة المجتمعية للعمل، معتبراً أن مجرد الاقتباس يؤدي به لأن يكون مترجماً للأحداث، وهو ما يعده إفلاساً فنياً.
رأي مشارك
ومن الفنانين الذين شاركوا في تلك الأعمال، رانيا يوسف التي تلعب دور البطولة في مسلسل «الآنسة فرح» إلى جانب أسماء أبو اليزيد، وهو مأخوذ عن المسلسل الأميركي «Jane The Virgin» تدور أحداثه في إطار كوميدي رومانسي.
وهذا ليس أول عمل مقتبس تشارك فيه رانيا يوسف، حيث شاركت في العام 2018 في مسلسل «كأنه امبارح» المأخوذ من المسلسل الأميركي «Return of Lucas»، والذي دارت أحداثه حول عائلة تبحث عن ابنها الذي اختطف قبل 20 عاماً.
وعن رأيها في الظاهرة، تقول رانيا: إن الاستعانة بالفورمات الأجنبية نظام تسويقي فني متبع في كل أنحاء العالم، وهي لأعمال تحقق نجاحات جماهيرية كبيرة. وتضيف أنه عند تقديم عمل درامي مأخود عن فورمات أجنبي لا بد من مراعاة جوانب فنية، منها أن يكون العمل ليس نسخة طبق الأصل من العمل الأصلي، وأن تلائم الأحداث والقضايا التي يناقشها العمل البيئة العربية، مشيرة إلى أن «المشاهد العربي أصبح أكثر واعياً وذكاء». واللافت أن قصة مسلسل «Jane the Virgin» بعيدة عن المجتمع العربي، فهي لفتاة تحمل بعد أن تحقن بالخطأ بعينة من رجل تقع في حبه لاحقاً. وقد حصل المسلسل الأميركي على 10 جوائز و65 ترشيحاً، أبرزها حصول بطلته على جائزة أفضل ممثلة في «غولدن غلوب».
ويمكن اعتبار مسلسل «هبة رجل الغراب» بإجزائه الأربعة، الذي بدأ في العام 2014، من أوائل التجارب الدرامية العربية المأخودة من «فورمات أجنبي» (المسلسل الأميركي «Ugly Betty»)، وهو يحكي قصة فتاة قليلة الحظ من الجمال تعمل في شركة تصميم أزياء.
نماذج ناجحة
فتح المسلسل المصري «جراند أوتيل» للسيناريست تامر حبيب باب الاقتباس الفني بشكل أوسع بعد «نجاحه الساحق» إبان عرضه في رمضان 2016، نظراً لحبكته الدرامية القوية، والعمل مأخوذ من مسلسل إسباني حمل الاسم نفسه.
كما نجح مسلسل «حلاوة الدنيا»، المأخوذ من المسلسل المكسيكي «Terminals»، والذي لعبت بطولته الفنانة التونسية هند صبري في العام 2017، بفضل أحداثه الإنسانية فقصته تتناول «أمينة» التي تكتشف قرب موعد زفافها أنها مريضة بالسرطان، فتتغير حياتها وتعيد النظر في علاقاتها بمن حولها.
وفي العام 2018، عرض مسلسل «ليالي أوجيني» للفنان التونسي ظافر العابدين والمصرية أمينة خليل، المأخوذ من عمل إسباني يحمل الاسم نفسه، ودارت أحداثه في حقبة الأربعينيات في إطار درامي شائق.
وفي رمضان 2019، عرض مسلسل «زي الشمس» للفنانة دينا الشريني المأخوذ من المسلسل الإيطالي «Sorelle».
أول إطلالة
أطلت الفنانة شيرين عبد الوهاب في العام 2015 في أول عمل درامي لها من خلال مسلسل «طريقي»، والمأخوذة عن المسلسل الكولومبي «صوت الحرية»، والذي تناول حياة مطربة كولومبية.