سامي عبدالرؤوف (دبي)
أكد سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة الظفرة، رئيس هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، التزام الإمارات برسالتها الإنسانية العالمية بكل تجرد، ودون النظر لأي اعتبارات أخرى، سواء أكانت عقدية أو عرقية أو طائفية.
وأشار سموه إلى أن دولة الإمارات تعتبر أن الإنسان هو الإنسان أينما كان، والحاجة هي المعيار الوحيد لمساعدته والوقوف بجانبه، وسيظل هذا هو ديدن الإمارات وقيادتها الرشيدة ونهجها الثابت في مساندة شعوب العالم كافة، ويبقى البعد الإنساني نهجاً ثابتاً في سياستها الخارجية.
جاء ذلك في كلمته التي ألقاها نيابة عن سموه، راشد مبارك المنصوري نائب الأمين العام للشؤون المحلية في هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، خلال افتتاح فعاليات مؤتمر ومعرض دبي الدولي للإغاثة والتطوير «ديهاد» في دورته السادسة عشرة والذي يعقد تحت شعار «التهجير»، ويستمر حتى يوم غدٍ الخميس، ويقام تحت رعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وافتتحه أمس، الشيخ حشر بن مكتوم بن جمعة آل مكتوم، مدير دائرة إعلام دبي، وذلك في مركز دبي الدولي للمؤتمرات والمعارض.
ودعا سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان إلى دراسة المسببات التي تقود الشباب إلى الهجرة بعيداً عن مواطنهم بحثاً عن حياة أفضل، وبحث البدائل الممكنة لتجفيف منابع الهجرة، وتبني المبادرات التي تحقق طموحات الشباب في الاستقرار والعيش الكريم.
وأوضح سموه أن ذلك يتأتى من خلال تعزيز القدرات، ودعم مجالات التنمية الحقيقية التي تعود فوائدها على قطاعات واسعة من المهمشين في الدول الأقل نمواً، لتحصينهم من اللجوء إلى بدائل أخرى من أجل الحصول على حياة كريمة وهانئة عبر المحيطات، وإن كان السبيل إلى ذلك ركوب المخاطر وورود المهالك.
كما دعا سموه إلى تحقيق المزيد من الشراكة الاستراتيجية التي تلبي طموحاتنا جميعاً على الساحة الإنسانية، وتزيد من رصيد منظماتنا وتقوي أواصر التعاون بينها من أجل تعزيز المبادئ والقيم النبيلة التي نعمل من أجلها.
دور الإمارات
وقال سموه: «تتزامن الدورة السادسة عشرة لمعرض ومؤتمر دبي الدولي للإغاثة والتطوير (ديهاد) مع عام التسامح في الإمارات 2019، لنرسم معاً ملامح رؤيتنا المستقبلية لجهودنا الإغاثية والإنسانية والتنموية المشتركة، ونضع بصمة جديدة على طريق العطاء الإنساني غير المحدود».
وأضاف سموه: «رسمت الإمارات معالم هذا الطريق عبر مسيرة طويلة من البذل والمبادرات التي وضعت حداً للكثير من القضايا الإنسانية المهمة، وأحدثت الفرق المطلوب في مستوى التدخل السريع والرعاية ومواجهة التحديات التي تؤرق البشرية وتعوق مسيرتها نحو الاستقرار والتنمية المنشودة».
وقال سموه: «ليس من باب المصادفة أن تأتي دولة الإمارات في المرتبة الأولى عالمياً للعام الخامس على التوالي كأكبر جهة مانحة دولياً للمساعدات الإنمائية مقارنة بدخلها القومي، كما جاء في آخر تقرير للجنة المساعدات الإنمائية DAC، التابعة لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD».
وتابع: «تنبع أهمية هذه الدورة من (ديهاد)، كونها تناقش قضية جوهرية تتعلق بقضايا الهجرة واللجوء، وإيجاد الحلول الملائمة لها، وخلال الأعوام الماضية جرت أحداث وأزمات كثيرة، في مقدمتها قضية الهجرة غير الشرعية وتداعياتها الأليمة على ضحاياها من الفارين من أوطانهم بسبب الأزمات والنزاعات والفقر والجوع والبطالة والاضطهاد، بحثاً عن الأمن والاستقرار والعيش الكريم في دول أخرى، غير مكترثين للمخاطر المحدقة بهم والتي أودت بحياة الكثيرين غرقاً في قيعان البحار».
وحث رئيس هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، المجتمع الدولي ومنظماته وهيئاته على أن يكونوا أكثر جرأة واقتحاماً لميادين جديدة في العمل الإنساني والتنموي، وتعزيز مجالات الاستجابة للقضايا الإنسانية الكبرى والساخنة التي تجتاح العالم، وبالتالي إحداث الفرق المطلوب في مستويات التدخل المبكر وتقليل ضحايا الهجرة.
وقال سموه: «أدركت دولة الإمارات مبكراً التداعيات الإنسانية للهجرة واللجوء، وعملت عبر حكومتها ومنظماتها الإنسانية، وعلى رأسها هيئة الهلال الأحمر الإماراتي للتخفيف من تلك التداعيات، من خلال دعم مجالات التنمية الحقيقية في العديد من الدول والمجتمعات البشرية».
وأضاف سموه: «تبنت دولة الإمارات مبادرات رائدة في مجالات حيوية، كالتعليم والصحة وتحسين الأوضاع المعيشية ودعم استقرار الشباب، وتوفير احتياجاتهم وتعزيز قدراتهم لمواجهة ظروف الحياة الصعبة». وأشار سموه إلى أن دولة الإمارات تساهم بقوة في توفير الحماية للاجئين والنازحين، من خلال برامجها الممتدة لهم في مناطق تواجدهم المؤقتة، كما تساهم في تحسين طرق العودة الطوعية لهم من خلال تنمية مجتمعاتهم الأصلية، منوهاً بتعاون الدولة المثمر والشراكة البناءة مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومنظمة الهجرة الدولية.
من ناحيته، أكد أنطونيو فيتورينو، مدير عام منظمة الهجرة الدولية، أن دولة الإمارات تقدم جهوداً كبيرة للمنظمة، وتوفر الدعم اللازم للاجئين حول العالم، ومن أبرز ذلك دعمها اللاجئين السوريين، منوهاً بأن تبني دولة الإمارات مناقشة موضوع التهجير جاء في وقته، حيث أصبح هذا الملف من الأولويات على الأجندة العالمية والحكومات حول العالم.
ووصفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، دولة الإمارات العربية المتحدة، بأنها أصبحت «شريكاً أساسياً» في دعم جهود المنظمة الرامية إلى تعزيز قيم التعاطف والتسامح، إلى جانب إيجاد طرق عملية جديدة لدعم اللاجئين، ليصبحوا أكثر اعتماداً على ذواتهم ودعمهم في بناء مستقبلهم. وقال: «تلعب الإمارات دوراً مهماً في مساعدتنا على تحقيق رؤية الميثاق العالمي بشأن اللاجئين ومن خلال قيامها بذلك، تكون قد شاركت في النقلة النوعية للاستجابة العالمية لأزمات اللاجئين، وبالفعل أحدثت الإمارات تغييراً أساسياً في مواجهة أزمة اللاجئين حول العالم».
مشكلة التهجير
من جانبه، قال أنطونيو فيتورينو، مدير عام منظمة الهجرة الدولية: «في السنوات الأخيرة، شكلت أزمة التهجير التي ضمت أعداداً كبيرة من الناس الذين يتركون أوطانهم بدوافع مختلفة، تحدياً سياسياً وإنسانياً للمجتمع الدولي».
من جهته، قال أمين عوض، مدير مكتب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في جنيف، بالنيابة عن فيليبو جراندي، المفوّض الساميّ للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين: نأمل أن تصبح دولة الإمارات العربية المتحدة شريكاً أساسياً لنا في دعم جهودنا الرامية إلى تعزيز قيم التعاطف والتسامح، إلى جانب إيجاد طرق عملية جديدة لدعم اللاجئين، ليصبحوا أكثر اعتماداً على ذاتهم ودعمهم في بناء مستقبلهم.
وأكد جراندي، أنه علاوة على ذلك، يمكن لدولة الإمارات أن تلعب دوراً مهماً في مساعدتنا على تحقيق رؤية الميثاق العالمي بشأن اللاجئين. ومن خلال قيامها بذلك، تكون قد شاركت في النقلة النوعية للاستجابة العالمية لأزمات اللاجئين.
ونوه جراندي إلى دور المدينة العالمية للخدمات الإنسانية العالمية بدبي، في تقديم الدعم والتعامل مع الأوضاع الصعبة، والاستجابة للازمات والطوارئ والكوارث، وتقديم الدعم اللاجئين حول العالم، خاصة لاجئي الروهينجا، لافتاً إلى أن المؤسسات الإنسانية الإماراتية والقطاع الخاص يقدمان دوراً محورياً في دعم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
بدوره، أكد الدكتور عبدالسلام المدني الرئيس التنفيذي لمؤتمر ومعرض «ديهاد وديساب»: حرص إمارات الخير على أن تكون سباقة دوماً في مجال غوث المنكوب ومساعدة المحتاج، وذلك تماشياً مع رؤى ونهج المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في عمل الخير، وتقديم المساعدات الإنسانية والتطوعية للدول المحتاجة.
وكان الشيخ حشر بن مكتوم آل مكتوم مدير دائرة إعلام دبي قد قام، رفقة كبار الحضور، بجولة في معرض «ديهاد»، حيث اطلعوا على الخدمات التي تقدمها الشركات وكبريات العلامات التجارية العالمية والمؤسسات العارضة من مساعدات ولوازم أساسية للحالات الإنسانية. وكان الحضور قبل بدء مراسم حفل الافتتاح وقفوا دقيقة صمت على أرواح الضحايا الذين قضوا في حادث الطائرة الإثيوبية، ومنهم نحو 19 عضواً من الأمم المتحدة والهيئات التابعة لها.
الاتفاقيات العالمية
ناقشت الأجندة في اليوم الأول للمؤتمر العديد من الموضوعات الملحة، وهي الاتفاقيات العالمية بشأن اللاجئين والمهاجرين، بينما شهد المعرض خلال اليوم الأول حضوراً مميزاً من الزوار والمشاركين والفاعلين في المنظمات والمؤسسات الإنسانية والتطوعية، حيث يضم المعرض المصاحب للمؤتمر 640 من المؤسسات الحكومية للأعمال الإنسانية والمنظمات غير الحكومية والموردين والشركات وكبريات العلامات التجارية العالمية التي استعرضت أبرز خدماتها ومشاريعها.