الثلاثاء 12 أغسطس 2025 أبوظبي الإمارات 36 °C
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
علوم الدار

التسامح في الموروث الإماراتي.. منهاج حياة

التسامح في الموروث الإماراتي.. منهاج حياة
13 مارس 2019 03:49

أحمد السعداوي (أبوظبي)

التسامح أحد الركائز الأساسية التي يقوم عليها المجتمع الإماراتي، وصار هذا المفهوم ملازماً للشخصية الإماراتية، عبر عديد من السلوكيات الشخصية والجمعية للقادة والأفراد عبر الزمن، بحيث اعتبرت دولة الإمارات واحة للتسامح والتعايش في المنطقة والعالم، وضربت أنموذجاً رائعاً في الترابط والتآلف بين مختلف مكونات المجتمع على اختلاف أفكارهم وتوجهاتهم، وهو ما أكدته العادات والتقاليد المتوارثة التي أتاحت للإمارات استيعاب أكثر من 200 جنسية تعمل وتعيش في سلامٍ وتآخٍ على أرضها، استناداً إلى هذا الإرث العريق من التسامح والحب وقبول الآخر الذي يحدثنا عنه عدد من الخبراء في هذا الملف الذي يحمل عنوان «التسامح في الموروث الإماراتي».

عادات وتقاليد
الخبير التراثي سعيد المناعي، مدير إدارة الأنشطة في نادي تراث الإمارات، أكد أن التسامح والتآزر معروفان منذ القدم في المجتمع الإماراتي، عبر عديد من المظاهر التي نرصدها بوضوح في العادات والتقاليد الإماراتية القديمة والتي مازال أغلبها باقياً إلى أيامنا هذه، ومن صور التسامح والتآلف، أنه حين كان ينشأ أي نزاع بين القبائل أو الأفراد كانوا يلجؤون إلى شخص معروف بالحكمة ليقضي بينهم في هذا الخلاف، ويرضون بحكمه، إعلاء لقيم التسامح والحب بينهم حتى تمضي مسيرة الحياة بهدوء في المجتمع وتسود الرحمة فيما بينهم، حيث يغلبون الجانب الإنساني في المشكلات أو الأزمات كافة التي قد يتعرضون لها.
وكذلك حين كان يذهب الرجال في المناطق الساحلية إلى رحلات الغوص بحثاً عن اللؤلؤ أو صيد الأسماك في المناطق البعيدة، كان جميع أهل الحي يذهبون إلى توديعهم، ويعودون بروح الأسرة الواحدة ومن معه خير يفيض بعطائه على الآخر حتى يعود الرجال محملين بخيرات البحر عقب رحلة قد تمتد شهوراً بعيداً عن الأهل والأحبة.
ومن صور التسامح القديمة التي عرفت عن المجتمع الإماراتي، عدم المغالاة في المهور عند الزواج، فحين يتقدم أحد الشباب لخطبة إحدى الفتيات كان أهلها يرحبون بذلك وييسرون أمر الزواج على الأجيال الجديدة، ليعيشوا حياتهم بسعادة قائمة على الرحمة والمودة من دون أن يحمل أي من الطرفين أعباء وضغوطاً، تقلل من فرحتهم ببدء حياتهم الجديدة سوياً.
وأشار المناعي إلى الدور الكبير الذي بذله المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، في ترسيخ مبدأ التسامح داخل المجتمع الإماراتي، عبر العديد من أقواله وأفعاله، حيث دأب - رحمه الله - على مد يد الخير والعطاء والحب لجميع شعوب الأرض، فكان - رحمه الله - خير مثال للقادة الذين أكدوا قيمة التسامح والتعايش، ودورها الكبير في نهضة الإنسان في كل مكان، وهو نموذج يشهد الجميع بنجاحه على أرض الإمارات، ويعدون التجربة الإماراتية خير مثال للتسامح والحب وقبول الآخر في العصر الحديث.

جذور التسامح
ويقول الباحث التاريخي الدكتور أحمد خوري: «إن الإمارات عبارة عن بوتقة تنصهر فيها نحو 200 جنسية من مختلف الأديان والطوائف من جميع أنحاء العالم، ويعمل الجميع ويسهمون في تحقيق تقدم اجتماعي واقتصادي، حيث يسعى قادة الدولة جاهدين لجعل البلاد منارة للتسامح والاعتدال والتعايش بين جميع الأديان، لاسيما الإسلام والمسيحية، بالشكل الذي يؤكد قيمة التسامح تاريخياً في الإمارات، باعتباره من المقومات الأساسية في الموروث المجتمعي والشعبي على هذه الأرض منذ أزمنة بعيدة، وهو ما يظهر عبر تسليط الضوء على المسيحية وحرية العبادة في دولة الإمارات عبر التاريخ».
وأورد خوري أن لدى المسيحية جذوراً طويلة في الإمارات، وفي عام 1992، تم العثور على موقع لدير مسيحي في جزيرة صير بني ياس يعود إلى عام 600 ميلادية، وتقع الجزيرة على شاطئ البحر مباشرة من جبل الظنة، على بعد حوالي 240 كم غرب مدينة أبوظبي، وهو الدليل المادي الوحيد للمسيحية قبل الإسلام في أي مكان في الإمارات العربية المتحدة على الرغم من وجود أدلة نصية على أنه كان واسع الانتشار. وقد زينت الكنيسة بزخارف الجص الناعمة الصنع، ما مكن من تعريفها على أنها تنتمي إلى كنيسة المشرق أو الكنيسة النسطورية التي كانت في يوم من الأيام أكثر الطوائف انتشاراً في العالم.
أما في العصر الحديث، فقد رعى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، إنشاء الكنائس في دولة الإمارات العربية المتحدة منذ منتصف القرن العشرين. وأبرز الأمثلة على ذلك كنيسة القديس يوسف الكاثوليكية بأبوظبي، حيث عقدت الكتلة الأولى في منزل خاص من قبل كاهن زائر من البحرين عام 1960، وفي عام 1965، في عهد الشيخ شخبوط بن سلطان آل نهيان، حضر كل من الشيخ شخبوط والشيخ زايد أثناء تنصيب الكنيسة. وفي إحدى المناسبات، ورد أن الشيخ شخبوط قال لزائر: «أنا آسف لعدم وجود كنيسة لك في أبوظبي. أنت بحاجة إلى دينك بقدر حاجتنا إلى ديننا».
وأوضح خوري أنه في أغسطس 1966، تولى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، السلطة في إمارة أبوظبي. وفي اجتماع مع الحاخام في ديسمبر 1968، قام السفير البابوي الجديد للسودان، المونسنيور جيوفاني موريتي، بنقل رسالة من البابا الجديد إلى المغفور له الشيخ زايد، وأعرب - رحمه الله - عن رغبته في التعاون مع الكنيسة الكاثوليكية. وكبادرة حسن نية، تبرع بقطعة أرض جديدة للبعثة في منطقة المشرف بإمارة أبوظبي. وتم تكريس الكنيسة الجديدة في فبراير 1983، وجرى الإبقاء على الاسم نفسه مثل الكنيسة الأولى. وحضر مراسم تكريس الكنيسة الجديدة حوالي 7000 شخص.
وتابع الباحث التاريخي، مع نمو السكان الكاثوليك في أبوظبي، تم الشعور بالحاجة إلى قاعة صلاة جديدة وأكبر، وبعد دراسة والحصول على الإذن اللازم من السلطات الحكومية، تم تكريس مركز الأبرشية الجديد الذي يتكون من كنيسة جديدة جميلة مخصصة للقديسة تريز للطفل يسوع، في أكتوبر 2014. ويعد الهيكل الجديد هو مزيج مذهل من وسائل الراحة الحديثة والتقاليد الكاثوليكية الأصيلة.
وقد أدى الارتفاع التدريجي في عدد المغتربين الكاثوليك إلى وضع الإمارات في موقع بارز على خريطة الكنائس العالمية، وقد عبر المطران بولس في مناسبات عديدة أنه خلال زياراته الرعوية للفاتيكان، فإن البابا (البابا بنديكتوس السادس عشر والآن البابا فرنسيس) يدركان جيداً الكنيسة النابضة بالحياة في دولة الإمارات العربية المتحدة، ويظهران اهتماماً شديداً بتطورها.
ورجوعاً إلى ستينيات القرن الماضي، كانت هناك حاجة إلى كاهن يقيم بشكل دائم في دبي. فطلب الأب برناباس من الشيخ راشد - رحمه الله - في عام 1965 مساحة لمنزل للعبادة والذي تم منحه على الفور. وفي بداية عام 1966، كانت قاعة الأبرشية جاهزة. وتم وضع حجر الأساس للكنيسة من قبل الشيخ راشد - رحمه الله - نفسه في مايو 1966، وقام ماجليتشاني بمباركة الكنيسة. ثم هدمت الكنيسة في عام 1988 لإفساح المجال أمام كنيسة أكبر لاستيعاب العدد المتزايد من الكاثوليك في إمارة دبي.

الإسلام والمسيحية
وصولاً إلى العصر الحالي، بحسب خوري، أكدت دولة الإمارات رسالتها في التسامح التي آمنت بها عبر التاريخ، من خلال تعزيز العلاقة بين الإسلام والمسيحية، حيث قام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بزيارة الفاتيكان عام 2016 ودعا قداسة البابا فرنسيس لزيارة الإمارات وتحقيق التناغم بين الأديان ونشر رسالة السلام. وكانت الزيارة الأخيرة التي قام بها قداسة البابا فرنسيس في الفترة من 3 إلى 5 فبراير 2019 هي أول زيارة يقوم بها البابا إلى شبه الجزيرة العربية، بحضور الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وهي تعد زيارة تاريخية، تؤكد قيم القيادة في دولة الإمارات العربية المتحدة، من حيث القبول والتعايش والشمولية والتسامح والإنسانية التي تكمن في صميم أمتنا. كما أظهرت تأثيراً كبيراً على الإنسانية والتي تسلط الضوء على الترابط بين الديانتين الرئيستين، الإسلام والمسيحية.
وأثناء زيارة قداسة البابا، زار قداسته جامع الشيخ زايد الكبير وصرح زايد المؤسس، جنباً إلى جنب مع الإمام الأكبر شيخ الأزهر، حيث تم توقيع إعلان أبوظبي التاريخي للسلام العالمي، وأكدا دور الإمارات في نشر التسامح والتعايش في أرجاء العالم.
كما أن زيارة سماحة شيخ الأزهر والبابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية لدولة الإمارات ولقائهما في مؤتمر الأخوة، كان نبراساً للتسامح العالمي، ومثالاً لأرقى لقاء للتسامح على مستوى العالم الذي حصل بين أكبر الديانات السماوية على أرض الإمارات، منبع وأمل التسامح العالمي، ما جعل من قصة نجاح التعايش الإيجابي السلمي في الإمارات، تجربة تستحق الدراسة والاستفادة منها، وتعميمها.
بعد تاريخي
أحمد عبيد المنصوري، مؤسس متحف «معبر الحضارات» في دبي، الذي يعد شاهداً قوياً على عراقة التسامح لدى أهل الإمارات وفي التاريخ الإماراتي، أكد من جانبه أن دولة الإمارات تتميز بأنها تحتضن الكثير من ضيوفنا وأشقائنا الوافدين العرب والإخوة الأجانب الذين أتوا من البلدان البعيدة أو القريبة لبناء مستقبل لهم ولعائلاتهم، في بيئة تتميز بالاستقرار والأمن والأمان، حيث ساهمت القوانين المحلية والثقافة الإماراتية المرحبة بضيوفها في جعل دولة الإمارات وجهة عالمية رائدة للحياة الكريمة، ومنبعاً لفرص العمل والارتقاء بالفكر الإنساني والحضاري.
وخير دليل على البعد التاريخي لقيم التسامح والانفتاح، وفق المنصوري، اكتشاف الكثير من الآثار التي تم التنقيب عنها من تحت هذه الأرض المعطاء، وهذا الوطن السخي، والحصول على الموجودات والمواد الأثرية التي تعود إلى مراحل زمنية سحيقة تصل إلى 3000 عاماً قبل الميلاد والتي تدل على غنى حركة الاستيراد والتصدير بين القوافل التجارية بين المشرق والمغرب، من خلال التبادل التجاري للسلع والمواد الطبيعية فيما يسمى بالمقايضة، وتطور هذه الأنظمة التجارية لتصل إلى عصرنا الحديث ومواكبته التطورات الدولية، فيما لا يزال يمثل حلقة الوصل بين دول العالم كما كان في السابق.
ومع توارث الأجداد القيم العربية الأصيلة، امتازت دولة الإمارات بتوفير بيئة صحية للحياة الكريمة وللعمل، مما شجع الكثيرين من مختلف الأصول والديانات على حب هذا الوطن الخالد، واتخاذه منطلقاً لقصص نجاحاتهم الباهرة في شتى القطاعات الرئيسة والحيوية منها. وهذه الميزة تكون فقط في الدول التي يرتقي الإنسان فيها إلى قمة هرم التعايش، وإعطاء الأولوية لقيم التسامح والاحترام وتقبل الآخر، حيث إن احترام تباين الآراء والمنطلقات الفكرية الإنسانية، يخلق فضاءات تساعد على الإبداع.
وأوضح مؤسس متحف «معبر الحضارات»، قائلاً: كل هذا جعل الإمارات الحبيبة واحة لأكثر من 10 ديانات ولأكثر من 200 جنسية، والاختيار الأول للأجيال الطموحة العربية والعالمية الشابة، أضف إلى ذلك، أنه بسبب هذه القيم التي ترعاها دولة الإمارات، أصبحت الدولة الأسرع نمواً عالمياً في شتى القطاعات ومناحي الحياة. وإضافة إلى ذلك، أن الدور الإيجابي الناجح للدولة، قيادةً وشعباً، على الصعيد المحلي، جعل لها تأثيراً إيجابياً على مستوى المنطقة بكل المقاييس والمعايير العالمية، مما مكنها أيضاً من أن يكون لها دور حيوي في نشر الأمن والسلم الدوليين، والمساهمة الفعالة في البرامج التنموية على مستوى المنطقة والعالم، إضافة إلى الدور الإماراتي الإنساني.

تنوع ثقافي
وهذا التنوع الثقافي، وفق المنصوري، يسمو بالاستفادة الكبرى من العقول، ذات الأفكار المبنية من منطلقات متباينة ومختلفة، لذلك أصبحت الإمارات محطةً مهمة للعقول المحلية والعالمية، إضافة إلى مساهمة أبنائها في البحوث العلمية المشتركة في البرامج العالمية.
وتابع: بجانب ما سبق ذكره، يجب أن نتذكر الدور التشريعي الرائد في الدولة الذي يساهم في الحفاظ على المكتسبات الوطنية والتي منها الهوية الإماراتية وقيمها وثقافة التسامح والانفتاح واحترام الثقافات والحضارات الأخرى، حيث أصدرت القيادة الرشيدة التشريعات التي تؤكد حفظ كرامة الإنسان وحقوقه، بما يساهم بشكل رئيس في تعزيز الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني، ومثال ذلك قانون منع ازدراء الأديان؛ وذلك حرصاً من قيادات الدولة على تقوية أطر التلاحم والتعايش السلمي والإيجابي فيما بين الجميع، واحترام الأديان وكل الطوائف والأعراق المتواجدة على أرض هذا الوطن المعطاء للجميع.

«الغاف» ثروة ورمز
مما يميز دولة الإمارات العربية المتحدة وجود هذا العدد الكبير من البشر على أرضها من مختلف الأعراق والأديان والجنسيات والتي تتجاوز 200 جنسية، وجميعهم بفضل من الله تعالى ومن ثَم السياسة الحكيمة للقيادة الرشيدة، يعيشون على أرض الإمارات متمتعين بكامل حقوقهم المدنية والإنسانية، في ظل تعايش سلمي وتسامح إنساني.
وحرصاً على نشر وترسيخ مفهوم التسامح والتعايش السلمي أطلقت مبادرة «عام التسامح»، حيث أعلن صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، عام 2019 في دولة الإمارات عاماً للتسامح، لتكون الإمارات عاصمة عالمية للتسامح بهدف ترسيخ قيمة التسامح باعتبارها عملاً مؤسسياً مستداماً، من خلال مجموعة من التشريعات والسياسات الهادفة إلى تعميق قيم التسامح، والحوار وتقبل الآخر والانفتاح على الثقافات المختلفة، بما تنعكس آثاره الإيجابية على المجتمع بصورة عامة.
واعتمد صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، شجرة الغاف شعاراً لعام التسامح لأنها تجسد الموروث الإماراتي وأصالته، وتعبر عن عمق ارتباط أبناء الإمارات بأرضهم وصحرائهم الحاضنة لهذه الشجرة والتي ترمز إلى الصبر والتحمل والعطاء.
فقد استظل الآباء والأجداد تحت ظلها من حر الصحراء، فكانت لهم الملاذ الآمن والسكينة والطمأنينة، واليوم يحق لنا أن نفخر بهذه الشجرة العزيزة، فهي الرمز الذي اتخذه أجدادنا مكاناً للتشاور ومناقشة الأمور الحياتية، والسعي للنهوض بدولتنا وتطورها وازدهارها، وهي تجسد المعنى الحقيقي للتسامح، فقد كانت ظلالها الواسعة مجلساً يجتمع فيه كبار المواطنين ليتحاوروا ويتشاوروا، لرفعة وطنهم، ومجلساً لتعليم الأجيال أهميةَ الحفاظ على الحياة الطبيعية بتنوعها في الصحراء حيث تنبت شجرة الغاف.
ولا يخفى على أحد حرص قيادتنا الرشيدة على جعل كل موروث تقليدي أساس الحاضر والمستقبل، فهي تؤمن بأن الماضي والحاضر والمستقبل يكمل بعضها بعضاً، والموروث التاريخي والتراثي هو ركن أساسي في صناعة المستقبل والتخطيط له، وهو نهج المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي وفر كل المقومات لنهضة دولتنا، واعتنى بالطبيعة من حولنا وحوَّل الصحراء إلى واحات خضراء، وقام بغرس الأشجار المتنوعة، ومنها شجرة الغاف، لتمثل معنى الصبر والعطاء.

إكرام الضيف
ذكر أحمد عبيد المنصوري، أنه قبل أن نتحدث عن البعد التراثي الإماراتي المرحّب بالجميع، لنبحث في عمق الجذور التاريخية للقيم الإماراتية التي جعلت منها منذ 3000 سنة قبل الميلاد معبراً تجارياً ثقافياً فيما بين الحضارات وشعوب العالم، وكانت واحة أمان وملجأ للعابرين للصحراء القاسية في الربع الخالي، ليجدوا ترحيباً من أهالي هذه المنطقة التي تستقبل الضيف ليكون من أهل الدار.
وأكد المنصوري أن الإمارات كانت إحدى المحطات الرئيسة لاستقطاب القوافل التجارية من مشارق الأرض ومغاربها، وذلك بسبب القيم العربية الأصيلة مثل الترحيب وحسن الضيافة وإكرام الضيف، والانفتاح على الثقافات والحضارات المختلفة. أضف إلى ذلك، رقي أخلاق أهلها واحترامهم الحضارات الأخرى، ما ساهم في تعزيز الاستقرار النوعي الذي أسس لثقة التجار بها وبأهلها، حيث توافرت الحماية للتجارة وللزائرين على حد سواء. ولذلك لم تتردد القوافل التجارية في اتخاذ هذه الأرض مقراً للتقارب التجاري والذي أدى بدوره إلى نشر تأثيراته الإيجابية، وتسهيل التبادل الثقافي والحضاري بين الشعوب.

 

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2025©
نحن نستخدم "ملفات تعريف الارتباط" لنمنحك افضل تجربة مستخدم ممكنة. "انقر هنا" لمعرفة المزيد حول كيفية استخدامها
قبول رفض