السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

أميركا وروسيا: تحسن في علاقة هشة!

20 مارس 2010 22:26
بعد مرور عام على إعلان وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون عن بدء صفحة جديدة في العلاقات مع روسيا إلى جانب وزير الخارجية الروسي، نجح العملاقان النوويان إلى حد كبير في تحسين علاقتهما المتأرجحة، بعد أن أحرزا تقدما حول أولويات أميركية مثل إيران وأفغانستان، وتقاربا حول اتفاقية مهمة للحد من التسلح، كما يقول مسؤولو البلدين. لكن التقدم لم يكن سهلا، ولعل أجندة هيلاري التي وصلت إلى موسكو يوم الخميس الماضي في زيارة تدوم يومين، تعكس حالة الهشاشة التي مازالت تعتري الشراكة الجديدة واستمرار التوتر بين خصمي الحرب الباردة السابقين. ناقشت هيلاري مع المسؤولين الروس المفاوضات حول اتفاقية جديدة تحل محل معاهدة خفض الأسلحة الاستراتيجية المعروفة اختصاراً بـ"ستارت"، والتي انقضى أجلها في ديسمبر الماضي. كما تحدثت حول فرض عقوبات جديدة ممكنة على إيران، وهي فكرة قبلتها روسيا مبدئيا، وإن بصيغة ألطف من تلك التي تدفع بها الولايات المتحدة والحلفاء الأوروبيون. وإلى ذلك، بحث البلدان التعاون بخصوص أفغانستان. ويذكر هنا أن اتفاقاً روسياً للسماح للجيش الأميركي بنقل الجنود والمعدات جواً فوق الأراضي الروسية قد بدأ يؤتي أكله، وذلك بعد أشهر من الإجراءات البيروقراطية. وفي هذا الإطار يقول ميخائيل مارجيلوف، رئيس لجنة الشؤون الخارجية في الغرفة العليا للبرلمان الروسي: "أعتقد أن السنة الماضية كانت مثمرة"، وهذا صحيح بشكل خاص "إذا أخذنا في عين الاعتبار المستوى الذي كانت عليه العلاقات الثنائية عندما وصل أوباما إلى السلطة؛ فقد كان المستوى حينها أقل من الصفر". ويذكر أن علاقات البلدين شهدت توترا بسبب دعم إدارة بوش للحركات الديمقراطية في بعض الجمهوريات السوفييتية السابقة ومخططاتها لإقامة نظام طموح للدفاع الصاروخي. كما أدى الغزو الروسي لجورجيا في أغسطس 2008 إلى فتور كبير في علاقات البلدين. وحسب استطلاع للرأي أجراه "مركز ليفادا" الروسي، فقد كان لدى 38 في المئة من الروس في أوائل 2009 موقف "جيد جدا أو جيد عموما" تجاه الولايات المتحدة؛ وفي أوائل هذه السنة بلغ الرقم 54 في المئة، كما تراجع عدد الأشخاص الذين عبروا عن موقف سلبي تجاهها من 49 في المئة إلى 31 في المئة. وقد أدت هيلاري زيارتها الأخيرة لموسكو من أجل المشاركة في اجتماع اللجنة الرباعية التي تضم الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وتقوم بوساطة لتحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. لكنها تناولت أيضا في مباحثاتها مع الرئيس ميدفيديف ووزير خارجيته لافروف، المشاكل الكبيرة التي تعترض العلاقات الأميركية الروسية، وضمنها موقف موسكو من العقوبات ضد إيران. فخلال التفاوض حول ثلاثة قرارات سابقة لمجلس الأمن الدولي تُعاقب إيران بسبب برنامجها النووي، كانت روسيا هي المتشكك الرئيسي، ما تسبب في إطالة المحادثات؛ لكنها هذه المرة أسقطت اعتراضاتها بعد أشهر من جهود الإقناع التي قام بها مسؤولون أميركيون. وفي هذا السياق يقول مسؤول كبير في الإدارة الأميركية اشترط عدم ذكر اسمه: "الآن بات لدينا تشخيص مشترك للمشكلة... إننا حالياً بصدد التفاوض حول جوهر العقوبات". غير أن التأييد الروسي له حدود، إذ يقول مسؤول روسي مطلع على الموضوع إن حكومته لا تدعم فرض عقوبات اقتصادية واسعة على إيران، وتدعم بدلا من ذلك عقوبات مستهدفة لمنع انتشار الأسلحة النووية. بيد أن المفاوضات حول اتفاقية الأسلحة النووية الجديدة تبرز استمرار الحذر في علاقة البلدين. فخلال اجتماع قمة مع ميدفيديف في يوليو الماضي، كان أوباما أعلن أن اتفاقية "سيتم الانتهاء منها هذا العام" لاستبدال اتفاقية "ستارت" الحالية؛ لكن المفاوضات مازالت مستمرة، حيث طفت على السطح خلال الأسابيع الأخيرة "ألف مشكلة"، على حد تعبير جيمس ميلر، المسؤول رفيع المستوى في البنتاجون الذي أدلى بشهادته أمام الكونجرس يوم الثلاثاء الماضي. بعض المحللين الأميركيين يتهمون الروس بطرح اعتراضات في آخر لحظة كتكتيك تفاوضي؛ لكن الروس من جانبهم يشيرون إلى أنهم كانوا مستعدين لبدء إعادة التفاوض حول الاتفاقية قبل سنوات من انقضاء أجلها، إلا أن إدارة بوش لم تكن على عجل. ولعل أحدث تعقيد في المفاوضات هو توتر حول الدفاع الصاروخي؛ فلطالما خشيت السلطات الروسية أن تصبح للولايات المتحدة اليد الطولى كقوة نووية نظراً لبرامج الدرع الصاروخي المتطورة التي تمتلكها، وهو ما يفسر ارتياح الكرملين العام الماضي عندما ألغى أوباما مخطط بوش لإقامة ذلك النظام الصاروخي طويل المدى في أوروبا، واستعاض عنه بصواريخ قصيرة المدى. غير أنه عندما أعلنت رومانيا مؤخراً أنها ستحتضن عناصر من الدرع الصاروخي الجديد، عبَّر الروس عن معارضتهم وغضبهم؛ والحال أن إدارة أوباما كانت قد أقنعت الجانب الروسي عموما بترك هذا الموضوع خارج مفاوضات "ستارت"، لكنه عاد فجأة إلى طاولة المفاوضات، كما يقول مسؤولون. فيودور لوكيانوف، رئيس تحرير دورية "راشا إن جلوبل أفيرز"، يرى أن الصدام مرده إلى انعدام الثقة، وليس الأمور الجوهرية المتعلقة بنظام الدفاع الصاروخي في حد ذاته إذ يقول "إن الطريقة التي كشفت بها إدارة أوباما عنه، بدون سابق إشعار لروسيا، تساهم للأسف في انعدام الثقة... لقد كانت خطوة غير موفقة". ماري بِث شريدان - فيليب بي. بان موسكو ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست»
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©