الجمعة 22 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الترفيه

شريف عرفة يكتب: فرصة منتصف العمر!

شريف عرفة يكتب: فرصة منتصف العمر!
13 مارس 2020 00:08

تحت إلحاح الرغبة في إعادة تقييم الحياة، تأتي لحظة يبدأ فيها الإنسان في التساؤل، هل أنا على الطريق الصحيح؟ هل أنا راض عن حياتي بالقدر الكافي؟ هل هذه هي العلاقة التي كنت أريدها والوضع الاجتماعي والمهني الذي كنت أتطلع إليه؟
أزمة منتصف العمر ليست وهماً، بل ظاهرة نفسية عالمية.. في دراسة نشرت في دورية NBER شملت 132 دولة، وجدوا أن منحنى الرضا عن الحياة على مدار العمر يشبه حرف U، حيث أقل نقطة تقع في أواخر الأربعينيات تقريباً.. تحت وطأة هذا الشعور قد يتخذ المرء قرارات مصيرية تعيد ترتيب أولويات حياته.. قد يترك وظيفته أو يتخلى عن علاقة زوجية.. فلماذا يحدث هذا؟
يشهد الإنسان في منتصف العمر صراعاً وجودياً يعبر عن أزمة هوية.. فوجهك الذي تراه في المرآة جزء من هويتك.. الشباب جزء من هويتك.. والتخلي التدريجي عن هذا اللقب طواعية ليس أمراً محبباً يتم بسهولة وسلاسة.. خصوصاً في فترة يدرك فيها الإنسان أن طاقته لم تعد كما كانت، وأن تنوع الفرص والخيارات لم يعد متاحاً أمامه كما كان.. هل جنيت ثماراً تعوض ما خسرته من ذاتي؟
هناك باحثون يرون أن منتصف العمر ليس أزمة بالضرورة.. بل يمكن التخفيف من وطأته باتخاذ القرارات المصيرية في مراحل مبكرة في الحياة.. مثل تغيير عملك الذي لا تحبه وأنت شاب، قبل أن يؤلمك في منتصف العمر.. هي أزمة يمكن مواجهتها بطرق عديدة..
في رسالة دكتوراه بهذا المعنى لإريك دريسين من جامعة بنسلفانيا، وجد أن الإنسان في منتصف العمر يخوض ثلاثة تحديات: المراجعة الذاتية (إعادة النظر في خياراته وتقييمها والتعلم منها) والاكتشاف (التعرف على الذات وفهم معان جديدة للحياة) والتميز (الرغبة في تشكيل الحياة بما يناسب عناصر قوته وتفرده الشخصي).. ولكي يخوض المرء هذه التحديات عليه أن يفكر كمؤلف لسردية حياته.. كيف يفهم ما مضى وكيف يصوغ ما هو قادم.. أن تكون قصة حياته متجانسة في ذهنه وفي نفس الوقت ليست خطاً واحداً.. فصول منفصلة متصلة، تشهد تغيرات تزيد الحياة ثراء وتنوعاً.. هو لم يخسر نفسه بل وصل بها لأفق جديد..
ولكي يصل المرء لهذا الإدراك هناك الكثير مما يمكن عمله.. إذ يساعد الانخراط في أنشطة جديدة على اكتشاف ذواتنا وتجديد تجربتنا الحياتية، كما يفيد الحديث عن الموضوع مع المقربين منا، والالتزام باتباع نمط حياة صحي يجدد شعورنا بالشباب.. وكتابة مذكراتنا لإيجاد المعنى المفقود..
بتعبير آخر، يولد الإنسان مرة في بداية حياته، ومرة أخرى في منتصف العمر.. في المرة الأولى يستقي هويته من المجتمع، وفي المرة الثانية يصنعها صنعاً..
قد يكون منتصف العمر أزمة.. لكنها مرحلة طبيعية تشهد إعادة صياغة فهمنا لأنفسنا وحياتنا.. من أنا؟ وما الذي أريده في الحياة؟ أسئلة تحدث إجابتها نقلة جديدة في نضجنا النفسي..
فهو صراع حتمي لا يمكننا تجنبه.. والمهم هو: كيف سنخرج منه؟

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©