الخميس 19 سبتمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم

«المدارس المستدامة» خطوة على الطريق الصحيح لنشر الوعي البيئي في المجتمع

«المدارس المستدامة» خطوة على الطريق الصحيح لنشر الوعي البيئي في المجتمع
13 فبراير 2011 21:36
“عد إلى الطبيعة واستلق في أحضانها!”. .. ما أجمل هذه الدعوة لمخاطبة الإنسان المتعب، الذي أنهكته متاعب الحياة عندما نتهدد بمخاطر البيئة بعد أن أصبحت القضية الأهم في أجندة أي جهد أو خطط أو برامج رسمية أو حكومية أو أهلية. فكلمة البيئة تتلازم مع أي جهد تنموي، لأن أي تنمية لابدّ أن تستند إلى أسس تتلاءم والوضع البيئي. ففي يوم الرابع من فبراير الجاري، انطلقت فعاليات يوم البيئة الوطني الرابع عشر تحت رعاية صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله، من خلال تنظيم كافة المؤسسات والهيئات المحلية والبيئية والمدارس برامج وفعاليات وأنشطة تحت شعار”الصحراء تنبض بالحياة”. أبوظبي (الاتحاد) ـ إن حماية وسلامة الموارد البيئية والتراث هي مسؤولية المجتمع بأسره، وهذا يتطلب وعياً إعلامياً بيئياً تربوياً، لذلك يجب تطوير الوعي البيئي والتعامل مع البيئة بحكمة ورشد، ولابد من وجود استراتيجية للتوعية البيئية لكي تسعى لتطوير القدرات البيئية في مجالات التعليم والتوعية والاتصال البيئي للمحافظة على عناصر البيئة والعامل معها بعقلانية لتحقيق تنمية مستدامة تسهم في تحسين نوعية الحياة في الحاضر وفي المستقبل. .. ولعل المدرسة من أهم المؤسسات التي يعهد إليها المجتمع بمهمة رعاية أبنائه وتنشئتهم وإكسابهم القيم والاتجاهات وأنماط السلوك البناءة، إلى جانب إكسابهم المعارف والمهارات، حيث أن المدرسة لها أهدافها التربوية والاجتماعية التي تعمل على تحقيقها لخدمة البيئة والمجتمع. ولقد أدخلت العديد من دول العالم برامج نظامية في التربية البيئة بالمراحل التعليمية المختلفة من أجل المحافظة على البيئة المحلية ومقوماتها، إلا أن هذه البرامج لم تسهم في الحد من تدهور البيئة بالشكل المطلوب. وهكذا ينبغي الاهتمام بربط المدرسة وبرامجها التربوية بالبيئة المحيطة. فالمدرسة تلعب دوراً كبيراً في تكوين الاتجاهات والقيم البيئية وأنماط السلوك البيئي السليم لدى التلاميذ، والتي تمكنهم من حسن التعامل مع البيئة، حيث أن التلاميذ يتأثرون بالأنشطة والممارسات التي تجري داخل وخارج المدرسة. دور الأسرة تقول موزة المنصوري الأخصائية الاجتماعية في مدرسة ابن سينا: «إن الأسرة من أهم مؤسسات المجتمع في تهيئة الأفراد للحفاظ على البيئة، وحمايتها من كل مكروه، وبناء الاستعداد لديهم للنهوض بها، ودرء المخاطر عنها، واستيعاب وتمثل قيم النظافة، وترشيد الاستهلاك، والتعاون على ما ينعكس إيجاباً على البيئة. ويتمثل دور الأسرة في غرس الثقافة البيئية والتصدي المبكر للجهل المعرفي، وتنمية العادات والتقاليد البيئية الإيجابية، وفي مقدمتها التصدي لمشكلة التلوث بإكساب الأبناء السلوكيات الإيجابية من خلال تعايشهم اليومي مع أسرهم، فالتربية بالتقليد من أهم الوسائل التربوية المؤثرة، وتلجأ إليها الأسر لبناء اتجاهات إيجابية عند الأبناء نحو البيئة. فالأسرة لها دور فعال وحيوي في معالجة ما يعترى البيئة من مشكلات، ولها بعض الأساليب التي تستخدمها لبث الوعي البيئي لدى الأطفال حيال قضايا عديدة مثل استهلاك المياه وتلوث المياه، وغرس قيم النظافة العامة. كما أن للأسرة دور حيوي للغاية في التصدي لمشكلة استنزاف موارد البيئة بكافة أشكالها الدائمة والمتجددة وغير المتجددة. فالأسرة تسهم في بناء اتجاهات إيجابية عند أطفالها نحو البيئة ومكوناتها، ودعم قيم النظافة، وكيفية التخلص من النفايات الصلبة، ومقاومة الحرائق، والاعتناء بنباتات الحديقة أو الحيوانات الأليفة. فالتربية البيئية تعتبر رسالة سامية من خلال أهدافها، ووسائلها اتجاه الإنسان، وعلينا أن نوظفها من أجل الحفاظ على الإنسان والحياة، بعد أن كادت أن تفقد الكثير من مصادر نظراتها وجمالها.ويدرك الإنسان ضرورة أن يتبع منهجاً يكون دافع للعمل في داخل بيئته فيعتبرها الصديق الوفي». وتضيف المنصوري: «علينا أن نعود للطبيعة ونكون أوفياء لها، وهذا يتطلب الالتزام بأخلاقيات تربوية اتجاه البيئة، لكي نشعر بالهدوء والأمان. والأمان بأن هذه الأخلاقيات تعتبر ثورة قوية تعمل على تعديل الاتجاهات السلوكية للإنسان نحو احترام البيئة مما يضمن إعادة التوازن البيئي، بعد أن هددته الكثير من المخاطر بسبب غياب الأخلاقيات البيئية عن الممارسات التي كان يمارسها الإنسان وهو يسير في عكس التيار ضد نفسه وبيئته، وهكذا يمكن للتربية البيئية ويتحتم عليها أن تلعب دورا أساسيا في درء مشكلات البيئة وحلها، ولكنه من الواضح أن الجهود التربوية لن تؤتي ثمارها الكاملة إذا تجاهلت بعض العوامل الهامة الأخرى، ومنها على سبيل المثال أن يكون هناك تشريع يسعى إلى تحقيق نفس الأهداف، وان تتخذ التدابير اللازمة للسهر على حسن تطبيق القوانين وان تفرض قرارات حازمة وان يستعان بأجهزة إعلام الجماهير التي يتزايد نفوذها بين الناس». أصدقاء البيئة يشير زياد ياسين، المشرف المسؤول عن نادي البيئة في مدرسة النهضة الوطنية للبنين إلى أن أندية وجماعات أصدقاء البيئة في المدارس تهدف إلى إعانة الطالب على تفهم موقع الإنسان في إطاره البيئي وعلى الإلمام بعناصر”العلاقات المتبادلة” التي تؤثر على ارتباطه بالبيئة وعلى إدراك ما يترتب على اختلال توازن تلك العلاقات من نتائج وخيمة على مصير الإنسان لكون الطلبة هم”ورثة عالم الغد والمستقبل”. فالطلاب والمعلمون يعملون معاً بهدف زيارة الوعي للقيم الاقتصادية والعلمية والثقافية والجمالية للمصادر البيئية الطبيعية الموجودة حولهم، وإعدادهم إعداداً بيئياً سليماً من خلال زيادة الوعي البيئي باستخدام كافة الوسائل التربوية والإعلامية المتخصصة إيماناً بدورهم الهام في عملية نشر الوعي البيئي. فهناك حاجة لتفعيل مفاهيم ومبادئ وأهداف التربية البيئية الحديثة بشكل خاص ومفاهيم حماية الطبيعة والتنوع الحيوي والحياة البرية بشكل عام والتي بدأت تطبق في كثير من المدارس المستدامة بالدولة. ويضيف ياسين: إن أهمية تجربة “المدارس المستدامة” تتضح في ترجمة استراتيجية هيئة أبوظبي للبيئة، ودور أندية البيئة في المدارس، وأهمية التوعية الطلابية للحفاظ على البيئة، ورفع حالة الوعي البيئي من خلال التعامل مع مصادر البيئة الطبيعية، ومصادر الطاقة وأهمها المياه والكهرباء، وخطورة التلوث البيئي، والسعي نحو تحقق “البصمة البيئية” الإيجابية لدى جموع الطلاب من خلال توافق سلوكياتهم الحياتية مع مصادر المياه، والحد من استهلاكها، وكيفية الحفاظ على البيئة بالحد من التلوث، وكيفية التخلص من النفايات بإعادة تدويرها، والحفاظ على الحياة الطبيعية في الصحراء والشواطئ، والثروة الحيوانية البرية والبحرية الطبيعية، وتشجيع الزراعة والمساحات الخضراء، وهذا كله لن يتحقق إلا من خلال التوعية البيئية الفاعلة لدى الطلاب”. البصمة البيئية تكمل نغم الهاشمي المشرفة على نشاطات جماعة أصدقاء البيئة: “نحن نحاول ترجمة الأهداف المتوخاة من خلال عدة نشاطات طلابية بالمشاركة في الاحتفالات والتظاهرات المتعددة في يوم البيئة ويوم المياه ويوم الصحة، وترجمة الشعارات المعتمدة من هيئة أبوظبي للبيئة، والمشاركة في الماراثون البيئي، ومشروع التدقيق البيئي، وحث الطلاب على المشاركة في المسابقات، والمسرحيات. ونشرات التوعية، والمشاركة في المؤتمرات وورش العمل، وفي نفس الوقت تعزيز التواصل مع أولياء أمور الطلاب وأسرهم حتى يصبح الطالب سفيراً للبيئة في بيته ومجتمعه”. وتكمل الهاشمي: «إن ممارسة النشاطات البيئية بأسلوب إبداعي ومميز ومتفهم لعناصر البيئة وأهمية المحافظة عليها، فانها تعمل على ترسيخ مفاهيم تربوية وبالتالي سوف تصبح قيمة مجتمعية تمارس يوميا بشكل حضاري وانساني لحماية الانسان والبيئة بشكل جيد، ومن أهم نشاطاتها دراسة المشكلات البيئية المحيطة بالبيئة المدرسية. والقيام بالرحلات والزيارات الميدانية “السياحة البيئية” للمناطق الطبيعية، والاحتفال بالمناسبات البيئية المحلية والوطنية والعالمية. وتنمية القدرات والمجالات الإبداعية الفنية والثقافية من وحي البيئة المحلية والوطنية، والمساهمة في الأنشطة “البيئية” اليومية والتطوعية، كالإشتراك في الماراثون البيئي بمشاركة وأولياء الأمور، واستخدام شعارات “الصحراء تنبض بالحياة”، كذلك رفع مستوى الوعي بترشيد استهلاك المياه، وترشيد استهلاك الطاقة والحفاظ على الصحة العامة وسلوكيات صحية عامة للمساعدة في الحفاظ على الطعام بعيداً عن التلوث». أهم المخرجات تؤكد فوزية إبراهيم المحمود، مدير إدارة التعليم البيئي في هيئة البيئة في أبوظبي: “إن حماية وسلامة الموارد البيئية والتراث هي مسؤولية المجتمع بأسره، وهذا يتطلب وعياً إعلامياً بيئياً تربوياً، لذلك يجب تطوير الوعي البيئي والتعامل مع البيئة بحكمة ورشد، ولابد من وجود استراتيجية للتوعية البيئية لكي تسعى لتطوير القدرات البيئية في مجالات التعليم والتوعية والاتصال البيئي للمحافظة على عناصر البيئة والعامل معها بعقلانية لتحقيق تنمية مستدامة تسهم في تحسين نوعية الحياة في الحاضر وفي المستقبل. فكافة الجهــود المبذولة تهدف إلى تحقيق مجتــمعٍ واعٍ بيئياً، وتعـد أهم المخـرجات التي تعمل هيئــة البيئة في أبوظبي إلى تحقيقها، وهذا المخرج الذي نســتهدفه تم اعتماده كهدف اســتراتيجي للمجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، وهيئة البيئة في الإمـارة، باعتبارهـا الجهة المعنية والمســؤولة عن تحقيق هذا المخرج، بالتعاون مع كافة القطاعات الحكــومية والأهلية الخاصة، وفي مقدمتها المدارس بطبيعة الحال. ونحن نولي هذا القطاع أهمية استثنائية لكونه يشكل أكثر من 25% من المجتمع، فضلاً عن حجم تأثير قطاع الطلاب في المجتمع من خلال أسرهم، ومن خلال طاقاتهم الخلاقة في الحياة من حولهم. وهناك العديد من البرامج التي يتم تنفيذها على هذا الصعيد، منها”الماراثون البيئي” الذي إنطلق للسنة العاشرة. وهناك برنامج “المدارس المستدامة “الذي بدأ في 2009، وبرامج المسابقات البيئية السنوية، وتوقيع اتفاقية مع مجلس أبوظبي للتعليم من أجل التنسيق الفاعل والمستمر وتنفيذ البرامج البيئية التربوية في المدارس لتحقيق الأهداف التي نطمح إليها جميعاً من أجل تحقق مجتمع إماراتي واعٍ بيئياً إن شاء الله”. ولكي تقوم المدرسة بدورها المنتظر نحو البيئة يجب أن تتضافر جهودها مع العديد من الأجهزة والمؤسسات الموجودة بالبيئة المحيطة، مثل الوحدات المحلية والأحياء والمجتمعات الأهلية والوحدات الصحية ودور العبادة. بالإضافة إلى تعاون المدرسة مع بعض الأجهزة المعنية بشؤون البيئة.
جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©