6 نوفمبر 2007 03:15
تعد قضايا العمالة المخالفة في الدولة وما يحمله هذا الملف، واحدة من أبرز الملفات التي تتطلب حلولاً سريعة لما تسببه من تحديات لها آثار سلبية على المجتمع، سواء من الناحية الأمنية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو القانونية، كما تعتبر واحدة من أبرز المشاكل والتحديات التي تسعى الدولة لحلها عبر العديد من التشريعات والقوانين، نظراً لارتباطها الوثيق بملف التركيبة السكانية وقضية الأمن والجرائم، فضلاً عن إعاقتها لعجلة النمو الاقتصادي في الدولة·
ويرى الدكتور محمد عايش عميد كلية الاتصال بجامعة الشارقة أن وجود عمالة مخالفة لقوانين الإقامة في الدولة يترتب عليه تبعات خطيرة على الاقتصاد والأمن الاجتماعي للبلاد، حيث إن المخالفين عادة ما يكونون من ذوي القابلية لارتكاب أعمال مخالفة للقوانين في مختلف مجالات الحياة، وهو ما يسبب ارتباكات جدية في المؤسسات الحكومية التي تسعى لتطبيق القوانين ووضع القواعد المناسبة لتسيير أمور الحياة في مختلف القطاعات·
وقال: إن قطاع المخالفين يشكل فجوة خطيرة في سلسلة الأمن الاقتصادي والاجتماعي، لأن هؤلاء المخالفين لا يلتزمون بقواعد المجتمع وقوانينه، ومعرضون لانتهاكها حسب مصالحهم، ويمكن أن يفعلوا كل ما هو خطير للتستر على أنفسهم والبقاء في الظل دون أن يدري بهم أحد، ولعل غياب البيانات والإحصاءات حول واقع العمالة المخالفة سيؤدي إلى إرباك التخطيط الاقتصادي والاجتماعي، وإلى أن يعيش المجتمع بأفراده ومؤسساته في حالة من الترقب وعدم الطمأنينة·
وأكد أن القرار الحكيم الذي اتخذته الدولة بمنح المخالفين فرصة لتعديل أوضاعهم من خلال المغادرة أو الحصول على الغطاء القانوني تمثل مخرجاً بنَّاءً من هذه المشكلة، بأقل الأضرار لكلا الطرفين· فمن ناحية، فهي تمنح الحكومة فرصة لتغيير الأوضاع لهؤلاء بشكل سلمي ودون ضجيج، بما يتناغم مع سياسة التعامل الهادئ والإنساني مع العمالة المخالفة، ومن ناحية أخرى، فإن القرار أيضاً يمنح المخالفين فرصاً للتخلص المشرف من هذه الورطة بما يحفظ حقوقهم وأمنهم وسلامتهم وعدم تعريضهم للعقوبات، مشيراً إلى وجود مشكلة تتمثل في أن البعض ربما يسيء فهم هذه القرارات على أنها تمنحهم فرصة للتمادي في مخالفاتهم والإصرار عليها، وهو ما سيجلب عليهم المزيد من المعاناة وعلى المجتمع المزيد من الخسائر·
وأضاف: لابد أن يكون القرار واضحاً بأن كل من يتقاعس في تعديل وضعه سيعرض نفسه للمساءلة والعقاب في ضوء ما تمنحه من فرص لعمل ذلك·
هاجس أمني
ومن جهته قال العقيد حمد عجلان العميمي مدير مديرية شرطة العاصمة بالقيادة العامة لشرطة أبوظبي: إن مشكلة العمالة الوافدة المخالفة لقانون دخول وإقامة الأجانب والعمل تشكل هاجساً أمنياً كبيراً يؤرق المسؤولين بوزارة الداخلية نتيجة لتأثيراتها السلبية على أمن واستقرار المجتمع وعلى سوق العمل بدولة الإمارات العربية المتحدة، لذا كان لابد من البحث عن حلول تحد من تفاقم هذه المشكلة، فكان قرار مجلس الوزراء الموقر بمنح مهلة العفو عن المخالفين لقانون دخول وإقامة الأجانب لتعديل أوضاعهم أو مغادرة الدولة، بمثابة الحل الجذري لهذه المشكلة حيث كانت استجابتهم لهذا القرار جيدة، وتوافدوا بأعداد كبيرة على إدارات الجنسية والإقامة بالدولة لتعديل أوضاعهم أو مغادرة الدولة دون أن يترتب على ذلك أي غرامات مالية، ضامنين بذلك عودتهم إلى بلادهم سالمين·
وأضاف قائلاً: إن جوانب مشكلة المخالفين لقانون دخول وإقامة الأجانب تتمثل في التسلل عبر الحدود البرية والبحرية والإقامة بالدولة بصورة غير مشروعة، وتخلف من انتهت صلاحية إقامتهم عن تجديدها، أو تخلف من انتهت صلاحية تأشيرة زيارتهم عن مغادرة الدولة، وكذلك الهروب والعمل لدى غير الكفيل، وقيام بعض المواطنين والمقيمين بتشغيل المقيم غير الشرعي، إضافة إلى عدم التزام الكفيل بتشغيل مكفوله، وسوء استغلال المكاتب السياحية للتأشيرات السياحية، وأيضاً الاتجار في التأشيرات والإقامة بكفالة منشأة وهمية، وتستر وتعاون البعض ممن يساعدون المخالفين في الدخول والإقامة بصورة غير مشروعة بالدولة، وتعاطف البعض مع المخالفين·
الدوام الجزئي
وذكر العقيد حمد العميمي أن عدداً من المخالفين وخاصـــة من فئة ''الدوام الجــــزئي'' (part time) خدم المنازل الذين يعملون بنظام العمل الإضافي ارتكبوا جرائم سرقة من المنازل التي يعملون بها، وفي هذه الحالة لا يستطيع صاحب المنزل تقديم بلاغ إلى الشرطة لملاحقتهن خشية تعرضه للمسائلة القانونية لتشغيله خادمة ليست على كفالته، وكذلك عدم وجود عنوان محدد لتلك الخادمة التي قام بتشغيلها بصورة غير قانونية·
وقال المقدم سالم شاهين النعيمي نائب مدير مديرية شرطة العاصمة لشؤون المراكز في القيادة العامة لشرطة أبوظبي: إن خطورة الشخص المخالف تكمن في سعيه الدؤوب للحصول على منفعته المادية وكيفية تأمين وجوده داخل الدولة، سواء كان ذلك من خلال العمل لدى الغير أو من خلال لجوئه إلى الوسائل غير المشروعة كالنصب والاحتيال والسرقة وانتحال صفة الغير بهدف الحصول على المال، أو قد يقوم بمساعدة الآخرين للقيام بالسرقة، كما أن المخالف قد يرتكب جرائم مخلة بالآداب والتحرش الجنسي أو قد يمارس الدعارة، كل ذلك من أجل جمع المال، وهو يعلم أنه في النهاية لا تصدر بحقه أي عقوبة، وسوف يتم إبعاده خارج الدولة إذا تم ضبطه خلال الحملات التفتيشية التي تنفذها الجهات الأمنية·
وأكد ضرورة فرض عقوبات صارمة ورادعة بحق الكفلاء وأصحاب الشركات وأصحاب الأعمال الذين يقومون بتوفير فرص العمل لهؤلاء المخالفين وإيوائهم وتشجيعهم على مخالفة قوانين الدولة، مشيراً إلى أن العقوبات التي أقرها مجلس الوزراء تعتبر رادعة ومناسبة تماماً، وسوف تساهم بشكل كبير في الحد من هذه المشكلة· ومن جانبه أكد المقدم حماد أحمد الحمادي مدير مركز شرطة الخالدية أن وجود عمالة مخالفة للقانون يسبب أضراراً مادية للأشخاص الذين يقومون بتشغيلهم، سواء داخل منازلهم أو في الشركات والمؤسسات نتيجة لما يرتكبونه من جرائم لا يمكن التنبؤ بها، لأنها تحدث جراء ردود أفعالهم، مشيراً إلى أنه بعد منح مهلة العفو والسماح بتعديل أوضاع العمالة المخالفة لقانون دخول وإقامة الأجانب ومن خلال البلاغات التي وردت إلينا نجد انخفاضاً ملحوظاً في عدد المشاكل التي يتسبب بها المخالفون· وأوضح أن ما نسبته 5% من البلاغات التي وردت إلى مركز شرطة الخالدية فيما يتعلق بالعمالة المخالفة تمثل جرائم سرقة والعمل لدى الغير، وذلك خلال العام الماضي·
وطالب بضرورة تكثيف حملات التوعية لكافة الجنسيات بالدولة وبمختلف اللغات، والعمل على إيجاد حلول وبدائل لمشكلة العمالة المخالفة تتمثل في إيجاد شركات متخصصة لجلب الأيدي العاملة، وتتولى هذه الشركات مسؤولية إدارة هذه العمالة وإقامتها بالدولة بصورة مشروعة·
قضايا متنوعة
(ي· ن) آسيوية، تعمل خادمة بنظام المياومة ضبطت لتعذيبها طفل إحدى مخدوماتها بسبب بكائه الدائم وتبين هروبها من كفيلها ومخالفتها للإقامة المشروعة·
(ن· هـ) عربية، تسللت للدولة، ومارست التسول وتم إبعادها وعادت ثانية إلى الدولة·
(خ· م) آسيوي مخالف لقانون الهجرة والإقامة، متهم بقضايا الخطف والاعتداء على الحرية الشخصية·
(ق · س) من الجالية العربية إضافة إلى قضايا الهروب والفرار، متهم بقضايا التعاطي والاتجار في المخدرات·
(ج· ل) آسيوي دخل البلاد بتأشيرة زيارة ولم يغادر بعد انتهائها مدان بتزوير محرر رسمي، إضافة إلى ارتكاب فعل مخالف للآداب العامة·
(ش· و) آسيوية، سرقت مخدومتها واعتدت عليها بالضرب، وعند ضبطها تبين هروبها من كفيلها الأصلي وحملها سفاحاً من سائق من جنسيتها·
(ب· م) آسيوي عمل لدى غير كفيله، ارتكب جريمة القتل العمد، والزنا، والسرقة·
(ل· ب) آسيوي انتهت تأشيرة زيارته ولم يغادر الدولة، تم اتهامه بمزاولة مهنة من دون ترخيص·
(ت· ح) آسيوي، دخل متسللاً أدين بتعاطي وترويج المخدرات علاوة على انتحال صفة رجال الأمن والنصب والاحتيال·
(ر· ع) آسيوي، تسلل للبلاد وقام بجلب واستيراد وتصدير المخدرات·
(خ· ر) آسيوي، مخالف لقانون الإقامة والعمل ارتكب جريمة قتل في حق صديقه وشوه معالم وجهه لسرقته·
(ز· ا) آسيوية، دخلت الدولة تسللاً وضبطت مع صديقتها تمارس الدعارة·
خسائر اقتصادية
على الصعيد الاقتصادي فقد أكد مصطفى أبو العينين- مدير أحد فنادق مجموعة روتانا الفندقية- أن وجود المخالفين من العمال خاصة في شركات المقاولات والعاملين في مجالات تعمير المدن الجديدة والذين أسفرت المهلة عن تصحيح أوضاعهم أثَّر في العديد من الشركات التي كانوا يعملون بها، فبعد أن تخلى العاملون المخالفون عن العمل بالشركات التي كانوا يعملون بها بصورة غير شرعية توقف العمل بها وتعرضت لخسائر فادحة بسبب الخطأ الأكبر الذي ارتكبه المسؤولون عن هذه الشركات باعتمادهم على عمالة مخالفة لقوانين الإقامة·
ويوضح مصطفى أبو العنين أن الدولة تخسر الكثير من جراء هذا التصرف الذي لا يعيره أصحاب الشركات الأهمية المستحقة، حيث إنهم يضيفون إلى الحكومة دخلاً كبيراً يتمثل في رسوم الإقامة والتأمين الصحي وغيره من الرسوم الواجب تسديدها للدولة، وإذا ضربنا مثلاً لعدد الذين غادروا البلاد بعد تصحيح أوضاعهم حسب ما نشرته الصحف مؤخراً نجد أن حوالي 400 ألف مخالف غادروا الدولة، وبحسبة بسيطة نجد أن هذا العدد أضاع على الدولة ما يقارب مليار ومائتي مليون درهم رسوماً كان من المفترض تسديدها في حالة وجودهم بالدولة بصورة شرعية·
التركيبة السكانية
الكاتبة الإماراتية أماني محمد قالت: ''إن وجود المخالفين كعمالة سائبة أثَّر سلباً في التركيبة السكانية بالدولة، إضافة إلى انعكاساته على مستوى الجريمة وزيادة المشاكل العمالية وعدم وجود عمالة ماهرة، وذلك بسبب كثرة العرض من العمالة التي تشكل أكثرية عمالية لكن دون مهارات حقيقية·''
وأضافت: ''إن المهلة الممنوحة لحل مشاكل هذه العمالة كانت حلاً مهماً للتخلص من وجود مثل هذه الفئة العالة ومن قضايا استغلال بعض الشركات لهؤلاء العمال لكونهم مخالفين قانونياً، وبالتالي يتم تخفيض أجورهم مما يؤدي إلى بخس حقوقهم والإجحاف في تقييم المقابل المادي المستحق لعملهم، وحتى على مستوى الأسرة أصبح هناك استقرار نوعي بعد تزايد عدد هروب خدم المنازل، وكان الأمر أشبه بفوضى عامة لا يمكن حلها بشكل فردي أو حتى على مستوى الشرطة فقط، لذا لابد من تضافر كافة الجهود للحد من هذه المشكلة، مشيرة إلى أن الأمر يستلزم متابعة دقيقة ودؤوبة للحيلولة دون التحايل على القانون الصارم الذي تحتاجه الدولة اليوم أكثر من أي يوم مضى''·
وتؤكد نوال عسكر نائبة مدير إدارة العلاقات الاقتصادية والعلاقات العامة في دائرة التنمية الاقتصادية بالشارقة: إن مخاطر العمالة المخالفة تمثل تهديداً حقيقياً لأمن وسلامة الدولة وأبنائها، وكذلك المقيمون على أرضها الطيبة نظراً لتفشي الجريمة بين هذه الفئة·
وأشارت إلى أن بعض المخالفين قد يتلاعبون خلال المهلة ولا يأخذون الموضوع بجدية كاملة وينتظرون حتى الأيام الأخيرة لتحقيق مكاسب أو ارتكاب جرائم إضافية خلال هذه المهلة، لأنهم يعلمون تماماً أنه لا يتم معاقبتهم أو إصدار أحكام عليهم خلال المهلة أو ربما يتحايلون من خلال الخروج تسللاً إلى دول شقيقة مجاورة ومن ثم العودة إلى الدولة مرة أخرى·
155 حملة في العين لم تسفر عن ضبط أي عامل مخالف
جميل رفيع:
قام مكتب وزارة العمل في العين أمس بتنظيم خمس حملات تفتيشية شملت 155 منشأة في مناطق عود التوبة والظاهر وشارع خليفة الصاروج وسويحان والهير وصناعية الهيلي ولم تسفر عن ضبط أي عامل مخالف ·
وأوضح حمد النعيمي مدير مكتب وزارة العمل بالعين أن عدم ضبط مخالفين لا يغضبنا بل على العكس يسعدنا لأنه بمثابة مؤشر أولي يشير إلى التزام منشآت القطاع الخاص بمدينة العين والتزامها بالقانون وأنه بات لدى المستثمرين وعي بعدم تشغيل المخالفين ولعل ذلك أول المؤشرات الإيجابية لحملات التوعيه التي توجهت بها الوزارة للقطاع الخاص خلال الفترة السابقة، وأضاف أن المكتب يسعى من خلال إطلاق هذه الحملات التفتيشية اليومية على فترتين صباحية ومسائية على منشآت القطاع الخاص للوقوف على مدى التزامها بأحكام قانون العمل والقرارات الوزارية المنفذة له، مؤكدا على أن الوزارة ستطبق المخالفة على أصحاب المنشآت الذين يشغلون الخدم ومن في حكمهم في منشآتهم الخاصة حتى ولو كان العامل على كفالة نفس صاحب المنشأة·
وأشار علي النعيمي نائب رئيس قسم التفتيش بمكتب وزارة العمل في العين إلى مشاركة 12 مفتشاً ومفتشة في هذه للتأكد من عدم وجود عمال مخالفين خصوصا بعد انتهاء فترة المهلة التي منحتها الوزارة بناء على قرار مجلس الوزراء، والمهلة التي منحتها وزارة الداخلية للالغاء والمغادرة لافتاً إلى أنه من المفترض أن الأشخاص الذين لازالوا يعملون في منشآت القطاع الخاص بالدولة كانوا قد قاموا بتسوية أوضاعهم ،ومن لم يتم تسوية وضعه يعتبر مخالفا للقانون، وستطبق عليه الإجراءات النافذه في هذا المجال ·
المقر الجديد:
من جانب آخر أكد نائب رئيس قسم التفتيش أن الإجراءات تجري حثيثة حاليا لانتقال قسم التفتيش بمكتب وزارة العمل بالعين من مقره الحالي بمقر مكتب الوزارة إلى مكتب مستقل مخصص لإدارة التفتيش في العين حيث يجري العمل لتجهيز المقر الجديد للإدارة في المبنى الذي تم اعتماده من قبل المسؤولين في الوزارة ليمارس مهامه من المقر الجديد الواقع خلف مبنى '' الجيمي مول '' بمنطقة الجيمي بعد أسابيع قليله·