السبت 23 نوفمبر 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الأخبار العالمية

السودان: محاولة اغتيال حمدوك توحد قوى التغيير.. ورفض «الانقلاب» على الثورة

السودان: محاولة اغتيال حمدوك توحد قوى التغيير.. ورفض «الانقلاب» على الثورة
10 مارس 2020 01:07

أسماء الحسيني (القاهرة- الخرطوم)

نجا رئيس الوزراء السوداني الدكتور عبدالله حمدوك من محاولة اغتيال فاشلة أمس، بعد أن اعترضت موكبه سيارة ملغومة، وأطلق مجهولون الرصاص على الموكب في منطقة كوبر بالخرطوم بحري صباح أمس. ووصفت الحكومة السودانية الأمر بالحادث الإرهابي.
وقالت مصادر سودانية مطلعة لـ«الاتحاد» إن التحقيقات بدأت على الفور في الحادث، وكشفت المصادر عن إجراءات أمنية مشددة لمواجهة التحدي الأمني في المرحلة الراهنة، وأضافت أن كل قوى التغيير موحدة في مواجهة الموقف، وأن نائب رئيس المجلس السيادي الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) ووزير الدفاع السوداني سارعا إلى موقع الحادث فور وقوعه، وأنه تم إجلاء رئيس الوزراء إلى أحد مقرات المجلس السيادي، قبل أن يتوجه إلى مكتبه لاحقاً.
وتوحدت القوى السودانية في التعبير عن تأييدها للحكومة الانتقالية ورئيسها وضرورة مواصلة مسيرتها والكشف عن ملابسات الحادث والاقتصاص من الجناة. وخرجت المظاهرات في شوارع الخرطوم تأييداً للحكومة وتنديداً بالحادث ومطالبة بمحاسبة رموز النظام السابق، وتجمع سودانيون بالقرب من موقع الحادث وهم يهتفون استنكاراً لما حدث، وتعبيراً عن حبهم وتأييدهم لرئيس الوزراء. وفي الوقت ذاته عقد اجتماع مشترك لمجلس الدفاع ومجلسي السيادة والوزراء لمناقشة الحادث والإجراءات اللازمة.
ونشر رئيس الوزراء السوداني على صفحاته في مواقع التواصل الاجتماعي صوراً له في مكتبه توثق نجاته من الحادث، وقال: أطمئن الشعب السوداني أنني بخير وصحة تامة، وما حدث لن يوقف مسيرة التغيير، فهذه الثورة محمية بسلميتها، وتعهد بمواصلة العمل من أجل إنجاز التغيير وتحقيق السلام في السودان.
وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استهداف مسؤول حكومي في محاولة اغتيال في تاريخ السودان الحديث. وقال مجلس الوزراء السوداني في بيان تلاه وزير الإعلام والمتحدث الرسمي باسم الحكومة فيصل محمد صالح إن موكب حمدوك تعرض لهجوم إرهابي أثناء سيره من منزله إلى رئاسة مجلس الوزراء، وتعرض الموكب لتفجير إرهابي وإطلاق رصاص أسفل كوبري كوبر، ولم يصب رئيس الوزراء بأي أذى، وكذلك المجموعة المرافقة له، عدا أحد أفراد التشريفات، الذي أصيب إصابة بسيطة بالكتف إثر سقوطه عن الدراجة البخارية.
وأكد وزير الإعلام السوداني أن رئيس الوزراء مارس مهامه المعتادة بمكتبه، وقد بدأت السلطات الأمنية إجراءاتها للتحقيق في الحادث ومعرفة مرتكبيه. وقال صالح: إن هناك من يستهدف ثورة الشعب السوداني، والمكاسب التي حققها بنضالاته ودماء شهدائه، لكنه أكد أن إرادة الثورة باقية، وأن مسيرتها مستمرة، ولن تفقد بوصلتها أبداً، وأن الإرادة الشعبية الغلابة ووحدة قوى التغيير هي ضمان استمرار الثورة، وهي الإرادة التي ستجعل الردة مستحيلة.
وأكد وزير الإعلان أنه سيتم التعامل بالحسم اللازم مع كل المحاولات الإرهابية والتخريبية، والمضي قدماً في تنفيذ مهام الثورة، وتفكيك ركائز النظام السابق. وفي وقت لاحق أمس عقد مجلس الوزراء السوداني جلسة طارئة برئاسة حمدوك، الذي أكد أن ما حدث لن يفقد الحكومة التركيز على إنجاز مهام الثورة، داعياً إلى مواصلة العمل من أجل تحقيق الأهداف التي ناضل من أجلها الشعب السوداني.
وقال النائب العام السوداني تاج السر الحبر إن استهداف موكب رئيس الوزراء هو استهداف لكل النظام الانتقالي في السودان، وإن ذلك العمل تم التخطيط له بصورة احترافية سواء من حيث الزمان أو المكان، وهو بذلك يشكل جريمة مكتملة الأركان. وأضاف أن أجهزة الدولة ستواصل التحقيقات والرصد ومواجهة أي عمل إرهابي بالحزم، كما ستواصل النيابة العامة بشجاعة ومهنية التحقيقات في كل قضايا رموز النظام السابق، وخاصة قضايا العنف والقتل خارج نطاق القضاء والجرائم ضد الإنسانية وقتل المتظاهرين السلميين، وأكد أن تفكيك التنظيمات الإرهابية والخلايا التابعة لها من أولويات الأجهزة الأمنية.
ومن جانبها، أكدت الشرطة السودانية أن محاولة تفجير موكب رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك لن تمر دون كشف أبعادها، وأكدت أن الأجهزة الأمنية وضعت نفسها في حالة استنفار قصوى ومتابعة دقيقة للوصول إلى كشف ما وصفته بالمخطط الإرهابي، الذي يهدف لجر السودان نحو واقع خطير ومعقد، وكشفت عن تشكيل غرفة أزمة لهذا الغرض. وكشفت الشرطة السودانية في بيان لها أمس عن إصابة شرطي مرور كان في مقدمة موكب رئيس الوزراء أثناء تعرضه لمحاولة اغتيال بالخرطوم بحري.
ووصفت الشرطة الأمر بالعمل الدخيل والخطير في السودان، وناشدت المواطنين التحلي بأقصى درجات اليقظة والتعاون مع الأجهزة المختصة وضرورة الإبلاغ عن أي مظاهر أو أنشطة تهدد أمن واستقرار البلد.
وأعلنت ما يسمى بحركة الشباب الإسلامي السوداني (طالبان) في بيان على مواقع التواصل الاجتماعي مسؤوليتها عن استهداف رئيس الوزراء السوداني عبر سيارة مفخخة لم تصب هدفها بدقة، وزعمت أن حمدوك أصيب بجروح خطيرة، وتم نقله إلى مكان مجهول حيث يتلقى العلاج. وأضاف البيان أن هذا هو الاستهداف الأول من نوعه، وتوعدت بالمزيد من الهجمات حتى قيام الإمارة «الإسلامية» السودانية، وإزالة كافة أنواع الاستعمار والتدخلات الخارجية في السودان وشعبه المسلم.
وفي أول رد فعل على بيان (طالبان) قال خبراء ومسؤولون سودانيون لـ«الاتحاد» إن الإسلامويين من عناصر النظام السابق يقفون وراء محاولة الاغتيال، ولكنهم يريدون عبر هذا البيان وغيره تشتيت الانتباه وإبعاد الاتهامات عنهم. وقد وحدت المحاولة الفاشلة لاغتيال حدوك القوى السودانية، التي سارعت لإدانة الحادث الإرهابي، والتأكيد على أنها موحدة من أجل إتمام الفترة الانتقالية، حيث دعت قوى الحرية والتغيير وتجمع المهنيين لمظاهرات حاشدة للتعبير عن تأييد الشعب السوداني للحكومة الانتقالية وإدانتهم للمحاولة الفاشلة لاغتيال حمدوك.
وأجمعت القوى والشخصيات السودانية على إدانة واستنكار المحاولة الفاشلة لاغتيال رئيس الوزراء السوداني، باعتباره أسلوباً غريباً ودخيلاً على الحياة السياسية السودانية، التي لم تعرف في تاريخها الحديث أي محاولة اغتيال لمسؤول سياسي، رغم الخلافات والتقاطعات السياسية والحروب الأهلية، وقال الكاتب والشاعر السوداني عبدالقادر الكتيابي لـ«الاتحاد»: إن الاغتيالات أسلوب دخيل على تاريخنا السياسي، وهو يفضح سذاجة من دبّره، ويكشف جهله بمعنى الثورة، وخصائص الشخصية السودانية.
وقال المحلل السياسي السوداني فايز الشيخ السليك لـ«الاتحاد» إنها أول محاول اغتيال لمسؤول في تاريخ السودان، وهي ظاهرة مخيفة، والسودان هو المستهدف. واعتبر آخرون أن التهاون مع رموز النظام السابق ستؤدي لأكثر من هذا. وقال القانوني السوداني عبد الإله زمراوي لـ«الاتحاد» إنه لا مصلحة لأية جهة لإشاعة الإرهاب في السودان سوى الإسلامويين ويجب اعتقال كل قادة النظام السابق الذين لم يتم اعتقالهم، والبدء في محاكمات المنتظرين، وتسليم الرئيس المخلوع عمر البشير وباقي المطلوبين إلى لاهاي فوراً.
ومن جانبه، قال الكاتب الصحفي محمد المكي أحمد لـ«الاتحاد» إن محاولة اغتيال حمدوك الذي يحظى بتأييد شعبي كبير وغير مسبوق هي عمل إرهابي، يعبر عن دموية ووحشية من خططوا وأقدموا على ارتكاب هذه الجريمة الدخيلة على المجتمع السوداني، حيث لم يشهد السودان منذ استقلاله أي محاولة اغتيال.
وحمل الصحفي السوداني عبدالمنعم سليمان في تصريحات لـ«الاتحاد» المسؤولية للأجهزة الأمنية التي قال إنها تعاملت باستخفاف مع الخلية الإرهابية الإسلامية التي تم القبض عليها بوساطة المباحث الجنائية في شرق النيل قبل أسبوعين، والتي اعترفت بنيتها اغتيال مسؤولين كبار بالسودان، من بينهم رئيس الوزراء. وأضاف سليمان أن المتهم الأول في محاولة اغتيال حمدوك هو جهاز الأمن الشعبي الإسلاموي الذي قال إن أفراده ينتشرون في كافة الأجهزة الأمنية في الجيش وجهاز المخابرات والشرطة. وأشار إلى تهديد أحد ضباط هذا الجهاز الذي أسسه النظام المخلوع ويدعى نعمان عبدالحليم بأحداث ستقع في غضون 72 ساعة يوم الخميس الماضي.
وطالب آخرون بضرورة اتخاذ إجراءات وقرارات حاسمة لحظر ومكافحة تنظيم «الإخوان» وفروعه داخل الأجهزة الأمنية السودانية.

الكباشي لـ «الاتحاد»: كل الأجهزة تعمل لكشف الجناة
سمر إبراهيم (جوبا)

استنكر عضو المجلس السيادي السوداني الفريق أول شمس الدين كباشي، محاولة اغتيال رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك، واصفاً إياها بالحدث الجلل، والخطير، ولاسيما أن السودان عبر تاريخه الطويل لم يشهد مثل هذه الأحداث. وأضاف الكباشي في تصريحات خاصة لـ«الاتحاد» أن جميع الأطراف في السودان تختلف في الرؤى على المستوى السياسي، وحتى الحركات المسلحة ذهبنا لمفاوضات مباشرة معها، ولكن لم يحدث ذلك في بلادنا مطلقاً.
وأكد عضو المجلس السيادي السوداني أن محاولة اغتيال حمدوك «حدث خطير» قائلاً: «هذا عمل إرهابي»، والسودان بذل ولا يزال يبذل جهوداً ضخمة لمحاربة الإرهاب، ولذلك كل أجهزة الدولة المعنية تعمل سوياً من أجل الوصول لمرتكبي الحادث.
وأضاف: «مع أن الحادث استهدف حمدوك فعلياً، إلا أنه في الواقع استهدف الشعب السوداني كله، واستهدف جهود الدولة المبذولة من أجل العبور من هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ البلاد». وأكد الكباشي أن الحكومة لم تتهم طرفاً بعينه حتى الوقت الراهن، والعمل للوصول إلى الجناة يجري على قدم وساق، مشيراً إلى أن الدولة والشعب في انتظار نتائج التحقيقات.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©