أبوظبي (الاتحاد)
رمى «مركز تريندز للبحوث والاستشارات» بسهم جديد في ميدان رصد وتحليل نشأة وسيرورة حركات الإسلام السياسي، بإصدار دراسة جديدة بعنوان (جماعة الإخوان المسلمين.. ظروف النشأة والتأسيس)، تناولت مختلف المقاربات في معالجة موضوع الجماعة في الكتابات الأكاديمية، والسياقات التي تحكمت في نشأتها في مصر، ثم أصولها الفكرية -التراثية والحديثة- والسمات الشخصية لأبرز قياداتها.
وتأتي هذه الدراسة، ضمن سلسلة من الإصدارات، يعتزم المركز نشرها تباعاً، لتسليط الضوء على ظاهرة «الإسلام السياسي» من مختلف أبعادها وسياقاتها الداخلية والإقليمية والدولية، في محاولة لتحليل الإطار الفكري والأيديولوجي والجانب التنظيمي والعملي لهذه الحركات، واستشراف مآلاتها المستقبلية، في ضوء التطورات التي شهدتها المنطقة، منذ ما يسمى «أحداث الربيع العربي»، حتى وقتنا الراهن.
وتتألف الدراسة من مقدمة وخمسة فصول وخاتمة، يتناول الفصل الأول المقاربات المختلفة في دارسة ظاهرة الإسلام السياسي بوجه عام، وجماعة الإخوان المسلمين بصفة خاصة، التي تقدم رواية متكاملة لنشأة الجماعة من منظور سوسيولوجي وتاريخي واجتماعي وثقافي.
أما الفصل الثاني، الذي يحمل عنوان «البيئة الاجتماعية والاقتصادية لنشأة الإخوان المسلمين»، فقد تناول الأوضاع العامة في مصر خلال الثلث الأول من القرن العشرين، بأبعادها المختلفة ومتغيراتها بمستوياتها المتعددة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، في محاولة لمعرفة جذور الماضي القريب، وتأثيراته في مسار الأحداث والمسوغات التي رافقت نشأة جماعة الإخوان المسلمين.
ويعالج الفصل الثالث، الذي يحمل عنوان «الأصول الفكرية لجماعة الإخوان المسلمين»، جذور المرجعية الفكرية للجماعة، حيث تم تقسيمها إلى مرجعيات بعيدة، تتجسد في الأرثوذكسية الُّسنية وفكر الخوارج، ومرجعيات قريبة تركز بالأساس على رواد النهضة الإسلامية، مثل: جمال الدين الأفغاني ومحمد عبده ومحمد رشيد رضا، دون إغفال دور فكر أبو الأعلى المودودي، بصفته أكثر الكتاب المعاصرين تأثيراً في صياغة منظومة الأفكار الإخوانية.
ويتابع الفصل الرابع، الموسوم بـ «المؤسسون: حسن البنا وأحمد السكري وسيد قطب»، أطروحات مؤسس جماعة الإخوان وسيد قطب، ودورهما في توجيه مسارات الجماعة نحو العنف المسلح، وجعله مركباً بنيوياً في خطابها وأطرها الفكرية والمعرفية وسلوكها العام.
أما الفصل الخامس، الذي جاء بعنوان «جماعة الإخوان المسلمين... المنطلقات الفكرية»، فيتطرق إلى أهم مرتكزات الفكر الإخواني، حيث يستعرض المفاهيم والمصطلحات الأساسية لجماعة الإخوان المسلمين، التي تتميز بعموميتها وضبابيتها، وتزعم أصالتها في البيئة الشرعية والفقهية الإسلامية.
وتخلص الدراسة، إلى أن جماعة الإخوان المسلمين، وحركات الإسلام السياسي بوجه عام، تستغل أي أوضاع، بما يخدم مشروعها السياسي بالأساس، الذي يستهدف الوصول إلى السلطة، حتى لو كان ذلك على حساب الدولة الوطنية، وتدمير مقوماتها الرئيسية، ولعل موقف الجماعة من أحداث ما يسمى «الربيع العربي»، دليل دامغ على ذلك، فقد حاولت توظيف المطالب، التي رفعها المتظاهرون في العديد من الدول العربية، في التحريض على الحكومات والانقلاب عليها، دون أن تملك مشروعاً بديلاً للحكم أو رؤية للحفاظ على الدولة ومنعها من الانهيار وهذا ما أدى إلى فشلها الذريع، ومن ثم الثورة على حكمها في مصر في يونيو 2013، وزيادة عزلتها وانكماشها في باقي الدول العربية.